عصابة نتنياهو.. خطة إسرائيلية جديدة لاستنزاف الأراضي الفلسطينية بالسرقة ونزع الملكية
القتل على الهوية وسلب ما تبقى من أرض فلسطين التاريخية، أصبح الشغل الشاغل لحكومة الاحتلال، لهذا لا تتورع الحكومة اليمينية المتطرفة بزعامة بنيامين نتنياهو عن دعم المستوطنين فى سلوكياتهم المنحرفة، وزيادة أعداد المستوطنات فى المناطق المحتلة، وسلب الممتلكات ومصادرة الأراضى رغم الرفض الواضح للمجتمع الدولى، وانتهاك قرارات الأمم المتحدة.
ومنذ عام 1967 وحكومة إسرائيل تعمل جاهدة على بناء وتوسيع مستوطناتها بكل الطرق المتمثلة فى توسيع رقعتها وزيادة عدد سكانها فى مستوطنات ذات أهمية أمنية وبها كثافة سكانية منخفضة، ومن ثم الانتقال للمناطق التى يرتكز فيها الفلسطينيون على قمم الجبال، وفق سياسة أمنية وأيديولوجية، تمهد لتمكين سياسة اليمين المتطرف الراغب فى التخلص من العرب بشكل كامل، والذى لا يعبأ بالرفض الدولى الواضح لسياسة بناء المستوطنات باعتبارها خرقا لحقوق الإنسان المتعارف عليها بموجب القانون الدولى.
مجازر جديدة
ولم تكتف قوات الاحتلال الإسرائيلى بممارسة أعمالها غير المشروعة والمرفوضة دوليا، بل أضافت لها مجزرة جديدة الأسبوع قبل الماضى بعد أن اقتحمت حارة الشيخ مسلم على أطراف البلدة القديمة من مدينة نابلس الفلسطينية وحاصرت منزلًا وأطلقت الرصاص الحى ليستشهد 10 مواطنين، بينهم طفل ومسنان، وأصابت أكثر من 102 آخرين بجروح، بينهم 7 فى حالة الخطر، ولم تكتف قوات الاحتلال بتلك الأعمال الوحشية، بل منعت الطواقم الطبية من الوصول إلى المكان المحاصر فى حارة الشيخ مسلم بمدينة نابلس.
كان مجلس الأمن الدولى أدان بالإجماع الاستيطان الإسرائيلى، وهو القرار الأول لصالح الحق الفلسطينى بالمجلس منذ 9 سنوات، كما أعرب عن قلقه واستيائه إزاء خطط إسرائيل لتوسيع مستوطناتها فى فلسطين، رافضا جميع التدابير الأحادية التى تعرقل السلام والمتمثلة فى بناء إسرائيل للمستوطنات وتوسيعها ومصادرة أراضى الفلسطينيين، وإضفاء الشرعية على البؤر الاستيطانية، وهدم منازل الفلسطينيين وتشريد المدنيين الفلسطينيين.
وأكد المجلس التزامه الثابت برؤية حل الدولتين، إسرائيل وفلسطين، جنبا إلى جنب، تجمعهما علاقات سلام داخل حدود آمنة ومعترف بها.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل قامت الولايات المتحدة التى تنتقد إلى حد كبير منذ عقود الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية دون اتخاذ خطوة محسومة بإدانة الأعمال التى تقوم بها إسرائيل، حيث دعت النائبة فى الكونجرس الأمريكى ذات الأصول الفلسطينية رشيدة طليب إلى وقف بلادها تقديم المساعدات لإسرائيل لحين توقفها عن قتل الفلسطينيين بعد مجزرة نابلس الأخيرة، الأمر الذى أغضب إسرائيل وجعلها تدين بيان مجلس الأمن، وخاصة الولايات المتحدة، أقرب حلفائها والعضو الدائم فى مجلس الأمن الدولى.
وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو: «ما كان ينبغى أبدا إصدار هذا الإعلان أحادى الجانب وما كان ينبغى للولايات المتحدة أن تنضم إليه».
وتعليقًا على تلك الأوضاع المتأزمة بعد اقتحام نابلس قال المحلل السياسى الدكتور جهاد الحرازين، ýأستاذ القانون العام والنظم السياسية والقيادى بحركة التحرير الوطنى الفلسطينى «فتح» أن السياسات الإسرائيلية لحكومات الاحتلال المتعاقبة لديها مخطط وهدف واحد يتفق عليه الجميع وهو مواصلة الاستيطان وتهويد الأرض وسلبها من أصحابها الأصليين بقوة السلاح والنار وبالمجازر والجرائم التى ترتكب بشكل يومى.
وأضاف الحرازين، أن الحكومة اليمينية التى تقودها الصهيونية الدينية بزعامة بن غفير وسموتيريش وعلى رأسهم نتنياهو، هى الأكثر تطرفا وعداءَ للفلسطينيين والعرب، موضحا أن كل ما تسعى إليه هو المزيد من عمليات القتل والاستيطان وشرعنة البؤر الاستيطانية والعمل على تغيير المعادلة الديموغرافية والجغرافية على الأرض وصولا لحالة التهويد الكامل.
مخططات الاستيطان
ولفت إلى استعانتها فى مخططها بمجموعة من القوانين والتشريعات لحماية فساد وزرائها وحتى تتفرع لبث سمومها وحقدها الأعمى وعنصريتها من خلال القوانين التى تستهدف الفلسطينيين بهدم البيوت والتنكيل بالأسرى وارتكاب جرائم القتل والإعدامات بدم بارد واقتحامات المدن لتأجيج الأوضاع رغم كل ما صدر عن الهيئات والمؤسسات الدولية التى تعتبر الاستيطان جريمة حرب.
