القارئ محمود الحسيني: واجهت تشكيكا وعدم ثقة في بدايتي.. ودولة التلاوة المصرية ستظل بخير (حوار)
-تأثرت بوالدى وشيخى وتعلمت منه حب القرآن والغيرة عليه
-السميعة خارج مصر يهتمون بجوهر القرآن وحلاوة الصوت
-المصريون يتذوقون المقامات والنقلات وحسن اختيار القفلات
-أنصح نفسى وإخوتى من قراء القرآن الكريم بالعلم قبل العمل
-جمال الصوت نعمة عظيمة يربح من يثقلها ويجتهد فى التفرد بها
ليس سهلا فى دولة التلاوة المصرية أن تجد مكانا لك فى عالم السمعية الذين ينتعشون بسماع القرآن من حلاوة صوت القارئ، إذ يجب أن يحقق العلامة الكاملة فى إتقان المقامات والنقلات وحسن اختيار القفلات والعلم التام بمواطن الجوابات والقرارات، فالجمع بين الحسنيين والتفرد فى جمال الصوت والتمكن من حفظ القرآن أول أبواب الشهرة فى مصر والعالم العربى والإسلامى.
من هؤلاء الشيخ محمود عبد الباسط الحسينى، ابن محافظة الشرقية، الذى ولد بقرية السعادات، وعاش وتربى ونشأ على التدين منذ صغر سنه، وعرف المواظبة على الصلوات فى المسجد، وحفظ القرآن فى سن التاسعة وأتقن تجويده بالقراءات السبع وحصل على المستوى الأول فى حفظ القرآن الكريم بمسابقة شيخ الأزهر عام 2002.
كما حصل على المستوى الأول على جامعة الأزهر فى التجويد وتلاوة القرآن الكريم 2005 وشارك فى المسابقة العالمية بماليزيا وحصل على المركز الثالث عام 2011 وسافر إلى العديد من دول العالم منها بروكسل وكولومبيا وقيرغيزستان، موفدا من وزارة الأوقاف، ولهذا كان حوار «فيتو» مع الحسينى، وإلى نص الحوار:
*حدثنا عن ذكرياتك أمام لجنة الاختيار.. ماذا حدث ومن أبرز الحضور؟
حقيقة هى ذكريات لا تنسى، وشعور يمتزج بالسعادة تارة والمسئولية تارة أخرى، ولم لا إذ كان تشكيل لجنة الاختبار من أكابر وعظماء كل فى محرابه إمام، كانت اللجنة ترأسها إعلامية عظيمة القدر والمكانة بحجم مها مدحت رئيس الإذاعة فى حينها، وتضم فى عضويتها الشيخ عبد الحكيم عبد اللطيف شيخ عموم المقارئ المصرية وعلامة القراء فى عصره، والعديد من الأساتذة الأكارم أصحاب الهيبة والوقار، ولكن سبحان من كتب لى الثبات والتوفيق حتى أجتاز هذا المعترك العصيب حفظا وتلاوة من أول وهلة ودون إعادة أو تأجيل، وكان هذا تحديدا فى عام 2014.
*كيف كان شعورك فى أول تلاوة لك؟ ومن ساندك من القراء فى هذا اليوم؟
شعورى كان متناقضا، كان سعادة لكنها مفعمة بالبكاء من فضل الله وجوده وكرمه على عبده وخادم كتابه، لكن اكتملت سعادتى بحضور أعلام دولة التلاوة ورجالاتها الأشاوس القارئ الدكتور عبد الفتاح الطاروطى، والقارئ الشيخ على محمود شميس، والقارئ الشيخ محمد على الطاروطى، وجمع طيب من أهل الواجب والأصل والوصل.
