صفعة بوتين.. بايدن يستعرض قوة تأثيره على أوكرانيا بزيارة ميدانية لـ"كييف" والرئيس الروسي يرد بـ"النووي"
لا يهاب الرئيس الروسى فلاديمير بوتين اندلاع حرب نووية بين بلاده والغرب وعلى رأسهم أمريكا، بل بات يلوح بها ويتخذ إجراءات من شأنها ليس فقط تفجير ألغام جديدة فى العلاقات مع الغرب، بل تقود العالم كله إلى حرب ثالثة نووية لا تبقى ولا تذر. «لو نفذت الولايات المتحدة تجارب نووية فسنفعل المثل».. بهذه العبارة أثار الرئيس الروسى فلاديمير بوتين المخاوف من اندلاع سباق تسلح نووى جديد بين القوى العظمى، بعد مرور عام على الحرب الروسية الأوكرانية.
زيارة بايدن
كانت الزيارة المفاجئة التى قام بها الرئيس الأمريكى جو بايدن إلى العاصمة الأوكرانية كييف، فى ذكرى مرور عام على الحرب الروسية الأوكرانية خلفت غضبا كبيرا لدى موسكو، والتى أعلن رئيسها تعليق العمل باتفاقية «نيو ستارت» لنزع الأسلحة النووية التى وقعتها مع واشنطن.
أهمية اتفاقية نيوستارت
ومعاهدة نيو ستارت أو ستارت الجديدة تم توقيعها عام 2010 بين الرئيس الأمريكى آنذاك باراك أوباما والرئيس الروسى آنذاك أيضًا دميترى ميدفيديف، بهدف أن تقتصر ترسانة كل دولة على نشر ما لا يزيد على 1550 رأسا نوويا و700 صاروخ وقاذفات، كما تنص الاتفاقية أيضًا على إجراء عمليات تفتيش واسعة النطاق فى الموقع للتحقق من الامتثال.
لكن خطاب الرئيس الروسى، فلاديمير بوتين، أمام البرلمان بمناسبة مرور عام على الحرب الروسية الأوكرانية قال غير ذلك، ما خلف حالة من الخوف فى العالم، خشية اندلاع سباق تسلح نووى جديد بين القوى العظمى، إذ أعلن بوتين تعليق عمل بلاده اتفاقية نيوستارت النووية مع أمريكا.
بوتين قال أيضًا فى تصعيد لهجة المواجهة، إن روسيا سترد على أى تحد تواجهه، موضحا أنه يعلم أن عددا من الأسلحة النووية الأمريكية اقتربت من تاريخ انتهاء صلاحيتها.
زاد من مخاوف تهديدات بوتين، أن الجيش الروسى أكد بعد ساعات من خطاب الرئيس الاستعداد لتجربة نووية، وأعلن عن إجراءات جديدة بخصوص القدرات الصاروخية لتأكيد ما قاله بوتين عن تعزيز ما وصفه بـ الثالوث النووى، مؤكدا أن الصراع حاليا يدور فوق الأراضى التاريخية لروسيا.
كان بوتين أكد فى خطابه أن عام 2023 سيشهد دخول أولى منصات منظومة صواريخ «سارمات» الخدمة القتالية، مؤكدا أن موسكو ستواصل الإنتاج التسلسلى لصواريخ «كينجال» الفرط صوتية.
ولفت الرئيس الروسى فلاديمير بوتين خلال حديث عن الثالوث النووى إلى أن العام الحالى سيشهد كذلك تسليم كميات كبيرة من صواريخ «تسيركون» الأسرع من الصوت التى تُطلق من البحر.
وصاروخ «سارمات» الخارق الذى أعلنت روسيا مؤخرا استعدادها لإجراء اختبار جديد عليه يعتبر أقوى صاروخ نووى بعيد المدى فى العالم، وفى روسيا يسمونه «يوم القيامة» والغرب يسميه «الشيطان».
وصاروخ سارمات أحد أفراد عائلة الرعب التى تضم أيضًا صواريخ مثل «كينجال» و«تسيركون» و«أفانجارد» واعتاد الروس التلويح بهذه العائلة من الصواريخ فى وجه الغرب خلال معظم المناسبات التى حملت الكثير من التوتر، وزاد التهديد بهم منذ بدء حربها فى أوكرانيا قبل أكثر من 6 أشهر.
تقول الدكتورة نورهان الشيخ، أستاذه العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن زيارة بايدن لم تكن مفاجأة، حيث تم التخطيط لها منذ فترة، مشيرة إلى أن الإعلان عنها هو الذى جاء فى وقت قصير لاعتبارات أمنية.
