رئيس التحرير
عصام كامل

أردوغان وكليجدار في جولة الحسم، نسف مطامح الاستقلالية وتعظيم دور تركيا أبرز التحديات بوجه الفائز في الانتخابات التركية

مرشحي الرئاسة التركية،
مرشحي الرئاسة التركية، فيتو

الانتخابات التركية، ذكرت وسائل إعلام تركية، اليوم الأحد، أن المواطنين بدأوا في التوافد إلى مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية التركية.

 

انطلاق الانتخابات التركية 

وانطلقت الجولة الثانية من الانتخابات التركية صباح اليوم الأحد، بين الرئيس رجب طيب أردوغان ومرشح المعارضة كمال أوغلو.

وفتحت مراكز الاقتراع في  تركيا أبوابها أمام المواطنين في تمام الساعة الثامنة صباحا بالتوقيت المحلي، وكانت نسبة المشاركة في الانتخابات في الجولة الأولى في الرابع عشر من مايو الجاري قد بلغت ثمانية وثمانين فاصل تسعة في المئة داخل تركيا وتسعة وأربعين فاصل أربعة في المئة في الخارج.

أربعة وستّين مليون تركي

وكشفت تقارير إعلامية أنه يحق  لأكثر من أربعة وستّين مليون تركي التصويت في ما يقرب من مئة واثنين وتسعين ألف مركز للاقتراع.

وعلى الرغم من أن استطلاعات الرأي اثبتت تقدم كمال أوغلو إلى أن أردوغان استطاع تحقيق التقدم في الجولة الأولى، بفارق بخمس نقاط تقريبا على منافسه كمال كليتشدار أوغلو في الجولة الأولى في 14 مايو، لكنه فشل في الحصول على نسبة 50 % المطلوبة لحسم الجولة الأولى.
 

جاءت الانتخابات التركية الرئاسية   في ظروف دولية غير مستقرة، ومعادلات إقليمية حملت متغيرات غير تقليدية، ما يزيد من عوامل الخطورة والتهديد من ناحية مدى الاستقلالية، وكذلك مستويات الاستقرار للنظام السياسي التركي، أيا كان من سيعتلى سدة قيادته، مما يعطي هذه الانتخابات مزيدا من الأهمية، ويضع نتائجها النهائية على إحداثيات ترقّب العديد من الجهات الدولية والإقليمية؛ كونها ستحدد بوصلة الجمهورية التركية السياسية، التي بدأت بعض ملامحها بالتبلور قبل انتهاء المعركة الانتخابية ومعرفة الفائز.

 الاختيار الأصعب 

ففي حين تتم العملية الانتخابية عن محنة حقيقية للنظام الحاكم؛ كونها تضعه أمام أهم وأصعب اختبار لمجمل مراحل أدائه، فإنه وإن مرّ بنجاح، سيكون قد حصل منها على منحة يتمثل بعضها في تلك المنطقة الرمادية التي سمحت باستظلال النظام السياسي التركي فيها، الأمر الذي يبرر تراجع تكثيف جهوده في بعض القضايا والمسارات المحيطة بانكفائه تجاه العملية الانتخابية في ظل استقطابات حادة تشهدها الساحة الدولية، مما يعني حصوله عمليا على هوامش مناورة أوسع، ولو بالمتجهات الزمانية على الأقل، مع تزايد أهمية هذه المواقف الرمادية عندما يتعلق الأمر بالانحيازات التي سعت القوى الكبرى لدفع تركيا إليها؛ من خلال استراتيجيات تتراوح بين الشد والجذب، لتأتي العملية الانتخابية كمستقطع مرحلي، قلل من حرج النظام ومنع وضع استقلالية سياسات الائتلاف الحاكم أمام تحديات ملموسة فيما لو واصل في أي اتجاه، خصوصا من نواحي تأثر مساعيه لتشكيل فيزيائية سياسية مستقلة للجمهورية التركية، الأمر الذي يزيد من حدة تركيز القوى المهتمة بهوية الفائز النهائي في الرئاسة التركية؛ كونه إما سيبني على ما سبق أو سيذهب باتجاهات جديدة كليا للسياسة الخارجية التركية.

