عندما مدحنى إبراهيم عيسى
منذ نحو عشرة أيام، قال لى أصدقائى إن الزميل الكبير إبراهيم عيسى خصنى بمدح مطول فى برنامجه "هنا القاهرة"، على قناة القاهرة والناس وكان السبب هو الحوار الذى أجريته مع مرشد الإخوان السابق مهدى عاكف، الذى قال فيه الكثير من الأفكار الخطرة وأشهرها "طظ فى مصر وأبومصر واللى فى مصر"، وسبب مدح عيسى لى هو أن هذا الحوار كشف الأفكار المسكوت عنها للتنظيم السرى للإخوان، فليس لهم ولاء لوطن وليست لديهم مشكلة فى أن يحكم مصر مواطنا من ماليزيا.
ليس هذا فقط ولكن الحوار الذى تم نشره يكشف أيضاً أن كل ما يفعله الآن هذا التنظيم السرى بالبلد.. قاله عاكف من قبل فهم ضد الديمقراطية وضد الأقليات بمن فيها المسيحيون وضد الحريات الفردية والعامة، وهذا طبيعى فمشروعهم الأساسى هو تأسيس دولة فاشية بغطاء دينى ومشروعهم الأكبر هو تأسيس ما يسمونه الخلافة الإسلامية أى هم وبجملة واحدة ضد التراث الحضارى للدولة الوطنية المصرية الحديثة.
طبعاً أنا ممتن لزميلى الكبير، لكن المفارقة المؤسفة وليسمح لى عيسى هى أننى تم سبى ولعنى فى جريدة "الدستور"ن التى كان يرأس تحريرها وقتها ولم يحدث أن تمت مناقشة الأفكار المدمرة لهذا الحوار على صفحات الجريدة بل وتم سبى ولعنى كأننى أنا الذى قلت "طظ فى مصر"، واتذكر أن صديقى بلال فضل خصص نصف صفحة تقريباً كى يدافع عن عاكف والتنظيم السرى للإخوان.
ليس هدفى من تذكيز زميلنا الكبير هو "التقطيم"، ولكن الهدف عدة أمور:
الأول: أن نشر هذا الحوار لم يكن لصالح الحزب الوطنى، كما كان يعتقد هو وكثير من معارضى مبارك ولكنه فى الحقيقة كان لصالح مصر، لأنه يكشف الأفكار الحقيقية لهذا التنظيم السرى دون "زواق" احترفته قياداته، ومن ثم فيجب الاعتراف بأن حملة التفتيش والتشهير ضدى كانت ظالمة. فكما يعرف زميلى الكبير أننى لم أكن محسوباً على أنصار النظام السابق وكتاباتى ومواقفى كانت ضده، وكل هذا منشور ومعلن.
الأمر الثانى: وأقوله صادقاً لزميلى الكبير إنه يجب الاعتراف بأن التحالف مع هذا التنظيم السرى "عمال على بطال"، ضد مبارك ونظامه كان جريمة سياسية. فالحقيقة أنه كان يتم التغاضى عن جرائمهم حتى لا يستخدمها مبارك كما كانوا يقولون وها نحن الآن ندفع الثمن غالياً.
الأمر الثالث: أن زميلى الكبير لم يكن وحده، فهذا موقف نسبة لا يستهان بها من معارضى مبارك، منهم مثلاً علاء الأسوانى وعبد الله السناوى فعلى سبيل المثال رفض حمدين صباحى مؤسس التيار الشعبى الآن، ووقتها كان رئيس تحرير الكرامة ومعه جمال فهمى مدير التحرير نشر الحوار كاملاً، لأن صباحى كان متحالفاً معهم فى انتخابات مجلس الشعب فالموقف الصواب فى تقديرى هو أن نقف مع المبادئ وليس هذا الشخص أو ذاك، ولا هذه القوى السياسية أو تلك. وكان من الممكن ببساطة الوقوف ضد جرائم مبارك، وضد جرائم الإخوان أو أى فصيل سياسى.
الأمر الرابع: أن هذه الجريمة السياسية تكررت بعد الثورة للأسف، فقد تم الصمت كثيراً على جرائم الإخوان وحلفائهم، حتى لا يُحسب ذلك لصالح المجلس العسكرى وكانت النتيجة تسليم البلد لهذا التنظيم السرى "ببلاش". لقد قاتلت معظم قوى المعارضة ضد بلطجى (ديكتاتور بخلفية عسكرية، أى مبارك أو طنطاوى) حتى تسلم البلد "على طبق من فضة"، إلى بلطجى أشد (ديكتاتور بخلفية دينية، التنظيم السرى الدولى للإخوان).
والحقيقة أننا لسنا مضطرين لأن نختار بينهما، ولكننا مضطرون لأن نبنى بلداً حراً لا نسلمه مجاناً لهذا أو ذاك. فالثمن أبشع مما نتخيل..
نقلا عن جريدة فيتو