كارثة الملء الرابع لـ«سد النهضة».. القاهرة تدعو إثيوبيا إلى التحلي بالمسؤولية وتحذرها من إجراءات لا تراعي المصلحة
فصل جديد من الصراع بين مصر وإثيوبيا يفرض نفسه على الواقع بعد أن أصرت دولة المنبع على ملء رابع مع اقتراب الصيف، ويبدو أن مؤشرات 2023 تؤكد أن العام الجديد أكثر تعقيدا مع استمرار تهاون إثيوبيا بالأمن المائى لمصر والسودان فى ظل التغيرات المناخية المتطرفة وتباين معدلات الأمطار وعدم القدرة على التنبوء بها، وسط تعنت أديس أبابا ورفضها التعاون الكامل مع مصر والسودان وتوقيع اتفاق إطارى ملزم يضمن حقوق مصر والسودان فى حالة تراجع إيراد نهر النيل وانخفاض منسوب النهر فى موسم الفيضان.
معدلات التخزين
ويتوقع خبراء أن يصل معدل التخزين فى بحيرة سد النهضة خلال الملء الرابع ليصل إلى منسوب 30 مليار متر مكعب، وهو المعدل الذى يعنى دخول سد السرج المكمل لأول مرة إلى الخدمة، وأداء دوره الرئيسى فى زيادة قدرة بحيرة سد النهضة على احتجاز ما يصل إلى 74 مليار متر مكعب، حيث يشكل سد السرج حائط الصد أمام جريان المياه إلى الوادى المفتوح غرب جسد السد، والذى كان المعضلة الأساسية أمام رفع القدرة الاستيعابية لبحيرة السد منذ أن وضع مجلس الاستصلاح الأمريكى مخططه الهندسى لبناء سد فى موقع سد النهضة الحالى بطاقة استيعابية قصوى تصل إلى 14 مليار متر مكعب فقط، ولا يمكن زيادتها بسبب الوادى المفتوح عند ارتفاع هذا المنسوب فى جهة الغرب، قبل أن تقرر إثيوبيا فى زمن ميليس زيناوى بناء سد السرج المكمل للوصول إلى أهدافها بمضاعفة القدرة الاستيعابية للسد 5 مرات.
ويتوقع الدكتور عباس شراقى، أستاذ الجيولوجيا والمياه فى جامعة القاهرة، أن تعمل إثيوبيا خلال الفترة الجارية على زيادة ارتفاع سد النهضة حوالى 20 مترا لتخزين حوالى 13 مليار متر مكعب، ليصبح إجمالى التخزينات الأربعة 30 مليار متر مكعب، مشيرًا إلى أن التخزين الرابع يمثل ثلثى الملء فى المراحل السابقة مجتمعة.
ووفقا للتقارير الإثيوبية فإن طول سد السرج 5 كم ويبلغ ارتفاعه 50 مترا وعرضه 40 مترا عند القمة، وهو سد ركامى صخرى مغلف بطبقة خرسانية، وهو نفس أسلوب تشييد السد العالي، وعكس سد النهضة الذى شيد بالخرسانة بالكامل.
ولفت الدكتور عباس شراقى إلى أن سد السرج تصميمه مقوس، حيث تقع الجهة المقعرة مواجهة للبحيرة وهو عكس السدود العالمية المقوسة وهو ما يشكل خطورة فى حالة ملء البحيرة وزيادة الضغط عليه.
وأضاف شراقى أن السد المكمل هو المسئول عن زيادة السعة التخزينية أكثر من 14 مليار م3، وأن العام الجارى سيشهد بدء ملامسة المياه لسد السرج واختباره عمليا، مشيرا إلى أنه حتى فترة الملء الثالث كانت المياه على بعد مترين عن سد السرج، ولم تشكل أي ضغوط مائية عليه.
تحذيرات مصرية
وكانت مصر استعرضت فى أكثر من مناسبة بالمحافل الدولية والإقليمية مخاطر ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبى بدون اتفاق قانونى ملزم ينظم عملية الملء وإدارة الفيضان بين إثيوبيا ومصر والسودان، حيث حذرت مصر من إمكانية تسبب ذلك فى أزمة مياه وغذاء بسبب عدم الاتفاق على إدارة فترات الجفاف والجفاف الممتد، وهو ما قد يهدد بالانتقاص من حصة مصر المائية وتعريض الأمن الغذائى داخل مصر للخطر.
ووفقا لتقرير صادر عن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائى عام 2022، فإنه فى حال استغرقت عملية الملء 5 سنوات فقط، كما خططت إثيوبيا، سيزيد معدل النقص التراكمى لمياه السد العالى بأسوان إلى 92 مليار م3، موزعة على مدى عدة سنوات، وسرعان ما سينخفض منسوب المياه فى بحيرة ناصر إلى 147م، فيتعذر تعويض الفاقد من المياه.
وعلاوة على ذلك، سيكون لملء سد النهضة الإثيوبى الكبير وتشغيله تأثيرا سلبيا فى إنتاج السد العالى من الطاقة الكهرومائية، فمثلا حال استغرقت عملية ملء سد النهضة 5 سنوات ستصل التكلفة المرتبطة بانخفاض إنتاج السد العالى من الطاقة الكهرومائية بعد 10 سنوات من عملية الملء إلى نحو 16.4 مليار دولار، مما يعوق قدرة مصر على ضمان حصول الجميع بتكلفة ميسورة على خدمات الطاقة الموثوقة والمستدامة.
جدير بالذكر ان مواصله اثيوبيا لسياستها والاستعداد للملء الرابع دفع سامح شكري وزير الخارجيه الى التصريح خلال لقاء مع نظيره الكيني انه مع اقدام اثيوبيا على الملء الرابع الاحادي اصبح هناك ضروره ان تتحلى اثيوبيا بالمسؤوليه وان تراعي مصلحه دول المصب واذا لم يتم ذلك سوف تدافع الدوله المصريه عن مصالح شعبها.
نقلًا عن العدد الورقي…،