هجرة الأطباء المصريين للخارج.. واشنطن بوست تكشف المستور في الأزمة.. وجمال شعبان يضرب جرس إنذار (فيديو)
باتت مهنة الأطباء محط انظار العالم أجمع خاصة خلال الأعوام الثلاثة الماضية فور تفشي فيروس كورونا في العالم مطلع العام 2020 وما تلاه من متحورات وأمراض مما دق ناقوس خطر حول أزمة نقص الأطباء في العديد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية.
وسلط تقرير منذ ايام لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية عن هجرة الاطباء المصريين للخارج بحثا عن وظيفة أفضل.
وقال التقرير الذي أعدته هبة فاروق محفوظ قالت فيه إن محمد، 34 عاما، لم يتردد عندما تلقى عرضا في 2020 للعمل في مستشفى بريطاني، فالراتب المعروض هو أعلى بنسبة 40% من الذي يحصل عليه في مصر. فبعد سنوات من دراسة الطب والتدريب عين في مؤسسة طبية حكومية براتب 300 دولار وهو لا يكفي لتلبية المطالب العاجلة. ولم تكشف الصحيفة إلا عن اسمه الأول.
11500 طبيب مصري غادروا للخارج
وباختياره العمل في خارج البلاد فقد انضم إلى أكثر من 11.500 طبيب مصري غادروا مصر بالفترة ما بين 2019 -2022، يبحث العديد منهم عن فرصة أحسن في الخارج. وفي العام الماضي قدم 2.300 طبيب استقالاتهم من مراكزهم الطبية أي 13.4 استقالة في اليوم. وتشير الصحيفة إلى أن الخروج المتزايد للكفاءات الطبية يثير مخاوف من نقص الأطباء المؤهلين في البلاد.
استقالة الأطباء المصريين المؤهلين للعمل
وتشير إحصاءات منظمة الصحة العالمية إلى أن معدل الأطباء إلى عدد السكان يصل في مصر إلى نسبة 7.09% لكل 10.000 مواطن. وهي نسبة أقل من المعدل المطلوب وهو 10%. والرقم هو 35% في الولايات المتحدة والضعف في السويد. إلا أن مصر متأخرة عن دول أفقر منها مثل الجزائر 17%، وبوليفيا 10%.
ويقول محمد إن ممارسة الطب في مصر هي مثل “ضرب رأسي في الحائط الذي لا ينكسر أبدا”. و”كنت بحاجة إلى مكان أستيقظ فيه كل يوم ولا أفكر فيه إلا بتقديم العناية الطبية الممتازة لمرضاي، وأحصل نهاية الشهر على راتب يعطيني القدرة للحفاظ على حياة معقولة” و”كنت بحاجة للخروج”.
رحيل الأطباء المصريين للخارج
وبحسب التقرير الأمريكي ان نقابة الأطباء ربطت مسؤولية رحيل الأطباء بالرواتب المتدنية وظروف العمل من عدم توفر الفريق الكافي والمصادر المطلوبة في المؤسسات الطبية.
وقال المتحدث باسم وزارة الصحة حسام عبد الغفار إن مصر لديها 5.426 وحدة للعلاج الأولي في كل أنحاء البلاد إلا أن نصفها “معد جيدا” بالخدمات الأساسية مثل الأشعة والمختبرات.
وقال “في الماضي، لم يتم التركيز على وحدات العلاج الأولي”، مضيفا أن الوزارة تعمل على إصلاح وإعادة تأهيل الوحدات بنهاية العام المقبل.
نقص الطواقم الطبية في الدول الغنية
وقال إن على الأطباء الشباب تقديم تضحيات لأن الدولة تتحمل 99.9% من تكلفة تعليمهم في كليات الطب. إلا أن جهود جعل المهنة مستدامة لا تتحقق سريعا، كما أن النقص في الطواقم الطبية في الدول الغنية جعل من الأطباء في مصر وحول العالم قادرين على تأمين وظائف في أوروبا ومنطقة الخليج والولايات المتحدة.
