السر وراء تهاوي الدولار بالسوق الموازية في مصر
ضربة موجعة للدولار في السوق الموازية، هكذا كانت تأثيرات القرارات الحكومية والمبادرات الأخيرة من جانب رجال المال والأعمال بالقطاع الخاص، فضلا عن المستوردين الذين قرروا عدم التعامل نهائيا مع السوق السوداء للعملات الأجنبية وأبرزها الدولار في مصر.
تكبدت العملة الأمريكية خسائر كبيرة للغاية حتى تهاوى سعر الدولار في السوق السوداء إلى مستويات تقترب من السعر الرسمي المتداول في البنك المركزي المصري والبنوك العاملة في مصر والذي يبلغ متوسطه 30.95 جنيه وفقا لآخر التحديثات على المواقع الرسمية للبنوك.
بداية أزمة الدولار في مصر
في عام 2019 صنفت عملة مصر من أفضل العملات أداءً على مستوى العالم، حيث كسبت 13% مقابل الدولار ولم تظهر أي علامات على التباطؤ خلال هذه الفترة وارتفع الجنيه المصري من 18 جنيهًا إلى 15.6 جنيه مصري لكل دولار أمريكي واحد، ولكن خلال عام واحد تباطأ الاقتصاد المصري وتراجع الجنيه بنسبة 50% أمام الدولار وعادت السوق الموازية للدولار بقوة.
وقبل الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير 2022 كان الجنيه لا يزال قويا وبينما تخفض الحكومة الإنفاق على دعم الغاز، وتجني المزيد من الأموال من خلال السياحة، وقناة السويس، وزيادة الصادرات، فإنها تكسب المزيد من الأموال، والتي يتم وضعها في حساب البنك المركزي ومع قيام الحكومة ببناء حيازاتها من حسابات العملات الأجنبية، والتي ارتفعت من مستوى الأزمة البالغ 5-6 مليار دولار في عام 2016 إلى حوالي 50 مليار دولار في 2020، هدأت المخاوف من أن مصر لن تكون قادرة على سداد التزاماتها فضلا عن اكتساب المستثمرين الثقة بأن الاقتصاد المصري قوي ومتزايد ويمكن الاعتماد عليه.
تواجه مصر أسوأ نقص في العملات الأجنبية منذ سنوات، مع تزايد الضغط على الجنيه في الآونة الأخيرة حيث تكافح البلاد لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة والتدفقات الخارجية إلى سوق الدين المحلي.
وأكد خبراء أن الحكومة لا تقوم بزيادة الجنيه بشكل مصطنع، موضحين أنه إذا كان البنك المركزي لا يريد زيادة الجنيه أكثر من اللازم، فإن ذلك سيضر بالصادرات، متوقعين أن تعود العملة المحلية للارتفاع في خلال الربع الأول من 2024، خاصة بعد القرارات الاقتصادية الأخيرة من الحكومة ومجتمع الأعمال فضلا عن تصريحات الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء بأن الجنيه مقوم بأقل من قيمته أمام سلة من العملات وأبرزها الدولار.
وتهاوى سعر الدولار في السوق الموازية بأكثر من من 6% مقابل الدولار الأمريكي خلال الأسبوع الماضي حيث يراهن متداولون على تخفيض آخر لقيمة العملة وسط ضغوط متزايدة على العملة المحلية.
جدير بالذكر أنه وصل الجنيه المصري إلى أعلى مستوى له على الإطلاق عند 19 جنيهًا للدولار في أواخر عام 2017، حيث تعاملت مصر مع أزمة اقتصادية وكان الجنيه منذ أواخر عام 2016 يحظى بشعبية لدى المستثمرين وجذبتهم عوائد تقارب 15٪ على السندات المصرية والإصلاحات الاقتصادية حتى بداية الأزمة في أوائل 2022.
كيف عملت القرارات الأخيرة على خنق الدولار في السوق السوداء
خلال الفترة الأخيرة أصدرت الحكومة العديد من القرارات الاقتصادية أدت إلى تجميد النشاط في السوق السوداء وإضعاف الدولار في السوق الموازية كما أطلق مجتمع الأعمال في مصر العديد من المبادرات والتي تهدف لعدم التعامل مع السوق السوداء لمساندة الاقتصاد المصري والعملة المحلية.
ضبط سوق الذهب المحلي
مع انخفاض قيمة الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي، لجأ آلاف المواطنين إلى شراء الذهب للحفاظ على قيمة مدخراتهم بالعملة المحلية، مما أدى إلى ارتفاع أسعار المعدن الأصفر وبحلول أوائل شهر مايو الجاري، شهد هوس المصريين بالذهب، وخاصة العملات المعدنية والسبائك الذهبية، التي يمكن إعادة بيعها بتكاليف عمالة قليلة، ارتفاعًا يزيد عن 50 في المائة مقارنة ببداية العام.
وكشف تقرير صادر عن مجلس الذهب العالمي الأسبوع الماضي عن تضاعف الطلب على الذهب في مصر، حيث بلغ سبعة أطنان في الربع الأول من عام 2023 وخلال هذا الوقت، احتلت مصر المرتبة الخامسة على مستوى العالم في ارتفاع الطلب على سبائك الذهب والعملات المعدنية.
وتسبب الطلب المتزايد في نقص العرض، وفي غضون ذلك، دعا مسئولون بالحكومة بشكل متكرر المواطنين إلى وقف شراء الذهب حتى تستقر السوق ومؤخرا شهد سوق الذهب تراجعا بعد أن وافقت الحكومة على إعفاء المسافرين المصريين من الرسوم الجمركية عند وصولهم إلى مصر إذا كانوا يحملون الذهب للاستخدام الشخصي وطلبت منهم دفع قيمة خدمات القيمة المضافة فقط بعد تقديم إيصالات الشراء.
