رئيس التحرير
عصام كامل

فتاوى رمضانية، حكم صوم المسافر ومتى تسقط رخصة السفر؟ الدكتور أحمد كريمة يجيب

الدكتور أحمد كريمة
الدكتور أحمد كريمة

حكم صوم المسافر، يرغب البعض في معرفة حكم صوم المسافر والأحكام المتعلقة بعد ذلك بصلاة المسافر وخلافه ومتى تسقط رخصة السفر.

حكم صوم المسافر


وأجاب على هذه الأسئلة الأستاذ الدكتور أحمد محمود كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر الشريف قائلا:


يشترط فى السفر المرخص للفطر ما يلى:
أ‌)  أن يكون السفر طويلًا مما تقصر فيه الصلاة قال ابن رشد: وأما المعنى المعقول من إجازة الفطر فى السفر فهو المشقة، ولما كانت لا توجد فى كل سفر، وجب أن يجوز الفطر فى السفر الذى فيه المشقة ولما كان الصحابة كأنهم مجمعون على الحد فى ذلك، وجب أن يقاس ذلك على الحد فى تقصير الصلاة.
ب‌)  أن لا يعزم المسافر الإقامة خلال سفره مدة أربعة أيام بلياليها عند المالكية والشافعية، وأكثر من أربعة أيام عند الحنابلة، وهى نصف شهر أو خمسة عشر يومًا عند الحنفية.
ج) أن لا يكون سفره فى معصية، بل فى غرض صحيح عند الجمهور، وذلك ؛ لأن الفطر رخصة وتخفيف، فلا يستحقها عاص بسفره، بأن كان مبنى سفره على المعصية، كما لو سافر لقطع طريق مثلًا.
والحنفية يجيزون الفطر للمسافر، ولو كان عاصيًا بسفره، عملًا بإطلاق النصوص المرخصة، ولأن السفر ليس بمعصية، وإنما المعصية ما يكون بعده أو يجاوره، والرخصة تتعلق بالسفر لا بالمعصية. 
د) أن يجاوز المدينة وما يتصل بها، والبناءات والأفنية والأخبية.
وذهب عامة الصحابة والفقهاء، إلى أن من أدرك هلال رمضان وغير مقيم، ثم سافر جاز له الفطر ؛ لأن الله – تعالى – جعل مطلق السفر بسبب الرخصة، بقوله: { وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ  }.
ولما ثبت من " أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - خرج فى غزوة الفتح فى رمضان مسافرًا، وأفطر " ؛ ولأن السفر إنما كان سبب الرخصة لمكان المشقة وحكى النووى عن أبى مخلد التابعى أنه لا يسافر، فإن سافر لزمه الصوم، ولا يمتنع السفر، واستدل لهما بقوله – تعالى - { فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ }.

الصوم

 

حالات جواز الفطر للمسافر


وفى وقت جواز الفطر للمسافر ثلاث أحوال:
الأولى: أن يبدأ السفر قبل الفجر، أو يطلع الفجر وهو مسافر، وينوى الفطر، فيجوز له الفطر إجماعًا – كما قال ابن جزى – لأنه متصف بالسفر، عند وجود سبب الوجوب.
الثانية: أن يبدأ السفر بعد الفجر، بأن يطلع الفجر وهو مقيم ببلده، ثم يسافر بعد طولع الفجر، أو خلال النهار، فأنه لا يحل له الفطر بإنشاء السفر بعدما أصبح صائمًا، ويجب عليه إتمام ذلك اليوم، وهذا مذهب الحنفية والمالكية، وهو الصحيح من مذهب الشافعية ورواية عن أحمد، وذلك تغليبًا لحكم الحضر.
ومع ذلك لا كفارة عليه فى إفطاره عند الحنفية، وفى المشهور مذهب المالكية، خلافًا لابن كنانة، وذلك للشبهة فى آخر الوقت ؛ لأنه لما سافر بعد الفجر صار من أهل الفطر، فسقطت عنه الكفارة.
والصحيح عند الشافعية أنه يحرم عليه الفطر حتى لو أفطر بالجماع لزمته الكفارة.
والمذهب عند الحنابلة وهو أصبح الروايتين عن أحمد، وهو ما ذهب إليه المزنى وغيره من الشافعية: أن من نوى الصوم فى الحضر، ثم سافر فى أثناء اليوم، طوعًا أو كرهًا، فله الفطر ثم خروجه، ومفارقته بيوت قربته وعشيرته، وخروجه من بين بنيانها، واستدلوا بما يلى: 
• ظاهر قوله – تعالى -  { وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ  }.
• وحديث جابر – رضى الله تعالى عنه – أن رسول الله -  - خرج إلى مكة عام الفتح فصام حتى بلغ كراع الغميم، وصام والناس معه، فقيل له: " إن الناس ينظرون فيما فعلت، فدعا بقدح من ماء بعد العصر فشرب – والناس ينظرون إليه – فأفطر بعضهم، وصام بعضهم، فبلغه أن ناسًا صاموا، فقال: أولئك العصاة ".
• وحديث ابن عباس – رضى الله تعالى عنهما – قال: " خرج رسول الله -  - عام الفتح إلى مكة، فى شهر رمضان، فصام حتى مر بغدير فى الطريق، وذلك فى نحو الظهيرة، قال: فعطش الناس، وجعلوا يمدون أعناقهم، وتتوق أنفسهم إليه، قال:    " فدعا رسول الله -  - بقدح فيه ماء، فأمسكه على يده، حتى رآه الناس، ثم شرب فشرب الناس ". 
• وقالوا: إن السفر مبيح للفطر، فإباحته فى أثناء النهار كالمرض الطارئ ولو كان 
بفعله.
• وقال الذين أباحوه من الشافعية: إنه تغليب لحكم السفر.
وقد نص الحنابلة، المؤيدون لهذا الرأى على أن الأفضل لمن سافر فى أثناء يوم نوى صومه إتمام صوم ذلك اليوم، خروجًا من خلاف من لم يبح له الفطر، وهو قول أكثر العلماء، تغليبًا لحكم الحضر، كالصلاة.
الثالثة: أن يفطر قبل مغادرة بلده:
وقد منع من ذلك الجمهور، وقالوا: إن رخصة السفر لا تتحقق بدونه، كما لا تبقى بدونه، ولما يتحقق السفر بعد، بل هو مقيم وشاهد، وقد قال تعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ } ولا يوصف بكونه مسافرًا حتى يخرج من البلد، ومهما كان فى البلد فله أحكام الحاضرين، ولذلك لا يقصر الصلاة.
والجمهور الذين قالوا بعدم جواز الإفطار فى هذه الصورة، اختلفوا فيها إذا أكل، هل عليه كفارة ؟ فقال مالك: لا. وقال أشهب: هو متأول وقال غيرهما: يكفر. وقال ابن جزى: فإن أفطر قبل الخروج، ففى وجوب الكفارة عليه ثلاثة أقوال: يفرق فى الثالث بين يسافر فتسقط، أولًا، فتجب.
• ويتصل بهذه المسائل فى إفطار المسافر: ما لو نوى فى سفره على الصوم ليلًا، وأصبح صائمًا، من غير أن ينقص عزيمته قبل الفجر، لا يحل فطره فى ذلك اليوم عند الشافعية، ولو أفطر لا كفارة عليه للشبهة.
قال ابن عابدين: وكذا لا كفارة عليه بالأولى، لوى نوى نهارًا.


