الدولار بـ 1470 دينارا، السوق السوداء تهدد بفشل حظر "الدولرة" في العراق
أصدرت وزارة الداخلية العراقية حظرًا على استخدام الدولار الأمريكي في إجراء المعاملات الشخصية والتجارية في البلاد، دخل حيز التنفيذ قبل يومين، فيما سادت مخاوف من فشل القرار لأسباب عدة، على رأسها السوق السوداء.
وبحسب تقارير محلية، فإن حظر “الدولرة”، الذي دخل حيز التنفيذ يوم الأحد الماضي 14 مايو، يهدف إلى تعزيز استخدام العملة المحلية، الدينار العراقي، والحد من تقدم الدولرة في العراق.
ويسعى الإجراء أيضا إلى خفض الفرق بين سعر الصرف الرسمي الذي تقدمه الحكومة وسعر الصرف المعروض في السوق السوداء، وهو الفارق الذي أدى إلى ارتفاع الأسعار.
وقالت الوزارة في بيان: "الدينار هو العملة الوطنية في العراق. إن التزامك بالتعامل به بدلًا من العملات الأجنبية يعزز سيادة الدولة واقتصادها".
كما أشارت إلى أن التعامل بعملات غير الدينار العراقي يعاقب عليه القانون، وأنها ملتزمة "بمحاسبة كل من يحاول تقويض الدينار العراقي والاقتصاد".
التنفيذ والغرامات
ولتنفيذ هذا الحظر، تحركت مديرية مكافحة الجريمة المنظمة في وزارة الداخلية لتطلب من التجار توقيع تعهدات، مؤكدة أنهم سيديرون أعمالهم فقط باستخدام الدينار العراقي.
وأوضح اللواء حسين التميمي، مدير العمليات في المديرية، أنه سيتم تغريم التجار المخالفين مليون دينار عراقي (نحو 680 دولارا).
وأضاف أن المخالفة في حال تكررت، فسوف يعاقب مرتكبها بعقوبات أشد بما في ذلك السجن أيضا.
وإذا كرر المخالف ذلك، فسيواجه عقوبة السجن لمدة تصل إلى سنة بالإضافة إلى غرامة مالية قدرها مليون دينار عراقي، وفي حالة حدوث مخالفة ثالثة، يتم مضاعفة هذه العقوبة وسحب الرخصة التجارية، وفق ما أفاد المسؤول العراقي.
وتسبب هذا الإجراء في ضغوط كبيرة في الأسواق السوداء لصرف الدولار، حيث نشرت الوزارة ضباطًا سريين لدعم تنفيذ حظر الدولار الأمريكي، وتم بالفعل تنفيذ بعض الاعتقالات في أسواق التداول الكبرى وفقًا لتقارير الصحف المحلية.
حملة لحماية الدينار
وأوضح التميمي، في تصريحات صحفية، أن "هذه الحملة الواسعة تهدف إلى حماية الدينار".
وقال إن ممثلين من البنك المركزي العراقي وإدارة المخابرات في وزارة الداخلية انضموا إلى الدوريات.
ويقول البعض إن القرار سوف يؤثر على أنشطة المواطنين العراقيين، الذين يحتاجون إلى الدولارات لشراء العقارات والسيارات، حيث يطالب المالكون بدفع هذه البنود بالعملة الأجنبية.
وفي الأسواق العراقية الرسمية، تعتبر الدولارات الأمريكية نادرة، ويحتاج المواطنون إلى تلبية سلسلة من المتطلبات لاستلامها، بسبب العقوبات التي فرضتها الحكومة الأمريكية ضد البلاد.
انخغاض التعاملات بالدولار
وسرت تعاملات السوق بالدولار، يوم أمس الاثنين، بشكل أقل، وكانت مكاتب الصرافة، خوفا من الاعتقال من قبل عملاء سريين، تبيع الدولارات فقط للعملاء الموثوق بهم، بسعر السوق السوداء.
تسببت حرب الخليج عام 1991، التي أعقبتها عقوبات اقتصادية قاسية فرضتها الأمم المتحدة، والغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003، في خفض كبير لقيمة الدينار العراقي؛ نتيجة لذلك، تحول العراقيون إلى الدولار الأمريكي، إذ يتم تسوية مجموعة واسعة من المعاملات، من تجارة الجملة إلى مشتريات التجزئة بالدولار.
أزمة العملة وراء ارتفاع أسعار السلع
وخلال الأشهر الستة الماضية، كانت الحكومة العراقية تحاول وقف أزمة العملة التي أدت إلى ارتفاع أسعار السلع، وأخرجت المتظاهرين إلى الشوارع.
