رئيس التحرير
عصام كامل

الشيخ طه والمطبلاتية في 2023

شخصية الشيخ طه التي جسدها بجدارة الفنان الراحل محمد الشويحي بالملحمة الدرامية المال والبنون التي عُرضت في تسعينات القرن الماضي، كانت أفضل أداء لدور المطبلاتي لصاحب النقود والنفوذ.

 

فـ الشيخ طه كان بوقًا ومنافقًا لكل لمن ينتفع ويستفيد منه، يسوّق ويتغنى وهو ومن على شاكلته باسم صاحب النفوذ من أجل تحقيق مصالح خاصة، بعيدًا عن المبادئ والثبات والحلال والحرام، فضميره في سُبات مادامت المكاسب موجودة!

 

في الجزء الأول من المسلسل الدرامي ظل الشيخ طه وأعوانه يتغنون بـ الحاج سلامة «أدعوا لعمي الحاج سلامة بطولة العمر.. الله يخليه ويبارك فيه» وهم على علم ويقين أن اللحوم والأموال التي يوزعها عليهم من سرق المجوهرات والكنز الأثري.

 

وفي الجزء الثاني من المسلسل، وبعد أن ذهب الحاج سلامة لخالقه، وإنتقلت أمواله لـ السُحت الذى أدى دوره الفنان الراحل أحمد راتب تحول أيضًا الشيخ طه وأقرانه بزفتهم وتطبيلهم إليها يتغنوا بأسمه «ادعوا لعمي السُحت بطولة العمر.. الله يخليه ويبارك فيه» وهم أيضًا يعلمون أنه حصل أمواله هذه بسرقة ما سرقه الحاج سلامة.

 

الشاهد من تذكيري وإياكم بهذه الملحمة الدرامية، أنني أرى اليوم المئات من الشيخ طه بكل صفاته من النفاق والرياء وإغفال الضمير ينتشرون بيننا، خاصة في كل المؤسسات التي تدور في كواليسها دراما لا تقل عن سيناريو المال والبنون.

 

انظروا حولكم جيدًا ستجدون أكثر من شيخ طه يقوم بنفس الدور، بل يتفوق على الفنان محمد الشويحي رحمه الله في اداء شخصية المطبلاتي لأنها يجسدها بواقعية، فلا يحتاج للاصطناع والتمثيل، لأنه يتعامل بشخصيته الحقيقية دون عناء.

النفاق إغفال الضمير 

التغيير البسيط في شيخ طه العصري، والذي يعيش بيننا في 2023م، هو وسيلة التطبيل، فالشيخ طه كان يتخذ من حلاوة صوته وسيلة للنفاق ومسح الجوخ، أما شيخ طه 2023 يكتب ويُدون ويُعلق ويشارك على صفحات التواصل الإجتماعي مثل فيسبوك مادحًا رئيسه فى العمل، مشتركًا مع الشيخ طه القديم في إغفال الضمير.

 

شيخ طه 2023 نرى يوميًا نفاقه ونتابع تطبيله ويدخل معه معاونيه في زفة كبيرة للمسؤول إذا كان في حاجة إليهم، إما أن يمدحوه ويمجدونه، أو يهاجمون من يتجرأ وينتقده أو يحاول تصويب اخطاؤه، فيكيلون إليه الاتهامات تارة، ويسفقون ويتغنون بالمسؤول تارة أخرى.

 

هؤلاء هم سبب دمار المجتمع، وهم كدودة الأرض، تنخر وتدمر بسرعة فائقة، وإن لم يتم تشخيصهم والتصدي لهم، وكبح جماحهم، سيستمر الحال كما هو عليه، وستبقی زفّة الشيخ طه جاهزة في كل حين وفي كل عصر، لأنهم لا يفكرون بلحظة النهاية وقدوم الموت الحتمي.

 

وأخيرًا.. أذكر نفسي وإياكم بقوله تعالى في سورة التوبة: «الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ» صدق الله العظيم.

الجريدة الرسمية