رئيس التحرير
عصام كامل

العنف فى السودان.. الحصاد المر للتيارات الدينية.. الإخوان المتهم الأول فى انتشار العنف بالبلاد.. احتضنوا التكفيريين والجهاديين لتصفية التصوف.. و«أنصار المسلمين» ذراع بوكو حرام وداعش

أحداث السودان، فيتو
أحداث السودان، فيتو

لا يمكن النظر للأزمة الحالية فى السودان، دون إجراء تحليل عميق لبنية المجتمع السودانى، ومعرفة جماعات التأثير الدينى، الذين يملكون قوة ماكرة تختبئ تحت الأرض حاليا، لكنها تتشارك النفوذ القوى داخل المجتمع السودانى، وأغلبهم يملك أذرعا حزبية قوية تمهد لأن تجعل منه فرس رهان سواء لحسم الأزمة، أو للانقضاض على السلطة والاستحواذ عليها فى الوقت المناسب.

الصوفية.. المجنى عليها

تكالب عليها الجميع لإنهاء بصمتها التسامحية التى عرف بها المجتمع السوداني، ولكن قصة انتشارها وبقاءها رغم تغول التيارات المتطرفة ما زالت ماثلة فى الأذهان.

ويعود انتشار الصوفية فى السودان إلى الجماعات العربية التى هاجرت إلى هذه الأرض بعد هجرة المسلمين الأولى إلى أرض الحبشة بقيادة جعفر بن أبى طالب، واستقرت فى مناطق البداوة فى أواسط السودان ونشرت معها الثقافة العربية الإسلامية، وازدادت الهجرات العربية إبان الفتوحات الإسلامية.

وفى مرحلة ازدهار الفكر الصوفى، جاء إلى السودان عدد من علمائها، لتدخل البلاد طرق صوفية سنية تجاوز نفوذها السودان ليمتد إلى ما جاوره من أقطار، لهذا يعد السودان بلد التصوف بامتياز.

وحسب بعض الباحثين يوجد فى السودان أربعين طريقة أساسية وفرعية، أشهرها القادرية بفروعها المتعددة، والختمية، والسمانية، والشاذلية، والمكاشفية، والمجذوبية، والإدريسية الأحمدية، والرشيدية، والتيجانية، والإسماعيلية، وعدد من الطرق الثانوية.

هذا التأثير القوى للطرق الصوفية فى الحياة السودانية، جعل مختلف الأنظمة والقوى السياسية حريصة على استثمار قوتها فى معاركها السياسية المختلفة، ما جعل الفرق الصوفية فى السودان ليست بعيدة عن الممارسة السياسية، بل إن نشوء الأحزاب السياسية التقليدية فى السودان ارتبط بهذا التوزيع، حيث ينحدر الحزب الاتحادى الديمقراطى من الطريقة الختمية، وحزب الأمة عن الأنصار.

تنشط فى السودان أكثر من 40 طريقة صوفية، أشهرها: القادرية، الختمية، المهدية، التيجانية، والسمانية، وتنتشر على امتداد البلاد وتتداخل مع جغرافيا دول الجوار، فتمتد إلى مصر شمالًا، وشرقًا إلى إرتيريا وإثيوبيا وغربًا إلى تشاد والنيجر ونيجيريا، ولكل طريقة مركز ثقل جماهيرى فى منطقة معينة، فالطريقتان السمانية والقادرية العركية تنتشران فى وسط السودان وحول العاصمة الخرطوم، بينما يتركز أتباع التيجانية فى إقليمى دارفور غربى السودان، وكردفان فى الجنوب الأوسط، أما الختمية التى تحظى بأكبر عدد من المريدين فتنتشر شرقى البلاد وشمالها ومركزها مدينة الخرطوم بحرى وضواحيها.

أيضًا هنالك طرق صوفية أخرى مؤثرة فى الحياة السياسية والاجتماعية والدينية، وأهمها البرهانية والتسعينية والدندراوية والإدريسية والعزمية، ولها أتباع متفرقون على امتداد السودان.

ولا توجد إحصاءات دقيقة حول عدد أتباع هذه الطرق ومُريديها، لكنهم على الأرجح يُمثلون نحو 80% من إجمالى عدد السكان فى البلاد البالغ 40 مليون نسمة.

وشهد عام 2017 تأسيس أول حزب صوفى سودانى صريح، برئاسة عبد الجبار الشيخ بلال، شيخ الطريقة السمانية الطيبية، بيد أن أكبر حزبين سياسيين سودانيين يستندان إلى قاعدة شعبية صوفية هما "الأمة القومي" و"الاتحادى الديمقراطي".

و"الأمة" الذى يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق الصادق المهدى، حفيد محمد أحمد المهدى مؤسس الدولة المهدية فى السودان (1885- 1899)، يستند على طائفة "الأنصار"، كما أن قوام القاعدة الجماهيرية للحزب الاتحادى الديمقراطى هو الطريقة الختمية التى أسسها محمد عثمان الميرغنى عام 1817، وتنتمى إليها عائلة رئيس مجلس السيادة الحالى عبد الفتاح البرهان. وكلتا الطائفتين صوفيتا الجذور.

