خفايا الاتفاق الإيراني السعودي.. تسويق واقعي للنظام العالمي الجديد برعاية الصين
لم تتوقف التكهنات والتحليلات منذ لحظة الاتفاق بين السعودية وإيران، بيد أن أهم الانعكاسات التى يحملها هذا الاتفاق أنه جرى بعيدا عن الولايات المتحدة الأمريكية، التى كانت دائمًا تزعم أنها الوحيدة القادرة على حل الأزمات المعقدة، ليظهر التنين الصينى باعتباره لاعبا عالميا جديدا ويثبت قدرته على حل النزاعات، مما يغذى فكرة تعدد الأقطاب التى تنادى بها الصين لإدارة المجتمع الدولى.
وحسب خبراء سينعكس الاتفاق على أمن منطقة الشرق الأوسط، التى كانت تجهزها الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل لحرب إقليمية مفتوحة بين الدول العربية وإيران، ولكن الصين نجحت فى أن تغلق ذلك الباب الأمر الذى يفتح صراعًا استراتيجيا جديدا بين أمريكا والصين فى منطقة الشرق الأوسط، وتخشى إسرائيل أن يؤثر ذلك الاتفاق على مفاوضات التطبيع التى تجريها مع المملكة العربية السعودية وأيضًا علاقتها مع دول عربية أخرى.
لم يكن أقصى المتفائلين يتصور أن الصراع الصفرى بين إيران والسعودية قد ينتهى فى أي لحظة، إذ يجمع البلدين مصالح متناقضة ومتضاربة.
فى تفاصيل الاتفاق، استقرت إيران المملكة العربية السعودية على عودة العلاقات بينهما إلى طبيعتها وإعادة فتح السفارات فى كلا البلدين، الأمر الذى أثار ردود فعل إيجابية سواء فى منطقة الشرق الأوسط والعالم بأثره، خاصة فى توقيت الإعلان.
انعكاسات اتفاق إيران والصين على الشرق الأوسط
لم تتوقف التكهنات والتحليلات منذ لحظة الاتفاق، بيد أن أهم الانعكاسات التى يحملها هذا الاتفاق أنه جرى بعيدا.
وحسب خبراء سينعكس الاتفاق على أمن منطقة الشرق الأوسط، التى كانت تجهزها الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل لحرب إقليمية مفتوحة بين الدول العربية وإيران، ولكن الصين نجحت فى أن تغلق ذلك الباب الأمر الذى يفتح صراع استراتيجى جديد بين أمريكا والصين فى منطقة الشرق الأوسط، وتخشى إسرائيل أن يؤثر ذلك الاتفاق على مفاوضات التطبيع التى تجريها مع المملكة العربية السعودية وأيضًا علاقتها مع دول عربية أخرى.
على مستوى ردود الفعل الدولية، رحبت معظم الدول العربية ودول منطقة الشرق الأوسط والمنظمات الدولية بالاتفاق بين البلدين، حيث أعربت دول الخليج الإمارات وعمان وقطر عن ترحيبهم بالاتفاق الموقع بين طهران والرياض، إذ ترى دول المنطقة أن الاتفاق بادرة إيجابية لإنهاء أزمات منطقة الشرق الأوسط، وتحقيق التنمية الاقتصادية فى المنطقة ورفاهية الشعوب.
يقول السفير جمال بيومى مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن اتفاق إيران والسعودية سيفتح الباب أمام الدول العربية لإعادة علاقتها مع إيران أسوة بقرار الرياض، وهو ما يغلق باب الحرب الإقليمية والصراعات التى تشهدها المنطقة، وتوقع بيومى أن تعيد مصر علاقتها مع إيران، ولكن فى الوقت الذى تراه القاهرة مناسب لذلك، ويحقق مصالح وأمن منطقة الشرق الأوسط.
وساطة العراق والصين فى المفاوضات
وفقا لمصادر مطلعة، الاتفاق تم بجهود كبيرة من المفاوضات بين البلدين، بدأت بواسطة من العراق، واستكملت بتدخل الصين التى أصبحت الوسيط الأساسى لإنهاء الأزمة العالقة بين البلدين، وتضمن اتفاق إيران والسعودية على البنود الآتية:
1- الموافقة على استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما وإعادة فتح سفارتيهما وممثلياتهما خلال مدة أقصاها شهران.
2- التأكيد على احترام سيادة الدول وعدم التدخل فى شئونها الداخلية.
3- يعقد وزيرا الخارجية فى البلدين اجتماعًا لتفعيل ذلك وترتيب تبادل السفراء ومناقشة سبل تعزيز العلاقات بينهما
4- تفعيل اتفاقية التعاون الأمني بينهما، الموقعة فى 17/4/2001م والاتفاقية العامة للتعاون فى مجال الاقتصاد والتجارة والاستثمار والتقنية والعلوم والثقافة والرياضة والشباب، الموقعة بتاريخ 27/5/1998 م.
5- الحرص على بذل كافة الجهود لتعزيز السلم والأمن الإقليمى والدولى.
