حدث في رمضان.. انهيار الإمبراطورية الساسانية تمامًا في خلافة عثمان بن عفان
حدث في رمضان، في الثالث والعشرين من عام 31 هجريا أعلن عن انهيار الإمبراطورية الساسانية تمامًا في خلافة عثمان بن عفان، بعد مقتل يزدجرد بن شهريار آخر شواهين الفرس، وكانت أغلب بلاده قد افتتحت على يد المسلمين قبل ذلك.
الإمبراطورية الساسانية
والإمبراطورية الساسانية هو الاسمُ الذي استعملَ للإمبراطورية الفارسية الثانية (226 – 651)، ويرجع تسمية الساسانيين إلى الكاهن الزرادشتي ساسان، الذي كان جَدا لأول ملوك الساسانيين أردشير الأول.
وأُسّستْ السلالة الساسانية مِن قِبل الملك أردشير الأول، بعد هَزيمة ملكِ البارثيين/ الفرثيين الإشكانيين الأخير أرتبانوس الرابع، وانتهتْ عندما حاول ملك الدولة الساسانية الأخير يزدجرد الثالث (632 – 651) مقاومة جيوش الخلافة الإسلامية الراشدة المبكرة؛ (أوّل الإمبراطوريات الإسلامية لمدة 14 سنة).
أرض الإمبراطوريةَ الساسانية شملت كلًّا من: إيران اليوم، العراق، وأجزاء من أرمينيا وأفغانستان، والأجزاء الشرقية من تركيا، وأجزاء من باكستان، وقد سمى الساسانيون إمبراطوريتهم (إيران شهر)؛ أي: سيادة الإيرانيين الآريين، وقد جاء في أطلس تاريخ الإسلام (ص49): «هناك مبالغة في نصوص تصوير اتساع دولة فارس في العصر الإيراني؛ لأن فارس لم تكن قط في أي عصر من عصور تاريخها قبل الإسلام دولة ثابتة الحدود، إنما كانت حدودها تتسع أحيانا في عصور الملوك الأقوياء، وتنقبض في عصور الضعفاء، وهم الأكثرون».
العصر الساساني
العصر الساسانی يحيط طول فترة العصر القديمِ المتأخّرةِ، ويعتبر أحد العوامل المهمة المؤثرة في تاريخ إيران القديم، وقد شهدت الفترة الساسانية الإنجاز الأعلى للميدية، كما شكّلتْ هذه الفترة الإمبراطوريةَ الإيرانيةَ العظيمةَ الأخيرةَ قبل الفتوحات الإسلامية وتبني الإسلام.
وأَثرت بلاد فارس على الحضارة الرومانية إلى حدٍّ كبير أثناء العهد الساساني، وتأثيرهم الثقافي يَمتدُّ أبعد كثيرا إلى ماوراء حدودِ الإمبراطورية الإقليمية؛ حيث يَصِلُ بقدر ما إلى أوروبا الغربية، أفريقيا، الصين، والهند، وأيضا لعب دورا بارزا في تشكيلِ أنواع من الفنون في القرون الوسطى الأوروبية والآسيوية، وقد دخل هذا التأثير العالم الإسلامي مبكرا، فتحوّلتْ به ثقافة السلالةِ الفريدةِ والأرستقراطية والفتح الإسلاميَ لإيران إلى عصر نهضةٍ فارسي.
كسرى الثاني
يشار هنا إلى أنه قد جاء بعد كسرى الثاني إثنا عشرَ ملكا من ضمنهم اثنتان مِنْ بناتِ كسرى الثاني سباهبود وشهرباراز، وضعفت الإمبراطوريةَ الساسانية إلى حدِّ كبير، وتغيرت قوَّة السلطة المركزية على أيدي جنرالاتِ الجيش، واستغرقت هذه الفوضى عِدّة سَنَوات لظهور ملك قوي بعد سلسلة من الانقلابات العسكرية.
وفي ربيع سنة 632 م، ظهر يزدجرد الثالث حفيد الملك كسرى الأول الذي توالت عليه أيضا الهزائم من قبل المسلمين وعقب تلك الهزائم المتتالية للجيوش الفارسية أمام المسلمين هرب يزدجرد الثالث مع نبلاء الدولة الفارسية من عاصمة الإمبراطورية نهاوند إلى المحافظة الشمالية خوزستان
ويزدجرد الثالث هو ملك الفرس الذي كانت نهاية دولة الفرس الساسانية في عهده على أيدي العرب المسلمون سنة 636 م بعد انتصار المسلمين في معركة القادسية بقيادة سعد بن أبي وقاص على جيش الفرس الذي كان يقوده رستم.
وظل الوضع هكذا حتى تمكن المسلمون من فتح بلاد فارس كلها، وتم لهم الأمر بمقتل يزدجرد الثالث سنة 651 م وكانت نهاية الإمبراطورية الساسانية عقب ذلك مباشرة.