وأوضحت نورهان الشيخ أن هناك ٣ أسباب وراء زيارة بايدن إلى أوكرانيا، منها الضغوطات الداخلية فى الولايات المتحدة الأمريكية، والتشتت والاختلاف الذى ظهر بين الحلفاء الغربيين فيما يتعلق بالدعم العسكرى المفتوح المقدم من الغرب إلى أوكرانيا، والذى ظهر جليا فى مؤتمر ميونيخ للأمن، بالإضافة إلى التراجع الكبير للقوات الأوكرانية خلال الفترة الماضية على جبهات القتال فى شرق كييف.
وأشارت «الشيخ» إلى أن زيارة بايدن تحمل عدة رسائل للداخل وأوروبا وأوكرانيا نفسها، وذلك سعيا للحفاظ على تماسك الناتو، والتأكيد على الدعم لأوكرانيا.
وفيما يتعلق بتأثير الزيارة على مصير الحرب الروسية الأوكرانية، أوضحت نورهان أنها لن يكون لها تأثير كبير على سير العمليات العسكرية على الأرض، موضحة أن هناك فارقا كبيرا فى الإمكانات العسكرية بين أوكرانيا وروسيا.
حرب محتملة فى إقليم ترانسنيستريا
من ناحية أخرى، قال أندريه أنتيكوف، الصحفى بجريدة أزفيستا الروسية، إن زيارة بايدن إلى أوكرانيا، دعائية وليس أكثر، للتعبير عن دعم أمريكا لأوكرانيا.
وأشار الصحفى الروسى إلى أن أوكرانيا تسعى إلى فتح جبهة جديدة للقتال فى إقليم ترانسنيستريا الانفصالى فى مولدوفا، بسبب الصعوبات التى يواجهها فى الجبهات الرئيسية مثل زابوروجيا وخيرسون ودونيتسك ولوجانسك.
وأكد الصحفى الروسى أنه من المحتمل أن تنشب حربا فى ذلك الإقليم نظرا لما يحتويه من ذخائر ومستودعات أسلحة بالإضافة إلى قوات حفظ السلام الروسية المتواجدة هناك.
وأشار أنتيكوف إلى أن الدول الغربية تزيد من مساعداتها العسكرية من أجل تفكيك روسيا والقضاء على اقتصادها، بغض النظر عن زيارة بايدن من عدمها.
من ناحيته، قال اللواء سمير فرج، الخبير العسكرى، إن قرار روسيا بتعليق التعاون فى اتفاقية نيوستارت للحد من انتشار الأسلحة النووية مع الولايات المتحدة الأمريكية ليس بسبب زيارة بايدن إلى أوكرانيا، موضحا أنه يعتبر وسيلة للضغط على دول الناتو للتراجع عن دعمها لكييف والقبول بإنهاء الصراع عن طريق المفاوضات.
وأكد سمير فرج، أن قرار روسيا بتعليق مشاركتها فى اتفاقية نيو ستارت النووية، سيكون له تأثير كبير على سباق التسلح النووى بين القوى العظمى الأمر الذى سيشكل تهديدا للأمن والسلم الدوليين.
وأشار فرج، إلى أن روسيا ستبدأ فى زيادة مخزونها من الرءوس النووية، ردا على التهديدات الغربية لها وقيام الناتو بإرسال مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا، الأمر الذى ينتج عنه فقدان السيطرة على الأسلحة النووية والصواريخ العابرة للقارات القادرة على حمل رءوس نووية والقاذفات الاستراتيجية أيضًا.
أمريكا لا ترغب فى سباق تسلح نووى
وأوضح الخبير العسكرى، أن أمريكا لا ترغب فى اندلاع سباق تسلح نووى مع روسيا، لأن ذلك سيكون له تأثيرات اقتصادية كبيرة ويمثل ضغط على الإدارة الأمريكية ناهيك بأن هناك دولا أخرى ستسعى للحصول على تلك الأسلحة لتأمين مصالحها.
وأكد سمير فرج أن عودة روسيا لاتفاقية نيو ستارت، مرهون بإنهاء الأزمة الأوكرانية عن طريق المفاوضات ووقف التدخلات الغربية فى كييف.
وحول مطالب روسيا بانضمام الدول الأوروبية إلى الاتفاق النووى، أكد فرج أن بريطانيا وفرنسا تمتلكان عددا محدودا من الرءوس النووية، وذلك لا يمثل خطرا كبيرا، مشيرا إلى أن الأزمة الكبرى مع روسيا وأمريكا.
وأضاف الخبير العسكرى، أن الصين ستدعم روسيا عسكريا خلال الفترة القادمة، ولن تقبل بهزيمة موسكو المعركة مع الغرب، موضحا أن روسيا تستعد لعملية عسكرية موسعة فى أوكرانيا فى الربيع المقبل.
نقلًا عن العدد الورقي…،