رئيس التحرير
عصام كامل

سيناريوهات “صراع الهيمالايا” بين الصين والهند… نيودلهي‭ ‬تغازل‭ ‬أمريكا‭ ‬وتتفاوض‭ ‬على‭ ‬طائرات‭ ‬دون‭ ‬طيار

صراع الهيمالايا،
صراع الهيمالايا، فيتو

الصراع‭ ‬بين‭ ‬الصين‭ ‬والهند‭ ‬يشتد‭ ‬للدرجة‭ ‬التى‭ ‬جعلت‭ ‬من‭ ‬كليهما‭ ‬خطرا‭ ‬شديدا‭ ‬على‭ ‬القارة‭ ‬الآسيوية‭ ‬كلها،‭ ‬إذ‭ ‬يتوقع‭ ‬الخبراء‭ ‬اندلاع‭ ‬حرب‭ ‬لا‭ ‬تبقى‭ ‬ولا‭ ‬تذر‭ ‬بين‭ ‬الدولتين‭ ‬النوويتين‭ ‬فى‭ ‬أى‭ ‬لحظة،‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬الظروف‭ ‬العالمية‭ ‬لا‭ ‬تهيئ‭ ‬لمثل‭ ‬هذا‭ ‬الصراع‭ ‬فى‭ ‬الوقت‭ ‬الحالى‭.‬


صحيفة‭ ‬‮«‬وول‭ ‬ستريت‭ ‬جورنال‮»‬‭ ‬الأمريكية‭ ‬تناولت‭ ‬كواليس‭ ‬الصراع،‭ ‬فى‭ ‬تقرير‭ ‬خطير‭ ‬نشرته‭ ‬الأسبوع‭ ‬الماضى،‭ ‬وقالت‭ ‬فيه‭ ‬إن‭ ‬الهند‭ ‬قد‭ ‬تنحاز‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬فى‭ ‬مواجهة‭ ‬الصين‭ ‬فى‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بـ«صراع‭ ‬الهيمالايا‮»‬‭.‬

 

طائرات بدون طيار

وأوضحت‭ ‬الصحيفة‭ ‬أن‭ ‬الهند‭ ‬تخطط‭ ‬لشراء‭ ‬مسيرات‭ ‬هجومية‭ ‬أمريكية‭ ‬متقدمة‭ ‬بدون‭ ‬طيار‭ ‬مسلحة‭ ‬على‭ ‬ارتفاعات‭ ‬عالية‭ ‬تتخطى‭ ‬40‭ ‬ألف‭ ‬قدم‭ ‬من‭ ‬نوع‭ ‬MQ-9B‭ ‬مجهزة‭ ‬بقدرات‭ ‬الحرب‭ ‬المضادة‭ ‬للغواصات،‭ ‬وكذلك‭ ‬الصواريخ‭ ‬المضادة‭ ‬للسفن‭ ‬والهجوم‭ ‬البرى،‭ ‬والتى‭ ‬لديها‭ ‬قدرة‭ ‬تحمل‭ ‬تتخطى‭ ‬الـ40‭ ‬ساعة‭ ‬فى‭ ‬الجو‭ ‬مما‭ ‬يجعلها‭ ‬مفيدة‭ ‬للمراقبة‭ ‬البحرية‭ ‬الهندية‭ ‬فى‭ ‬المحيط‭ ‬الهندى‭ ‬ضد‭ ‬الوجود‭ ‬البحرى‭ ‬الصينى‭.‬


وأشارت‭ ‬الصحيفة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الصفقة‭ ‬تكتسب‭ ‬زخمًا‭ ‬فى‭ ‬نيودلهى،‭ ‬ومن‭ ‬المحتمل‭ ‬الاتفاق‭ ‬عليها‭ ‬خلال‭ ‬الأسابيع‭ ‬القليلة‭ ‬المقبلة،‭ ‬وحال‭ ‬التوقيع‭ ‬عليها‭ ‬ستحتاج‭ ‬لموافقة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬الهند‭ ‬أول‭ ‬دولة‭ ‬ليست‭ ‬حليفة‭ ‬للولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تشترى‭ ‬النسخة‭ ‬المسلحة‭ ‬من‭ ‬الطائرات‭ ‬بدون‭ ‬طيار‭.‬


