يوسف إدريس، الجراح الذي لم يسلم الملك فاروق وعبد الناصر من مشرطه، وهذه قصة علاقته بنجاة الصغيرة
الدكتور يوسف ادريس ملك القصة القصيرة، أديب ثائر ومتمرد طوال مشواره الأدبى، لقب بـ انطون تشيكوف القصة العربية القصيرة، استفاد من تخصصه كطبيب فى كتابة القصة فأبدع فى تشخيص الأمور، أدبه نموذج للفن ذى الرسالة، كتب القصة والرواية والمسرحية والكتاب فجمع فى قصصه بين الفلكلور، وصف بالبركان الذى يعبر عن رأيه بصراحة وأحيانا آرائه صادمة بوهيميا يكره الروتين.
ولد الدكتور يوسف إدريس فى مثل هذا اليوم 19 مايو 1927، وحصل على بكالوريوس الطب والجراحة، وعمل طبيبا بمستشفى قصر العينى الحكومية، استفاد من تخصصه كطبيب جراح في كتابة القصة فأصبح عبقريا فى دراسة النفس البشرية والوقوف على نقاط ضعفها وقوتها.
أثناء عمله بالطب كتب الدكتور يوسف إدريس أول قصتين قصيرتين له باسم "عبد القادر طه" و"أنشودة الغرباء" عام 1950، لكن جاءت انطلاقته الأدبية حين عينه الصحفى أحمد أبو الفتح رئيس تحرير جريدة المصرى محررا بها، واعتبرت قصته الأولى التى نشرت بها بعنوان "النظرة" بداية حقيقية له كأديب.
اعتقال مفتش الصحة
انتقل الدكتور يوسف إدريس إلى مجلة روزا اليوسف رئيسا للقسم الأدبى وفى نفس الوقت افتتح عيادة مارس فيها مهنة الطب وعمل مفتشا صحيا فى أحياء السيدة زينب والدرب الأحمر وسجن واعتقل أربع مرات بسبب اشتراكه فى الحركات الوطنية.
أسلمه نضاله أثناء الجامعة الى السجن مرتين عامى 1949 و1952 بسبب انتمائه الى أحد التنظيمات السرية "حدتو" الأولى بسبب هجومه على سياسة الملك والإنجليز، والثانية بسبب كتابات تهاجم الثورة، وتهدف قلب نظام الحكم وبقى بسجن القلعة عاما ونصف.
انضم إلى مجلة التحرير بعد الثورة كأديب، ثم عينه الصحفى أحمد أبو الفتح محررا بجريدة المصري التى يرأس تحريرها فنشر قصته " نظرة".
وفى عام 1954 وجه الدكتور يوسف ادريس اللوم إلى جمال عبد الناصر على تفاوضه من أجل القاعدة البريطانية فى القناة بدلا من الجلاء الكامل فقبض عليه ووضع فى السجن حتى نهاية 1955 كتب خلالها مجموعته القصصية الأولى "أرخص ليالى " ليسجل مولد كاتب مبدع وموهوب فى كتابة القصة.
فصل مه جميع مناصبه
وفى جريدة الجمهورية بدأ الدكتور يوسف إدريس ينشر قصصه بعد أن تعرف على أنور السادات وكان رئيسا لها، وعندما كتب مقالا فى الجمهورية عن مستقبل الاتحاد القومى وسلبياته فصل من جميع مناصبه.
نشر مجموعته بيت من لحم عام 1970، وبعدها بعام كتب مقالا فى الأهرام اعترف فيه بعجزه عن الكتابة الأدبية فى ظل انتشار الفوضى وانهيار المرافق العامة فى القاهرة.
قدم الأديب يوسف إدريس 11 مجموعة قصصية منها “ بيت من لحم، أرخص ليالى”، و9 مسرحيات اشهرها “الفرافير، المهزلة الأرضية، ملكة القطن، المخططين،البهلوان”، كما قدم ما يزيد على 30 رواية اشهرها “العيب، الحرام، النداهة، البيضا، رجال وثيران ، قصة حب ”
أصدر العديد من الكتب ومنها ما جمع فيها مقالاته في الصحف المختلفة في أكثر من 15 كتابا منها: عن عمد اسمع تسمع، قكر الفقر وفقر الفكر، شاهد على العصر، خلو البال، أهمية ان نتثقف ياناس.
قدم الدكتور يوسف ادريس للسينما أعمالا روائية قدمت أفلاما لاقت رواجا وحصلت على العديد من الجوائز ومنها “الحرام”، ومن أفلام قصصه "النداهة، قاع المدينة، حادثة شرف، العيب، سجين الليل وغيرها.
بداية إدريس مع المعرفة
حول بدايته الأدبية والثقافية يقول الدكتور يوسف إدريس: بدأت مشوارى مع المعرفة فى سن ثمانى سنوات كنت اقرأ الكتاب جيدا حتى استوعبه تماما، ولا أقرأه سوى مرة واحدة باستثناء القرآن الكريم الذى كنت أقرأه مرات ومرات لأن معانيه تختلف مع السن فإيمانى فى الرابعة عشرة غير إيمانى فى الخمسين.
كما كنت أقرأ روايات أجنبية مترجمة وقرأت روايات ايضا باللغتين الفرنسية والانجليزية ومنها المؤلفات الحديثة مثل الكتب العلمية وتركيب الذرة والمناهج المتقدمة حتى اصبحت القراءة ممتعة جدا ومفيدة فى اتقان اللغات.
