المصرى للتأمين يرصد حجم الاستثمارات فى مجال التكنولوجيا والتأمين
يمثل الاهتمام الحالي بالتأمين متناهى الصغر تغييرا جوهريًا عن الاعتقاد الذي كان سائدًا في وقت سابق من هذا العقد بأن هناك العديد من التحديات تواجه انتشار التأمين متناهي الصغر. فقد اعتبرت معظم شركات التأمين أن منتجات التأمين متناهي الصغر مكلفة للغاية وأن عرض تلك المنتجات محفوف بالمخاطر، حيث إن تصميم منتجات التأمين متناهى الصغر وتسويقها وإدارتها باهظ التكلفة كما هو الحال مع المنتجات التقليدية.
و قال الاتحاد المصري للتأمين فى نشرته الاسبوعية، إن الاستثمارات الضخمة في التكنولوجيا المالية Fintech وتكنولوجيا التأمين InsurTech تعمل اليوم بنجاح على حل معضلة التأمين متناهى الصغر. وتمكين شركات التأمين بشكل متزايد من التعامل معه كفرصة تجارية قابلة للتطبيق. حيث تعمل التقنيات والمنصات والمنهجيات الجديدة على تغيير طرق استهداف العملاء ذوي الدخل المنخفض والطبقة المتوسطة الناشئة في البلدان النامية وأيضًا جمع المعلومات المتعلقة بهم، مما يتيح تطوير حلول خاصة يمكنها تلبية احتياجات العملاء مع التغلب على التحديات المتضمنة في تكلفة تصميم المنتجات وتوزيعها وتقديم الخدمات الخاصة بها وإدارة المطالبات.
خدمة السوق
على مدى السنوات العديدة الماضية، برزت منصات الهاتف المحمول كقناة التوزيع المفضلة في الاقتصادات النامية. ففي منتصف عام 2015، تجاوز الهاتف المحمول في آسيا جميع الأجهزة الأخرى (الأجهزة اللوحية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة وأجهزة الكمبيوتر المكتبية) مجتمعة باعتباره الجهاز المفضل للوصول إلى الإنترنت، ونمت حصته منذ ذلك الحين. واعتبارًا من مايو 2018، أصبح الهاتف المحمول يمثل أكثر من ثلثي وسائل الوصول إلى الإنترنت في آسيا.
ويتم توزيع نسبة متزايدة من التأمين متناهى الصغر في آسيا عبر مشغلي شبكات الهاتف المحمول (MNOs). ومن خلال هذه المنصات المتنقلة، يتم البحث عن العملاء، وبيع المنتجات، وتحصيل الأقساط، وتقديم المطالبات ودفعها.
وتشير التقديرات حاليا إلى أن مشغلي شبكات الهاتف المحمول في آسيا يوفرون تغطية تأمينية لأكثر من 40 مليون فرد. ويتميز التسويق والتوزيع عبر الأجهزة المحمولة بأنه أقل تكلفة بكثير وأكثر فاعلية من التسويق المباشر وجهًا لوجه - خاصة بالنسبة للعملاء الأصغر سنًا الذين اعتادوا على إدارة معظم جوانب حياتهم من خلال هواتفهم المحمولة.
أهمية الهاتف المحمول
تعمل شركات التأمين متناهى الصغر على الاستفادة من منصات مزودي خدمات الهاتف المحمول لإنشاء أنظمة للمعاملات المالية الأساسية للتأمين وهي تحصيل الأقساط وسداد المطالبات. تتيح الخطط القائمة على قسط التأمين إمكانية دفع الأقساط عبر البث أو الأموال عبر الهاتف المحمول أو نقدًا. وتمكن خدمات تحويل الأموال القائمة على الهاتف المحمول المستخدمين من الترتيب لإرسال واستقبال المدفوعات في المتاجر الشريكة وعبر أجهزتهم المحمولة، ولها قوة جذب في البلدان الآسيوية النامية. تشتمل نماذج الهاتف المحمول الإضافية على منتجات التأمين متناهى الصغر ذات الولاء، والتي تكون مجانية للعميل وتدفعها شركات مشغلى شبكات الهاتف المحمول، ومنتجات "freemium"، حيث يمكن للمستخدمين اختيار منتج أساسي مجانًا ثم إثرائه مقابل رسوم اشتراك.
