مستريح الإنترنت النهب «أون لاين».. واتصالات النواب: الحكومة بريئة والمتهم الأول غياب الوعي
الأمية التكنولوجية والطمع، أسلحة النصب الجديدة التى لا ينفع معها قانون، ولا يجوز معها إدانة سياسية للحكومة أو غيرها من المؤسسات المعنية، وتطرح القضية نفسها بقوة، بعد أن أصبحت ظاهرة فريدة من نوعها وكأنها طاعون العصر، إذ تتوالى أخبار نصابى الإنترنت وضحاياههم بالآلاف، وآخرها تطبيق «هوج بول»، الذى استدرج ضحاياه بطريقته، وحصل منهم على مليارات الجنيهات وانتهى أمره فى لحظات.
اللافت أن عمليات النصب الإلكترونى تتكرر بسرعة كبيرة، يعاد تدوير الأذى بسيناريوهات متقاربة، ومع ذلك يجد عدد كبير من المواطنين راحة غريبة فى تلبية شهوة النصابين باقتناص أموالهم، من خلال الاستسلام لغرائزهم فى تكديس المال والربح السريع دون منطق أو أعمال عقل فى الإعلانات الداعية للاشتراك فى منصات ربح بآلاف الجنيهات يوميا.
من أجل المساهمة فى تحصين الوعى تفتح «فيتو» الملف، تتحاور مع كل الأطراف المعنية، لعل وعسى، قد يسهم ذلك فى إنقاذ ضحايا آخرين من فخاخ النصب الإلكترونى والمستريحين الجدد.
وخلال رحلة البحث عن تفاصيل القضية، وجدنا الكثيرين يلقون اللوم على الحكومة فى المراقبة، بينما رأى البعض الآخر أن الأزمة تكمن فى عدم وجود تشريعات تواجه مثل هذه المنصات مع أن الواقع يقول غير ذلك.
نص القانون
وينص القانون رقم 194 لسنة 2020 بإصدار قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى، على عقوبات صارمة بشأن إصدار العملات المشفرة أو النقود الإلكترونية أو الاتجار فيها أو الترويج لها أو إنشاء أو تشغيل منصات لتداولها أو تنفيذ الأنشطة المتعلقة بها دون الحصول على ترخيص.
وتضمنت العقوبات الواردة فى المادة 184 النص على: يحظر على أي شخص طبيعى أو اعتباری غیر مرخص له طبقًا لأحكام هذا الفصل مزاولة أي نشاط يتضمن تشغيل نظم الدفع أو تقديم خدمات الدفع سواء كان ذلك من داخل جمهورية مصر العربية أو من خارجها للمقيمين فيها، ويشمل ذلك الجهات المنشأة بموجب قوانين خاصة.
كما يحظر على أي منشأة غير مسجلة طبقًا لأحكام هذا الفصل أن تستعمل كلمة مُشغل نظم دفع أو مقدم خدمات دفع أو أي تعبير يماثلها فى أي لغة، سواء فى تسميتها الخاصة أو فى عنوانها التجارى أو فى دعايتها إذا كان من شأن ذلك أن يثير اللبس لدى الجمهور.
ويجوز للبنك المركزى إنشاء نظم الدفع وتشغيلها دون التقيد بأحكام هذا الفصل.
وفى تطبيق أحكام هذا القانون، لا يعد من نظم الدفع أو خدمات الدفع كل من بورصات الأوراق والأدوات المالية، وبورصات العقود الآجلة، ونظم تسوية الأوراق والأدوات المالية، والشركات المرخص لها بمباشرة عمليات الإيداع والقيد المركزى للأوراق والأدوات المالية، وأمناء الحفظ، والنظم الداخلية لوزارة المالية التى لا تتضمن سداد أو تحصيل أموال من المتعاملين معها من موظفى الدولة أو من الأشخاص الطبيعية أو الاعتبارية الأخرى وما يترتب عليها من مقاصة أو تسوية أموال.
كما جاء فى المادة 206 من ذات القانون النص على: يحظر إصدار العملات المشفرة أو النقود الإلكترونية أو الاتجار فيها أو الترويج لها أو إنشاء أو تشغيل منصات لتداولها أو تنفيذ الأنشطة المتعلقة بها دون الحصول على ترخيص من مجلس الإدارة طبقًا للقواعد والإجراءات التى يحددها.