التوقعات‭ ‬التى‭ ‬نشرتها‭ ‬الصحيفة‭ ‬الأمريكية‭ ‬دفعت‭ ‬المتحدث‭ ‬باسم‭ ‬البنتاجون‭ ‬مارتى‭ ‬ماينرز‭ ‬للقول‭ ‬إن‭ ‬وزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمريكية‭ ‬لا‭ ‬تعلق‭ ‬على‭ ‬المبيعات‭ ‬العسكرية‭ ‬الخارجية‭ ‬المحتملة‭ ‬قبل‭ ‬إخطارها‭ ‬رسميا‭ ‬للكونجرس‭.‬


 ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬المخاوف‭ ‬التى‭ ‬سيطرت‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬بعد‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬الصفقة‭ ‬المتوقعة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الصينى‭ ‬تشين‭ ‬قانج،‭ ‬التقى‭ ‬وزير‭ ‬الشئون‭ ‬الخارجية‭ ‬الهندى‭ ‬سوبراهمانام‭ ‬جايشانكار‭ ‬وتعهدا‭ ‬بتحسين‭ ‬العلاقات‭ ‬الثنائية‭ ‬بين‭ ‬البلدين،‭ ‬وقال‭ ‬تشين‭: ‬‮«‬إن‭ ‬الصين‭ ‬والهند،‭ ‬باعتبارهما‭ ‬جارتين‭ ‬واقتصادين‭ ‬ناشئين‭ ‬كبيرين‭ ‬تجمعهما‭ ‬مصالح‭ ‬مشتركة‭ ‬أكثر‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬الخلافات،‭ ‬موضحا‭ ‬أنه‭ ‬يتعين‭ ‬على‭ ‬الجانبين‭ ‬التمهيد‭ ‬لإحداث‭ ‬توافق‭ ‬بين‭ ‬قادة‭ ‬البلدين،‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬الحوار‭ ‬وحل‭ ‬الخلافات‭ ‬بشكل‭ ‬مناسب.

‬وتعزيز‭ ‬تحسين‭ ‬العلاقات‭ ‬الثنائية‭ ‬والمضى‭ ‬قدما‭ ‬فى‭ ‬العلاقات‭ ‬بثبات،‭ ‬لافتا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬بلاده‭ ‬مستعدة‭ ‬لتسريع‭ ‬استئناف‭ ‬التبادلات‭ ‬والتعاون‭ ‬مع‭ ‬الهند‭ ‬فى‭ ‬مختلف‭ ‬المجالات،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬استئناف‭ ‬الرحلات‭ ‬الجوية‭ ‬المباشرة‭ ‬فى‭ ‬أقرب‭ ‬وقت‭ ‬ممكن،‭ ‬وتسهيل‭ ‬التبادلات‭ ‬الشعبية‭.‬


ومن‭ ‬جانبه،‭ ‬قال‭ ‬جايشانكار‭ ‬إن‭ ‬الجانب‭ ‬الهندى‭ ‬يوافق‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬ينبغى‭ ‬فهم‭ ‬العلاقات‭ ‬الثنائية‭ ‬وتحسينها‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬تاريخى‭ ‬ومن‭ ‬منظور‭ ‬استراتيجى،‭ ‬كما‭ ‬ينبغى‭ ‬إنشاء‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬منصات‭ ‬التعاون‭ ‬لتعزيز‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬الهند‭ ‬والصين‭ ‬على‭ ‬المسار‭ ‬الصحيح،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الوضع‭ ‬الحالى‭ ‬على‭ ‬الحدود‭ ‬يستقر‭ ‬تدريجيا،‭ ‬لذا‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬الجانبين‭ ‬العمل‭ ‬معا‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬السلام‭ ‬والهدوء‭ ‬فى‭ ‬المناطق‭ ‬الحدودية‭.‬