*كيف بدأت رحلة حفظك لكتاب الله تبارك وتعالى؟
بعد أن أتممت الرابعة من عمرى، ألحقنى أبى بكتَّاب القرية، وبدأت فى تعلم هجاء اللغة العربية وحروفها وأتممت جزئى «عم» و«تبارك» على يد الشيخ رفعت السيد عاشور، وفى تمام السادسة من عمرى بدأت تتسع مداركى وينطلق استيعابى، وبدأت حفظ القرآن الكريم بشكل أكثر تعمقا واتزانا فى العديد من كتاتيب القرية على يد مشايخى وأعمامى الشيخ عبد اللطيف العفيفى والشيخ السيد العيسوى، والشيخ الهادى الغمرى والذى كان له النصيب الأكبر من بين أساتذتى ومشايخى فى حفظ القرآن الكريم.
ثم قرأت على يد شقيق والدى الشيخ عبد الهادى محمد عبد الرحمن، والذى كان له الدور البارز فى تلقينى مهارات تجويد وإتقان القرآن الكريم، وقرأت عليه عدة ختمات بالتجويد والتدقيق، وكنت حينها لم أتجاوز التاسعة من عمرى
وحينما بلغت الخامسة عشرة من عمرى كانت النقلة الكبرى فى رحلة هذا الناشئ الصغير الذى يتحسس طريقه نحو القرآن الكريم وعلومه عندما قابلت شيخى وأستاذى ومعلمى الذى علمنى القراءة والإقراء، وأجازنى فى القراءات السبع وهو العلامة الفذ الشيخ عبد الجواد عطية رحمه الله.
*ما الصعوبات التى واجهتها فى البداية؟
حالى كحال كل مكافح يتحسس تعاريج الطريق أملا فى وصول صوته وموهبته إلى ربوع الدنيا من باب الفخر والعز والوقار ألا وهو باب القرآن الكريم، وقد واجهنى ما واجه كل موهبة جديدة من تشكيك وخوف وعدم ثقة فى هذا الشاب الصغير، ولكن شيخى عبد الجواد عطية وما له من ثقل ووزن كان يقدمنى فى الاحتفالات والليالى والسهرات الرمضانية، ومع مرور الوقت وتقدم الزمان سرعان ما انتقلت هذه الثقة بفضل الله تبارك وتعالى إلى عشاق السماع والاستمتاع والتذوق الرفيع.
*حدثنا عن رحلاتك الخارجية؟
بفضل من الله تبارك وتعالى بدأت أولى رحلاتى الخارجية وأنا لا زلت طالبا فى مرحلة الليسانس، وكانت إلى العاصمة البلجيكية بروكسل، واستمر هذا الابتعاث لأربع سنوات متتالية، ثم توالت الرحلات فيما بعد إلى دولة كولومبيا وقيرغستان وإندونيسيا وغيرها، ولله الحمد والفضل والمنة.
*هل تجد فروقا بين السميعة داخل وخارج مصر؟
نعم، فالفارق واضح جلى لكل من عاش وتعايش، فالسميعة خارج القطر المصرى يهتمون بجوهر القرآن وحلاوة الصوت، وهذا أيضًا ما يتميز به جمهور السميعة فى مصر، أضف إلى ذلك تذوق المقامات والنقلات وحسن اختيار القفلات وعلمهم بمواطن الجوابات والقرارات، حقيقة هو جمهور فاز وربح من ملك قلبه وهواه.
*كيف ترى مستقبل دولة التلاوة المصرية؟
أقولها بملء فمى، دولة التلاوة المصرية كانت وما زالت وستظل بخير ما دام فيها المخلصون وأهل العلم والمتون، وأنصح نفسى وإخوتى من قراء القرآن الكريم بالعلم قبل العمل، فجمال الصوت نعمة عظيمة رابح من أثقلها واجتهد فى التفرد بها.
*بماذا تحتفظ من الشخصيات التى تأثرت بها وتعلمت منها؟
تأثرت بأبى وتعلمت منه التضحية وحب الخير، وأن أنفع الناس بما علمنى ربى وتأثرت بشيخى الشيخ عبد الجواد عطية، وتعلمت منه حب القرآن والغيرة عليه والغضب لأجله، وأن أتقي الله فيما أحمل فى صدرى وأن أعمل به قبل أن أنصح بالعمل به.
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"