وزير الأوقاف: من اجتهد في سعيه واستعان بالله لن يخيب رجاؤه
أكد وزير الأوقاف، الدكتور محمد مختار جمعة، أن الغني المطلق الذي لا يحتاج إلى شيء من الخلق وتحتاج إليه جميع الخلائق هو الله وحده، مستشهدا بقوله (سبحانه وتعالى): “يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ”.
وقال وزير الأوقاف في برنامجه “الأسماء الحسنى”: “الله كامل في ذاته وصفاته، له الكمال والجمال، منزه عن كل نقص، وجميع الخلائق مفتقرون إلى الغني الواسع في طلب مصالحهم ودفع المضار عنهم، في أمور دينهم ودنياهم”. مستشهدا بقوله (سبحانه وتعالى): “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلَّا أَن تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ”.
وتابع: يقول (سبحانه): "هَا أَنتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم"، ويقول (سبحانه): “الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ”.
وأضاف: يقول (سبحانه): "قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ"، غني عن صدقتكم التي يتبعها المن والأذى والتي تؤذون بها المحتاجين، حليم عليكم يمهل ولا يهمل، ويقول (سبحانه): “فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ”.
وذكر وزير الأوقاف حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم، أن النبي (صلى الله عليه وسلم) رأى شيخًا يمشي بين ابنيه فقال: "ما شأن هذا؟" قال ابْنَيْهِ: يا رسول الله نذر أن يحج ماشيا، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): "اركب أيها الشيخ فإن الله غني عنك وعن نذرك"، ولما جاء ثلاثة نفر إلى بيت النبي (صلى الله عليه وسلم) يسألون عن أعماله فكأنهم تقالوها، فقال أحدُهُم: أما أنا فأصومُ الدَّهرَ فلا أفطرُ وقال الثَّاني: وأنا أقومُ اللَّيلِ فلا أنامُ وقال الثَّالثُ: وأنا أعتَزِلُ النِّساءَ فلمَّا بلغ ذلك النَّبيَّ بيَّنَ لهم خطأَهم وعِوَجَ طريقِهِم، فقال (صلى الله عليه وسلم) لهم: "إنَّما أنا أعلمُكُم باللَّهِ وأخشاكم له ولكنِّي أقومُ وأنامُ وأصومُ وأفطِرُ وأتزوَّجُ النِّساءَ فمَن رغِبَ عن سُنَّتي فليسَ منِّي".
وذكر أيضا: لما رأى (صلى الله عليه وسلم) حبلًا مشدودًا بين ساريتين من سواري المسجد قال: "ما هذا؟" قالوا: حبل لزينب تقوم من الليل فتصلي فإذا تعبت تعلقت به، قال (صلى الله عليه وسلم): "حلوه ليصل أحدكم وقت نشاطه"، الدين يسر.
وأوضح أن نبينا (صلى الله عليه وسلم) علمنا أن نسأل الغِنى من الغَنيّ فقال (صلى الله عليه وسلم): "اطلبوا حوائجكم بعزة الأنفس فإن بيد الله قضاؤها"، “اطلبوا حوائجكم بعزة الأنفس فإن الأمور بالمقادير فما أخطأك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك رفعت الأقلام وجفت الصحف”.
وأورد قول الشاعر:
لا تخضعن لمخلوق على طمع
فإن ذلك نقص منك في الدين
لا يقدر العبد أن يعطيك خردلة
إلا بإذن الذي سواك من طين
ويقول آخر:
لا تسألن بني آدم حاجة
وسل الذي أبوابه لا تحجب
فالله يغضب إن تركت سؤاله
وبني آدم حين يسأل يغضب
وأكمل: فضلا عن أنه قد يعجز أو لا يستطيع، وقد قالوا: من اعتمد على ماله قلَّ ومن اعتمد على علمه ضلَّ ومن اعتمد على الناس ملَّ ومن اعتمد على سلطانه ذلَّ، ومن اعتمد على عقله اختلَّ، ومن اعتمد على الله فلا قلَّ ولا ذلَّ ولا ملَّ ولا اختلَّ، لأنه يعتمد على الغَني المغني الذي أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون.
وتابع: كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يقول: "اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى"، وكان يقول: "اللهم اكفني بحلالك عن حرامك وأغنني بفضلك عن من سواك"، وكان (صلى الله عليه وسلم) يقول: "اليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى، وابْدَأْ بمَن تَعُولُ، وخَيْرُ الصَّدَقَةِ عن ظَهْرِ غِنًى، ومَن يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، ومَن يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ"، فمن اجتهد في سعيه واستعان بالله وألح عليه في السؤال فإن الله الغني لن يخيب رجاه يقول (سبحانه): "وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ" قرن الغنى بالحمد، وقالوا لأنه ليس كل غني نافعا بغناه إلا أن يكون جوادًا منعمًا، وإذا جاد وأنعم حمده المنعم عليه فدل على أنه الغني النافع بغناه الجواد المنعم عليهم المستحق بإنعامه، والله هو الغني المغني النافع بغناه فهو المستحق للحمد.
واستشهد بالحديث القدسي: يقول (سبحانه): “يا عِبَادِي، كُلُّكُمْ ضَالٌّ إلَّا مَن هَدَيْتُهُ، فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ، يا عِبَادِي، كُلُّكُمْ جَائِعٌ إلَّا مَن أَطْعَمْتُهُ، فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ، يا عِبَادِي، كُلُّكُمْ عَارٍ إلَّا مَن كَسَوْتُهُ، فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ، يا عِبَادِي، إنَّكُمْ تُخْطِئُونَ باللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ، يا عِبَادِي، إنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي”.
واختتم وزير الأوقاف: الله هو الضار وهو النافع وهو المعطي وهو الغني وهو المغني، نسأل الله العلي العظيم أن يغنينا جميعًا بغناه، اللهم بحق اسمك الغني وبحق اسمك المغني نسألك الغنى والتقى، وسع أرزاقنا، اغن مصر وأهلها يا رب العالمين من واسع فضلك، اللهم لا تجعل فينا ولا لنا ولا بيننا إلا أغنيته من فضلك بواسع غناك، وهيئ لنا من أمرنا رشدًا.