 

صراع الهيمالايا

وتعليقًا‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬أثير‭ ‬مؤخرًا‭ ‬من‭ ‬مخاوف‭ ‬مناصرة‭ ‬الهند‭ ‬لأمريكا‭ ‬فى‭ ‬مواجهة‭ ‬جارتها‭ ‬النووية‭ ‬الصين،‭ ‬عبر‭ ‬صراع‭ ‬الهيمالايا،‭ ‬قال‭ ‬عماد‭ ‬الأزرق،‭ ‬رئيس‭ ‬مركز‭ ‬التحرير‭ ‬للدراسات‭ ‬والبحوث،‭ ‬إن‭ ‬الصراع‭ ‬الهندى‭ ‬–‭ ‬الصينى‭ ‬تاريخى‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬عام‭ ‬1947‭ ‬عند‭ ‬استقلال‭ ‬الهند‭ ‬عن‭ ‬بريطانيا‭ ‬التى‭ ‬منحتها‭ ‬هضبة‭ ‬شمال‭ ‬شرقى‭ ‬البلاد،‭ ‬بينما‭ ‬ترى‭ ‬الصين‭ ‬أنها‭ ‬ملكا‭ ‬لها‭.‬


أضاف‭: ‬حدة‭ ‬الصراع‭ ‬تتباين‭ ‬بين‭ ‬الجانبين‭ ‬بحسب‭ ‬الظرف‭ ‬التاريخى‭ ‬والسياسى،‭ ‬إذ‭ ‬بلغت‭ ‬ذروتها‭ ‬عام‭ ‬1962‭ ‬عندما‭ ‬وقعت‭ ‬حربا‭ ‬حدودية‭ ‬خاطفة‭ ‬بين‭ ‬الجانبين،‭ ‬هزُمت‭ ‬فيها‭ ‬القوات‭ ‬الهندية‭ ‬وسيطرت‭ ‬الصين‭ ‬على‭ ‬مرتفعات‭ ‬أقساى‭ ‬تشين‭ ‬التى‭ ‬تفصل‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭.‬


وتابع‭: ‬‮«‬كانت‭ ‬آخر‭ ‬مواجهة‭ ‬كبيرة‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬فى‭ ‬عام‭ ‬2017،‭ ‬حين‭ ‬بدأت‭ ‬الصين‭ ‬فى‭ ‬شق‭ ‬طريق‭ ‬عسكرى‭ ‬على‭ ‬تلة‭ ‬استراتيجية‭ ‬قرب‭ ‬حدودها‭ ‬تعرف‭ ‬بهضبة‭ ‬‮«‬دوكلام‮»‬‭ ‬والتى‭ ‬تربط‭ ‬بين‭ ‬أراض‭ ‬صينية‭ ‬وهندية‭ ‬وبوتانية،‭ ‬وانتهت‭ ‬تلك‭ ‬الواقعة‭ ‬بتراجع‭ ‬القوات‭ ‬من‭ ‬كافة‭ ‬الأطراف،‭ ‬ليبقى‭ ‬الصراع‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭ ‬قائما‭ ‬ومعرضا‭ ‬دوما‭ ‬للاشتعال‭ ‬فى‭ ‬أية‭ ‬لحظة‭.‬


وأوضح‭ ‬أن‭ ‬الهند‭ ‬بلا‭ ‬شك‭ ‬تجيد‭ ‬قراءة‭ ‬الوضع‭ ‬الدولى‭ ‬والصراع‭ ‬المشتعل‭ ‬حاليا‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬الحرب‭ ‬الأوكرانية‭ ‬–‭ ‬الروسية،‭ ‬والاحتشاد‭ ‬الغربى‭ ‬فى‭ ‬مواجهة‭ ‬روسيا،‭ ‬وانتهاز‭ ‬واشنطن‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬لممارسة‭ ‬ضغوط‭ ‬شديدة‭ ‬على‭ ‬بكين‭ ‬باعتبارها‭ ‬الحليف‭ ‬الاستراتيجى‭ ‬لروسيا‭ ‬للتأثير‭ ‬على‭ ‬التعاون‭ ‬المشترك‭ ‬بين‭ ‬موسكو‭ ‬وبكين‭.‬


