من عصر قبل الإسلام حتى الثورة العلمية.. مراحل تطور معرفة هلال الشهور العربية
أعلنت دار الإفتاء عن موعد استطلاع هلال شهر رمضان المبارك لعام 1444هجريا، وذلك غدًا الثلاثاء الموافق 21 مارس الجاري.
موعد استطلاع هلال شهر رمضان
وأضافت الدار أنه من المقرر عمل بث مباشر على التليفزيون المصري وعلى صفحة دار الإفتاء المصرية على الفيس بوك بعد المغرب بنصف ساعة تقريبًا.
ويتساءل الكثير عن مراحل تطور معرفة رؤية هلال الشهور العربية وكيف كان يتم حسابها في الزمن القديم خاصة قبل وجود أجهزة الرصد والفلك الحديثة التي أصبح يعتمد عليها في الوقت الحالي.
الرؤية والحساب ما قبل الإسلام
في البداية لم تكن غير العين المجردة والطريق الحسي المباشر سبيلا لقراءة السماء وظواهرها الممكنة، فتوافرت للإنسان القديم معلومات بسيطة عن الشمس والقمر والنجوم والكواكب وظواهر كونية أخرى، وحين وجد أن العين وحدها غير كافية لقراءة السماء استعان بما صنع من أدوات بسيطة وما تعلم من حسابات ليحصل على معلومات وملاحظات فلكية أكثر وافضل.
من خلال ذلك استطاعت الحضارات القديمة أن تقدم إنجازات فلكية ورياضية كثيرة، فمن خلال معرفتها بحركات الشمس والقمر والكواكب استطاعت ان تحسب وتسجل إنجازات وجداول كثيرة، ومازال بعضها باقيا إلى الآن، وبين أيدينا الآن جداول فلكية مهمّة تتعلق بشروق الزهرة وغروبها ترجع إلى عهد (امي صدوقا) Ammisadouqa أحد ملوك سلاله بابل الأولى، لعلها اقدم الأمثلة على الجداول الفلكية القديمة
مراحل تطور معرفة هلال الشهور العربية
وفي الجزيرة العربية، كان العرب قبل الإسلام على معرفة فطرية بالسماء والكواكب والنجوم والظواهر الكونية، يقول صاعد الأندلسي: «وكان للعرب مع هذا معرفة بأوقات مطالع النجوم ومغاربها وعلم بأنواء الكواكب وأمطارها على حسب ما أدركوه بفرط العناية وطول التجربة؛ لاحتياجهم إلى معرفة ذلك في أسباب المعيشة لا على طريق تعلم الحقائق ولا على سبيل التدرب في العلوم».
وكانوا يعتمدون القمر في حساباتهم مدركين أنّ مسيره في السماء يقع ضمن نطاق خاص قسموه إلى 28 قسما ينتقل كل ليله إلى قسم واحد من الثمانية والعشرين يعرف بالمنزلة فيبدأ هلالا ويكبر ليصبح بدرا ثم يأخذ بالتناقص ليرجع هلالا مره أخرى. أدركوا ذلك كله وتابعوه، وكان تقويمهم قمريا، فكانت السنة والشهر بحساب القمر. وهذا ما أقره الإسلام كما سنرى.
وعلى الرغم من كل معلوماتهم القمرية وملاحظاتهم الفلكية لم نستطع ان نطلق عليهم فلكيين وحسابا. وإنّما هم فطريون كما ذكرنا.
وكان الاستهلال هو المبدأ الذي سار عليه أبناء ذلك العصر في تعيين أوائل الشهور، فإذا اختفى القمر في آخر الشهر ولم يظهر خرجوا لمراقبة الهلال وتثبيت مبدأ الشهر.
القرآن والهلال والرؤية
نزل القرآن الكريم على صدر النبي -صلى الله عليه وسلم- ليهدي الناس وينظّم حياتهم ويخرجهم من الظلمات إلى النور على حدِّ تعبير القرآن: قال تعالي: «الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إلى النُّور»، وقد تضمن مختلف شؤون الحياة، ما يهم الإنسان في دنياه وآخرته.
ومن بين ما تضمن، الحديث عن ظواهر كونية عديدة ومتنوعة: تحدث عن الشمس والقمر والنجوم والسماء والأرض وما إلى ذلك من الظواهر الفلكية. راميًا وراء ذلك التذكير بقدرة الصانع المبدع، وفي الوقت نفسه رمى ما يمكن ان تتيح معرفة تلك الظواهر من منافع دنيوية بشرية.
وقد خص الشمس والقمر بعدد كبير من الآيات، فهما ظاهرتان ماثلتان أمام العيون، وذاتا فوائد كثيرة ومباشرة. فمثلًا جعل القمر مرجعًا أساسيًا لحساب الوقت وتنظيمه، نضبط به أيامنا وشهورنا وسنينا لكي لا نعيش فوضى زمنية. وهو وسيلة حسية سهلة لافتة للنظر لا يمكن أن يغفلها إنسان.
فمن خلال حضوره الدائم يستطيع الإنسان أن يقطّع الامتداد الزمني المتشابه، إلى وحدات صغيرة وكبيرة يقيس بها الزمن، فهو أداة سهلة وواضحة وفي متناول الجميع، يرى كل الناس أوجهه المختلفة دون عناء، كل شهر متنقلًا، من هلال إلى نصف بدر إلى بدر إلى نصف بدر إلى هلال إلى اختفاء إلى ظهور جديد… ليبدأ شهر جديد وهكذا.. إنّه وسيلة فطرية رائعة لحساب الزمن… وحين تساءل الناس عن الفائدة من هذه التشكيلات أجاب القرآن صريحًا: هي مواقيت للناس، قال تعالى: « يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ …».
