"النيل" شريان العلاقات بين مصر والسودان.. اتفاقية 1959 منحت الدولتين حقوقا تاريخية في المياه.. ولجنة فنية مشتركة للحفاظ على النهر من 63 عاما
يجمع نهر النيل مصر والسودان فى علاقة أزلية تلعب فيها المياه دورا محوريا بين البلدين، وتتباعد وتتقارب المصالح والعلاقات وفقا لها، فملف مياه النيل ظل لعقود هو الرابط الأساسى لمصر والسودان، وازدادت أهمية الملف المائى بين البلدين خلال السنوات الأخيرة بعد إقدام إثيوبيا على تشييد سد النهضة وتأثيراته الكبيرة على مصر والسودان وهو ما عقد العلاقة بين البلدين بين شد وجذب جول أضرار السد وبعض فوائده المزعومة للسودان.
بداية العلاقات المائية
بدأت العلاقات المائية المصرية السودانية بشكلها الحديث عام 1929 بعد توقيع اتفاقية تقاسم مياه النيل بين مصر ودول حوض النيل التى كانت تستعمرها بريطانيا حيث وقعت المملكة البريطانية على الاتفاقية كطرف ثان نيابة عن دول أوغندا وتنزانيا وكينيا، ومنحت الاتفاقية مصر إقرارا من دول الحوض بحصتها المكتسبة من مياه النيل، وأن لمصر الحق فى الاعتراض فى حالة إنشاء هذه الدول مشروعات جديدة على النهر وروافده. وهى الاتفاقية التى يستمر أثرها إلى اليوم، واعتمد عليها المفاوض المصرى فى إدانة التعنت الإثيوبى فى تشييد سد النهضة دون إخطار مسبق للحكومة المصرية بالمخالفة لاتفاق دولى قائم.
وتضمنت الاتفاقية تنظيم للعلاقة المائية بين مصر والسودان على نحو أصبح مؤسسا فى الحقب التالية للتعامل فى ملف المياه بين البلدين، حيث نصت الاتفاقية على أن الحكومة المصرية شديدة الاهتمام بتعمير السودان وتوافق على زيادة الكميات التى يستخدمها السودان من مياه النيل دون الإضرار بحقوق مصر الطبيعية والتاريخية فى تلك المياه، وأن لا تقام بغير اتفاق سابق مع الحكومة المصرية أعمال رى أو توليد قوى أو أي إجراءات على النيل وفروعه أو على البحيرات التى تنبع سواء من السودان أو البلاد الواقعة تحت الإدارة البريطانية من شأنها إنقاص مقدار المياه الذى يصل لمصر أو تعديل تاريخ وصوله أو تخفيض منسوبه على أي وجه يلحق ضررًا بمصالح مصر. وتحصل مصر على جميع التسهيلات لعمل الدراسات والبحوث المائية لنهر النيل فى السودان ويمكنها إقامة أعمال هناك لزيادة مياه النيل لمصلحة مصر بالاتفاق مع السلطات المحلية.
تقاسم الحياة
وجاءت اتفاقية 1959 لتقاسم مياه النيل تتويجا لعلاقة البلدين التاريخية المرتبطة بمياه النيل، حيث اتفاقية تقاسم مياه النيل الموقعة بين البلدين بعد استقلال السودان بناء على منحها من جانب مصر على حق تقرير المصير، حيث جاءت الاتفاقية ضمن الخطط المصرية لبناء السد العالى، وهى اتفاقية تكميلية لاتفاق عام 1929 وليست لاغية له، حيث تشمل اتفاقية 1959 الضبط الكامل لمياه النيل الواصلة لكل من مصر والسودان فى ظل المتغيرات الجديدة التى ظهرت على الساحة آنذاك، وهي الرغبة فى إنشاء السد العالى ومشروعات أعالى النيل لزيادة إيراد النهر وإقامة عدد من الخزانات فى أسوان.
ومنحت الاتفاقية مصر حقها المكتسب من مياه النيل وقدره 48 مليار متر مكعب سنويا، وكذلك حق السودان المقدر بـ8 مليارات متر مكعب سنويا، وموافقة الدولتين على قيام مصر بإنشاء السد العالى وقيام السودان بإنشاء خزان الروصيرص على النيل الأزرق وما يستتبعه من أعمال تلزم السودان لاستغلال حصته.
