عام التئام الجروح بين العرب وسوريا.. زيارات مكوكية للأسد ووزراء خارجية البلدان العربية.. ومؤشرات قوية على عودة دمشق لأحضان المنطقة
٢٠٢٣ هو عام العرب بجدارة فقد يشهد العام التئام الجروح التى طالت دون شفاء بين العرب وسوريا على خلفية أحداث ثورات الربيع العربى التى فجرت صراعا إقليميا ودوليا فى بلاد الشام، ودمرت الأخضر واليابس فى سوريا، بيد أن العام الماضى وبداية العام الحالى شهدت انفراجة كبرى فى العلاقات بين دمشق وأكبر العواصم العربية لإعادة العلاقات إلى طبيعتها.
ساهم الزلزال المدمر الذى شهدته سوريا فى الـ6 من فبراير الماضى فى تعزيز المشاعر العربية، إذ سارعت كبرى بلدان المنطقة لنجدة دمشق والتلاحم معها فى الكارثة التى حلت بها، وتمثل خروج سوريا من عزلتها فى عدد من الجولات الدبلوماسية التى أجراها الرئيس السورى بشار الأسد لعدد من الدول العربية، بالإضافة إلى استقباله أيضًا زيارات أخرى الأمر الذى كشف عن وجود اتجاه قوى لدى العرب فى إعادة جارتهم الكبرى إلى أحضانهم من جديد.
مؤشرات تؤكد اقتراب عودة دمشق إلى أحضان العرب
من المؤشرات التى تؤكد اقتراب عودة دمشق إلى أحضان العرب، منها استقبال بشار الأسد عدد من الزيارات الدبلوماسية رفيعة المستوى، كان أبرزها وصول وزير الخارجية المصرى سامح شكرى فى 27 فبراير إلى دمشق فى زيارة للتأكيد على التضامن مع سوريا فى مواجهة تداعيات الزلزال، وقال آنذاك إن القاهرة على استعداد لتوفير كل سبل الدعم الإنسانى للسوريين وستستمر فى التواصل لدعم الجهد الإنسانى فى سوريا.
فتح القنوات الدبلوماسية بين سوريا والسعودية انطلاقة مهمة
من جانبه، قال خبير السياسات الدولية الدكتور أشرف سنجر، إن فتح القنوات الدبلوماسية بين سوريا والسعودية انطلاقة مهمة وكبيرة فى بدء قبول النظام السورى وبشار الأسد مرة أخرى للعودة للبيت العربى، لافتا إلى أن دمشق جزء مهم من كيان الدول العربية.
وتابع سنجر: «عودة سوريا إلى البيت العربى ستؤدى إلى التكامل العربى الذى لا يمكن الحديث عنه بوجود انهيار فى اليمن وانهيار فى سوريا»، لافتا إلى أن تلك العودة ستحقق مكاسب عديدة لدمشق وللدول العربية عن طريق ضخ استثمارات جديدة فى سوريا تفتح مجالات للعمل والاستثمار فى المحيط العربى، بالإضافة إلى إعادة الإعمار.
وأكمل سنجر حديثه قائلا: «التحركات الرامية لإعادة العلاقات بين سوريا والدول العربية تؤكد أن القادة العرب سواء فى القاهرة أو الرياض أو فى أبو ظبى يعملون لبناء البيت العربى ولا يسعون لتفكيك الأمن القومى العربى، والدليل على ذلك استقبال الإمارات وسلطنة عمان لبشار الأسد وزيارة وزير الخارجية المصرى ووزير الخارجية الأردنى لدمشق، للتعبير عن التضامن معها فى أزمة الزلزال وما قبلها من أزمات كبيرة هددت استقرار المجتمع السوري».
وأشار خبير السياسات الدولية إلى أن تطور العلاقات بين السعودية وسوريا سيشجع العديد من الدول العربية على أن تخطو هذه الخطوة أيضًا فى سبيل استرجاع سوريا مرة أخرى للبيت العربى، مشددا على أن هذه التحركات ستساعد فى عودة التنسيق للحفاظ على الأمن العربى فى مواجهة التداعيات الخطيرة التى تواجه الأمة العربية.
وأكد سنجر: «الأمن العربى والأمن الشرق أوسطى يحتاج إلى توحد للحفاظ على قضاياهم الرئيسية، وأهمها القضية الفلسطينية والتى لن يكون لها حل بدون التضامن العربى ودعم الاستقرار فى الدول العربية والحفاظ على أنظمتها السياسية».
وأوضح سنجر أن زيارة بشار الأسد إلى مصر تبدو قريبة وليست بعيدة، لافتا إلى أن هناك سعيا وترتيبات خلال الفترة القادمة لعقد قمة مصرية سورية، تكون فاتحة خير لعودة العلاقات المصرية السورية بكامل أشكالها الدبلوماسية، مشددا على أن مصر لم تبخل بإعطاء الدعم السياسى والدبلوماسى والأمنى لكل الدول العربية وأهمها بالتأكيد سوريا.
واختتم خبير السياسات الدولية: لن يكتمل البيت العربى إلا بعودة سوريا كلاعب فاعل وإقليمى مهم فى المنطقة العربية وللأمن العربى، بالإضافة أيضًا إلى ضرورة عودة العراق بعد أن مزقها الغزو الأمريكى وقسمها وأبعدها عن المنطقة، مؤكدا أن تطبيع هذه العلاقات سيساعد فى تقوية المنطقة.
