تقويم الأخلاق وتقوية الإرادة.. عباس محمود العقاد يكتب عن حكمة الصيام
رمضان شهر الأدب والخلق الكريم، شهر التقوى والتحكم في الشهوات والمسلم الحق هو من يعي الحكمة من الصيام حتى تؤدي فريضته سليمة كاملة.. وحول المغزى من الصيام وحكمته وفرضه شهرا في العام كتب الأديب عباس محمود العقاد مقالا نشره في كتابه "عالمية الإسلام" قال فيه:
حكمته حكمة الإرادة، وليست الإرادة بالشيء اليسير في الدين، والخلق في الدين، وما الخلق إلا تبعات وتكاليف.. ومن ملك الإرادة فإن زمام الخلق جميعا بين يديه.. ومزية رمضان أنه فريضة اجتماعية مع فرضه على آحاد المكلفين، فهو موعد معلوم من العام لترويض الجماعة على نظام واحد من المعيشة، وعلى نمط واحد من تغيير العادات، وليس أصلح لتربية الأمة من تعويدها هذه الأهمية للنظام.. ولتغيير العادات شهرا في كل سنة تتلاقى فيه على سنن واحدة في الطعام واليقظة والرقاد، وبما يستتبع ذلك من أهمية الجماعة كلها لهذا الشهر خلال العام.
الصيام السياسي
الصيام على اختلاف الأنواع، وليس أكثر من أنواع الصيام هذه الأيام.. سواء كان لاجتناب السمنة لدى الجنس اللطيف أو حرصا على الرشاقة، أو لإصلاح المعدة، أو الصيام السياسي (الاحتجاج على معاملة أو رأى) أو الصيام للبخل والتوفير، أو صيام اليوجا وعادات المتصوفين والنساك.
عادات الأقدمين
إذن ليس زماننا زمان الإعراض عن الصيام كأنه عادة من عادات الأقدمين التي عفى عليها الدهر ـــ كما يقولون ـــ بل هو نريد فيه ألوان الصيام.. ولا تنقص فى عالمنا من عصر قط استحق أن يسمى عصرا صياميا كالعصر الذي نحيا فيه.
والصيام على اختلاف أنواعه التي ذكرناها ليست هى كل الصيام الذي ينشغل به أبناء العصر الحاضر، فتلك جميعا أنواع جسدية تراد لحفظ الصحة أو حفظ الرشاقة والقوة وغيرها.
وكثير من أنواع الصيام يدرسها أبناء العصر الحاضر ولا يطلق عليها وصف الأنواع الجسدية لأنها تراد لتربية الخلق ورياضة النفس، وتعويد الإنسان أن يملك عاداته كما يشاء، والصيام الذى فرضته الأديان أحق هذه الأنواع بالبحث عن دواعيه ومعانيه.
التكفير عن الخطايا
وحكمة الصيام فى الأديان الكتابية هي للتكفير عن الخطايا والسيئات وتربية الأخلاق.. أما الدين الإسلامي فهو الدين الوحيد الذي فرض كتابه الصيام فترة معروفة من الزمن، ولاخلاف بين الأئمة فى الحكمة المقصودة بهذه الفريضة وهي وتربيتها وإن تعددت الأخلاق التي تذكر في هذا المقام.. فقد يعلم الصيام الغنى الرحمة بالفقير، ولكنه مقصد لا يشمل الأغنياء فقط.
وكما ينبغى فى كل فريضة عامة لا تختص بإنسان ولا بطائفة دون أخرى من المسلمين.. أما الخلق الذى يعم الأغنياء والفقراء، ولايستفاد من فريضة عامة كما يستفاد من الصيام.. فهو الإرادة وهي ألزم الصفات لكل إنسان، ولا قوام للفضائل والفرائض جميعا بغير هذه الإرادة.. إذن الإرادة هي فضيلة الفضائل في الصيام، ومتى عرفت هذه الحكمة فآداب رمضان كلها محصورة في معناها.
وليس من حكمة الله في الصيام ولا من أدب رمضان أن يتململ الصائم أو يتجهم كأنه مكره عليها مطيع لها بغير رضاه.. وليس من أدب رمضان أن يقضي صيام نهاره في النوم تاركا الطعام، وليس من أدب رمضان أن يفرط الصائم في الطعام والشراب بعد غروب الشمس وحتى موعد الإمساك، فالحكمة تقتضى ترويض النفس على مقاومة شهوة الطعام والشراب.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.