وأكد‭ ‬أن‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬أصبحت‭ ‬تعتبر‭ ‬الصين‭ ‬المهدد‭ ‬الاستراتيجى‭ ‬الأول‭ ‬لها،‭ ‬ما‭ ‬دفع‭ ‬نيودلهى‭ ‬لاستغلال‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬الطائرة‭ ‬المسيرة‭ ‬الأمريكية‭ ‬المتقدمة‭ ‬والتى‭ ‬ترى‭ ‬واشنطن‭ ‬فى‭ ‬ذلك‭ ‬ردا‭ ‬لاعتبار‭ ‬تكنولوجيتها‭ ‬فى‭ ‬مواجهة‭ ‬توسع‭ ‬روسيا‭ ‬فى‭ ‬حربها‭ ‬مع‭ ‬أوكرانيا‭ ‬بالاعتماد‭ ‬على‭ ‬الطائرات‭ ‬المسيرة‭ ‬الإيرانية‭.‬


استكمل‭: ‬وفقا‭ ‬لذلك،‭ ‬فإن‭ ‬استعانة‭ ‬الهند‭ ‬بالولايات‭ ‬الأمريكية‭ ‬فى‭ ‬صراعها‭ ‬مع‭ ‬الصين‭ ‬أمر‭ ‬وارد‭ ‬فى‭ ‬إطار‭ ‬الوضع‭ ‬الجيوسياسى‭ ‬العالمى،‭ ‬وفى‭ ‬إطار‭ ‬التوجهات‭ ‬الأمريكية‭ ‬لتشكيل‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬التحالفات‭ ‬والتكتلات‭ ‬فى‭ ‬آسيا‭ ‬والمحيط‭ ‬الهادى‭ ‬لمحاصرة‭ ‬الصين‭ ‬اقتصاديا‭ ‬وعسكريا‭ ‬ونفسيا،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬وضح‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تكوين‭ ‬تحالف‭ ‬‮«‬أوكوس‮»‬،‭ ‬الذى‭ ‬يضم‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وبريطانيا‭ ‬وأستراليا‭ ‬وتحالف‭ ‬‮«‬كواد‮»‬‭ ‬الذى‭ ‬يضم‭ ‬كلًّا‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬واليابان‭ ‬وأستراليا‭ ‬والهند،‭ ‬وغيرهما‭.‬


ولفت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬إقدام‭ ‬الهند‭ ‬على‭ ‬شراء‭ ‬هذه‭ ‬النوعية‭ ‬من‭ ‬الطائرات‭ ‬المسيرة‭ ‬الأمريكية‭ ‬يؤشر‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬ربما‭ ‬ينحرف‭ ‬الصراع‭ ‬الهندى‭ ‬–‭ ‬الصينى‭ ‬عن‭ ‬كونه‭ ‬صراعا‭ ‬حدوديا‭ ‬على‭ ‬أراض‭ ‬جبلية‭ ‬إلى‭ ‬صراع‭ ‬ممتد‭ ‬وشامل،‭ ‬لافتا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الصفقة‭ ‬المفترض‭ ‬إتمامها‭ ‬تتعلق‭ ‬بشراء‭ ‬الطائرات‭ ‬بدون‭ ‬طيار‭ ‬المتقدمة‭ ‬من‭ ‬نوع‭ ‬“MQ-9B”‭ ‬المجهزة‭ ‬بقدرات‭ ‬الحرب‭ ‬المضادة‭ ‬للغواصات،‭ ‬وكذلك‭ ‬الصواريخ‭ ‬المضادة‭ ‬للسفن‭ ‬والهجوم‭ ‬البرى،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يعزز‭ ‬أيضًا‭ ‬جهود‭ ‬المراقبة‭ ‬البحرية‭ ‬الهندية‭ ‬فى‭ ‬المحيط‭ ‬الهندى‭.‬