وقال أحمد ضياء، 34 عاما “من السهل على الأطباء في مصر المغادرة” ويعمل ضياء كأخصائي باطني مقيم في مستشفى بشيكاغو و”هذه مشكلة لا تلتفت إليها الحكومة”. ولم يستغرق ضياء سوى أسبوعين للعثور على وظيفة براتب من ستة أرقام خارج مصر. وفي عام 2017 قبل ضياء وظيفة طبيب عام في السعودية وبعد عام وفر 20.000 دولار مما سمح له بالسفر إلى الولايات المتحدة للحصول على الزمالة.
وفهم المسؤولون عنه في السعودية قلة خبرته ولهذا كلفوه بالواجبات الأساسية مثل تحويل المرضى للمستشفى وكتابة الوصفات الطبية للأعراض المعروفة. وقبل عام من سفره للسعودية عمل في مركز طبي بالمنوفية لم تكن فيه المعدات والأدوات الكافية وكان عليه تحمل مسؤوليات أكبر. وكان متخرجا جديدا مما جعل التجربة مرعبة له “وكان يتوقع منك تحمل مسؤولية وحدة علاج أولي بدون تدريب طبي مناسب”.
من ناحيته حذر الدكتور جمال شعبان، العميد السابق لمعهد القلب القومي، من ظاهرة هجرة الأطباء المصريين للخارج، مؤكدًا وجود عجز في تخصصات طبية كثيرة بمصر، ومنها التخدير والأشعة والحالات الحرجة.
جرس إنذار لهجرة الأطباء المصريين بالخارج
وعن هجرة الأطباء المصريين للخارج، أكد الدكتور جمال شعبان على وجود أكبر معدل استقالات من الأطباء، الذين تركوا مهنة الطب طلبًا للهجرة، مقدمًا خارطة طريق لتقليل هجرة الأطباء واستقالاتهم من مصر.
وكتب الدكتور جمال شعبان، عبر صفحته بالفيس بوك، عن ظاهرة هجرة الأطباء المصريين للخارج فقال: "هجرة الأطباء.. الداء والدواء هذا بيان للناس وجرس إنذار لمن يهمه الأمر".
وقال الدكتور جمال شعبان: "واشنطن بوست عاملة تقرير عن هجرة الأطباء من مصر والسبب الرئيسي من وجهة نظرها إن راتب الطبيب في مصر ٢.٥% من راتبه في أي مكان في العالم".
أكبر معدل هجرة واستقالات للأطباء المصريين
وتابع العميد السابق لمعهد القلب القومي فقال: "الموضوع أعمق من أن يتم تسطيحه واختزاله في حفنة جنيهات هي راتب الطبيب بالمناسبة هجرة الأطباء دي ظاهرة حقيقية وعندنا عجز في تخصصات كتير زي التخدير والأشعة والحالات الحرجة".
وعن هجرة الأطباء المصريين للخارج قال جمال شعبان: "عندنا أكبر معدل استقالات وترك مهنة الطب، عندنا أكبر معدل هجرة للأطباء، وأطالب الدكتور خالد عبد الغفار وزير الصحة العالم الخلوق مراجعة النقابة ومصلحة الجوازات لمعرفة النسب الحقيقية للاستقالات والهجرة".
وقال شعبان: "عندي اقتراحات يمكن أن تساعد في مكافحة الظاهرة وحل مشكلات الأطباء.. من هذه الاقتراحات التي تصلح كخريطة الطريق لتقليل هجرة الأطباء واستقالاتهم"
اقتراحات لمكافحة ظاهرة هجرة الأطباء
وعن اقترحات الدكتور جمال شعبان التي تكافح ظاهرة هجرة الأطباء قال: "إعادة النظر في أجور الأطباء، وإعادة النظر في عدد ساعات عمل الأطباء وظروف عملهم، ورفع جودة الخدمات الصحية والاجتماعية للأطباء وأسرهم، وحماية الأطباء من الاعتداءات عليهم ومن التعديات على مهنة الطب، وإلغاء حبس الأطباء بسبب المضاعفات والأخطاء البشرية وإصدار قانون المسئولية الطبية لحماية كرامة الطبيب وحقوق المريض".
