ذكرى ميلاد الأديب جمال الغيطانى، المراسل العسكري عاشق التراث
جمال الغيطانى، أديب وكاتب وصحفى من طراز متميز، ومراسل عسكرى على خط النار في حرب أكتوبر وقبلها حرب الاستنزاف.
عشق الأدب والعمارة والفن، وفوق ذلك عشق التراث، وعاش مشواره الأدبى متأثرا بالأديب نجيب محفوظ بحكم الصداقة بينهما.
عن عمله كمراسل عسكرى يقول جمال الغيطانى: فى عام 1968 بدأت عملى بالصحافة بعد أن وجدت نفسى فى موقع يتيح لى أن أعيش أحداثا ساخنة يمر بها الوطن فبدأت بالجبهة كمراسل حربى، حيث كنت أدفع بنفسى فى مواجهة الموت بالتواجد فى مناطق الخطر، وعشت كواليس حرب أكتوبر، وعدت منها وذهنى مشحون بالأحداث والتفاصيل فكتبت مجموعة حكايات الغريب التى تضم عددا من القصص خرجت إلى النور بعد سبعة أشهر من النصر الكبير.
حب نجيب محفوظ وصداقته
ولد الكاتب الأديب جمال الغيطانى في مثل هذا اليوم عام 1945 بمركز جهينة محافظة سوهاج لكنه نشأ وتربى بحى الجمالية بجوار المشهد الحسيني وهو نفس المكان الذى نشأ فيه الاديب نجيب محفوظ فعاش مفتونا بهذه المنطقة التاريخية وتخرج من مدرسة النسيج بالعباسية.
عن البداية الأدبية كتب جمال الغيطانى يقول: بدأت حياتى صانع سجاد في منطقة خان الخليلي، وبدأت علاقتي بالكتاب والثقافة مبكرا وأنا في المدرسة الإعدادية كنت أذهب في طريق العودة من المدرسة الى الشيخ تهامى صاحب مكتبة تستقر على رصيف الجامع الأزهر وبقروش صغيرة اقرأ كتب تاريخ الجبرتى وابن إياس وكتب التاريخ الفرعونى وألف ليلة وليلة والملاحم الشعبية.
مواجهة الموت على الجبهة
وأضاف: وفى عام 1968 بدأت عملى بالصحافة بعد أن وجدت نفسى فى موقع يتيح لى أن أعيش أحداثا ساخنة يمر بها الوطن فبدأت عملى بالجبهة كمراسل حربى، حيث كنت أدفع بنفسى فى مواجهة الموت بالتواجد فى مناطق الخطر، وذهبت إلى الجبهة لأعيش موقفا فعشت حرب أكتوبر وعدت منها وذهنى مشحون بالأحداث والتفاصيل فكتبت مجموعة حكايات الغريب التى تضم عددا من القصص خرجت إلى النور بعد سبعة أشهر من النصر الكبير الذى عشته بنفسى .
نهاية السكير أول القصص
يقول الغيطانى أنه كان يكتب يوميا في وقت يقارب الثماني عشرة ساعة، حتى ينجز ما يريد كتابته، حيث يتملكه إحساس نهم الكتابة والقراءة، ووصل به الحال إلى قراءة ٧ كتب في نفس الوقت، مشيرا إلى أنه يخصص كل شهر لقراءة قصائد شاعر معين حتى يستطيع أن يعيش داخل كتابته ويستمتع بها.
في فترة ما قبل الصحافة من عام 1963، نشر أول قصة قصيرة له وحتى عام 1969، قام بنشر ما يقدر بخمسين قصة قصيرة وكتب أول قصة طويلة عام 1959، بعنوان "نهاية السكير"، وبدأ يحظى بإشادة النقاد عام 1969، عندما أصدر كتابَه أوراق شاب عاش منذ ألف عام والذي ضم خمس قصص قصيرة، واعتبره بعض النقاد "بداية مرحلة مختلفة للقصة المصرية القصيرة"، ثم أصدر بعدها روايته " الزينى بركات"، وتتوالى المؤلفات بعدها "رحيل الخريف الدامى، حكايات الغريب، محكمة الأيام، اعتقال المغيب" وغيرها.
قدم جمال الغيطانى إلى عالم الأدب العربي روايات خلدت اسمه في عالم السينما والدراما، فمن أهم أعماله التي أنتجت السينما فيلم "أيام الرعب" الذي تم إنتاجه عام 1988، كان هو أول أعمال جمال الغيطاني الفنية، وتدور قصته حول عادة الثأر في الصعيد، جاء بعده أفلام: حكايات الغريب، كلام الليل،أما آخر أعماله الفنية فكانت فيلم "خمس نجوم" عام 2007، وفى الدراما قدم الغيطانى مسلسل الزينى بركات عام 1995 عن بداية الحكم العثمانى، سنوات الغضب، حارة الطبلاوى، حارة الزعفرانى وغيرها.
تكريمات أديب ومراسل
تم تكريم الغيطانى عدة مرات كأديب وكمراسل حربى فمنح جائزة الدولة التشجيعية للرواية عام 1980، جائزة العويس عام 1997، وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى، ووسام الاستحقاق الفرنسي من طبقة فارس 1987.. جائزة لورباتليون، لأفضل عمل أدبي مترجم إلى الفرنسية عن روايته " التجليات " وآخر هذه التكريمات حيث رشحته جامعة سوهاج لجائزة الدولة التقديرية عام 2007.
علاقته بجمال عبد الناصر
وبدأ علاقته بثورة يوليو حين اعتقلته حكومة الثورة لاتهامه بالانتماء إلى الشيوعية لمدة ستة أشهر، وأحب جمال الغيطانى الرئيس عبد الناصر وكانت بداية علاقته بعبد الناصرهي السجن لمدة 6 أشهر عام 1966 بسبب انتمائه لتنظيم ماركسي، على الرغم من حبه للزعيم الراحل، وحزنه على وفاته، والذي وصفه بأن العيد لا يكتمل إلا برؤيته، مشيرًا إلى أنه يؤدي صلاة العيد بمسجد الحسين، فكان يخرج مع أصدقائه الأطفال قائلًا: "عبدالناصر لن يتكرر".
أبناء لم ينجبهم
وفى حب الكتاب، قال جمال الغيطاني: يوما ما عندما يحملوني على الأعناق إلى مثواي الأخير، فاعلموا أن ليس لدى ثروة امتلكها سوى مكتبتي، التي ظللت أبنيها على مدار مشواري الطويل، التي تحمل أكثر من 20 ألف كتاب، كل كتاب منها "ضنايا " ـ ابنى ـ الذي لم أنجبه.
عمليات بالقلب
وعن حياته يقول جمال الغيطاني: أعتقد أن حياتي الآن هي وقت إضافي منحه الله لي، فقد مت مرتين من قبل، مرة أثناء العملية الأخيرة التي أجريتها والتي أعطتني إحساسا أن الله أهداني وقتا إضافيا، فاستمرت العملية 11 ساعة لتغيير صمامين وثلاثة شرايين في القلب، وبعد أن كنت تهيأت تماما للرحيل.
أصيب جمال الغيطانى بحالة من التسمم ودخل فى غيبوبة ثلاثة أشهر حتى رحل فى أكتوبر 2015.