وأوضح‭ ‬أن‭ ‬إجراءات‭ ‬شراء‭ ‬الأسلحة‭ ‬الأمريكية‭ ‬تأخذ‭ ‬بعض‭ ‬الوقت،‭ ‬إذ‭ ‬يجب‭ ‬أولا‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬موافقة‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬لجان‭ ‬الكونجرس‭ ‬الأمريكى‭ ‬بغرفتيه‭ ‬قبل‭ ‬الموافقة‭ ‬النهائية،‭ ‬ويستلزم‭ ‬ذلك‭ ‬إجراء‭ ‬مناقشات،‭ ‬لافتا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الصفقة‭ ‬متوقع‭ ‬إتمامها‭ ‬فى‭ ‬النصف‭ ‬الثانى‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬2023،‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬قد‭ ‬تمت‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬تتحدث‭ ‬عنه‭ ‬أى‭ ‬تقارير‭ ‬رسمية‭ ‬أو‭ ‬صحفية،‭ ‬موضحا‭ ‬أنها‭ ‬ستنتهى‭ ‬بشكل‭ ‬سلس‭ ‬وبدون‭ ‬أى‭ ‬تحفظ‭ ‬نظرا‭ ‬للعلاقات‭ ‬العسكرية‭ ‬الوطيدة‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭.‬


ومن‭ ‬جانبه،‭ ‬قال‭ ‬الدكتور‭ ‬مهدى‭ ‬عفيفى،‭ ‬عضو‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطى‭ ‬الأمريكى،‭ ‬إنه‭ ‬لا‭ ‬يعتقد‭ ‬وقوع‭ ‬صراع‭ ‬بين‭ ‬الهند‭ ‬والصين‭ ‬فى‭ ‬المستقبل‭ ‬القريب،‭ ‬لافتا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أمريكا‭ ‬لن‭ ‬تسمح‭ ‬بذلك‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬اندلاع‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية‭ ‬وما‭ ‬ترتب‭ ‬عليهما‭ ‬من‭ ‬أزمات‭ ‬للعالم‭ ‬أجمع‭.‬

 

مناوشات القوى الكبرى

وتابع‭: ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬مجرد‭ ‬مناوشات‭ ‬طبيعية‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى‭ ‬لإثبات‭ ‬الذات‭ ‬ليس‭ ‬أكثر،‭ ‬فالصين‭ ‬والهند‭ ‬ليس‭ ‬لديهما‭ ‬استعداد‭ ‬لذلك‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يتأثر‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادى‭ ‬لكليهما‭ ‬بشكل‭ ‬سلبى‭ ‬مما‭ ‬قد‭ ‬يدفع‭ ‬المواطنين‭ ‬للقيام‭ ‬بثورة،‭ ‬لكن‭ ‬فى‭ ‬حالة‭ ‬قيام‭ ‬صراع‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭ ‬وذلك‭ ‬مستبعد‭ ‬تماما‭ ‬فى‭ ‬الوقت‭ ‬الحالى‭ ‬لن‭ ‬تترك‭ ‬أمريكا‭ ‬الهند‭ ‬بمفردها‭ ‬نظرا‭ ‬للتعاون‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭ ‬فى‭ ‬مجالات‭ ‬كبرى‭.‬


وعن‭ ‬شراء‭ ‬المسيرات‭ ‬الأمريكية،‭ ‬أكد‭ ‬عفيفى‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬أيضًا‭ ‬مستبعد،‭ ‬إذ‭ ‬تحاول‭ ‬أمريكا‭ ‬أن‭ ‬تنأى‭ ‬بنفسها‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الصراع،‭ ‬إلا‭ ‬لو‭ ‬احتدم‭ ‬بشكل‭ ‬كبير،‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬فعلا‭ ‬أن‭ ‬تحتاج‭ ‬الهند‭ ‬للمسيرات‭ ‬الحديثة‭ ‬التى‭ ‬لا‭ ‬تمتلكها‭ ‬سوى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وهما‭ ‬نوعان‭ ‬فقط،‭ ‬وشراؤهما‭ ‬يحتاج‭ ‬أموالًا‭ ‬باهظة‭ ‬وتدريبات‭ ‬خاصة‭.‬