من ناحيته، أشار أستاذ العلاقات الدولية الدكتور أكرم حسام، إلى أن عودة العلاقات بين عدد من الدول العربية وسوريا ليست وليدة اللحظة، مشيرا إلى وجود مجموعة من التحركات العربية خصوصا منذ عام 2021 فى إطار المحاولات المبذولة لإعادة سوريا للجامعة العربية.
مصر قادت جهودا حثيثة لإدراج ملف عودة سوريا للمنطقة خلال القمة العربية فى الجزائر
وأوضح حسام أن مصر قادت جهودا حثيثة بالتنسيق مع الدول العربية لإدراج ملف عودة سوريا للمنطقة خلال القمة العربية فى الجزائر، وكذلك قبلها، إلا أن تلك الجهود لم تكلل بالنجاح بسبب عرقلة اعتراض الولايات المتحدة الأمريكية على هذه المساعى والمحاولات من خلال ما سمى بقانون قيصر، لافتا إلى أن دعم دمشق لروسيا فى الحرب الأوكرانية بشكل صريح أضاف مزيدا من التشدد فى الموقف الأمريكى.
وقال أكرم حسام: «التحركات والترتيبات التى تحدث بشأن ملف سوريا فى المنطقة، تدل على توجهات عربية للتعامل مع تحديات وملفات الأمن القومى العربى بمعزل عن التوجهات الأمريكية»، لافتا إلى أن أبرز دليل على ذلك هو توقيع اتفاقية المصالحة بين إيران والسعودية.
وتابع دكتور أكرم: «الآن نحن نشهد حراكا عربى بشأن الملف السورى يدل على أن القادم بالنسبة لدمشق سيكون له آثار إيجابية قد تتمثل فى عودتها إلى الجامعة العربية بالإضافة إلى تطبيع علاقاتها مع الدول العربية»، كاشفا عن أن اتفاق السعودية وإيران سيؤدى إلى المزيد من التقارب فى الملفات الإقليمية أبرزها الملف اليمنى والملف السورى.
وأضاف أستاذ العلاقات الدولية قائلا، إن هناك مؤشرات أخرى بدأت تظهر فى الآونة الأخيرة بشأن عقد قمة تصالح بين سوريا وتركيا أيضًا، مشددا على أن التحركات الأخيرة بين الدول العربية أو حتى تلك الدول التى كان لديها جفاء فى علاقتها مع سوريا يكشف عن ابتعاد دول المنطقة عن التوجهات الأمريكية التى تضر أمنه القومى خصوصا اقتصاديا، مشددا على أنه بعد الحرب الروسية تضررت الدول العربية بشدة، وأن الأمريكان لا يفكرون سوى فى مصالحهم دون الاكتراث بالتأثيرات السلبية التى تحدث للدول الأخرى بما فيها الدول العربية.
وأشار أكرم حسام إلى أن البعد الاقتصادى أساسى وحاكم فى اتجاه البوصلة العربية نحو دمشق، وبشأن موقف إسرائيل من تلك التطورات أكد خبير العلاقات الدولية أن المواجهة الإسرائيلية مع إيران على الساحة السورية أضرت بدمشق كثيرا، متوقعا استمرار السياسة الإسرائيلية على الساحة السورية خلال الفترة المقبلة، كما شدد على أن الهجمات اللى نفذتها تل أبيب كان الهدف الاستراتيجى منها إيران وليس سوريا.
وقال أكرم إن التوافق العربى السورى وعودة العلاقات بين الدول العربية ودمشق لن ينعكس بالإيجاب على الوضع الراهن فيما يتعلق بالملف الإسرائيلى، لافتا إلى أن تل أبيب والولايات المتحدة غير راضيين بالمرة على التقارب العربى الإيرانى الذى حدث موخرا خصوصا أن الملف النووى الإيرانى لم يحسم حتى الآن.
وتابع: «الإسرائيليون يرون أن التقارب العربى مع إيران سيعطى تدعيما للموقف السياسى الإيرانى، إذ كانت تستند تل أبيب فى عدائها لطهران للموقف الخليجى، ولكن الآن أصبحت إسرائيل تقف وحدها كجبهة معارضة للنفوذ الإيراني».
وأوضح أكرم أن هناك تغيرات سياسية ستحدث فى المنطقة إثر التحركات العربية الأخيرة بشأن الملف السورى ستنعكس فى صورة عودة التوافق العربى العربى بشكل عام من خلال عودة سوريا مرة أخرى للجامعة العربية، وهذه العودة ستسمح بتصاعد وتيرة الدور العربى على المسرح السياسى الإقليمى.
وأكمل أستاذ العلوم السياسية حديثه قائلا، إن التغييرات السياسية ستتضمن أيضًا محاولة إدماج سوريا من جديد فى النظام الإقليمى العربى، وسيكون هناك انفتاح على المستوى الاقتصادى بين دمشق والبلدان العربية.
واستطرد أكرم حسام: «الترتيبات التى ستحدث فى الفترة المقبلة ستباركها أمريكا بهدف إبعاد سوريا عن الفلك الروسى أو الإيرانى وتقريبها من الفلك العربى وتقليص اعتماد دمشق على روسيا»، متوقعا أنه فى حالة عدم عقد قمة عربية طارئة لإعلان عودة سوريا إلى الجامعة العربية، فإن ذلك الإعلان سيكون خلال القمة العربية المزمع عقدها نهاية 2023.
نقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصد مستمر علي مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.