منذ أواخر نوفمبر الماضي، شهد الدينار العراقي تقلبًا إضافيًا بعد تشديد الولايات المتحدة إجراءات التحويلات الدولية، حيث ألقى البعض باللوم على واشنطن في مشاكل الدينار.
وطبق بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك إجراءات مشددة على طلبات المعاملات الدولية من العراق، ورفض العديد منها وعرقل أخرى، ما أدى إلى زيادة الطلب على الدولار الأمريكي في العراق.
كما أدرجت العديد من البنوك العراقية في القائمة الأمريكية السوداء بدعوى الاشتباه في قيامها بغسيل الأموال والقيام بصفقات مشبوهة.
أجر السمسار بالدولار
يقول محمد حسن جعفر، المقيم في بغداد، لصحيفة "ذا ناشيونال" الإماراتية التي تصدر باللغة الإنجليزية، إنه يريد شراء منزل ويقول إنه غير متأكد مما يجب فعله، لأن السمسار يريد أن يتقاضى أجره بالدولار.
ويتابع جعفر (55 عاما): "لعقود من الزمان، كان كل شيء هنا مرتبط بالدولار وهناك أشياء، مثل العقارات أو السيارات، يطلب ملاكها أن يتم الدفع لهم بالدولار من أجل البقاء في الجانب الآمن من حيث التضخم، أو الحصول على عدد أقل من الأوراق النقدية في متناول اليد، مقارنة بحجم المال الذي يحصلون عليه بالدينار".
وأضاف: "هناك أشخاص مثلي لا يستوفون المعايير التي وضعها البنك المركزي لشراء الدولار بالسعر الرسمي"، في إشارة إلى إجراءات البنك المركزي العراقي لبيع الدولارات للتجار لاستيراد البضائع أو للأشخاص الذين يسافرون إلى الخارج.
وتابع جعفر: "لذلك نذهب إلى مكاتب الصرافة للشراء بسعر السوق السوداء".
وتلقي الحكومة العراقية باللوم على الولايات المتحدة في فوضى الدولار. واتخذت سلسلة من الإجراءات لاحتواء غضب الجمهور الناجم عن ارتفاع الأسعار.
ويوم الأحد الماضي، استقر سعر الصرف الرسمي عند 1300 دينار مقابل الدولار، وجرى تداول العملة عند نحو 1470 دينارًا في السوق السوداء.
المشكلة الرئيسية
يقول الخبير الاقتصادي العراقي، عمر الحلبوسي، إن "قرار حظر استخدام الدولار في السوق العراقي هو تكريس للدكتاتورية الاقتصادية، خصوصا أن الحكومة العراقية تُعرف اقتصادها بأنه اقتصاد حر، فضلا عن أن مثل هذه القرارات لن تجدي نفعا ولن تسهم في خفض سعر الصرف الموازي كون وزارة الداخلية والبنك المركزي يتجنبون المشكلة الأساسية التي أسهمت في انخفاض قيمة الدينار العراقي أمام الدولار"، حسب "سبوتنيك" الروسية.
وأضاف في تصريحات صحفية: "كما أن هذا القرار يثبت أن البنك المركزي العراقي والحكومة لا يملكان أي حلول لإصلاح واقع السياسة النقدية، وأن هذا القرار حتى لو طبق فسوف تكون فيه محاباة للتجار المقربين".
التلاعب بالدولار
وأشار الحلبوسي إلى أن "الحكومة العراقية كان الأجدر بها إذا أرادت الحفاظ على قيمة الدينار العراقي، أن تحارب المضاربين من المصارف الخاصة وشركات الصرافة الذين يتلاعبون بسعر الصرف، ما أدى إلى عدم تحقيق التطابق بين سعر الصرف الموازي والسعر الحقيقي، فضلا عن تساهل المصارف الخاصة وشركات الدفع الإلكتروني في تسهيل حصول مهربي الدولار على بطاقات الدفع الإلكتروني التي تعبء بالدولار وتهرب إلى دول مجاورة".
وأضاف: "هناك تواطؤ المصارف الخاصة وشركات الدفع الإلكتروني مع المهربين، ولم يتخذ البنك المركزي والحكومة العراقية أي قرار رادع لهم رغم تحايلهم على جميع قراراته، يضاف لذلك أن الحكومات المتعاقبة هي من شجعت على استخدام الدولار في التعاملات التجارية في السوق العراقي من خلال عدم دعم الدينار العراقي، وهو ما أفقد المواطن ثقته بالدينار".
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار، أسعار اليورو، أسعار العملات، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار الاقتصاد، أخبار المحافظات، أخبار السياسة، أخبار الحوادث، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي، الدوري الإيطالي، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا، دوري أبطال أفريقيا، دوري أبطال آسيا، والأحداث الهامة والسياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.