“توحش الناتو”.. انضمام فنلندا للحلف الأطلسى والسويد فى الطريق.. يبتلع خريطة روسيا القديمة ويمنع موسكو من التحالف مع بلدان جديدة على الحدود الأوروبية
كل يوم يمر دون إنهاء الأزمة الأوكرانية الروسية يتوحش حلف الناتو أكثر، يزيد من رقعة أنصاره، ويستحوذ على كل الأراضى المجاورة للاتحاد الأوروبى، وآخر الحلفاء الذين دخلوا زمرته فنلندا والسويد، ما يفرض طوقا استراتيجيا قاتلا حول الأراضى الروسية.
مؤخرا وفى ضوء تسارع الحلف لضم المزيد من الدول، تحت ضغوط مكثفة وافقت تركيا ومن بعدها المجر على إجراءات ضم فنلندا فى الوقت الحالى، حيث وقع الرئيس الفنلندى سولى نينيستو على القوانين الخاصة بانضمام بلاده إلى حلف «الناتو» فى اجتماع لحكومة البلاد.
ويعد توقيع الرئيس الفنلندى المرحلة الأخيرة فى التصديق على جميع الوثائق اللازمة، بداية من تمرير اقتراح الحكومة بالموافقة على معاهدة الانضمام إلى حلف «الناتو» مرورا بإدخالها حيز التنفيذ، وكذلك الاتفاقية الخاصة بوضع منظمة حلف «الناتو» والممثلين الوطنيين والموظفين الدوليين.
وافق على طلب «هلنسكي» للانضمام إلى «الناتو» 28 دولة من أصل 30، باستثناء هنجاريا وتركيا التين وافقتا مؤخرا، ومن المتوقع أن تصبح فنلندا عضوا كامل العضوية فى الحلف فور الانتهاء من تصديق هذين البلدين.
كانت تركيا تراجعت عن موقفها من انضمام فنلندا بعد فترة من الاعتراض على انضمامها مع السويد، ولا تزال تركيا على موقفها تجاه السويد ورفض انضمامها إلى حلف شمال الأطلسى على خلفية النزاع مع نظام أردوغان على «تسليم 120 إرهابيًا» حسب تعبير الرئيس التركى.
ومنذ سنوات تتهم أنقرة ستوكهولم بإيواء وتقديم المساعدة لمعارضين أتراك، ومنضوين ضمن حزب العمال الكردستانى الذى تصنفه إرهابيًا، فضلا عن متورطين بمحاولة الانقلاب التى حصلت عام 2016، فيما تؤكد السويد أن قوانينها تحمى الحق فى التعبير عن الآراء، وأنها لا يمكنها تسليم مواطنين على أراضيها إلى حكومات غربية.
يشار إلى أن فنلندا والسويد كانتا تقدمتا معا فى مايو 2022 بطلب للحصول على العضوية فى حلف الناتو، لكن تركيا حالت دون ذلك، وطالبتهما بإعلان المنظمات الكردية منظمات إرهابية، وكذلك تسليم الأشخاص المتهمين بالإرهاب أو المشاركة فى محاولة الانقلاب عام 2016.
وفى هذا السياق، قال الدكتور طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن سبب تعجيل انضمام فنلندا دون السويد، لأن هناك تحفظات من قبل دول الناتو والدول الإسكندنافية على انضمام الدولتين معا.
وأوضح طارق فهمى، أنه يتوقع انضمام السويد قريبا بعد انضمام فنلندا فى مدة لن تتجاوز ٣ أعوام، مشيرا إلى أن دخول هذه الدول للتحالف له مكاسب كبيرة أهمها توسيع حدود الناتو خارج حدوده التاريخية إلى الدول الإسكندنافية وقطع الطريق على روسيا فى إبرام أى اتفاقيات استراتيجية مع الدول الاسكندنافية، الأمر الذى يشكل تهديدا للدول الأوروبية.
وذكر أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن روسيا فى الفترة الأخيرة حرصت على زيادة نفوذها فى منطقة البلطيق ودول الاتحاد الإسكندنافى، وشدد طارق فهمى أنه لا يزال هناك مزيد من الوقت أمام فنلندا حتى تتمتع بالعضوية الكاملة فى الناتو، من ضمنها فترة المراقبة المشروطة.
وأوضح طارق فهمى، أن الناتو سيكتفى بانضمام فنلندا والسويد، وبعدها سيغلق الباب خشية توسيع رقعة الصراع مع روسيا والصين فى وقت واحد، وأشار فهمى إلى أن أمريكا تجرى طلعات جوية فوق منطقة بحر البلطيق والبحر الأسود، لإرسال رسائل استراتيجية ملغومة، مفادها أنها قادرة على حماية حلفائها من أى تهديد عسكرى.
ومن جانبه قال الخبير العسكرى، اللواء نصر سالم، إن روسيا لن تقوم بأى عمل عسكرى مضاد لفنلندا ردا على انضمامها للناتو لأن ذلك سيؤدى إلى صدام مباشر مع حلف الناتو، وأكد نصر سالم أن روسيا ستغير استراتيجيتها العسكرية، من خلال زيادة تجهيزاتها وخططها بعد إعلان السويد وفنلندا ضمن الأعداء.
مؤكدا أن دخول السويد وفنلندا فى حلف الناتو، لن يشكل تهديدا وجوديا لروسيا باعتبارها من القوى النووية الأكبر فى العالم.
من ناحيته، قال مهدى العفيفى، عضو الحزب الديمقراطى الأمريكى، أن انضمام فنلندا والسويد إلى حلف الناتو سيتبعه انضمام دول عديدة أخرى إلى الحلف، مشيرا إلى أن الخطأ الفادح الذى ارتكبه الرئيس بوتين بالدخول فى حرب ضد أوكرانيا، جعل العديد من الدول التى كانت تعتقد أن موسكو ستكون جزءا من المجتمع الغربى يفيق من تلك الغفلة.
وأوضح مهدى العفيفى أن أمريكا ستصطدم بروسيا حال قيام موسكو بأى عمل عسكرى ضد أى دولة عضو فى الناتو.