الرسول والرؤية البصرية
وإذا لم يذكر القرآن الكريم طريقة صريحة لإثبات الهلال في أوائل الشهور القمرية التي جعلها الله للناس، فقد جاء الرسول الأكرم ليفصل ما ورد في القرآن أو ليتحدث بأحاديث نبوية هي الأُخرى من الله تعالى، حسب ما ذكر القرآن نفسه « وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إلاّ وَحْيٌ يُوحَى » مقدرًا كلامه عن وفق طبيعة المجتمع الذي يعيش فيه، آخذًا بنظر الاعتبار درجه علم الفلك في زمنه، وما يفهمه الناس من العلوم الفلكية والثقافية القليلة التي يمتلكونها والبيئة الطبيعة التي يمكن أن يرى فيها الهلال… ليقع كلامه في موقعه المناسب
لقد قالها صريحة، قال بالرؤية البصرية الفطرية التي يمكن أن يدركها، بسهوله أي فرد في مجتمعه دون أي عناء، فقد ورد تأكيد الرؤية المباشرة من خلال نصوص متشابهة وكثيرة، ذكرتها أمّهات الكتب الحديثية والصحاح والمسانيد، منها مثلًا: قوله - صلى الله عليه وسلم- عن البخاري: «إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيمتموه فافطروا»، وقوله صلى الله عليه وسلم عن مسلم: «فصوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته فإن أغمى عليكم فاقدروا له ثلاثين»، وقوله صلى الله عليه وسلم عن أبي جعفر صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فافطروا وليس بالرأي ولا بالتظني ولكن بالرؤية».
وقوله صلى الله عليه وسلم عن أبي عبد الله : «صم لرؤية الهلال وافطر لرؤيته»(18). وهناك نصوص مشابهة في مسند أحمد وسنن النسائي وسنن الترمذي وغيرهم مما يطول ذكره. قال (الرسول الأعظم) تلك النصوص دون أيّة إشارة إلى الحساب كطريقه أخرى، ويعنى هذا أن الرؤية المباشرة هي الوسيلة الأساسية في عصره.
الحساب وتطور علم الفلك
بعد ركود فلكي طويل نسبيًا، امتد من صدر الإسلام إلى بداية العصر العباسي، انشغل فيه المسلمون بشؤون الدعوة الإسلامية، بالجهاد ونشر الدين، وفي الوقت نفسه بإرساء علوم القرآن والدين كالفقه والحديث والكلام وما صاحبها من بلاغه ونحو وشعر ونثر، كما المحنا إلى ذلك.
بعد تلك الفترة، وبعد انفتاح المسلمين على العالم الخارجي، وبحثٍ من القرآن الكريم على العلم والثقافة، اندفع المسلمون نحو العلوم التي كانت سائدة في الأُمم المجاورة، قراءةً وترجمة وتفسيرًا، فترجموا كتب الحكمة والطب والفلك والرياضيات وغيرها وتكونت ثروة علمية تفاعلت مع المادة الإسلامية الجديدة، وما ورثوه من العصر الجاهلي، ليتحول إلى علم إسلامي متطور حل محل العلم القديم، بل وتفوق عليه بما غذته عقول علماء المسلمين التي تملك ما لا تملك العقول اليونانية والفارسية والهندية القديمة وغيرها من العقول القديمة.
وفي القرن الثالث الهجري تطور علم الفلك وظهرت أزياج فلكية عديدة (والأزياج جداول فلكية) وكان علماء الفلك المسلمون يجددونها باستمرار، وتحتوي الأزياج عاده على أرقام وقيم لحركات الكواكب ومواقعها. واشتهر منها (الزيج الممتحن) وهو نوع من الأزياج خضع للاختبار والامتحان زمن المأمون. وعرفت منها أزياج شهيرة كالزيج الصابي للبتاني، والزيج الايلخاني للطوسي وزيج ابن الشاطر وزيج الغ بك وغيرها.
وتطور الفلك أكثر ليظهر علماء افذاذ كالصوفي والبتاني والبيروني والطوسي وابن الشاطر وغيرهم، وتظهر معهم نظريات وأفكار جديدة مهدت للنظرية الفلكية الحديثة (نظرية كوبرنيكوس).
ومع كل ذلك التطور لم يقفز علم الفلك الإسلامي القفزة العلمية المطلوبة، لم يتغير نوعيا، لم يتحول من مركزية الأرض إلى مركزية الشمس الحديثة، ولم يحدث ذلك إلاّ في العصر الحديث يوم أعلن كوبرنيكوس (توفي سنة 1543) عن نظرية مركزية الشمس بدلا من مركزية الأرض، ويوم طور النظرية كل من كبلر وغاليلو ونيوتن وعلماء الفلك الحديث.
وهنا بدأ علم الفلك الحديث خطواته الكبيرة، ففصل (أي علم الفلك) التنجيم عن جسمه، وتوالى ظهور النظريات والاكتشافات العلمية، والأجهزة الفلكية المتنوّعة، وعلى رأسها التلسكوب الذي فتح باب السماء على مصراعيه، وأجهزة أخرى.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.