تشيكوف الأدب العربى
قال عنه عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين كأنه قد خلق ليكون قاصا، وقال محمد عودة الأديب يوسف إدريس هو تشيكوف الأدب العربى، بل إنه تخطاه، ووصفه رجاء النقاش بالفنان من نوع خاص وهو نوع نادر وأصيل يعيش الحياة التي يكتبها بروحه ودمه، ووصفه انيس منصور بأمير القصة العربية.
علاقة يوسف إدريس ونجاة الصغيرة
تمتع إدريس إلى جانب موهبته الهائلة في الكتابة والقص، بوسامة تماثل وسامة جانات السينما، مما جعله فتى أحلام للكثيرات، ودارت حول حياته العديد من القصص الغرامية، وأشهرها على الإطلاق قصة علاقته بالفنانة نجاة الصغيرة، تلك القصة كانت وما زالت محل جدلٍ كبير، فقد جمعت بين ثلاثة أشخاص، وقصيدة، أما الثلاثة فهم، يوسف إدريس وكامل الشناوي، ونجاة الصغيرة، وأما القصيدة فهي أشهر ما غنت نجاة ومن أشهر ما كتب كامل الشناوي "لا تكذبي".
قول أشهر رواية لتلك القصة، إن الكاتب الكبير كامل الشناوي كان عاشقًا ومتيمًا بنجاة الصغيرة، وساعدها كثيرًا في حياتها، لكنها لم تكن تشعر به، ولم تكن تبادله نفس المشاعر، في المقابل كان هناك آخرون معجبون بنجاة، أصغر سنًا وأكثر وسامة، حان موعد عيد ميلاد نجاة، فقرر كامل الشناوي تجهيز الحفل بالكامل كهدية، لكنها ظلت طوال الحفل بجانب يوسف إدريس، والشناوي قرر الانزواء في إحدى الأركان يتابع المشهد من بعيد، وفي وقت لاحق اختفت نجاة وإدريس من أمام ناظريه، فذهب يبحث عنهما، ووجدهما في غرفة بابها مفتوح بعض الشيء، فرأى مشهدًا غراميًا بينهما، فخرج مسرعًا، وكتب في تلك الليلة "لا تكذبي" واصفًا ما رآه بعينيه، وظل مكتئبًا إلى أن توفى بعدها بفترة قليلة.
وعندما سُئل يوسف إدريس في إحدى المرات عن حقيقة علاقته بنجاة، فضحك ضحكة عالية ثم صمت، ولم يعلق بعدها تاركًا السؤال بلا إجابة.
وتساءل الجميع: من هو «الغريم» الذي خطف قلب حبيبة كامل الشناوي، ووجدها في أحضانه فكتب تلك القصيدة التي تفيض بالوجع.. وجع المحب المغدور والمصدوم؟ وهل صحيح هو يوسف إدريس؟ تعددت الإجابات واختلفت الأسماء، ولكن النصيب الأكبر كان من حظ ثلاثة: يوسف إدريس، ونزار قباني، وشقيقه صباح قباني الذي شغل منصب مدير الإذاعة السورية وكان لا يقل عن نزار حضورًا ووسامة.
لكن أحمد عثمان قدم إجابة مختلفة واسمًا جديدًا، في أحد حواراته الصحافية مع الكاتب الصحفي أيمن الحكيم، وهو هنا لا يتوقع ولا يخمن ولا ينقل عن آخرين، بل كان شاهدًا على تلك الواقعة، بحكم قربه الشديد من كامل الشناوي. يحكي أحمد عثمان شهادته فيقول: «اتصلت بكامل الشناوي مرة ونحن في سهرتنا اليومية في الهيلتون، وبعد المكالمة استأذن في الانصراف وأخذني معه وعرفت أن نجاة كلّمته وأخبرته بأن ابنها وليد مريض ويحتاج إلى دواء معين بسرعة ولم تجد أجزخانة في هذا الوقت المتأخر، فطلبت منه أن يحضر لها الدواء، وأخذنا تاكسيًا وظللنا نبحث عنه في الأجزخانات المفتوحة حتى وجدناه، وأمام بيت نجاة طلب مني أن أنتظره في التاكسي وصعد بنفسه ليوصل الدواء، وكنت أعرف أنه حب أفلاطوني، كانت هي ملهمته ولم تتعدَّ العلاقة أكثر من ذلك وعرفت منه في ما بعد تفاصيل تلك الصدمة، التي جعلته يكتب (لا تكذبي)، فقد كان ضيفًا دائمًا على نجاة ويزورها كثيرًا، وكانت خادمتها تعرفه جيدًا ففتحت له وسمحت له بالدخول عندما صعد إليها فجأة دون موعد سابق فوجدها في مشهد عاطفي مع المخرج عز الدين ذو الفقار، وكان جارها ويسكن معها في نفس العمارة... فالموضوع لم يكن فيه نزار قباني ولا يوسف إدريس، فطبقًا لرواية كامل الشناوي لي أنه المخرج عز الدين ذو الفقار».
حصل إدريس على وسام الجمهورية
كرم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الدكتور يوسف إدريس بمنحه جائزة الأدب ثم حصل على جائزة الدولة فى الأدب عام 1966، كما منحه السادات وسام الجمهورية ورحل في أغسطس 1991.
ونقدم لكم من خلال موقع "فيتو"، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم، أسعار الدولار، أسعار اليورو، أسعار العملات، أخبار الرياضة، أخبار مصر، أخبار الاقتصاد، أخبار المحافظات، أخبار السياسة، أخبار الحوادث، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي، الدوري الإيطالي، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا، دوري أبطال أفريقيا، دوري أبطال آسيا، والأحداث الهامة والسياسة الخارجية والداخلية، بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.