أعظم مشروع مائي في القرن الـ 20، الذكرى 59 لتحويل مجرى النيل وإنشاء السد العالي
تحويل مجرى نهر النيل، ملحمة وطنية سطرها المصريون في إقامة أعظم مشروع مائي شهده القرن الماضي هو السد العالي، فبعد أن كان حلما فخاطرًا فاحتمالًا، أضحى حقيقة ليس مجرد خيال، بل كان الأمل لبناء مصر، وقد وضع الرئيس جمال عبد الناصر حجر الأساس له في 9 يناير 1960.
ففي مثل هذا اليوم 14 مايو من عام 1964، تم تحويل مجرى نهر النيل عند السد العالي، في احتفال حضره الرئيس جمال عبد الناصر، وبصحبته الرئيس الروسي نيكيتا خروتشوف.
وتحل اليوم الذكرى الـ 59 لتحويل مجرى النيل، لتعيد إلى الأذهان هذا المشروع العظيم الذي ظل حماية كبرى لمصر ضد أخطار الجفاف والفيضان، وساعد في توسعة الرقعة الزراعية وتوفير الكهرباء، ليقف شاهدًا على قدرة الشعب المصرى على تحقيق المستحيل.
تقديم الخبراء الروس
وكان الاتحاد السوفيتى ـ وقتئذ ـ السند الأكبر في هذا المشروع لكي يرى النور بدءا من توفير التمويل اللازم لإنشاء المشروع، وتقديم الخبراء الروس للدعم الفني له، بعد أن رفضت الولايات المتحدة وصندوق النقد الدولي تمويل المشروع.
فى هذا اليوم وقف الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والزعيم نيكيتا خروشوف، رئيس الاتحاد السوفيتى سابقًا على المنصة، ليضغطا زر التفجير إيذانًا بتحويل مجرى النيل وانتهاء المرحلة الأولى من بناء السد العالي، في احتفال ضخم بجنوب مصر، حيث ضغط الرئيسان على زر لتفجير سد رملي عملاق وتحويل مجرى النيل إلى قناة صناعية، للسماح ببدء المرحلة التالية من بناء السد، وشهد آلاف عمال البناء المصريين والروس ارتفاع الرمال فى الهواء ثم اندفاع مياه النيل، كما كان في حضور الاحتفالية إبراهيم عبود رئيس دولة السودان، وعبد الله السلال رئيس اليمن وعبد الرحمن عارف رئيس العراق والملك الحسن ملك المغرب.
أعجوبة الزمان الثامنة
اطلقت الصحف في مصر والعالم على مرحلة تحويل مجرى نهر النيل بالأعجوبة الثامنة كما وصفها الرئيس جمال عبد الناصر، وفى الاحتفالية تكلم الرئيس عبد الناصر ووجه حديثه إلى رجال مصر ونسائها وأطفالها، وهو يقدم لهم السد العالي كرمز حي للإرادة والتصميم والمقدرة على العمل والفداء.. قدمه الرئيس لمواطنيه تذكارا لانتصارهم على كل أعداء الوطن، وعلى كل الصعوبات بالعمل الذي يحرك الجبال فيخضع لطبيعة الإنسان، ويؤكد سيطرته بروح من ربه سبحانه وتعالى على الحياة.
السد يصور المكانة العظيمة للإنسان العربي
أهدى الرئيس عبد الناصر السد إلى مصر كلها؛ ماضيها وحاضرها ومستقبلها، إلى كل المواطنين الأحرار الذين استشهدوا في معارك الحرية على طول فترات تاريخنا الحديث، وقال الرئيس: "ليست هناك بقعة على الأرض تصور المعركة العظيمة للإنسان العربى المعاصر في أبعادها الشاملة، كما يصورها هذا الموقع "السد"، الذي تختلط فيه المعارك السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية للشعب المصري، ويمتزج كأنها كتل الأحجار الضخمة التي تسد مجرى النيل القديم، وتختزن مياهه في أكبر بحيرة صنعها الإنسان لتكون مصدرا للرخاء".