 وبحسب بلال البرعاوي، أحد الباحثين في الشؤون الدولية، فإن تركيا الطامحة لتشكيل استقلاليتها عبر سياسات جلية التوجه اتبعها العدالة والتنمية ومن معه في الحكم، لم يسبق لها أن عاشت ما عايشته من ظروف في نطاقها الحيوي في مرحلة ما قبل الانتخابات منذ بداية محاولاتها تطبيق هذه السياسات، الأمر الذي جعل تلك السياسات نفسها محل إعادة نظر تكتيكية من قبل التحالف الحاكم نفسه؛ لأغراض مرتبطة بإعادة ترتيب الأوراق ومقاومة الضغوط، وكمناورة تؤكد الهدف، ولكنها لا تستعجل قطف الثمار، في خضم مناخات دولية لا تساعد على إنضاج هذه الثمار، إذ تشهد الساحة الدولية المزيد من الضبابية والسيولة، أظهرتا تداخلات غير واضحة المآلات، ناهيك عن مساعي بعض الأطراف لإفساد هذه الثمار أو تقويض الوصول لجنيها في غمرة هذا الغموض، مما يزيد من حدة الاستقطاب داخليا،بخلاثف ما يحمله من تهديدات لاستقلالية الدور التركي خارجيا، حال نجاح القوى المناوئة للسياسات الحالية لتركيا في خلق إشكالات تنعكس على مستويات حيوية هذا الدور.

 

تحديات بعد جولة الحسم 

إن فوز أحد التحالفين في الرئاسة  يعني بالضرورة صبغ السياستين الداخلية والخارجية للنظام بصبغته، وهو ما يقترب منه تحالف الجمهور في جولة الإعادة حال فوز الرئيس أردوغان، خصوصا فيما يتعلق بالتحديات التي كانت مدار السجال الانتخابي بين التحالفين الكبيرين، إذ برزت قضايا مثل اللاجئين والمسألة الكردية والمعضلة الاقتصادية؛ كعناوين مهمة في هذا السجال على صعيد قضايا الداخل، وكذلك لم تغب العلاقات الخارجية بأطراف هنا أو هناك عن تداولات الطرفين، كل وفق ما يراه وما يسعى لتحقيقه، مما قد يعزز أو يحسر علاقات تركيا مع أطراف دولية، وفق توجهات أحد الفريقين حال فوزه.

ففي حين سيمضي تحالف أردوغان قُدما في تثبيت دور تركيا المستقل، عبر العودة لممارسة سياسات التنقل والنفاذ بين خطوط تباينات القوى الكبرى، دون حسم اصطفافه بالمطلق كاستراتيجية لتعظيم مكاسب دولته، يتضح أن تحالف كليتشدار أوغلو قد ينسف كل مطامح الاستقلالية، ويركز على مراعاة التناغم مع السياسات الغربية عموما والأمريكية على وجه الخصوص، في ظل ما يشاع عن أن هذا التناغم هو ثمن دعم أمريكا لوصوله إلى سدة الحكم، في ما يشبه صفقة غير معلنة تؤكد مسبقا ضمور الاستقلالية للنظام السياسي التركي ككل، في ظل رهانات كليتشدار أوغلو الخارجية وارتهانات سياساته اللاحقة لاستحقاقات التناغم المزمع حال فوزه، وهو ما يؤشر لتغيرات غير معلومة المدى في سياسات أحزاب المعارضة، التي عرفت تقليديا عبر القياس على فترات حكمها السابقة على الأصعدة كافة.

صحيح أن العملية الانتخابية الناجحة هي بمنزلة إنجاز ديمقراطي صحي يقيس مدى رضا المواطن عن السياسات التي اتبعت سابقا، باعتمادها مجددا أو منح الثقة لغيرها لاعتبارات متعددة، إلا أن العملية الانتخابية وكأي عملية سياسية، قد تحمل بين ثناياها أو في مجمل نتائجها المزيد من المخاطر والفرص، أو كليهما معا في ذات الوقت.

فعندما يتعلق الأمر بفوز أحد الطرفين بالرئاسة وفوز الآخر بالبرلمان، قد يجد الأتراك أنفسهم أمام نظام سياسي متضاد التوجهات، هجين الرؤى والبرامج، وكذلك مختلف في مستويات التناغم مع الخارج، ما يزيد احتمالية إنتاج المزيد من التجاذبات والمناكفات، التي ستنعكس حتما على مستويات استقرار النظام السياسي للجمهورية التركية برمتها؛ كون هذه الوضعية ستقلل، وإن بشكل متفاوت، من مساحات تطبيق كل فريق لتصوراته في إدارة الشأن العام داخليا وخارجيا، وهو ما ينبئ عن احتمالية تدوير الزوايا بغية تغيير التركيبات التحالفية، كمحاولة من الجميع للحفاظ على الاستقرار ما أمكن، عبر تجديد أسس الاصطفافات، حين تدرك جميع مكونات المعادلة السياسية التركية وصول النظام إلى هذه الحالة، ولكون نقيض ذلك يعني اهتزاز الاستقرار، ما يضع النظام السياسي للجمهورية ككل أمام سيناريوهات مؤلمة بالغة التكاليف.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.


 

الجريدة الرسمية