وتابع الدكتور جمال شعبان اقتراحاته لمكافحة هجرة الأطباء فقال: "تحسين نظام تقاعد الأطباء أسوة بالأنظمة في العالم، وتوفير فرص تدريبية للأطباء تتناسب مع أعداد الخريجين، وتخفيض تكاليف النظام التدريبى لتتناسب مع أجور الأطباء، وإذابة الجليد بين المجتمع والأطباء وإعادة الصورة المشرقة للطب والأطباء في وجدان الشعب المصري".
وكانت نقابة أطباء مصر دعت جميع الأطباء للمشاركة في استبيان صممته النقابة عن ظروف العمل في مصر، وذلك للخروج بإحصائية تكون إحدى وسائل النقابة في التفاوض مع الجهات المعنية لتحسين بيئة العمل الطبي في مصر والحد من هجرة الأطباء بوضع حلول لمشكلاتهم.
حصر عدد الأطباء
من جانبه قال الدكتور أحمد علي عضو مجلس نقابة الأطباء ومقرر اللجنة القانونية إن حصر عدد الأطباء والطبيبات الذين تقدموا إلى نقابة الأطباء خلال عام ٢٠٢٢ بمستندات إنهاء خدمتهم من قطاع الصحة الحكومي في مصر واستخراج شهادة"طبيب حر" والتي تعني عدم عمل الطبيب بأي جهة حكومية، كان بإجمالي ٤٢٦١ طبيبا وطبيبة بمعدل يومي ١٢ طبيبا وطبيبة وإذا تم استبعاد أيام العطلات يصبح المعدل اليومي ١٣,٥ طبيب وطبيبة.
وأضاف الدكتور أحمد علي أن هذا العدد من المتقدمين بمستندات استقالتهم من الحكومة هو الأكثر خلال السبع سنوات الماضية، ففي عام ٢٠١٦ كان العدد ١٠٤٤، وفي ٢٠١٧ كان ٢٥٤٩ وفي عام ٢٠١٨ كان العدد ٢٦١٢ وعام ٢٠١٩ كان ٣٥٠٧ وفي ٢٠٢٠ كان العدد ٢٩٦٨ أما في عام ٢٠٢١ فكان العدد ٤١٢٧ طبيب وطبيبة.
من ناحيته قال الدكتور أحمد حسين عضو مجلس نقابة الأطباء ومقرر اللجنة الإعلامية إن هذه الإحصائيات لا تعبر بدقة عن الواقع وأن أعداد الأطباء والطبيبات الذين هجروا العمل بالقطاع الحكومي أكثر من هذا العدد بكثير، مبررًا ذلك بأنه يوجد قرابة ٢٠٠٠ طبيب وطبيبة من الدفعات الحديثة لم يستلموا العمل بالقطاع الحكومي ووزارة الصحة لم تمنحهم قرارات إنهاء الخدمة حتى الآن ولم يستطيعوا أن يستخرجوا شهادة "طبيب حر" بنقابة الأطباء.
وأضاف الدكتور أحمد حسين أن أسباب عزوف الأطباء عن العمل الحكومي والعمل داخل مصر بصفة عامة معروفة لدى جميع الجهات التنفيذية والتي طالما سعت نقابة الأطباء إلى هذه الجهات لمناقشتها وحل المشكلات المتعلقة بها، معددًا أهم هذه الأسباب في تدني الأجور وغياب قانون عادل للمسؤولية الطبية وسوء بيئة العمل ومعوقات تراخيص المنشآت الطبية الخاصة والصورة السلبية التي تتعمد بعض وسائل الإعلام تناولها عن الأطباء.
وأكد أن مجلس نقابة الأطباء لديه ثقة في انفراجة لأحوال الفريق الطبي خلال عام ٢٠٢٣.