ومن جانبه قال الدكتور طارق فهمى، إن الاتفاق بين السعودية وإيران له تأثير كبير على الإدارة الأمريكية، مشيرا إلى أن إدارة بايدن ستدخل فى حالة من التخبط بسبب هذا الاتفاق المفاجئ، مرجحًا أن يكون لها ردود سلبية، خاصة أن مفاوضات الاتفاق النووى مع إيران مازالت متوقفة، مع دخول النصف الثانى من ولاية بايدن.
وتابع: الاتفاق بين إيران والسعودية سيؤدى إلى انعكاسات سلبية على موقف إدارة بايدن من الاتفاق النووى مع إيران، وسيضطرها لتسريع الاتفاق أو تغيير بعض بنوده الأمر الذى قد يعرقله بالأساس.
وأوضح فهمى أن الاتفاق بين إيران والسعودية، يعنى أنه لن يكون للولايات المتحدة الأمريكية أو إسرائيل دور مباشر فى منطقة الخليج العربى، والزج بلاعبين إقليمين جديدين على رأسهم الصين، الأمر الذى سيهدد نفوذ واشنطن فى هذه المنطقة، وبالتالى تهديد شعبية الرئيس جو بايدن، الذى يتعرض لانتقادات حادة فى الداخل الأمريكى.
وحول الموقف الإسرائيلى من اتفاق إيران والسعودية، ذكر فهمى أن حكومة نتنياهو تراقب هذا الاتفاق الذى سيؤدى إلى تجميد مفاوضات التطبيع بين إسرائيل والمملكة، وسيكون له تأثير سلبى على الاتفاقات التى وقعتها تل أبيب وعدد من الدول العبية الأخرى، خاصة فى حال قيام هذه الدول بتطبيع علاقتها مع إيران.
وذكر طارق فهمى، أن الاتفاق بين إيران والسعودية سيكون له تأثير كبير أيضًا على منطقة الشرق الأوسط، وخاصة أن هناك الكثير من الملفات العالقة بين البلدين على رأسها القضية الفلسطينية وأمن الخليج، والملف العراقى واليمنى، والبرنامج النووى.
واستكمل فهمى: «الخطوة مهمة ولها تأثيرات إيجابية على المنطقة، ولكن هناك تحفظ أمريكى على هذا الاتفاق»، مضيفا أن واشنطن تشكك فى التزام طهران، وما يثير الحفيظة الأمريكية هو الدور الصينى المباشر فى هذه الاتفاقية متوقعا أن تخلف تأثيرات سلبية فى العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية بعد أن ظهرت الصين باعتبارها حجز الزاوية فى هذا الاتفاق.
الاتفاق لن يمنع إيران عن دعم المليشيات
وفى السياق ذاته قال أيمن سلامة، عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية، أن الاتفاق الذى وقعته السعودية وإيران مهم جدا من أجل إصلاح النزعات بين الدولتين الجارتين، والتى وصلت ذروتها بعد اقتحام السفارة السعودية فى طهران وقطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
وأكد سلامة، أن إيران لن تتخلى عن سياستها التوسعية فى منطقة الشرق الأوسط والعربية بالأخص، على الرغم من توقيع الاتفاقية مع السعودية لافتا إلى وجود تباين واختلاف كبير بين السياسة التى تنتهجها السعودية والسياسة الإيرانية، مؤكدا أن الرياض تحترم سيادة دول المنطقة على عكس طهران التى تعبث وتتدخل فى الشئون الداخلية لدول الجوار.
وأشار سلامة إلى أن إيران لديها يقين أن هناك 4 دول (العراق، لبنان، اليمن وسوريا) تشكل مجالا حيويا لإيران، وتعتبر طوقا استراتيجيا ولن تسمح طهران لدولة أخرى بكسر ذلك الطوق.
ونوه سلامة إلى أن إيران لن تتراجع عن دعم الحوثى أو مليشياتها فى المنطقة، لأن ذلك يعتبر ضمن عقيدتها الاستراتيجية، موضحا أن هناك فرق بين العلاقات الدبلوماسية والعقيدة الاستراتيجية لدى الدول، مستشهدا بأن العديد من دول العالم المتحاربة تبقى على اتصالاتها الدبلوماسية.
واستطرد: «هناك مزيد من الملفات العالقة بين إيران والسعودية أهمها الملف اليمنى، والدعم العسكرى الذى تقدمه طهران للحوثيين»، حيث يرى سلامة أن الهوة متسعة والشقة بعيدة بين الدولتين، لافتا إلى جهود الوساطة الكبيرة التى بذلتها سلطنة عمان على مدار 4 سنوات ماضية من أجل إعادة العلاقات بين إيران والسعودية إلى طبيعتها، مما أسهم بشكل كبير فى هذا الاتفاق بين البلدين.
وذكر سلامة أن هناك عوائق كثيرة بين مصر وإيران تقف فى وجه مسألة تطبيع العلاقات بين البلدين والتى من بينها، إطلاق اسم قاتل الرئيس الراحل أنور السادات خالد الإسلامبولى وتكريمه وإطلاق اسمه على أكبر شوارع العاصمة الإيرانية، واتهام إيران لمصر بالتآمر ضدها بعد أن استقبلت شاه إيران سنة 1979.
ولفت إلى أن الدور الإقليمى الذى تلعبه مصر وحرصها على الأمن القومى العربى يجعلها تتحفظ على التدخلات الخارجية الإيرانية فى دول الإقليم.
نقلًا عن العدد الورقي…،