وأكد‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬تتعاون‭ ‬أمريكا‭ ‬مع‭ ‬الهند‭ ‬لمواجهة‭ ‬الصين،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الاتفاق‭ ‬بشأن‭ ‬تلك‭ ‬الصفقة‭ ‬المزعومة‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬ممكنا‭ ‬الاتفاق‭ ‬عليه،‭ ‬إلا‭ ‬فى‭ ‬حال‭ ‬وقوع‭ ‬صراع‭ ‬حقيقى‭ ‬بين‭ ‬الطرفين،‭ ‬موضحا‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تتحفظ‭ ‬على‭ ‬بيع‭ ‬بعض‭ ‬الأسلحة‭ ‬بأى‭ ‬ثمن‭ ‬كان‭ ‬لضمان‭ ‬التفوق‭ ‬الأمريكى،‭ ‬وحتى‭ ‬لا‭ ‬تكشف‭ ‬أسرارها‭ ‬حال‭ ‬سقوطها‭ ‬وإعادة‭ ‬هندستها‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭.‬


وبدروها‭ ‬قالت‭ ‬تمارا‭ ‬برو،‭ ‬الباحثة‭ ‬فى‭ ‬الشأن‭ ‬الصينى،‭ ‬إن‭ ‬الهند‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬تتفقان‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬الصين‭ ‬وكبح‭ ‬صعودها،‭ ‬موضحة‭ ‬أن‭ ‬لدى‭ ‬الهند‭ ‬مشكلات‭ ‬حدودية‭ ‬مع‭ ‬الصين،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الأخيرة‭ ‬ترتبط‭ ‬بعلاقات‭ ‬صداقة‭ ‬باكستان‭ ‬والأخيرة‭ ‬على‭ ‬مشكلات‭ ‬كبير‭ ‬مع‭ ‬الهند‭.‬


وأشارت‭ ‬الباحثة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬نيودلهى‭ ‬عضو‭ ‬فى‭ ‬تحالف‭ ‬‮«‬كواد‮»‬‭ ‬الرباعى،‭ ‬الذى‭ ‬يسعى‭ ‬للتصدى‭ ‬لنفوذ‭ ‬الصين‭ ‬فى‭ ‬منطقة‭ ‬المحيطين‭ ‬الهندى‭ ‬والهادئ،‭ ‬كما‭ ‬تجرى‭ ‬مناورات‭ ‬عسكرية‭ ‬مشتركة‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭.‬


ولفتت‭ ‬إلى‭ ‬إجراء‭ ‬مناورات‭ ‬العسكرية‭ ‬بين‭ ‬الدولتين‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬خط‭ ‬السيطرة‭ ‬الفعلية‭ ‬على‭ ‬الحدود‭ ‬المتنازع‭ ‬عليها‭ ‬بين‭ ‬الصين‭ ‬والهند،‭ ‬بعد‭ ‬نهاية‭ ‬الحرب‭ ‬الصينية‭ ‬الهندية‭ ‬عام‭ ‬1962،‭ ‬كما‭ ‬يتبادل‭ ‬كبار‭ ‬المسئولين‭ ‬الزيارات‭ ‬التى‭ ‬تهدف‭ ‬لتعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬العسكرى‭ ‬بين‭ ‬الجانبين،‭ ‬فأمريكا‭ ‬تعتبر‭ ‬الصين‭ ‬منافسها‭ ‬الوحيد‭ ‬وتسعى‭ ‬بشتى‭ ‬الطرق‭ ‬لمحاصرتها‭ ‬وتشكيل‭ ‬الأحلاف‭ ‬لمواجهتها‭ ‬وفرض‭ ‬العقوبات‭ ‬عليها‭ ‬لذلك‭ ‬من‭ ‬الطبيعى‭ ‬أن‭ ‬تقف‭ ‬أمريكا‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الهند‭.‬