وتابع: يؤكد الحق الفلسطينى عدة قرارات من مجلس الأمن الدولى وآخرها قرار رقم 2334 لإدانة الاستيطان ووقفه وتفككيه ودعوة دولة الاحتلال إلى إنهاء هذه الجريمة، ولكن لا حياة لمن تنادى، موضحا أن حكومة نتنياهو، وما قبها تضرب بهذه القرارات عرض الحائط.
ولفت إلى السعى السريع الآن لإنشاء 9 بؤر استيطانية جديدة، قابله رفض وتنديد أمريكى ودولى وأوروبى وعربى، إذ يعتبر المجتمع الدولى مثل هذه الخطوات تؤدى إلى تفجر الأوضاع وتهدد مستقبل حل الدولتين مما دفع لتحرك أمريكى قاده وزير الخارجية أنتونى بلينكن مع دول المنطقة وإسرائيل لأجل لملمة الأوضاع قبل انفجارها.
ولهذا استصدر بلينكن بيانا رئاسيا من مجلس الأمن الدولى بإجماع أعضائه رافضا للاستيطان وداعيا إلى وقفه لعدم تغيير الواقع التاريخى القائم بإجراءات أحادية الجانب من قبل إسرائيل.
وأكد على موقف الولايات المتحدة سفيرها فى إسرائيل الذى أكد أن الجرائم الإسرائيلية تشاهد بالعين وتنقل بالصورة والصوت، بطريقة جعلت بلاده غير قادرة على الدفاع عن مواقف إسرائيل.
أولويات نتيناهو
يقول الدكتور أيمن الرقب أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس والقيادى بحركة فتح، أن حكومة الاحتلال الإسرائيلى الحالية تضع بناء المستوطنات ومصادرة الأراضى الفلسطينية على سلم أولوياتها خاصة أن بعض أعضاء الحكومة مثل سيموتريتش وبن غفير ينتمون لقطاع المستوطنات موضحا أن التركيز فى القادم سيكون على مصادرة أراضى فلسطينين التى تصنف فى الفئة c حسب اتفاق أوسلو عام 1993م.
ويوضح أستاذ العلوم السياسية أن المناطق المصنفة c تقع تحت السيادة الأمنية والإدارية الإسرائيلية ولكنها تمثل ما يقارب 60% من مساحة الضفة الفلسطينية الغربية.
وأكد الرقب أن الاحتلال منذ سنوات وهو يصادر مساحات كبيرة من هذه الأراضى الفلسطينية، وفى المقابل يقوم ببناء عدد من البؤر الاستيطانية الصغيرة، والتى تحولت بشكل تدريجى لمستوطنات كبيرة نجحت مع سياسية التوسع المتدرج، فى أن تحيط بالمدن الفلسطينية بما يهدم أى فرصة للحل السياسى قادم على أساس حل الدولتين.
وتابع: يقطن المستوطنات المنتشرة على الأراضى الفلسطينية ما يقرب من مليون صهيونى موزعين على ما يقرب من مائتى مستوطنة ومائتين وعشرين بؤرة استيطانية فى الضفة الفلسطينية والقدس، ويهدف الاحتلال لتوسيع المستوطنات وزيادة عددها وزيادة عدد المستوطنين لمليونين مع استقدام يهود من الخارج للسكن فى هذه المستوطنات.
وأضاف أن الولايات المتحدة الأمريكية حتى الآن لا تلعب دورًا فى كبح جماح حكومة نتنياهو، مؤكدا أن من يتابع التصريحات التى تصدر عنها يدرك أن دولة الاحتلال لم تعد تكترث بالموقف الأمريكى الذى أصبح ضعيفا ومرتبكا فى هذا الملف، كما أن غياب دور الرباعية الدولية فى تحريك الملف السياسى جعل الوصول لهذه الحالة من التسلط الصهيونى شيء طبيعى.
وتابع: أحداث نابلس الأخيرة دفعت القاهرة للتحرك بشكل سريع لحقن دماء شعبنا الفلسطينى وسحب فتيل الأزمة ووقف التوحش الصهيونى ضد شعبنا الفلسطينى، فى إشارة إلى تحرك وفد أمنى وسياسى مصرى بين تل أبيب ورام الله وغزة والقاهرة، وكذلك استضافة وفود فلسطينية من حركتى حماس والجهاد الإسلامى لنزع فتيل الصدام المحقق.
ولفت الرقب إلى أن الاحتلال يصر على إفشال الجهد المصرى من خلال عمليات الغدر والقتل اليومى ضد الشعب الفلسطينى، مشيرا إلى أن الرد على جرائم الاحتلال بات بشكل فردى من قبل شبان مثل الشهيد خيرى علقم، فى ظل الحسابات السياسية للفصائل الفلسطينية التى باتت تفضل أن يكون الرد إما خجولا أو يتوقف عن إصدار بيانات نارية.
وأكد أستاذ العلوم السياسية أن العمليات الفردية تغير معادلة الرعب، خاصة أننا مقبلون على شهر رمضان المبارك وسلوك الاحتلال سيكون أكبر محرك لتوسيع رقعة الصدام، متوقعا أن لا يصل الأمر إلى انتفاضة ثالثة، خاصة أن السلطة الفلسطينية لازالت تتمسك بالتنسيق الأمنى مع إسرائيل، وطالب الرقب بتدخل أكبر للجامعة العربية لدى المجتمع الدولى لتوفير حماية الشعب الفلسطينى ووقف عمليات القتل اليومية خاصة أن حكومة الاحتلال الحالية تحلل إراقة دماء الفلسطينيين ولا يردعها رادع على حد قوله.
نقلًا عن العدد الورقي…،