حدث في رمضان.. فرض زكاة الفطر في 27 رمضان
حدث في رمضان، فرض الله في مثل هذا اليوم 27 رمضان، من العام الثاني للهجرة زكاة الفطر على المسلمين، والتي تعد هي أحد الفروض الواجبة على المسلم في شهر رمضان، يخرجها حتى قبل صلاة عيد الفطر، بهده إدخال الفرحة على الفقراء في العيد.
زكاة الفطر
وفرضت زكاة الفطر لجبر الخلل الواقع في الصوم تطهير الصائم مما عساه يكون قد وقع فيه مما يتنافى مع حكمة الصوم وأدبه، ولتعميم الفرحة في يوم العيد لكل المسلمين والناس حتى لا يبقى أحد يوم العيد محتاجًا إلى القوت والطعام، وهي فرض على كل مسلم عنده قوت يومه، يخرجها عن نفسه وعن من يعول.
متى شرعت زكاة الفطر؟
الله جلَّ وعلا شرع لعباده ختم صيام رمضان بهذه الزكاة، وبصلاة العيد، وبالتكبير، والذكر؛ تعظيمًا لله عز وجل وشكرًا له على نعمته بإكمال الصيام والقيام، وهي زكاة خفيفة، لكنها تنفع الفقراء والمساكين، تجتمع لهم وتنفعهم، وهي بحمد الله ليست ثقيلةً على المخرجين، بل هي خفيفة: صاع واحد عن كل رأسٍ من قوت البلد، من طعامهم، على الذكر والأنثى، والحرِّ والمملوك، والصَّغير والكبير من المسلمين، تُؤدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاة، قبل صلاة العيد؛ إغناءً للفقراء، وسدًّا لحاجتهم أيام العيد، سواء كان القوت شعيرًا أو تمرًا أو حنطةً أو أقطًا أو زبيبًا أو غير ذلك.
ولا بأس بإخراجها قبل العيد بيومٍ أو يومين كما فعل الصحابةُ توسعةً للناس؛ لأنَّ وقت الصبح قبل خروج الناس إلى الصلاة هو وقت ضيق لا يتَّسع للناس؛ ولهذا جاز إخراجها قبل ذلك، وما يدل على هذا أنه ﷺ وكَّل أبا هريرة على زكاة الفطر، فجاءه اللصُّ الشيطاني الذي يسرق في ثلاث ليالٍ، وهذه الليالي الثلاث قبل العيد: ليلة ثمان وعشرين، وليلة تسع وعشرين، وليلة ثلاثين، أو ليلة تسعٍ وعشرين، وليلة ثلاثين، وليلة واحدٍ وثلاثين -ليلة العيد- فلم يزل يمسكه ويقول له: دعني، دعني؛ فإني ذو حاجةٍ، وكان أبو هريرة وكيلًا على زكاة الفطر حتى تُوزَّع، فلما كان في الثالثة قال: هذه الثالثة وأنت تقول: أنا ذو حاجةٍ، ولا أرجع، وترجع، قال: دعني أُعلِّمك كلمات ينفعك الله بها؛ إذا أويتَ إلى فراشك فقل: اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ [البقرة:255]، وذكر آية الكرسي، وقال: إنه لا يزال معك من الله حافظٌ، ولا يقربك شيطانٌ حتى تُصبح، فلما أصبح أخبر النبيَّ بذلك فقال: صدقك وهو كذوب، هل تعرف مَن تُكلِّم هذه الليالي؟ قال: لا، قال: إنه شيطان.
قال: صدقك وهو كذوب فدلَّ على أنها تجتمع من ثمانٍ وعشرين الصدقة عند النبي حتى يُوزِّعها ليلة العيد أو صباح العيد بين الفقراء.
المقصود أنَّ هذه الزكاة تُخرج صاعًا كما في حديث ابن عباسٍ، تُخرج صاعًا من اللَّغو والرَّفث، وطعمةً للمساكين، فالواجب إخراجها من طيب المال، لا من رديء المال، كما قال الله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ [البقرة:267]، والواجب أن تُوزَّع بين الفقراء في أيام العيد، يكون إخراجها قبل يوم العيد، قبل صلاة العيد، سواء كان في الصباح أو في الليل أو قبله بيومٍ أو يومين؛ توسعةً على المخرجين وعلى الآخذين.
وفي حديث معاوية دلالة على أن نصف الصاع من الحنطة يقوم مقام هذه الأشياء؛ اجتهادًا منه رضي الله عنه، وقد رُوي في هذا بعض الأحاديث الضَّعيفة، ولكن الصواب مثلما قال أبو سعيدٍ: إخراج صاعٍ من الجميع، سواء من الحنطة أو غيرها، الواجب إخراج صاع من جميع أنواع القوت، سواء كان المخرج برًّا أو شعيرًا أو تمرًا أو أرزًا كله صاع، وهو باليدين المعتدلتين أربع حفنات، باليدين المعتدلتين، صاع النبيّ ﷺ أربع حفنات باليدين الممتلئتين.
مقدار زكاة الفطر
يقول فضيلة الشيخ عطية صقر -رحمه الله تعالى- رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر: شُرعت زكاة الفِطر في السنة الثانية من الهجرة مع فرض صيام رمضان، فقد روى البخاري وغيره عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: فرض رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ زكاة الفطر من رمضان، صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير، على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين.
كما روى أبو داود وابن ماجه أن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: فرض رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ زكاة الفطر طُهْرة للصائم من اللغو والرفث، وطُعمة للمساكين، فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات.
ويبين الحديث الأول مقدار هذه الزكاة وهو صاع من غالب قوت البلد، وكان الغالب في أيام النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في المدينة هو التمر والشعير، وأئمة الفقه على إخراجها عينًا، لكن أبا حنيفة رأى جواز إخراج القيمة، وهي تختلف من بلد إلى بلد، ومن زمن إلى زمن. والمقدار هو نصف صاع من القمح عن كل فرد عند أبي حنيفة.
أما من الأصناف الأخرى فصاع كامل، وهو قدحان وثلث القدح، وعند الشافعية صاع من أي صنف من الأقوات وهو قدحان، وعند المالكية صاع أيضًا، لكن مقداره عندهم قدح وثلث القدح بالكيل المصري، فتكفي الكيلة عن ستة أشخاص، ورأى الجمهور في كونها صاعًا من أي قوت أقوى من رأي أبي حنيفة في المفاضلة بين القمح وغيره، فإن معاوية هو الذي قال عند قدومه من الشام إلى الحجاز: إني أرى أن مدين من سمراء الشام ـ أي القمح ـ تعدل ـ صاعا من تمر، فأخذ بعض الناس برأيه، لكن الأكثرين بقوا على ما كان عليه أيام النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ رواه الجماعة عن أبي سعيد الخدري، ولا مانع من الأخذ برأي أبي حنيفة في إخراج القيمة مع مراعاة عدم التقيد بالسعر الرسمي، فإن الفقير ربما لا يستطيع أن يحصل على القوت بهذا السعر، فيؤخذ بالسعر العادي الجاري بين عامة الناس، وكلما زاد عليه كان أفضل، هذا، والصاع يساوي اثنين من الكيلو جرامات، 48 درهمًا، أي أربع أوقيات.