هل التكنولوجيا المصرفية وسهولة السحب أدت إلى أزمة بالسيولة لدى البنوك الأمريكية؟
بالرغم من المكاسب الكبيرة التي حققها التطور التكنولوجي في المجال المصرفي، للتسهيل في التعاملات النقدية بعيدا على الإجراءات الورقية التي تستغرق الكثير من الوقت، إلا أنها أصبحت تمثل خطورة على العديد من البنوك الأمريكية خلال الفترة الأخيرة، نتيجة عمليات السحب والتحويل الضخمة التي يقوم بها العملاء.
مخاطر التطور التكنولوجي في البنوك الأمريكية
وأظهرت العديد من التقارير الأمريكية، المخاطر التي قد تتعرض لها البنوك الأمريكية بسبب قيام العملاء بترقب الأسواق المصرفية، وإجراء عمليات سحب وتحويلات تقدر بمليارات الدولارات في فترة قصيرة، مما تتسبب في أزمة كبيرة داخل البنك، والتي كان من أبرزها بنك سيليكون فالي الأمريكي، حيث تعرض إلى اندفاع العملاء لسحب أموالهم، مما أثار مخاوف بشأن حالة القطاع المصرفي.
ضوابط تعامل العملاء مع عمليات الإيداع أو السحب
ويأتي هذا في الوقت الذي تمثل فيه التكنولوجيا المصرفية الحديثة أهمية كبيرة للقطاع المصرفي، مما تتيح للجميع إجراء كافة المعاملات البنكية دون الذهاب إلى مقر البنك، وهذا ما تنتهجه العديد من البنوك العالمية خلال الفترة الأخيرة في العديد من الخدمات التي تقدمها لعملائها ولكن القطاع المصرفي الأمريكي يعتمد عليها بشكل كامل، مما جعلها سبب في معضلة لعدم تحديد ضوابط تعامل العملاء مع عمليات الإيداع أو السحب، سواء من خلال الهواتف المحمولة أو أجهزة الكمبيوتر.
وتسبب هذا الأمر في إعلان الولايات المتحدة الأمريكية خلال الأيام الماضية، إغلاق 3 بنوك؛ بعد إعلانها الإفلاس، بسبب نقص السيولة وعدم التحكم فيها بعد سحب العملاء كميات ضخمة منها خلال الفترة الأخيرة.
مخاطر عدم إدارة السيولة بالقطاع المصرفي
والسيولة هي المخاطر التي تتعرض لها أرباح البنك ورأس ماله نتيجة عدم قدرته على الوفاء بالتزاماته في الوقت المناسب عند استحقاقها دون تكبد خسائر غير مقبولة ويجب أن تضمن إدارة البنك توفر الأموال الكافية بتكلفة معقولة لتلبية الطلبات المحتملة من كل من مقدمي الأموال والمقترضين.
وتحدث مخاطر السيولة عندما لا تستطيع المؤسسة المالية الوفاء بالتزامات الدين قصيرة الأجل وقد يكون هذا الكيان غير قادر على تحويل الأصل إلى نقد دون التخلي عن رأس المال والدخل بسبب نقص المشترين أو السوق غير الفعال.
وتشمل الأسباب التي تجعل البنوك تواجه مشاكل السيولة:
- الإفراط في الاعتماد على مصادر الأموال قصيرة الأجل
- وجود ميزانية عمومية مركزة في الأصول غير السائلة
- فقدان الثقة في البنك من جانب العملاء
- يمكن أن يؤدي سوء إدارة مدة الأصول والخصوم أيضًا إلى صعوبات في التمويل
زيادة الطلب وانخفاض المعرض من السيولة
وفي أزمة السيولة، تؤدي مشاكل السيولة في المؤسسات الفردية إلى زيادة حادة في الطلب وانخفاض في المعروض من السيولة، ويمكن أن يؤدي نقص السيولة الناتج عن ذلك إلى حالات تخلف عن السداد على نطاق واسع وحتى حالات إفلاس.
تشديد شروط الائتمان بالقطاع المصرفي
ونظرًا للحجم الكبير لبعض البنوك، فإن التعرض المفرط للمخاطر يمكن أن يتسبب في فشل البنوك ويؤثر على ملايين الأشخاص ومن خلال فهم المخاطر التي تتعرض لها البنوك، يمكن للحكومات وضع لوائح أفضل لتشجيع الإدارة الحكيمة واتخاذ القرار، وهذا ما صرح به جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بعد اجتماع السياسة النقدية الأخير، حيث أكد أنه من المحتمل أن تكون شروط الائتمان الأكثر تشددًا في المستقبل بعد الاضطرابات في القطاع المصرفي الإقليمي.