وبشأن العقوبات نص القانون بأن يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تجاوز عشرة ملايين جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من خالف أیا من أحكام المواد (٦٣، ١٨٤، ٢٠٥، ٢٠٦) من هذا القانون، وفى حالة العود يحكم بالحبس والغرامة معًا.
قصور تشريعي
وأمام هذا النص القانونى، أكدت النائبة مارثا محروس، عضو لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب، أنه لا يوجد هناك أي قصور تشريعى فى هذا المسألة، موضحة أن قانون البنك المركزى وقانون الفاتورة الإلكترونية، وغيرها من التشريعات تحظر التعامل فى مثل تلك المعاملات المالية.
وأرجعت عضو مجلس النواب السبب فى قضايا النصب إلى غياب الوعى، والسعى نحو تحقيق المكاسب السريعة بأقل مجهود، مستشهدة بواقعة «هوج بول» موضحة أنها ليست الأولى، إذ تكررت أكثر من مرة فى وقت سابق.
وأشارت النائبة، إلى أن هناك مشكلة فى مصر تكمن فى تعامل المواطنين مع التجارة الإلكترونية، وعدم التيقن من المنصات التى يتم التعامل معها، قائلة: تكرار الواقعة بنفس السيناريو ليس له علاقة بقصور تشريعى أو حكومى.
وقالت عضو لجنة الاتصالات بالبرلمان: من المهم أن يكون هناك نضج رقمى ووعى إلكترونى، لا سيما أن التجارة الإلكترونية لها قواعد، تحتاج التركيز للبعد عن التعرض للنصب أو المنصات الوهمية.
وأوضحت أن التجارة الإلكترونية المرخصة والرسمية يتم متابعتها من خلال الدول، إلا أن ما حدث هو أمر خارج عن القانون، وضمن الممارسات الوهمية.
وبشأن الرقابة المسبقة من الحكومة على مثل هذه الممارسات، قالت النائبة مارثا محروس: الطبيعى أن تكون الحكومة حاضنة للأعمال المقننة، ولكن المشكلة فى أن هذا العمل وهمى.
وجددت عضو مجلس النواب، التأكيد على أن البيئة التشريعية بها العديد من القوانين التى تواجه هذه الأعمال، وكلها تشريعات تضمن الشفافية والنزاهة، إلا أن المشكلة تكمن فى غياب الوعى الإلكترونى، قائلة: من الضرورى أن يكون هناك تحركات فاعلة لمحو الأمية الرقمية.
مسئولية الحكومة
من جانبه انتقد محمود قاسم، عضو مجلس النواب، فى بيان عاجل وجهه للدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس النواب، والدكتور محمد معيط، وزير المالية بسبب تجاهل التعليق الرسمى من الحكومة على واقعة نصب منصة «هوج بول».
وأشار النائب إلى أن الحكومة عليها دور كبير فى توعية المواطنين بجميع الحقائق حول كل ما يتعلق بواقعة منصة «هوج بول»، وكافة المنصات الوهمية، لا سيما أن هذه الأموال التى تعرض فيها الموطنين للنصب لا يمكن استعادتها مرة أخرى، وتساءل عضو مجلس النواب، عن دور الجهات الحكومية المسئولة عن مثل هذه الملفات وفى مقدمتها الهيئة العامة للرقابة المالية.
من جهته تقدم هشام الجاهل، عضو مجلس النواب، بطلب إحاطة بشأن النصب على المصريين من إحدى المنصات الرقمية على الإنترنت «هوج بول»، حيث استطاعت هذه المنصة من خلال عمليات الاحتيال والتحايل من خلال الإعلانات الوهمية جذب العديد من المواطنين الذين وقعوا ضحية لها.
وشدد عضو مجلس النواب، بضرورة فتح تحقيق موسع بهذا الشأن وتشديد الرقابة على مواقع التواصل الاجتماعى كى لا نعطى فرصة لانتشار مثل هذه المنصات التى تستهدف النصب على المواطنين.
وأكد النائب، أهمية أن يكون لوزارة الاتصالات والجهاز القومى للاتصالات دور فى تتبع ومواجهة الإعلانات والمنصات الوهمية والتى تعمل بدون ترخيص وبعيدا عن الغطاء القانونى، وتستهدف فى الأساس النصب على المواطنين بهدف الحصول على أموالهم.
نقلًا عن العدد الورقي…،