الإخوان

كما هو الحال فى كل بلدان المنطقة، ما أن وصلت جماعة الإخوان إلى البلاد، حتى مهدت التربة لكل التيارات والجماعات الأشد تطرفا وعنفا.

وصلت طلائع الإخوان المسلمين من مصر إلى السودان على يد جمال الدين السنهورى عام 1949، واستطاعت نشر أفكارها بشدة، وبدأت فى نشر الفكر التكفيرى للجماعات الصوفية وشيوخها وأتباعها، إلى أن بلغ ذروته بعد أن أقنع حسن الترابى، زعيم الإخوان المسلمين فى السودان (1932-2016) الرئيس الأسبق جعفر النميرى (1930-2009) بتطبيق الشريعة الإسلامية فى البلاد عام 1983.

فى تلك المرحلة، وبالتحديد عام 1985، أُعدم محمود محمد طه، زعيم حركة الإخوان الجمهوريين ذات الخلفية الصوفية، بتهمة الردة عن الإسلام 1985.

وبعد انقلاب (الترابي-البشير) على الحكومة الديمقراطية، عام 1989، أصبحت البلاد مسرحًا لنشاط السلفيين والجهاديين القادمين من كل أصقاع العالم، من أفغانستان وباكستان ودول الاتحاد السوفييتى المُسلمة بعد تفككه، والمطرودين من بلدانهم العربية، من أجل إقامة دولة الخلافة الإسلامية فى السودان وقد احتضنهم جماعة الإخوان المسلمين ووفرت لهم بيئة مثالية لنشر أفكارهم وسط المجتمع المتصوف ولمصادرته أيديولوجيًا.

من هنا، بدأت المواجهات بين السلفيين والمتصوفة، لكنها لم تكن عنيفة فى معظم الأوقات، خاصة من جانب الطرق الصوفية التى ظلت تحافظ على سلوكها المتسم بالحلم وضبط النفس وحفظ اللسان، إزاء التكفيريين الجُدد، مفوتة عليهم الفرصة لخلق بيئة عنيفة ودموية.

جماعة أنصار المسلمين

جماعة أنصار المسلمين فى بلاد السودان، المعروفة أيضًا باسم تنظيم القاعدة فى بلاد ما وراء الساحل، هى منظمة إسلامية جهادية مقرها فى شمال شرق نيجيريا نشأت كجزء من بوكو حرام، لكنها أصبحت مستقلة فيما بعد وجرى حلها رسميًا فى عام 2012.

على الرغم من ذلك، واصلت العمل مع فصائل بوكو حرام بشكل وثيق مع بعضهم بعضا، لكن الضربات الأمنية أجبرتها على تجميد أنشطتها عام 2015، بينما استمر أعضاؤها فى نشر الدعاية لأفكارهم، كما بايعوا تنظيم قاعدة الجهاد فى بلاد المغرب الإسلامى عام 2020، وجرى تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية محظورة من قبل الولايات المتحدة، ونيوزيلندا، والمملكة المتحدة.

الحزب الاشتراكى الإسلامى 1949 - 1954

مع انتشار تيارات الإسلام السياسى العنيف، لردة فعل ضد موجة الشيوعية والإلحاد بالجامعة، ولم يكن لهم ارتباط مباشر بجماعة الإخوان المسلمين، ولكنهم تأثروا بفكرهم ومنهجهم عن الطريق التواصل مهم، وعن طريق الكتيبات والمجلات الصادرة عنهم من مصر.

جبهة الميثاق الإسلامي

تحالف إسلامى بين الإخوان المسلمين والسلفيين، والطريقة التيجانية الصوفية، وتكون هذا التحالف لخوض انتخابات 1968، هذا التحالف لم يلغ اسم الإخوان المسلمين بل كانوا جزءا منه.

الجبهة الإسلامية القومية 1986 - 1989

شكل الدكتور حسن عبد الله الترابى الجبهة الإسلامية القومية والترابى إخوانى الهوى، ومراقب عام سابق للجماعة، وأغلب تنظيمه أعضاء سابقين فى الإخوان.

جبهة الترابي

الجبهة أسسها الترابى 1986 دعمت حق المرأة فى التصويت والترشح، وكانت أهداف الترابى الرئيسية (التى يقول بها) هى أسلمة المجتمع وتأسيس حكم الشريعة الإسلامية فى السودان (الجبهة الإسلامية)، واستطاعت الجبهة اختراق البرلمان والحكومة والجيش والمنظمات المحلية والإقليمية ومنظمات رعاية المرأة والشباب.

وقامت أيضًا بإنشاء منظمات الرعاية الخاصة بهم مثل شباب البناء ورائدات النهضة، كما أقاموا الحملات التعليمية لأسلمة المجتمع من خلال الدولة، وفى نفس الوقت سيطروا على مؤسسات إسلامية خيرية من أجل الترويج لأفكارهم.

الجريدة الرسمية