رئيس التحرير
عصام كامل

ما حكم نفقة الرجل على أولاد زوجته؟ الإفتاء تجيب

الإفتاء، فيتو
الإفتاء، فيتو

حكم نفقة الرجل على أولاد زوجته، ورد إلى دار الإفتاء سؤال يقول ما حكم نفقة الرجل على أولاد زوجته؟ حيث يوجد شخص متزوج من امرأة كانت متزوجة قبله من رجل وتُوفي، ولها منه أولاد، ولا يوجد من ينفق عليهم غير أمهم؛ فهل يجب على الزوج أن ينفق على أولاد زوجته؟


حكم نفقة الرجل على أولاد زوجته

ومن جانبها قالت دار الإفتاء إنه من المقرر شرعًا أنَّ النفقة واجبة على الأب لأولاده الصغار الذين ليس لهم مال؛ باعتبار أنَّ الصغر في حد ذاته عجز عن الكسب؛ وذلك لقوله تعالى: ﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: 233]، فإذا توفِّي أبوهم، فتنتقل النفقة إلى ورثته بحسب نصيب كلٍّ، على اختلاف وتفصيل بين الفقهاء في الترتيب بينهم وقدر النفقة الواجبة؛ قال الإمام ابن قدامة في "المغني" (8/ 219، ط. مكتبة القاهرة): [إذا لم يكن للصبي أب، فالنفقة على وارثه. فإن كان له وارثان، فالنفقة عليهما على قدر إرثهما منه، وإن كانوا ثلاثة أو أكثر، فالنفقة بينهم على قدر إرثهم منه؛ فإذا كان له أمٌّ وجدٌّ، فعلى الأم الثلث والباقي على الجد؛ لأنهما يرثانه كذلك. وبهذا قال أبو حنيفة. وقال الشافعي: النفقة كلها على الجد؛ لأنه ينفرد بالتعصيب، فأشبه الأب. وقد ذكرنا رواية أخرى عن أحمد، أن النفقة على العصبات خاصة] اهـ.

 

 

وتابعت الدار عبر موقعها الرسمي، من المقرر شرعًا أن أثر المصاهرة بين الزوج وأقارب المرأة من النساء هو التحريم على التأبيد أو التأقيت وهو ما يسمى بـ "التحريم بالمصاهرة"، أما أثرها بين الرجل وأقارب زوجته من الرجال فهو محض القرابة التي لا يترتب عليها في ذاتها أثر.

قال العلامة السرخسي في "المبسوط" (13/ 142، ط. دار المعرفة): [الرضاع والمصاهرة بمنزلة النسب في حرمة النكاح خاصة، وأما الأحكام المتعلقة بالقرابة سوى الحرمة: لا يثبت شيء منها بالرضاع والمصاهرة] اهـ.

وعليه: فأولاد الزوجة لا تجب نفقتهم على زوج أمهم، لكنه إن أنفق عليهم متبرعًا فله الأجر والثواب من الله على ذلك. ومما ذُكر يُعلم الجواب عمَّا جاء بالسؤال.

دار الافتاء


نفقة العاجز عن الكسب

ذهب الحنفية إلى وجوب نفقة العاجز عن الكسب على كل ذي رحمٍ محرمٍ؛ كالعم والأخ وابن الأخ؛ قال العلامة الكاساني في "بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع" (4/ 31): [سبب نفقة الأقارب في الولادة وغيرها من الرحم هو القرابة المحرِّمة للقطع؛ لأنه إذا حرم قطعها يحرم كل سبب يفضي إلى القطع،... إلى أن قال... وحاجة المنفق عليه تفضي إلى قطع الرحم، فيحرم الترك، وإذا حرم الترك وجب الفعل ضرورة] اهـ.
وذهب المالكية إلى أنه لا تجب النفقة على غير الوالدين المعسرين من الأقارب؛ قال الشيخ عليش المالكي في "منح الجليل شرح مختصر خليل" (4/ 414): [(وَ) تَجِبُ (بِالْقَرَابَةِ عَلَى) الْوَلَدِ الْحُرِّ (الْمُوسِرِ) كَبِيرًا كَانَ أَوْ صَغِيرًا، ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا، مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا، صَحِيحًا أَوْ مَرِيضًا؛ لِأَنَّهُ خِطَابُ وَضْعٍ، وَالْأَصَحُّ خِطَابُ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ، بِمَا فَضَلَ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ زَوْجَاتِهِ وَلَوْ أَرْبَعًا، لَا عَنْ نَفَقَةِ خَادِمِهِ وَدَابَّتِهِ، وَالْوَاجِبُ بِالْقَرَابَةِ (نَفَقَةُ الْوَالِدَيْنِ) أَيْ الْأُمِّ وَالْأَبِ الْمُبَاشِرَيْنِ الْحُرَّيْنِ وَلَوْ كَافِرَيْنِ وَالْوَلَدُ مُسْلِمٌ أَوْ كَانَ الْجَمِيعُ كُفَّارًا اتَّفَقَ دِينُهُمْ أَوْ اخْتَلَفَ (الْمُعْسِرَيْنِ) بِنَفَقَتِهِمَا وَإِنْ كَانَ لَهُمَا خَادِمٌ وَدَارٌ لَا فَضْلَ فِيهِمَا] اهـ. وقال أيضًا في "منح الجليل شرح مختصر خليل" (4/ 415): [(وَلَا) تَجِبُ بِالْقَرَابَةِ نَفَقَةُ (جَدٍّ) وَجَدَّةٍ مِنْ جِهَةِ أَبٍ أَوْ أُمٍّ (وَ) لَا تَجِبُ نَفَقَةُ وَلَدِ ابْنٍ) وَأَوْلَى وَلَدُ بِنْتٍ] اهـ.


حكم النفقة على العاجز عن الكسب 

وذهب الشافعية إلى قصر النفقة على الأصول والفروع فقط؛ قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب في شرح روض الطالب" (3/ 442): [وإنما تجب على ذي قرابة بعضية، وتجب له، وهم الفروع وإن نزلوا، والأصول وإن علوا فقط، أي دون سائر القرابات كالأخ والأخت والعم والعمة، ذكورًا وإناثًا وارثين وغير وارثين] اهـ.
وذهب الحنابلة إلى وجوب النفقة لكل قريب وارث بفرض أو تعصيب؛ قال الإمام ابن قدامة في "المغني" (8/ 217): [ظاهر المذهب أن النفقة تجب على كل وارث لموروثه] اهـ. وذكر قبل هذا الموضع أن ذلك بثلاثة شروط: [أحدها: أن يكون فقيرًا لا مال له ولا كسب. والثاني: أن يكون لمن تجب عليه النفقة ما ينفق عليه فضلًا عن نفقة نفسه: إما من ماله وإما من كسبه. والثالث: أن يكون المنفق وارثًا] اهـ.
وما عليه العمل والفتوى: أن نفقة العاجز عن الكسب تجب على كل ذي رحمٍ محرم؛ كالعم والأخ وابن الأخ؛ لما بينهم وبينه من القرابة التي يحرم قطعها، وترك الإنفاق عليه يفضي إلى قطع الرحم، فوجبت النفقة عليهم، فإذا إذا لم يكن له أصول ولا فروع قادرون على الإنفاق عليه وجبت النفقة بالترتيب على من بعدهم في درجة القرابة؛ الأقرب فالأقرب.

الجريدة الرسمية