وجاءت هذه الدعوة في الوقت المناسب لخلق حالة من التوازن والسيطرة على السوق فضلا عن تهدئة تجارة الدولار في السوق السوداء والتي كان يتكالب عليها الكثيرين لاستيراد خام الذهب من الخارج لتغطية الطلب المحلي حيث أنه في بعض الدول مثل السعودية يكون الذهب أرخص من مصر مما جعل المصريين المغتربين يضعون مدخراتهم في الذهب بدلًا من تحويل الأموال إلى البنوك في البلاد.
إطلاق صندوق الذهب للاستثمار في المعدن الأصفر
على الرغم من أن صندوق الاستثمار في الذهب سيعمل تحت إشراف هيئة الرقابة المالية، إلا أنه ستتم إدارته من قبل شركتي Azimut Egypt Asset Management وEvolve Investments وسيقوم الصندوق الذي سيعمل بحد أدنى 5 ملايين جنيه مصري بشراء وبيع الذهب من خلال جهات مسجلة بالهيئة وسيقدم شهادات استثمار مدعومة بالذهب تبدأ من 10 جنيهات بحد أدنى للشهادات يصل إلى 1000 جنيه مصري.
والصندوق سيعمل مع تجار السلع من القطاع الخاص وكذلك الهيئات التي تخزن الذهب وتحافظ عليه ويجب ألا يقل عمر جميع الشركات الخاصة التي يتعامل معها عن عامين ويجب أن تكون مدرجة في بورصات الأوراق المالية والسلع المصرية.
والصندوق سيعمل على تعزيز الشمول المالي والاستثماري من خلال تنويع الخيارات الاستثمارية المفتوحة للمصريين وأن إطار إطلاق الصندوق سيُستخدم لبدء المزيد من الصناديق المعدنية الثمينة في المستقبل والتي تتوافق مع العادات الاستثمارية المختلفة للشرائح المجتمعية.
والصندوق يعكس الجهود الحكومية لتخفيف الضغط على سوق الذهب وتوفير أنواع مختلفة من الاستثمار وزيادة المعروض من الذهب في السوق المحلية في محاولة لخفض الأسعار التي شهدت ارتفاعًا حادًا منذ مارس من العام الماضي.
وزيادة أسعار الذهب كانت ناجمة عن نقص الدولار الأمريكي في الأسواق المصرية، مما حد بشكل خطير من قدرة البلاد على استيراد المكونات اللازمة للصناعات الأساسية وأدت أزمة الواردات إلى انخفاض المعروض من الذهب في وقت زاد فيه الاستثمار في المعدن بنحو 83 في المائة في مصر، وفقًا لبيانات مجلس الذهب العالمي، حيث بحث المصريون عن ملاذ آمن لمدخراتهم المتناقصة في الحياة المحتفظ بها محليًا، كما أدى انخفاض قيمة الجنيه المصري إلى اكتناز الكثيرين للذهب بدلًا من بيعه، مما أدى إلى مزيد من الانخفاض في الإمدادات في السوق ورفع الأسعار.
كما أن إطلاق الصندوق في نفس الوقت الذي يُتوقع فيه بيع الذهب، يشير إلى أن الحكومة تأمل في تحويل حيازات المواطنين من الذهب إلى استثمارات نقدية في الصندوق.
سوق العقود الآجلة غير القابلة للتسليم
في سوق العقود الآجلة غير القابلة للتسليم، انخفض العقد لمدة شهر واحد على الجنيه بنسبة 3.5 ٪ منذ نهاية فبراير إلى 32.4 للدولار، في حين أن العقد لمدة 12 شهرًا عند 37.6.
ولتعزيز مواردها المالية، حصلت مصر على اتفاقية بقيمة 3 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي بالإضافة إلى 13 مليار دولار من الودائع من الخليج ويقدر صندوق النقد الدولي فجوة التمويل الخارجي في مصر بنحو 17 مليار دولار على مدى السنوات القليلة المقبلة، ويتوقع أن يساعد برنامجه في فتح حوالي 14 مليار دولار إضافية من الشركاء الدوليين والإقليميين.
تراجع توقعات تعويم الجنيه
أكد تقرير حديث لمجموعة سيتي جروب تراجع توقعات تخفيض قيمة الجنيه المصري حيث لن يتخذ البنك المركزي المصري هذه الخطوة على الأقل حتى نهاية يونيو المقبل.
وقال التقرير إن تعويم الجنيه يعرقل هدف الحكومة المتمثل في عجز الميزانية بنسبة 6.5٪ واستقرار ديون البلاد بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي، كما أن البنك المركزي المصري ينتظر عائدات من السياحة بحوالي 14 مليار دولار.
مبادرات القطاع الخاص بعدم التعامل مع السوق الموازية
أطلق العديد من رجال الأعمال والمستوردين مبادرات بهدف عدم التعامل مع السوق السوداء لتهدئة الأسواق ومساندة الاقتصاد المصري مما يعمل على دعم قيمة العملة المحلية، حيث أكد خبراء أن هذا النوع من المبادرات لتصحيح وضع مهم ويضع القطاع الخاص كنموذج يدرك أهمية دوره فى هذه المرحلة بالتزامن مع إفساح المجال للقطاع الخاص ليكون قاطرة النمو للقطاع الاقتصادي في السنوات المقبلة.
نقدم لكم من خلال موقع (فيتو) ، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.