الهروب من الجحيم.. قصص عمليات الإجلاء عبر التاريخ.. إخلاء أثينا الأقدم.. ونقل نصف مليون خلال 540 دقيقة بأحداث 11 سبتمبر
عندما انطلقت الاشتباكات في السودان، بدأت معظم الدول في إجلاء رعاياها، ومواطني دول أخرى على رأسهم الدبلوماسيون.
وبحسب مقال أستاذة التاريخ الحديث في جامعة "أكسفورد" باتريشيا كلافن، على موقع البنك الدولي فإنه "في النصف الأول من القرن الـ20 ظل العالم يترنح تحت وطأة صدمات متلاحقة كلها أدت إلى عمليات إجلاء ضخمة، بدءًا من الحرب العالمية الأولى، ثم جائحة الإنفلونزا الإسبانية، ومن بعدها انطلاق الثورات الاشتراكية والشيوعية في مناطق مختلفة من العالم، وحتى اندلاع الحرب العالمية الثانية وما تلاها من حرب سميت الحرب الباردة".
والحرب الباردة، بحسب كلافن، هي مجموعة من الحروب تحدث بالواسطة بين القطبين العالميين في أنحاء كثيرة من العالم، أدت إلى تقسيم دول كثيرة بين المعسكرين الرأسمالي والاشتراكي، وهي عمليات تقسيم قسرية أسفرت عن عمليات إجلاء ضخمة وتغييرات ديموغرافية ما زال بعضها مستمرًا كما هي الحال بين الكوريتين، وقسم من الشعبين الكوبي والفنزويلي ممن تم إجلاؤهم على إثر الثورات الاشتراكية في بلدانهم، الذين لا يزال قسم كبير منهم في الولايات المتحدة.
عمليات الإجلاء الجماعية
بحلول القرن الـ20 باتت عمليات الإجلاء الجماعية أكثر انتشارًا ووضوحًا وتعتني بها الحكومات بشكل مباشر، ونتجت هذه المسؤولية من أسباب كثيرة، أولها تطور عمليات النقل وخطط الإجلاء من الناحية التقنية، وتطور فكرة المواطنة والسلطة المعنوية لجنسية دولة ما، وتطور العقد الاجتماعي والمسؤولية السياسية والاجتماعية من السلطة تجاه حاملي جنسيتها.
الحرب العالمية الثانية
في بداية الحرب العالمية الثانية تم إجلاء ما يقارب 1.5 مليون شخص في الأيام الثلاثة الأولى من الإعلان الرسمي من لندن والمدن البريطانية الكبرى.
وبلغ العدد النهائي للأشخاص الذين تم إجلاؤهم ما مجموعه 3.75 مليون.
وفي عام 1941 وجهت السلطات السوفياتية الأمر بالإخلاء الجماعي للعاصمة موسكو بعد التهديد الألماني بالهجوم، فأخليت المدينة من مليوني نسمة في غضون أسبوعين.
الحرب الباردة
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية انطلقت الحرب الباردة وكان تقسيم فيتنام أحد وجوهها، وفي عام 1975 مع نهاية الحرب وانطلاق "الفيتكونغ" (الجبهة الوطنية لتحرير جنوب فيتنام) نحو العاصمة سايغون لتحريرها، بدأت عمليات الإجلاء المفاجئة للرعايا الأمريكيين، بدءًا من الدبلوماسيين وعائلاتهم وصولًا إلى الموظفين على أنواعهم ورجال الأعمال.
كما تم خلالها إجلاء عدد كبير من مواطني دول أخرى ومعهم فيتناميون تعاملوا مع الاحتلال الأمريكي.
واعتبرت هذه العملية واحدة من عمليات الإجلاء الفاشلة في تاريخ الولايات المتحدة، وقد تكررت حديثًا في عمليات الإجلاء من أفغانستان بعد انسحاب الجيش الأمريكي بشكل مفاجئ عام 2021.
كمبوديا
عملية الإجلاء الإجبارية الأكثر إثارة للدهشة في العالم هي التي قام بها "الخمير الحمر" (الحزب السياسي الحاكم) في كمبوديا وفقًا لأيديولوجيا أكثر غرائبية من عملية الإجلاء نفسها، حين تم نقل كل سكان المدن الكمبودية نحو القرى للعمل في الأرض. وكان ذلك بين عامي 1975 و1979، حيث أخليت المدن من ثلاثة ملايين مدني نحو الريف ليشكلوا مجتمع "الخمير الحمر" الشيوعي الجديد.
كارثة تشيرنوبيل
في أبريل 1986، أدت كارثة "تشيرنوبيل" النووية في أوكرانيا إلى انتشار التلوث على أجزاء كبيرة من الاتحاد السوفياتي، وتحديدًا في بيلاروس وأوكرانيا وروسيا، ووفقًا لتقارير رسمية فقد لقي 31 شخصًا حتفهم على الفور، وتعرض 600 ألف ممن عملوا في محاولة مكافحة الحرائق لجرعات عالية من الإشعاع، والأمر نفسه طاول ما يقارب تسعة ملايين شخص، وهو عدد يزيد على إجمالي عدد سكان النمسا، وتعرضت 155 ألف كيلو متر مربع من الأراضي التابعة للبلدان الثلاثة للتلوث، وهي مساحة تماثل نصف إجمالي مساحة إيطاليا، بحسب المعلومات الوارد في موقع الأمم المتحدة حول الكارثة التي عدت من أسوأ كوارث القرن.
