مصر رمانة الميزان في المشهد العربي!
بالطبع لا أحد يستطيع أن ينكر الدور التاريخي لمصر في المشهد العربي، فمصر هي الدولة الأكبر في الإقليم وصاحبة الوزن الحضاري والسياسي والعسكري المؤثر في المحيط العربي، لذلك قيل (لا حرب بدون مصر ولا سلام واستقرار بدونها أيضاَ)، وبالطبع بجوار مصر توجد دول عربية مهمة وذات ثقل نسبي يعمل لها ألف حساب سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي ومن بين هذه الدول العراق وسورية والجزائر..
لذلك فمصر تاريخياَ مستهدفة من أعداء الأمة العربية، ويأتي في مقدمة قوى العدوان العدو الصهيوني الذي خاضت مصر عدة حروب في مواجهته دفاعاَ عن الأرض العربية الفلسطينية المحتلة، ولا يمكن أن ننسى ما قاله دافيد بن جوريون أول رئيس وزراء لكيان الاحتلال عشية إعلان الكيان "بأن إسرائيل لا يمكن أن تعيش وتحيا آمنة، إلا بالقضاء على الثلاثة جيوش عربية، المصرية، والعراقي، والسوري".
وتأكيداَ للدور الوازن والمؤثر لمصر في الإقليم عندما قام العدو الأمريكي بالتخطيط لمشروعه العدواني على الأمة العربية مؤخراَ والمعروف إعلامياَ بمشروع الشرق الأوسط الكبير أو الجديد، وهو المشروع الذي كان يستهدف إعادة رسم خرائط المنطقة من جديد وفقاَ لمصالح الولايات المتحدة الأمريكية وفقاَ لمشروع واتفاقية سايكس – بيكو.. كانت مصر هي الجائزة الكبري، لذلك عندما انطلقت موجة الربيع العربي المزعوم كانت مصر على وعي تام بحقيقة المؤامرة التي يحيكها العدو..
والذي استخدم الورقة الطائفية والمذهبية والعرقية عبر الجماعات التكفيرية والإرهابية القابعة والمتغلغلة والمزروعة منذ زمن طويل داخل بنية المجتمع العربي، فقامت مصر بإفشال المخطط بالداخل المصري عبر مواجهة شرسة مع جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية التي تمكنت عبر الدعم الأمريكي من الصعود لسدة الحكم ثم كان التحرك الشعبي حيث تمت الإطاحة بهم من سدة الحكم وخاض الجيش معركة شرسة مع المليشيات الإرهابية المسلحة التابعة للجماعة لسنوات تمكن خلالها من تجفيف منابع الإرهاب على الأرض المصرية.
تجفيف منابع الارهاب
ولم تسلم مصر من المخطط حتى اليوم، وهو ما تدركه جيداَ القيادة المصرية المتمثلة في الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي يسعى طوال الوقت لنزع فتيل الأزمات العربية وإطفاء النيران المشتعلة في محيطنا العربي والإقليمي، فلم تكتفي مصر بتفكيك المؤامرة وإفشال مشروع التقسيم والتفتت بالداخل المصري، بل تحاول إفشال المشروع في سورية العربية حيث نسقت مع القيادة السورية لمواجهة الجماعات التكفيرية والإرهابية التي جاءت من كل أصقاع الأرض حتى تمكنت من تجفيف منابع الإرهاب على الأرض السورية..
ورفضت مصر أي تدخل عسكري في سورية، وأكدت على عدم المساس بوحدة الأراضي العربية السورية، وأدانت الإرهاب والاحتلال الأمريكي والتركي للأرض العربية السورية، وتسعى لحل الأزمة سياسياَ وعبر طاولة المفاوضات، وبالطبع يتم ذلك لإدراك مصر أن سورية هي الامتداد الطبيعي للأمن القومي المصري من الجبهة الشرقية البوابة التي جاءت منها كل القوات الغازية لمصر عبر التاريخ.
ولم تنسى مصر البوابة الغربية لمصر حيث ليبيا العربية التي شهدت عدوان غربي غاشم منذ مطلع العام 2011 انتهى باغتيال الأخ القائد معمر القذافي، وتفكيك مؤسسات الدولة الليبية وانتشار المليشيات التكفيرية والإرهابية علي كامل الجغرافيا الليبية وهو ما يشكل تهديداَ مباشراَ للأمن القومي المصري..
ولم تكتفي مصر بذلك بل دعمت كل مشاريع المصالحة الوطنية الليبية، وأدانت العدوان الغربي على ليبيا، وطالبت بعدم التدخل الأجنبي في الشأن الليبي، وقامت بدعم الجيش الوطني الليبي في مواجهة المليشيات الإرهابية المسلحة، وتسعى بقوة لحل الأزمة الليبية الراهنة.
وكانت مصر حاضرة في باب المندب دفاعاَ عن أمنها القومي، وقامت بمحاولات ووساطات لحل الأزمة اليمنية وإنهاء الصراع الداخلي الذي يهدد أمن واستقرار الشعب العربي اليمني، ولعل الاتفاق السعودي – الإيراني الأخير يساعد في حل الأزمة اليمنية، فقد شاهدنا خلال هذا الأسبوع عملية تبادل أسرى بين طرفي النزاع، وتقوم مصر بدعم كل الحلول السياسية لإنهاء الصراع والحرب الدائرة منذ سنوات على الأرض العربية اليمنية.