وتابعت‭ ‬برو‭: ‬‮«‬تشهد‭ ‬المنطقة‭ ‬الحدودية‭ ‬المتنازع‭ ‬عليها‭ ‬بين‭ ‬الصين‭ ‬والهند‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭ ‬اشتباكات‭ ‬ومناوشات‭ ‬وبعدها‭ ‬تهدأ‭ ‬الأمور‭ ‬بين‭ ‬الطرفين،‭ ‬مضيفة‭: ‬لا‭ ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬الجانبين‭ ‬سيدخلان‭ ‬فى‭ ‬صراع‭ ‬عسكرى،‭ ‬لأن‭ ‬كليهما‭ ‬لا‭ ‬يريد‭ ‬الحرب،‭ ‬فالصين‭ ‬لا‭ ‬تود‭ ‬الدخول‭ ‬فى‭ ‬أى‭ ‬صراع‭ ‬مع‭ ‬الهند،‭ ‬وتريد‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادى‭ ‬لتعويض‭ ‬خسائرها‭ ‬من‭ ‬كوفيد19‭ ‬الذى‭ ‬فرضت‭ ‬بسببه‭ ‬حظرا‭ ‬لمدة‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات،‭ ‬وكذلك‭ ‬أزمة‭ ‬العقارات‭ ‬والحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية‭.‬


وعن‭ ‬المناقشات‭ ‬حول‭ ‬صفقات‭ ‬الطائرات‭ ‬بدون‭ ‬طيار‭ ‬بين‭ ‬أمريكا‭ ‬والهند،‭ ‬أوضحت‭ ‬الباحثة‭ ‬أنها‭ ‬بدأت‭ ‬عام‭ ‬2017،‭ ‬وفى‭ ‬العام‭ ‬2019‭ ‬وافقت‭ ‬حكومة‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬على‭ ‬الصفقة‭ ‬بيد‭ ‬أن‭ ‬المفاوضات‭ ‬تم‭ ‬تعليقها‭ ‬لفترة‭ ‬طويلة‭.‬


لكن‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يبدو،‭ ‬فإن‭ ‬زيارة‭ ‬مستشار‭ ‬الأمن‭ ‬القومى‭ ‬الهندى‭ ‬أجيد‭ ‬دوفان‭ ‬لأمريكا‭ ‬فى‭ ‬يناير‭ ‬الماضى‭ ‬ولقائه‭ ‬المسئولين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬ونظيره‭ ‬جاك‭ ‬سوليفان‭ ‬أعادت‭ ‬إحياء‭ ‬الصفقة‭ ‬التى‭ ‬تبلغ‭ ‬قيمتها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬3‭ ‬مليارات‭ ‬دولار،‭ ‬والمتمثلة‭ ‬فى‭ ‬شراء‭ ‬30‭ ‬طائرة‭ ‬بدون‭ ‬طيار‭ ‬لتعزيز‭ ‬المراقبة‭ ‬على‭ ‬طول‭ ‬حدودها‭ ‬مع‭ ‬الصين‭ ‬وتتبع‭ ‬السفن‭ ‬الحربية‭ ‬الصينية‭ ‬فى‭ ‬منطقة‭ ‬المحيط‭ ‬الهندى،‭ ‬وستتعاون‭ ‬واشنطن‭ ‬مع‭ ‬نيودلهى‭ ‬أيضًا‭ ‬فى‭ ‬تطوير‭ ‬الطائرات‭ ‬المسيرة‭ ‬وتصديرها‭ ‬لدول‭ ‬أخرى‭ ‬فى‭ ‬المنطقة‭.‬
 

نقلًا عن العدد الورقي…،

الجريدة الرسمية