حرب الخليج الثانية
في الفترة الممتدة بين أغسطس وأكتوبر 1990، دخلت شركة طيران الهند موسوعة "جينيس" للأرقام القياسية بعد نقلها أكبر عدد من الأشخاص بواسطة طائرات مدنية، حين أجلت الحكومة الهندية أكثر من 111 ألف هندي يعملون في الخليج العربي عبر مطار مسقط في سلطنة عمان إلى مومباي بواسطة 488 رحلة طيران مدني، وكان ذلك خلال حرب الخليج الثانية.
وفي فبراير 1995، أجلي ما لا يقل عن 200 ألف هولندي من مدن عدة بسبب الفيضانات التي ضربت هولندا، وبعد ثلاث سنوات تم إجلاء ما يقرب من 14 مليون شخص بسبب الفيضانات والانهيارات الأرضية الهائلة في شمال ووسط الصين، التي دمرت ستة ملايين مسكن.
الكوارث الطبيعية
عمليات الإجلاء تتبادلها الكوارث الطبيعية والحروب، فقد بدأ عام 1999 بعمليات إجلاء المتضررين على كل الجبهات في كوسوفو، وقد بلغ عددهم 800 ألف لاجئ إلى دول أوروبية مجاورة، وفي العام نفسه دفع حجم إعصار "فلويد" وشدته ومساره المسؤولين الحكوميين الأميركيين إلى إطلاق ثاني أكبر عملية إجلاء في تاريخ الولايات المتحدة، وقد بلغ عدد الفارين من وجه الإعصار الهائل ثلاثة ملايين شخص.
وتكررت عمليات الإجلاء بسبب الأعاصير في القرن الـ21 في ولايات جميع الرؤساء منذ جورج دبليو بوش إلى باراك أوباما وحتى عهد ترمب، وقد ضربت الأعاصير ولاية أريزونا أولًا ثم ولاية نيويورك، عدا الأعاصير الهائلة التي ضربت جزر هاييتي والدومينيكان، التي تخضع لوصاية الولايات المتحدة.
أفغانستان
في السنوات الماضية، جرت عمليات إجلاء كبيرة ما زالت أحداثها عالقة في الذاكرة، وعلى رأسها العمليات التي تلت انسحاب الجيش الأمريكي المفاجئ من أفغانستان عام 2021، حيث أدى استيلاء عناصر "طالبان" السريع على المدن الكبرى، بما في ذلك مبنى الحكومة والبرلمان في كابول، إلى اندفاع الحكومات الأجنبية والمواطنين الأفغان للخروج من أفغانستان بأية طريقة ممكنة ولو عبر التعلق بإطارات الطائرات، وقد قامت القيادة المركزية الأميركية مع حلفائها في "الناتو"، بمساعدة شركات النقل الجوي الخاصة، بإجلاء أكثر من 120 ألف شخص على مدار أسبوعين.
بركان كومبرفيجا
الجائحة الطبيعية كانت حاضرة أيضًا في العام نفسه، إذ أجلي سبعة آلاف شخص بعد ثوران بركان "كومبرفيجا" في جزيرة لابالما الإسبانية، ثم بدأ عام 2022 مع أزمة اللاجئين الأوكرانيين الذين تم إجلاؤهم إلى بولندا وبلغاريا ورومانيا ودول أوروبية أخرى.
أقدم عملية إجلاء في العالم
كانت هذه عمليات الإجلاء الأخيرة التي شهدها العالم، لكن أقدم عمليات الإجلاء تعود إلى عام 480 قبل الميلاد في اليونان، حين أمر ثيميستوكليس قائد الدولة بإخلاء أثينا بسبب اقتراب الجيش الفارسي، وكانت هذه المرة الأولى التي يفطن فيها قائد أمة إلى مثل هذا الإجراء، إذ جرت العادة أن يواجه الشعب كله العدو الغازي لمنع السبي والاستعباد والذل الذي ينتج منهما، لكن إجراء القائد اليوناني الفذ وباني الأسطول اليوناني الأول، الذي جعل من اليونان المسيطر الرئيس على البحر المتوسط من بعد تلك المعركة التي هزم فيها الفرس، أدى إلى إنقاذ حياة ما يزيد على ثلثي سكان أثينا.
الإمبراطورية الرومانية
وفي الإمبراطورية الرومانية أيضًا جرت عمليتا إخلاء بارزتان بين عامي 60 و61 بعد الميلاد، حين أدت "انتفاضة بوديكا" إلى إخلاء واسع النطاق لعديد من المستوطنات الرومانية في بريطانيا، وخلال عام 79 بعد الميلاد تسبب ثوران جبل "فيزوف" في إخلاء بومبي والمناطق المحيطة بها بأكملها.
الغزو المغولي
وبحلول القرن الـ13 بين عامي 1237 و1293، أدى الغزو المغولي لشرق أوروبا إلى فرار وتهجير الآلاف من الأوروبيين الشرقيين، خصوصًا بعد انتشار الطاعون أو ما سمي بـ"الموت الأسود"، وكان أحد أكثر الأوبئة التي دفعت إلى عمليات إجلاء جماعية في مواقع مختلفة من أوروبا، وامتد الإخلاء إلى شمال غربي آسيا ومصر وبعض دول شمال أفريقيا، وكان لهذه العمليات تأثير كبير في تغيير التوزيع الديموغرافي للشعوب التي أصيبت بهذا الوباء.
هجمات 11 سبتمبر
ومن أبرز عمليات الإجلاء في تاريخ الولايات المتحدة خلال 11 سبتمبر 2001 عندما تعرضت أبراج مركز التجارة العالمي للهجوم، وأجلي نحو نصف مليون شخص بالقوارب من وسط مدينة مانهاتن في نيويورك خلال تسع ساعات فقط.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.