رئيس التحرير
عصام كامل

تابعوا الخريطة


أعطيت الحركات الدينية السياسية أسماء ونعوتا مختلفة للفصل بينها وبين صفو الدين: «المتشددون»، «المتطرفون»، «الإسلاميون»، «الجهاديون»، «المجاهدون» وما إلى ذلك، فى وصف التفاوت والاتجاهات والانتماءات.


لكى نحلل الظاهرة فلنتفق على مصطلح موحد «الإسلاميين»، بالمعنى السياسى طبعا وليس بالمعنى الدينى.

لاحظوا ما حدث فى مالى: كل فراغ فى السلطة يسارع «الإسلاميون» إلى ملئه أو إلى محاولة ذلك. بدأ هذا الخط البيانى فى الصومال، حيث قامت دولة فاشلة بعد الاستقلال، تدعى اليسار وتبتز أموال اليمين. وعندما بدأ تحرك «الربيع العربى» فى تونس سارع «الإسلاميون» إلى السلطة «كقوة دائمة»، بينما ظل رئيس الدولة، أى غطاؤها القومى والمدنى، «مؤقتا» فى انتظار ساعة الحسم المواتية. وبعد تونس، تقدموا فى ليبيا، حيث سادت حالة من الاختلال بين اليمين واليسار طوال عقود.

ورغم انحسارهم فى الانتخابات كأكثرية فلا يزال طيفهم المتعدد يحرك الأحداث فى البلاد، التى أعلنت نفسها أخيرا «دولة ليبيا» لكى تعود إلى أسرة الدول الطبيعية.

وإذ ضبطوا فى ليبيا نفسها، انطلقوا فى مالي، تحركهم قوى الطوارق التى رعاها القذافى للوقت المناسب. وكما كانت سوريا «العلمانية» ترعى نوعا معينا من الإسلاميين، كانت مملكة ملوك أفريقيا تشنق الإسلاميين فى الداخل، وترعاهم حيث تدعو الحاجة.

وفى مصر، كان «الإخوان» فى الانتظار. وعلى طريقتهم: الصبر جميل. لم يطلوا فى ميدان التحرير إلا بعد التأكد من شروق الشمس وغياب النظام، ولم يزيحوا العسكر إلا بعد ضمان الدستور. ويوم السبت الماضى، سأل مبعوث الــ«سى إن إن»، الرئيس محمد مرسى عن مخاوف المعارضة، فقال: «دول أولادى». هكذا كان السادات يسميهم أيضا.

فى العراق، تولى حزب الدعوة شق الطريق إلى السلطة فوق الجسر الأميركى - الإيرانى، وتسلم الدكتور نورى المالكى مقاليد الانسحاب من أوباما فى البيت الأبيض. وفى سوريا، تتقدم «جبهة النصرة» من خلف الصفوف مثل الحصان المهمل الذى يصبح فلتة الشوط. وفى اليمن، تحاول طائرات «الدرون» متابعة ما بدأته فى باكستان، والآن يقول الفرنسيون إنها ستبدأ العمل فى مالى... تابعوا الخريطة.

نقلاً عن الشرق الأوسط.
الجريدة الرسمية