بصرف النظر عن التسهيلات التكنولوجية، فإن زيادة القدرة على تحصيل الأقساط إلكترونيًا تعد ميزة إضافية لعمليات التأمين متناهى الصغر.
ومع ذلك، فإن الهاتف المحمول ليس القناة الوحيدة لتوزيع منتجات التأمين متناهى الصغر في آسيا. فالبنوك والحكومات ومقدمي الخدمات الآخرين يقومون بدور نشط أيضا. ففي الفلبين مثلًا، توزع الشركات وثائق التأمين متناهى الصغر من خلال محلات الرهن،و دور الجنازات وحتى تجار الدراجات النارية.
المعرفة المالية
تعني خدمة سوق التأمين متناهى الصغر في آسيا أكثر من مجرد إيجاد طريقة للوصول إلى العملاء المحتملين والتعرف عليهم فهي تعنى أيضًا تزويدهم بالمعرفة المالية والتأمينية الأساسية. فعلى الرغم من أن الأفراد ذوي الدخل المنخفض (السوق الطبيعية للتأمين متناهى الصغر) لديهم احتياجات واضحة للتأمين، إلا أن انخفاض مستوى المعرفة المالية والتأمينية في العديد من الدول النامية في آسيا، وخاصة في المناطق الريفية أدى إلى نقص نسبة الأفراد الذين لديهم حسابات مصرفية أو يتعاملون بأي شكل مع النظام المصرفي.
و قد أدت التطورات الحديثة في تقنيات الذكاء الاصطناعي ومعالجة اللغة الطبيعية (NLP) أيضًا إلى تعزيز مساحة التأمين - ليس فقط في التسويق والبيع والإدارة، ولكن أيضًا في القدرة على التعليم. وتعمل ربوتات الدردشة Chatbots المتخصصة في التأمين التي تستخدم كواجهات متطورة للذكاء الاصطناعى على تعزيز وتحسين الكيفية التى تتواصل شركات التأمين مع العملاء الحاليين والمحتملين سواء لبيع المنتج أو تثقيف العملاء أو توفير الدعم للعملاء، ويمكن إجراء التخاطب (الدردشة) مع العميل عن طريق الصوت أو النص مما يتيح معالجة أكثر فعالية وكفاءة للأعمال الجديدة وطلبات التعويضات وغيرها من الاحتياجات.
في اليابان، صدر قانون التأمين متناهى الصغر وقصير الأجل (SSI) في عام 2006. هذه المنتجات، التي توفر التأمين على الحياة لمدة عام واحد أو أقل، والتأمين على غير الحياة لمدة عامين أو أقل، يتم تقديمها حاليًا من قبل حوالي 100 شركة، وقد شهدت نموا مستقرا في السنوات الأخيرة.
و من المهم أن ندرك أن منتجات التأمين الأصغر لا ينبغي أن تكون نسخًا مختزلة من المنتجات التقليدية. فنظرًا لاختلاف احتياجات العملاء، تحتاج المنتجات إلى أن تكون مصممة بشكل مناسب لتلبية هذه الاحتياجات.
فهم سمات العميل
تعمل البلدان النامية بنشاط على جمع وتحليل البيانات المتعلقة بسكانها لتصميم استراتيجيات التسويق. وتعد سجلات الهاتف المحمول حاليًا هي المصدر الرئيسي للبيانات التي يعتمد عليها للتعرف على سمات العميل من خلال : وقت المكالمة ومدتها وأرقام الاتصال وتوقيت ومبلغ المدفوعات المسبقة التي تمت من خلال الهاتف المحمول، والتى يتم تحليلها بطرق جديدة من جانب مسئولي التمويل متناهى الصغر لصياغة درجات الائتمان الملائمة لكل عميل.
وإذا ما طبق نهج مماثل على التأمين متناهى الصغر، فإنه سيتطلب إحراز تقدم تكنولوجي وإدخال التعديلات اللازمة على اللوائح والأنظمة ذات الصلة.