أن توزيع الفائدة المائية من السد العالى والبالغة 22 مليار متر مكعب سنويًا على الدولتين، ليصل إجمالى حصة كل دولة سنويًا إلى 55.5 مليار متر مكعب لمصر و18.5 مليار متر مكعب للسودان، وقيام السودان بالاتفاق مع مصر على إنشاء مشروعات زيادة إيراد النهر بهدف استغلال المياه الضائعة فى بحر الجبل وبحر الزراف وبحر الغزال وفروعه ونهر السوباط وفروعه وحوض النيل الأبيض، على أن يتم توزيع الفائدة المائية والتكلفة المالية الخاصة بتلك المشروعات مناصفة بين الدولتين.
كما تم إنشاء هيئة فنية دائمة مشتركة لمياه النيل بين مصر والسودان ضمن بنود اتفاقية 1959 وما زالت اللجنة قائمة إلى الآن وعقدت آخر اجتماعاتها فى شهر مارس الماضى، حيث تمتلك الهيئة المشتركة محطات للرصد والقياس على نهر النيل.
وقال الدكتور عارف غريب رئيس الجانب المصرى بالهيئة الفنية الدائمة المشتركة لمياه النيل إن الهيئة تعمل على استدامة عملية التأهيل والتطوير للمحطات الحالية والتى تمثل العمود الفقرى لأعمال الهيئة بما يواكب التكنولوجيا الحديثة، والسير فى البحوث والدراسات الفنية لتحسين إدارة مياه النيل وتنسيق وتوحيد الرؤى بين البلدين فيما يخص القضايا المتعلقة بمياه النيل، وهو ما أكد عليه أيضًا الدكتور هانى سويلم وزير الموارد المائية والرى خلال زيارته للسودان مطلع عام 2023، وأعقبه الاتفاق على عودة اجتماعات الهيئة الفنية المشتركة بعد أن توقفت لمدة 4 سنوات، حيث تمتلك مصر بناء على اتفاق 1929 بعثة دائمة من وزارة الرى والموارد المائية فى السودان لإجراء البحوث والقياسات اللازمة للتعاون المشترك بين البلدين فى ملف مياه النيل.
تعاون شامل
ولم يتوقف التعاون المصرى السودانى فى ملف المياه عند نهر النيل فقط بل امتد ليشمل عمليات حصاد الأمطار حيث تكشف تقارير دولية عن تساقط قرابة 400 مليار م3 من المياه على الأراضى السودانية وهى كمية كبيرة من المياه تمكن السودان من رى مساحات واسعة من الأراضى، حيث تعمل وزارة الموارد المائية والرى مع نظيرتها السودانية على إنشاء مشروعات لحصاد مياه الأمطار خاصة فى منطقة الدمازين الغنية بمياه الأمطار، والتى عملت الدولة المصرية فيها بالتعاون مع الجانب السودانى على مشروعات حصاد الأمطار وحفر الآبار الجوفية استغلالا للثروة المائية فى منطقة الدمازين التى تمتلك شركة التكامل المصرية السودانية فيها 100 ألف فدان، ولم تعمل إلى الآن بالشكل الأمثل.
وشكلت أكثر من لجنة آخرها عام 2017 لتطوير عمل الشركة وإعادة هيكلتها لاستغلال أراضى الدمازين فى زراعة المحاصيل الزيتية والعلفية وخططت الحكومة المصرية منذ عام 2015 لزيادة استثماراتها فى منطقة الدمازين بولاية النيل الأبيض لتشمل مليون فدان تتم زراعتها بالنظم الحديثة لكن تعطل المشروع إلى الآن.
ونقدم لكم من خلال موقع "فيتو"، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم، أسعار الدولار، أسعار اليورو، أسعار العملات، أخبار الرياضة، أخبار مصر، أخبار الاقتصاد، أخبار المحافظات، أخبار السياسة، أخبار الحوادث، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي، الدوري الإيطالي، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا، دوري أبطال أفريقيا، دوري أبطال آسيا، والأحداث الهامة والسياسة الخارجية والداخلية، بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.