الطعام من باريس.. حافظ محمود يكشف تفاصيل حفلات إفطار الملك فاروق
دائما ما يكون للكاتب الصحفى والأديب ذكريات خاصة مع السلطة، وتكثر هذه الذكريات عن اللقاء في موائد ملكية أو حفلات سمر أو حضور احتفالات الرؤية ليلة رمضان وليلة العيد التي يقوم الكاتب والصحفى بالتعبير عنها في كتاباته، ومن هذه الذكريات ما كتبه شيخ الصحفيين العضو رقم 1 في نقابة الصحفيين حافظ محمود.
وعن ذكريات حافظ محمود مع الاسرة الملكية التي عاصرها ومنها الملك السابق فاروق في رمضان من خلال حضوره احدى الموائد الملكية فكتب سلسلة مقالات حول هذا الموضوع في جريدة الجمهورية تحت عنوان (رمضان حكايات لها تاريخ) ففي إحدى هذه المقالات يحكى عن حضوره مائدة إفطار مع الملك السابق فاروق بدعوة منه في رمضان قال فيه:
هناك قفشات من ليالى رمضان تضم مزيجا من التسلية والترفيه والسياسة، فعلى مائدة ملكية حضرت وليمة إفطار رمضانية بدعوة من الملك شخصيا نيابة عن نقيب الصحفيين الذى كان مسافرا إلى الخارج، وتلقيت دعوة مكتوبا عليها (بأمر صاحب الجلالة الملك نتشرف بدعوة سيادتكم لحضور مأدبة الإفطار التي تقام بقصر عابدين) مساء يوم صيفى حار في شهر أغسطس.
المأدبة الملكية
ونصت الدعوة على ضرورة ارتداء بدلة الردنجوت الأسود ذات الصديرى الثقيل والياقة البيضاء الجافة العالية لمجرد تناول الإفطار في القصر الملكي، فحاولت الاتصال تليفونيا بالقصر للاعتذار، فقيل لى: إن الدعوات إلى المآدب الملكية المحدودة العدد خاصة جدا ولا يجوز فيها الاعتذار إلا بسبب السفر او المرض.
شرط الحضور
واكمل حافظ محمود: ذهبت إلى قصر عابدين مرتديا الردنجوت قبل موعد الإفطار بعشرين دقيقة حسب التعليمات، وفى حديقة القصر وحول حمام السباحة اصطف المدعوين حول الموائد التي أعدت بتنسيق خاص إلى أن انطلق مدفع الإفطار.
وأضاف شيخ الصحفيين:رأيت الملك السابق يهبط درج السلم المؤدى إلى الحديقة، وقد وقف رجال الحاشية من باشوات وباكوات جانبي أولى درجات السلم وهم ينحنون ويعتدلون ثم ينحنون مرة أخرى.. إلى أن وصل صاحب الجلالة إلى أرض الحديقة فالتفوا حوله على شكل طابور ثنائى مزدوج حتى وصل إلى المقعد المعد له، وافتتح المأدبة وقت آذان المغرب،وهنا انطلق الحمام الأبيض في سماء حديقة القصر في صفوف متراصة في شكل بديع.
اعتراض التابعى على حفل المندوب السامى
وحضر المأدبة رجال الدين والأزهر والأعيان وكبار رجال الدولة والأمراء ومندوبو الدول الإسلامية، وهنا لى اعترافا اسجله فلست أنكر أن الطعام كان شهيا بالمشويات والمكتفات والحلويات القادمة من باريس شيء يثير الدهشة، وفى اليوم التالى أقام المندوب السامى البريطاني حفل شاي بعد الإفطار لنفس مدعوى المائدة الملكية، قدمت فيها السفارة البريطانية الحلويات والمشروبات.
وقامت ضجة في الصحف تزعمها الصحفى محمد التابعى حول تلبية علماء الدين لهذه الدعوة وهذا الحفل، ونجحت الحملة الصحفية فامتنع كل من كان لا يمانع من الشيوخ في حضور هذه المآدب البريطانية.