سيد مكاوي، معجزة فنية أصقل موهبتها بائع روبابيكيا، وهذا أغرب ما فعله داخل مسجد أثناء أذان الفجر
يعد الفنان الراحل سيد مكاوي من القلائل الذين أحبهم الجمهور كمطرب وملحن، فلا أحد ينكر عبقريته في الألحان التي تغنى بها كبار النجوم والنجمات وعلى رأسهم كوكب الشرق أم كلثوم، لكنه أيضًا كان مطربًا من الطراز الرفيع، فكان وما زال لمكاوي جمهور عريض يعشق صوته وأداءه المميز، حتى إنه قد شهد له الكثيرون بتقديم بعض الأغاني الشهيرة أفضل من أصحابها الأصليين، وعلى رأسهم أغنية "أوقاتي بتحلو" للفنانة وردة والتي هي من ألحانه، وكذلك أغنية "أنا هنا يا ابن الحلال" للراحلة صباح، والتي هي أيضًا من ألحانه، لكن من أين أتى سيد مكاوي بكل هذه العبقرية والتمكن الفني الكبير؟ وما أسرار وكواليس مشواره الفني الحافل؟ فلنرصد ذلك في هذا التقرير.
مولد ونشأة المطرب والملحن سيد مكاوي
ولد سيد مكاوي في 8 مايو عام 1928، في حارة قبودان في حي الناصرية في السيدة زينب بالقاهرة، وعاش وترعرع في وسط بسيط وعائلة مصرية كباقي العائلات اللاتي كن يسكن الأحياء الشعبية، وهذا ما أثر في تكوين شخصية ذلك المطرب والملحن الفذ، فكان سيد مكاوي "ابن نكتة" كما يقول البعض، يتميز بخفة الظل والدعابة، هذا بجانب اتقانه الشديد لكل مفردات اللغة العربية واللهجة المصرية الشهيرة، فحياة سيد مكاوي في حي الناصرية والسيدة زينب جعلته ينخرط بالطبقة الأكبر في الشعب المصري، ويعرف لغتهم الحياتية وما يؤثر فيهم وما يعجبهم، لذلك فقد قدم ألحانًا موسيقية لاقت إعجاب الملايين.
فقد الشيخ سيد مكاوي بصره وهو صغير السن، وتقول ابنته الصغري أميرة: رغم مرارة هذه الواقعة كان أبي يتذكرها ضاحكًا، ويقول: "مش كانوا يحطُّوا لي شاى أظرف؟"، وبعدها أرسلته جدتي ليتعلم القرآن في الكتاب كما كان يحدث مع كل ممن فقد بصره، حيث حفظ القرآن كاملًا، ثم توفي والده واضطر أبي إلى إعالة الأسرة وعمل مقرئًا ومنشدًا في الموالد".
شغف سيد مكاوي بالموسيقى بدأ منذ الصغر، ورغم أن والدته لم تكن متعلمة، فإنها كانت تشتري له الأسطوانات القديمة من بائع الروبابيكيا، لذا حفظ عن ظهر قلب آلاف الألحان القديمة التي أصقلت موهبته في التلحين، كما أن حفظه للقرآن زاد من إحساسه المرهف.
تملك الفن من سيد مكاوي وأصبح هائمًا به ليل نهار، ففي إحدى المرات كان مفترض أن يؤذن لصلاة الفجر فى جامع أبو طبل الكائن بمنطقة السيدة زينب، فأخذه الغناء ونسي الأذان، وحكى عن هذه الواقعة قائلًا: "بدل ما أقول الأذان قعدت أغني، شفتوا جنان أكتر من كدا؟ المزيكا من وأنا صغير ندهتني زي النداهة".
وكان ذلك العامل الأبرز لدفع عائلته له باتجاه الطريق الديني، فكان يحفظ القرآن ويتلوه ويؤذن في الحي الذي يسكنه في مسجدي أبو طبل والحنفي.
وأصبح يحفظ الموشحات والأناشيد عن ظهر قلب، حيث كان يستمع خلال شبابه للمنشدين والمقرئين مثل الشيخ إسماعيل سكر والشيخ مصطفى عبد الرحيم.
كان له صديقان شاركاه شغفه بالفن هما إسماعيل رأفت ومحمود رأفت، وكانا يتقنان العزف على القانون والكمان، وهما من وسط ثري فقد كان لديهما الكثير من الأسطوانات القديمة والحديثة لموسيقى العصر أمثال عبد الحي حلمي وسيد درويش وداوود حسني ومحمد عثمان.