نبوءة فتح فارس
وتنبأ الرسول مُحمَّد صلى الله عليه وسلم تنبأ بفتح فارس على يد المُسلمين قبل سنواتٍ عديدةٍ من وُقوع هذا الأمر، كما أشار إلى أنَّ أهلها سيُسلمون وسيحسُن إسلامهم بعد ذلك، ووردت في ذلك عدَّة أحاديث، ومن ذلك حديثٌ رواه الإمام مُسلم بن الحجَّاج في صحيحه عن جابر بن سمُرة عن نافع بن عُتبة عن الرسول أنَّهُ قال: «تَغْزُونَ جَزِيرَةَ الْعَرَبِ فَيَفْتَحُهَا اللهُ، ثُمَّ فَارِسَ فَيَفْتَحُهَا اللهُ، ثُمَّ تَغْزُونَ الرُّومَ فَيَفْتَحُهَا اللهُ، ثُمَّ تَغْزُونَ الدَّجَّالَ فَيَفْتَحُهُ اللهُ».
وفي حديثٍ آخر ورد في صحيح مُسلم، نقلًا عن جابر بن سمُرة أيضًا، أنَّ الرسول مُحمَّد قال: «لَتَفْتَحَنَّ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ كَنْزَ آلِ كِسْرَى الَّذِي فِي الْأَبْيَضِ»، وعن عُدي بن حاتم الطائيّ قال: « بَيْنَا أَنَا عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ، فَشَكَا إِلَيْهِ الْفَاقَةَ، ثُمَّ أَتَاهُ آخَرُ فَشَكَا إِلَيْهِ قَطْعَ السَّبِيلِ، فَقَالَ: " يَا عَدِيُّ، هَلْ رَأَيْتَ الْحِيرَةَ ؟ " قُلْتُ: لَمْ أَرَهَا، وَقَدْ أُنْبِئْتُ عَنْهَا، قَالَ: " فَإِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ، فَلَتَرَيَنَّ الظَّعِينَةَ تَرْتَحِلُ مِنَ الْحِيرَةِ حَتَّى تَطُوفَ بِالْكَعْبَةِ لا تَخَافُ أَحَدًا إِلا اللَّهُ "، قُلْتُ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ نَفْسِي: فَأَيْنَ دُعَّارُ طَيِّئٍ الَّذِينَ قَدْ سَعَّرُوا الْبِلادَ، "وَلَئِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ، لَتُفْتَحَنَّ كُنُوزَ كِسْرَى"، قُلْتُ: كِسْرَى بْنُ هُرْمُزَ ؟ قَالَ: " كِسْرَى بْنُ هُرْمُزَ، وَلَئِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ لَتَرَيَنَّ الرَّجُلَ يُخْرِجُ مِلْءَ كَفِّهِ مِنْ ذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ، يَطْلُبُ مَنْ يَقْبَلُهُ مِنْهُ، فَلا يَجِدُ أَحَدًا يَقْبَلُهُ مِنْهُ…"».
وأشار عُدي إلى أنَّه رأى الظعينة ترتحل من الحيرة حَتَّى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله، وكان فيمن افتتحوا كُنوز كسرى بن هُرمز بالفعل. وورد في سُنن النسائي رواية مفادها أنَّ الرسول مُحمَّد عندما كان وأصحابه يحفرون الخندق حول المدينة للحيلولة بينها وبين مُشركي قُريش، ظهرت لهم صخرة حالت بينهم وبين الحفر، فقام النبيّ محمد وأخذ المِعول ووضع ردائه ناحية الخندق وقال: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلا لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾، وضرب الحجر فكسر ثُلثه، وينقُلُ سلمان الفارسيّ أنَّ البرق لمع مع تلك الضربة، وكرَّر ذلك ثلاثًا حتَّى كسر الصخرة كُلَّها، ثُمَّ خرج وجلس، فسألهُ سلمان: «يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْتُكَ حِينَ ضَرَبْتَ مَا تَضْرِبُ ضَرْبَةً إِلَّا كَانَتْ مَعَهَا بَرْقَةٌ»، فقال لهُ النبيّ: «يَا سَلْمَانُ رَأَيْتَ ذَلِكَ؟»، فردَّ عليه: «إِي وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ يَا رَسُولَ اللَّهِ»، قال: «فَإِنِّي حِينَ ضَرَبْتُ الضَّرْبَةَ الْأُولَى رُفِعَتْ لِي مَدَائِنُ كِسْرَى وَمَا حَوْلَهَا وَمَدَائِنُ كَثِيرَةٌ، حَتَّى رَأَيْتُهَا بِعَيْنَيَّ»، فسأله سلمان: «ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَفْتَحَهَا عَلَيْنَا وَيُغَنِّمَنَا دِيَارَهُمْ، وَيُخَرِّبَ بِأَيْدِينَا بِلَادَهُمْ»، فدعا النبيُّ بذلك.