وأضاف جيروم باول خلال مؤتمر صحفي بعد قرار رفع الفائدة 0.25% يوم الأربعاء 22 مارس الجاري: "نعتقد أن الأحداث في النظام المصرفي على مدى الأسبوعين الماضيين من المرجح أن تؤدي إلى شروط ائتمانية أكثر صرامة للأسر والشركات، مما سيؤثر بدوره على النتائج الاقتصادية".
وأوضح باول أنه من السابق لأوانه تحديد مدى هذه التأثيرات، وبالتالي من السابق لأوانه تحديد كيفية استجابة السياسة النقدية ونتيجة لذلك، لم نعد نعلن أننا نتوقع أن تكون الزيادات المستمرة في أسعار الفائدة مناسبة لقمع التضخم".
جدير بالذكر أنه تؤثر قدرة البنك على إدارة المخاطر أيضًا على قرارات المستثمرين وحتى إذا كان البنك قادرًا على تحقيق إيرادات كبيرة، فإن الافتقار إلى إدارة المخاطر يمكن أن يقلل الأرباح بسبب الخسائر في القروض ومن المرجح أن يستثمر المستثمرون ذوو القيمة في بنك قادر على توفير أرباح ولا يتعرض لخطر مفرط بخسارة الأموال.
بداية أزمة بنك سيليكون فالي
بدأت تداعيات أزمة بنك سيليكون فالي تظهر يوم الأربعاء 8 مارس الجاري، عندما أعلن البنك عن بيع مجموعة من الأوراق المالية بأسعار مخفضة تحقق له خسائر مالية، بجانب إصدار نحو 2.25 مليار دولار من الأسهم الجديدة لدعم الميزانية العمومية للبنك، وتعزيز قاعدته الرأسمالية بعد الخسارة الكبيرة التي مُنيت بها محفظته الاستثمارية بجانب الارتفاع السريع في أسعار الفائدة وانخفاض قيمة السندات في محافظ العملاء إلى مستويات قياسية.
وفي اليوم التالي، انهارت أسهم البنك، حيث أخفق في محاولات إنقاذ نفسه من الانهيار، سواء من خلال محاولة زيادة رأسماله، أو العثور على مشترٍ؛ حيث عيَّنت شركته الأم SVB Financial Groupمستشارين لمتابعة عملية بيع محتملة، بعد إعلانه يوم الخميس خسائر بنحو 1.8 مليار دولار بعد بيع 21 مليار دولار من الأوراق المالية، ثم تم إيقاف تداول أسهم البنك صباح الجمعة بعد عمليات بيع ضخمة قبل طرحها في السوق، أدت إلى انخفاض الأسهم بنسبة 64%، لتصل إلى أدنى مستوى عند 34 دولارًا.
ووضعت المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع (F.D.I.C) أموال المودعين تحت سيطرتها، وتعهدت المؤسسة بتغطية أموال المودعين التي تصل مدخراتهم إلى 250 ألف دولار في حدها الأقصى، كما أعلنت عن اعتزامها فتح فروع البنك؛ حتى يتمكن المودعون من سحب مدخراتهم بحد أقصى 250 ألف دولار على المدى القصير، على أن ينفذ ذلك في صباح يوم الاثنين 13 مارس الجاري كحد أقصى.
وبالإضافة إلى ذلك، فإنه منذ الأزمة المالية العالمية خلال عامي 2008– 2009 وإفلاس بنك ليمان براذرز الأمريكي، أصبح إلزاما على المصارف تقديم ضمانات قوية لسلطة ضبط الأسواق الوطنية والأوروبية، وتخضِع الهيئة المصرفية الأوروبية خمسين مصرفا رئيسيا في القارة لاختبارات ملاءة.
تحمل الأزمات الاقتصادية بدون أضرار جسيمة
وكشفت نتائج آخر اختبار من هذا النوع في نهاية يوليو 2021 أن المؤسسات المالية قادرة على تحمل الأزمات الاقتصادية بدون أضرار جسيمة، بينما تميل البنوك البريطانية إلى الاحتفاظ بالحد الأدنى من السندات ذات السعر الثابت في محافظ السيولة الخاصة بها، مع وجود معظم السيولة في شكل نقدية للبنك المركزي، وكثير من السيولة المتبقية تكون تحوطًا ضد تحركات الأسعار، ما يقلل تعرضها للأزمات المالية.
ومن ثم تبقى تداعيات انهيار بنك سيليكون فالي السلبية محدودة ومؤقتة، ويستطيع القطاع المصرفي الأمريكي كبح جماحها، ومن ثم لن ترقى للتأثير على الأوساط المالية العالمية كتلك التي خلفها انهيار بنك ليمان براذرز، ولن تسهم في حدوث أزمات مالية كأزمة عام 2008 مرة أخرى.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.