كانوا يستمعون بشكلٍ يومي لتلك الأسطوانات، وحفظوا عن ظهر قلب عشرات الأسطوانات من أدوار وموشحات. وشكلوا ما يشبه فرقة غناء وموسيقى صغيرة.
حياة سيد مكاوي الشخصية وزواجه
تزوج سيد مكاوي في عام 1961 من زينب خليل، وهي فنانة تشكيلية ووالدها تاجر كبير في دمنهور بمحافظة البحيرة وتعرفت على مكاوي عن طريق إحدى زميلاتها، حيث كان يعلمها الموسيقى، فطلبت منها أن تقابله من أجل اسكتشات لـ "الليلة الكبيرة" لمشروع فني بمجال دراستها.
وأنجب مكاوي ابنتين هما إيناس وتعمل بإحدى المؤسسات الحكومية، والثانية أميرة التي ظهرت في العديد من اللقاءات التليفزيونية والصحفية وهي تتحدث عن الجوانب الإنسانية والفنية لوالدها الراحل سيد مكاوي، والتي كشفت عن العديد من تفاصيل حياته والحكايات الخاصة بألحانه وأغانيه التي قدمها للإذاعة والتليفزيون.
مشوار سيد مكاوي مع الإذاعة المصرية وتقديم الأغاني
اتجه سيد مكاوي للغناء واهتم به بداية بشكل أكبر، وأصبح مطربًا في الإذاعة المصرية في بداية الخمسينات، فكان يغني الموشحات والأدوار التراثية الشرقية في مواعيد ثابتة على الهواء مباشرة، لنجاحه المميز كلف بغناء ألحانه الخاصة، وكانت أول أغنية خاصة به هي "محمد" وكانت من ألحان صديقه عبد العظيم عبد الحق، والأغنية الثانية كانت من ألحان أحمد صدقي وهي "تونس الخضرا".
في منتصف الخمسينيات أصبح يقدم ألحانه للإذاعة المصرية، حيث لحن الأغاني الدينية للشيخ محمد الفيومي "تعالى الله أولاك المعالي" و"آمين آمين" و"يا رفاعي يا رفاعي قتلت كل الأفاعي" و"حيارى على باب الغفران".
في نفس الفترة أطلق عدة أغان مثل "آخر حلاوة مفيش كدة" و"ما تيلَّا يا مسعدة نروح السيدة" للشاعر عبد الله أحمد عبد الله، أما أغنية "حدوتة" فكانت نقطة الانطلاق والشهرة لمكاوي، وكانت من كتابة صديق دربه الشاعر صلاح جاهين.
نقطة التحول في حياة سيد مكاوي الفنية
تصاعدت شهرته عندما لحن لشريفة فاضل أغنية "مبروك عليك يا معجباني يا غالي" وأغنية "اسأل مرة عليا" التي حققت كل النجاح في الوسط المصري، وأصبح اسمه مطلوبًا لكل المغنيين، وقام بالتلحين للمغنية ليلى مراد "حكايتنا احنا الاتنين" وللفنانة نجاة الصغيرة "لو بتعزني"، وللفنانة شادية "هوى يا هوى ياللي إنت طاير" و"همس الحب يا أحلى كلام"، وللفنانة القديرة صباح "أنا هنا يا ابن الحلال" التي غناها أيضًا بصوته وأعجب بها الجمهور.
كما قام بتلحين أغنية "يا مسهرني" لكوكب الشرق أم كلثوم، وهي الأغنية التي تبين عبقرية ألحانه وعظمة أدائه، كما قدم العديد من الألحان للمطربة الكبيرة وردة الجزائرية مثل "شعوري ناحيتك" و"وقلبي سعيد"، و"بحبك صدقني"، و"أوقاتي بتحلو" التي أيضًا غنَّاها بصوته وأصبح علامة من العلامات المميزة في مشواره.
سيد مكاوي قد العديد من الألحان بالمسلسلات الإذاعية والتليفزيونية
شارك مكاوي بتقديم العديد من المقدمات الغنائية لمسلسلات الإذاعة والتلفزيون مثل مسلسل "رضا بوند" و"شنطة حمزة" و"حكايات حارتنا" و"عمارة شطارة" والعديد من المقدمات التي اختار فيها أن يكون الطابع كوميديًّا وخفيف الظل، وقد كانت جميع المقدمات من تأليف الشاعرين عبد الرحمن شوقى وعصمت الحبروك.
كان لسيد مكاوي موعدٌ في كل رمضان في الإذاعة المصرية بفقرة "المسحراتي" التي كانت من كلمات فؤاد حداد ومن ألحانه وغنائه، وكانت من أشهر معالم شهر رمضان عند المصريين؛ فقد ظلَّ يطل بكل رمضان إلى أن توفي.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.