دور الهيئة العامة للرقابة المالية (القرار رقم 292 لسنة 2023)
تتبنى الهيئة العامة للرقابة المالية رؤية طموحة لميكنة الخدمات المالية غير المصرفية بداية من إصدار المنتجات والترخيص للمهنين وصولا الى تمكين الشركات المالية غير المصرفية من تسويق وتوزيع منتجاتها إلكترونيا وذلك لتعزيز مستويات الشمول المالي والتأميني والاستثماري، لتوسيع قاعدة المستفيدين من الخدمات والأنشطة المالية غير المصرفية.
وقد أصدر مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية، القرار رقم 292 لسنة 2023 بتعديل القرار رقم 902 لسنة 2016، ليسمح بإضافة شركات الاتصالات والمتاجر الالكترونية المرخص لها بمزاولة النشاط من الجهات المختصة والتي توافق عليها الهيئة، إلى القنوات المسموح لها بتسويق وثائق التأمين متناهي الصغر النمطية الكترونيًا من خلال شبكة نظم المعلومات.
و يأتى السماح لشركات التأمين بالتعاقد مع المتاجر الالكترونية لتمكين جموع المتعاملين معها من التأمين على المنتجات التي يتم شراؤها، وكذلك مع شركات الاتصالات لتسويق وتوزيع وثائق التأمين متناهية الصغر النمطية الالكترونية،و يستهدف مساعدة شركات التأمين في تسويق وثائقها لتعزيز مستويات الشمول التأميني وحماية للمتعاملين من المخاطر المؤمن ضدها.
حدد القرار المتاجر الإلكترونية بأنها المواقع أو المنصات الإلكترونية على شبكة المعلومات الدولية ” الإنترنت” والتي تقوم بعرض المنتجات المختلفة (السلع والخدمات) وتتضمن قوائم للسلع والخدمات المعروضة والمعلومات الأساسية عنها، وتقدم مجموعة متكاملة من العمليات تشمل التوزيع والتسويق والبيع وسداد قيمة المنتجات المختلفة بشكل إلكتروني، والمرخص لها من الجهات المعنية بذلك.
ويمثل القرار خطوة هامة لتنمية الأسواق وتيسير عملية الاكتتاب في الوثائق التأمينية لزيادة حماية المتعاملين من المخاطر المختلفة التي من الممكن التأمين ضدها بما يساهم في الحفاظ على مقدرات المؤمن له، حيث يتضمن ضوابط لاختيار شركات الاتصالات والمتاجر الإلكترونية لحماية حقوق حاملي الوثائق.
كما يتكامل القرار الجديد مع جهود الهيئة لتعزيز مستويات الشمول التأميني باستخدام التطبيقات التكنولوجيا، حيث يوسع قاعدة الجهات المسموح لها بتسويق وثائق التأمين، بما يسهل من عملية وصول أكبر فئات من المجتمع الى المنتجات التأمينية المختلفة.
وأشار الاتحاد المصري للتأمين، إلى أنه يُعد التوزيع، الذي غالبًا ما يوصف بأنه أصعب مرحلة من مراحل صناعة التأمين، ضروريًا لاستمرارية التأمين متناهى الصغر على المدى الطويل.
ونظرًا لأن التبني الرقمي السريع أصبح ضرورة لكل من شركات التأمين والمستهلكين، فمن المأمول أن تأخذ نماذج التوزيع الجديدة سوق التأمين متناهي الصغر خطوة للأمام نحو سد فجوة التأمين للمستهلكين ذوي الدخل المنخفض.
بالإضافة إلى عمل لجنة التأمين متناهي الصغر والمشروعات الصغيرة والمتوسطة بالاتحاد والتي تهدف إلى تصميم منتجات تأمينية جديدة تناسب هذه الطبقة ودراسة الوثائق التي تتفق مع الاتجاهات الحديثة . وقد أعدت اللجنة ورقة عمل مقترحة لتطبيقات التأمين متناهي الصغر بجمهورية مصر العربية، ويقوم هذا المقترح على استخدام الأنظمة والتطبيقات الحديثة والمختلفة كمنظومة لتوزيع المنتجات وتحصيل الأقساط وسداد التعويضات في التأمين متناهي الصغر، حيث تمهد اللجنة لعرضه على الهيئة العامة للرقابة المالية.