الصين العلاج الفعال لأزمة روسيا وأوكرانيا.. أمريكا خسرت الرهان على حصار موسكو وتركيع بوتين
لا تريد أوروبا البقاء كثيرا فى أحلام اليقظة، فالتفوق الغربى الكاسح وإذلال بوتين ومعاونيه لم يتحقق حتى الآن، رغم الدعم المفتوح عسكريا وماديا ومعنويا ومخابراتيا لأوكرانيا فى حربها ضد روسيا، فالدولة الثانية فى التصنيف العسكرى العالمى مازالت قادرة على خوض الصراع الصفرى مع الغرب ولا يبدو أن هناك نهاية له، ولهذا تبقى الصين الورقة الرابحة لإنهاء هذا الصراع، ولا عزاء للكبرياء الغربى الذى تحطم على ما يبدو على صخرة بوتين ورجاله.
استرجاع شريط الأحداث، يعود بنا إلى موقف الصين فى فبراير الماضى تزامنا مع مرور عام على حرب روسيا وأوكرانيا، إذ طلبت القيام بدور الوسيط فى الصراع وعرضت خطة لتسوية الأزمة، إلا أن الولايات المتحدة عرقلتها ورفضتها، إذ كانت تتوقع تركيع روسيا بعد أن استطاعت حشد العرب خلفها لمساعدة الأوكران فى حربهم بالوكالة على الروس.
الحقائق على الأرض والصمود الروسى، والتكلفة العالية للغاية على الداخل الأوروبى، وغضب تيارات اليمين التى لا تريد بقاء الدعم المفتوح لأوكرانيا دون شروط، جعل أنظار زعماء أوروبا تتجه فى الفترة الحالية إلى بكين مرة أخرى، فى محاولة لإنهاء صراع كبد العالم أجمع خسائر فادحة وكلف خزائن دول الاتحاد الأوروبى بالأخص فواتير باهظة تخطت مئات المليارات نظير دعم كييف للصمود أمام موسكو سواء على المستوى العسكرى أو المستوى الاقتصادى.
أيضًا ساهمت حالة الضبابية بشأن موعد انتهاء تلك الحرب فى دفع دول أوروبا لإعادة التفكير فى الخطة التى طرحتها بكين لحل الأزمة بعيدا عن الولايات المتحدة التى لا تهتم سوى بمصالحها ولا تعبأ بباقى الدول، إذ شهد الشهر الجارى تحركات مكثفة من الجانب الأوروبى ومن جانب أوكرانيا أيضًا بشأن هذا الملف، وأعلن الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون عن زيارة الصين من 5 حتى 8 أبريل هو ورئيسة المفوضية الأوروبية للعمل مع نظيره الصينى شى جين بينج على إعادة السلام فى بين أوكرانيا وروسيا.
من جانبه، قال مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير جمال بيومى، إن جميع الدول أدركت أن الكل سيخرج خاسرا من هذه الحرب التى أخذت مداها بالفعل، لافتا إلى أن روسيا حاليا تتعرض للحصار، ويفرض عليها العديد من العقوبات التى تكبد اقتصادها خسائر مهولة، كذلك أوروبا التى فقدت إمدادات الغاز من موسكو بسبب الحرب، كما تشهد تراجع فى النمو والتقدم وزيادة فى التضخم والانهيار، مشددا على أن الجميع أصبح مستعدا للتفاوض.
وأضاف جمال بيومى: «لو حدثت ضمانات أن أوكرانيا لن تنضم لحلف شمال الأطلسى (الناتو) ولن تهدد أمن روسيا، فيجب آنذاك إعادة الأراضى التى سيطرت عليها موسكو وتسوية النزاع.
وتابع بيومى: «مراكز صناعة السلاح فى العالم تسعى لاستمرار الحرب، وتلعب دورا خفيا فيما يحدث، مشيرا إلى أن جهود الصين من أجل تسوية الأزمة، بالإضافة إلى عدد من الدول العربية ومصر أيضًا التى حاولت لعب دور الوسيط.
وأوضح أن تكلفة الحرب عالية جدا على جميع الأطراف حتى على أوروبا والاقتصادات الكبيرة، قائلا: «محدش يستحملها».
من جانبه قال خبير الأمن القومى والعلاقات الدولية اللواء محمد عبد الواحد، إن الصين تريد أن تلعب دورا سياسيا قويا على الساحة العالمية بعد أن كان دورها يرتكز على الجانب الاقتصادى البحت فقط، لافتا إلى أن بكين بدأت التركيز على تعزيز مكانتها سياسيا فى الآونة الأخيرة.
من أبرز الأمثلة وساطة الصين بين المملكة العربية السعودية وإيران وإشرافها على إبرام اتفاق تاريخى بين البلدين، بالإضافة إلى سعيها لتقديم مبادرة للمصالحة بين أوكرانيا وروسيا فى محاولة لحل النزاع الدائر بين البلدين منذ أكثر من عام.
وأضاف عبد الواحد: «على إثر المبادرة التى قدمتها بكين لحل النزاع الروسى الأوكرانى، زار الرئيس الصينى شى جين بينج روسيا، كما رحب الرئيس الأوكرانى فلاديمير زيلينسكى بهذه الزيارة، مشددا على أن كل هذه التحركات من الصعب بروزتها فى صيغة اتفاق للسلام بين البلدين خصوصا فى الوقت الحالى.
وتابع: الولايات المتحدة أيضًا لن ترضى بأى مبادرة للصلح بين روسيا وأوكرانيا، خاصة أنها لم تستطع محاصرة موسكو كما كانت تستهدف، إذ تسعى واشنطن لعزل روسيا داخل نطاقها الإقليمى وتحييد أى تهديد مستقبلى قد يأتى من خلالها، بالإضافة إلى كبح نفوذها على الساحة الإقليمية والعالمية.
وأكد الخبير الأمني: الصين لم تتدخل عسكريا فى حرب روسيا وأوكرانيا، وتمتلك مصالح كبيرة للغاية خصوصا على المستوى الاقتصادى مع دول الاتحاد الأوروبى.
نقلا عن العدد الورقي