الإعلام الغربى يناصر الجماعات المتطرفة على حساب الشعوب العربية.. وفر المنابر لنهضة تونس وجماعة بديع.. يرى 30 يونيو انقلابًا ويتجاهل الإرادة الشعبية.. جلاليب الإخوان أوقعت فيسك فى فخ التحيز
شن الإعلام الغربي بعض الهجمات الشرسة على ثورة 30 يونيو التي أطاحت بالرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين والذي حاول توطيد سطلته في الحكم له ولجماعته، ولم يعمل كرئيس لكل المصريين ولم يوف بوعوده الانتخابية.
فالرأي العام الغربي تحول بين ليلة وضحاها من معادٍ للحركات الأصولية أو الأحزاب السياسية الإسلامية في البلدان العربية إلى متفهم لها ولمطالبها ورغباتها في المشاركة بالحكم في أكثر من بلد، بدءًا من تونس ومصر والأردن وانتهاءً بفلسطين.
فصحيفة الجارديان البريطانية، التي كغيرها من الصحف الغربية على جانبي المحيط الأطلسي، ناصبت الحركات الإسلامية العداء على مدى سنين وحذرت من خطرهم، تحول موقفها ونشرت مقال بعنوان "الإخوان في مصر قوة لا يمكن للعالم أن يتجاهلها بعد".
أجل هذه هى الرسالة التي بدأت تبشر بها وسائل الإعلام الغربية الرأي العام، وظهر هذا التوجه الجديد في الإعلام الغربي بعد سقوط نظام حكم الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن على، حيث فجأة بدأت وسائل الإعلام الغربية في تسليط الضوء على حركة "النهضة" الإسلامية ومعارضيها، رغم صغر دورهم في انتفاضة تونس وقلة عددهم. فذلك لم يجر في وسائل إعلام راديكالية أو ليبرالية، بل في المحطات الإذاعية والتليفزيونية الرسمية التابعة لهيئة الإذاعة والتليفزيون البريطانية (بي بي سي).
وتمت استضافة ممثلي حركة "النهضة" في أكثر من برنامج تليفزيوني وإذاعي وأفردت لهم صفحات في الصحف للحديث عن حركتهم وعرض مواقفهم، على نحو غير مسبوق، لدرجة أن بعض وسائل الإعلام العربية تبعت وسائل الإعلام الغربية في هذا الاتجاه الجديد وظهرت كأنها تحذو حذوها في تأييد حركة النهضة والترويج لها.
لكن المسألة لم تقتصر على تونس، فما أن انطلقت الهبة الشعبية في مصر حتى انتقل الاهتمام الغربي بالحركات الإسلامية من تونس إلى مصر وتبعه أيضًا إلى الأردن.
وفي البداية كان تعامل وسائل الإعلام الغربية مع الحركة الإسلامية في مصر حذرًا جدًا ولم يخل من التخويف والربط بين إخوان مصر والتنظيمات الإرهابية. لكن بسرعة وبقدرة قادر تحوّل الاهتمام واكتسب لهجة جديدة.
فنجد أن بعض الكتاب الغربيين مصرون على أن ما حدث في مصر 30 يونيو انقلابا عسكريا ويشنون هجوما قويًا على الرغم من أن القانون الدولي ينص على أن الانقلاب يشن من قبل جماعات مسلحة أو الجيش ليستولي على السلطة ولكن ما حدث في مصر مخالف فالجيش أطاح بمرسي بناءً على إرادة الشعب ولم يستول على السلطة، بل سارع في إنشاء خارطة الطريق وأخذت الخطوات للعمل بها وسلم السلطة لحكومة مدنية مؤقتة إلى أن تجري الانتخابات في غصون ستة أشهر، فكيف يمكن لهذا أن يصبح انقلابًا؟
ونرى الكاتب البريطاني الكبير "روبرت فيسك" يصر في مقالاته على مهاجمة 30 يونيو ويصف ما حدث بأنه انقلاب، وفي مقال له كتب أن الفقراء يدعمون مرسي والأغنياء يدعمون الجيش، لارتداء أنصار الإخوان الجلاليب والأحذية البلاستيكية، فهل يعرف فيسك أن الجماعات الإسلامية هى زيها المفضل ارتداء الجلباب لكي يحكم عليهم بأنهم فقراء وأن المناهضين لمرسي هم الأغنياء لارتدائهم النظارات الشمسية.
وفي مقال له عقب زيارته لاعتصام رابعة العدوية عقب أحداث المنصة، قال: إنه شاهد أسلحة كلاشينكوف باعتصام رابعة رغم ادعاء الإخوان الدائم بأنهم غير مسلحين، وفي مقاله اليوم نجد فيسك يستنكر وصف القتلي من أنصار مرسي بأنهم إرهابيون، على الرغم من شكوى سكان مدينة نصر منهم وقتل الإخوان للعديد وتعذيبهم للكثير من الأشخاص لاعتقادهم بأنهم جواسيس عليهم، ويريدون أن يندسوا بينهم، فمن يقتل ويخطف ويعذب أليس هذا من أفعال الإرهاب؟
وانتقد فيسك في مقاله اليوم بصحيفة الإندبندنت البريطانية، الدول الغربية مما يجري في مصر، منبها إلى أن مصر الآن على حد تعبيره في يد جنرال يعتبر علاقات بلاده مع إسرائيل أهم من أي انقلاب، وأن الحفاظ على معاهدة السلام مع تل أبيب أهم من أي ديمقراطية في القاهرة، فكيف يمكن أن يصف من خرج ملبيًا لإرادة الشعب، بأنه يهتم بالاتفاقية مع إسرائيل أكثر من بلاده وتحقيق الديمقراطية فيها، ألم يكن خروج الجيش والإطاحة بمرسي تحقيقا لرغبة الشعب لتحقيق الديمقراطية التي نادوا بها في ثورة 2011.
ولم تكتف الصحف الغربية بوصف ما حدث في مصر بل هناك العديد من الصحف التي تنادي بقطع المساعدات العسكرية عن مصر لكي تكون شوكة في ظهر الجيش المصري الذي يحصل على مساعدات سنوية بمقدار مليار دولار مساعدات عسكرية، فصحيفة التايمز البريطانية دعت اليوم الولايات المتحدة الأمريكية بقطع المساعدات عن مصر حتى يتوقف القتل في مصر، لأن الفترة التي تعيشها مصر الآن أسوأ فترة في تاريخ ثورة 25 يناير لعام 2011، منذ الإطاحة بالرئيس الأسبق حسني مبارك.
وأشارت الصحيفة إلى توجيه تهم للرئيس المعزول محمد مرسي، تهم جنائية بالتخابر والقتل مع جهات أجنبية، حركة حماس الفرع الفلسطيني لجماعة الإخوان، متوقعة نقل مرسي على إثر هذه الاتهامات إلى سجن طره، إذ يوجد مبارك.
ونوهت كاتبة المقال "برونوين مادوكس" إلى تصريح اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية الذي أعلن فيه اعتزامه إعادة أجهزة الأمن والمخابرات التي تقول: إنها كانت تحمي نظام مبارك في الثلاثين عاما الماضية.
وترى "مادوكس" أن مثل هذه الخطوات يعتبرها إبراهيم طريقا إلى الأمن والاستقرار، بل إنها أقرب إلى الحرب الأهلية، ودعت "مادوكس" الرئيس أوباما إلى وقف الإعانات الأمريكية لمصر، لأن النظام الحالي أسقط حكومة منتخبة ديمقراطيا.