صحة الصوم فى السفر 
 

• ذهب الأئمة الأربعة، وجماهير الصحابة والتابعين إلى أن الصوم فى السفر جائز صحيح منعقد، وإذا صام وقع صيامه أجزأه.
وروى عن ابن عباس وابن عمر وأبى هريرة – رضى الله عنهم – أنه غير صحيح، ويجب القضاء على المسافر إن صام فى سفر، وروى القول بكراهته.
والجمهور من الصحابة والسلف، والأئمة الأربعة، الذين ذهبو إلى صحة الصوم فى السفر، واختلفوا بعد ذلك فى أيهما أفضل، الصوم أم الفطر، أم هما متساويان ؟
فمذهب الحنفية والمالكية والشافعية، وهو وجه عند الحنابلة، أن الصوم أفضل، إذا لم يجهده الصوم ولم يضعفه، وصرح الحنفية والشافعية بأنه مندوب، واستدلوا لذلك بقوله تعالى:      {  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ } إلى قوله " ولتكملوا العدة "، فقد دلت الآيات على أن الصوم عزيمة والإفطار رخصة ولا شك فى أن العزيمة أفضل، كما تقرر فى الأصول، قال ابن رشد: ما كان رخصة، فالأفضل ترك الرخصة.
• وبحديث أبى الدرداء قال: " خرجنا مع رسول الله -  - فى شهر رمضان، فى حر شديد.......................... ما فينا صائم إلا رسول الله -  - وعبد الله بن رواحة "  .
 

انقطاع رخصة السفر 

 
تسقط رخصة السفر بأمرين اتفاقًا:
الأول: إذا عاد المسافر إلى بلده، ودخل وطنه، وهو محل إقامته، ولو كان دخوله بشئ نسيه، ويجب عليه الصوم، كما لو قدم ليلًا، أو قدم قبل نصف النهار عند الحنفية. 
أما لو قدم نهارًا، ولم ينو الصوم ليلًا، أو قدم بعد نصف النهار – عند الحنفية، ولم يكن نوى الصوم قبلًا – فإنه يمسك بقية النهار، على خلاف وتفصيل فى وجوب إمساكه.
الثانى: إذا نوى المسافر الإقامة مطلقًا، أو مدة الإقامة التى تقدمت فى شروط جواز فطر المسافر فى مكان واحد، وكان المكان صالحًا للإقامة، لا كالسفينة والمفازة ودار الحرب، فإنه يصير مقيمًا بذلك، فيتم الصلاة ويصوم ولا يفطر فى رمضان، لانقطاع حكم السفر.
وصرحوا بأنه يحرم عليه الفطر – على الصحيح – لزوال العذر.
وإذا لم ينو الإقامة لكنه أقام لقضاء حاجة له، بلا نية إقامة، ولا يدرى متى تنقضى، أو كان يتوقع انقضاءها فى كل وقت، فإنه يجوز له أن يفطر، كما يقصر الصلاة، قال الحنفية: ولو بقى على ذلك سنين.
فإن ظن أنها لا تنقضى إلا فوق أربعة أيام عند الجمهور، أو خمسة عشر يومًا عند الحنفية، فإنه يعتبر مقيمًا، فلا يفطر ولا يقصر، إلا إذا كان الفرض قتالًا.

نقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.



 

الجريدة الرسمية