د. أحمد كريمة: القصاص و"الدِيَة" حق للزوجة "المضروبة" من زوجها.. والطلاق الشفوي لا يمكن إلغاؤه (حوار)
صفع أو ركل الزوج لزوجته منهى عنه فى الإسلام
من حق الزوجة اشتراط عدم زواج زوجها بأخرى فى العقد وإذا خالف من حقها الطلاق للضرر وأخذ حقوقها كاملة
محاولات إقصاء الأزهر من أحقية إصدار تشريع مرتبط بالحياة الإسلامية.. خلخلة للمجتمع
لم يأت فى القرآن ما يتضمن ضرورة توثيق الطلاق مع أنه كانت هناك كتابة آنذاك
على من يريد إلغاء الطلاق الشفوى تحقيق العدالة الاجتماعية فى المجتمع أولا
عدم توثيق الطلاق الشفهى لا يلغى الصيغة القولية
الرسول محمد عندما طلق السيدة حفصة لم يأت بشهود وإذا قال الرجل لزوجته أنت طالق، وهو يعزم فالطلاق وقع،
تجاهل مشروع قانون الأزهر للأحوال الشخصية يفتح باب الطعن على عدم دستوريته
التعدد مباح بضوابط فى الشريعة الإسلامية.. ويوجد سياسة فى الدين
ليس من سلطتنا لى عنق النصوص لانتزاع حكم يوافق الهوى
انتقلنا من الفاشية الدينية وحكم المرشد إلى العلمانية الشرسة
منذ سبعينيات القرن الماضى، حدثت تغيرات انحرفت بالأسرة عن العدل الربانى؛
قانون الأحوال الشخصية المرتقب يبيح للمرأة كل شيء وينكر حقوق الرجل
قائمة المنقولات ضمان حقوق ولا تأخذ صفة جريمة مخلة بالشرف
حق التشريع فى قضايا الأسرة بنص الدستور «اختصاص أزهري»
لا نقبل حوارا مجتمعيا فيما «قاله الله والرسول».. والدولة والمجتمع يخضعان للشريعة وليس العكس
من حق الأب بعد الانفصال رؤية الطفل يوميا إذا أراد وفى منزله وليس بقسم شرطة أو ناد رياضي
ضوابط الخلع تستند لفقهاء متأخرين فى المذهب الحنفى و«أهواء شخصية»
فى مثل هذه الأيام قبل عامين -فبراير 2021- قدمت الحكومة تصورًا كاملًا (مسودة) عن مشروع قانون الأحوال الشخصية المقترح إلى البرلمان، لكن بنود القانون أثارت ردود فعل عنيفة فى المجتمع، تباينت وجهات النظر واستحكم الخلاف بين أنصار حقوق المرأة والرجل، لاسيما أن القانون القديم كرّس مآسى عدة للرجل والمرأة على السواء.
الزوبعة على الشاشات وفى مواقع التواصل الاجتماعى أدت لسحب القانون مرة أخرى، فى وقت لم يلتفت فيه المشرع المصرى لقانون الأحوال الشخصية المقدم من الأزهر الشريف، ما أدى لامتعاض أغلب رموزه، الذين يرون أن حق التشريع بالأساس وبنص الدستور اختصاصًا أزهريًّا، وعلى رأس هؤلاء الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر.
يقول «كريمة» عن نفسه إنه لا يفاصل فى الحق ولا يميع الدين، لهذا يدخل فى الكثير من المعارك حول العديد من القضايا، ومنها بنود قانون الأحوال الشخصية المقترح، الذى يراه أستاذ الفقه المقارن، حلقة من حلقات خلخلة المجتمع الإسلامى، وضمن مخططات عولمة الأسرة المصرية -بنص تعبيره- ومن هنا سألناه:
*تتحدث كثيرا عن مخططات ومؤامرات عولمة الأسرة المصرية فى سياق السجالات الدائرة حول قانون الأحوال الشخصية.. ماذا تقصد؟
أقصد أن ما نراه الآن من محاولات لإقصاء الأزهر وعلماء الإسلام من أحقية إصدار تشريع مرتبط بالحياة الإسلامية، ما هو إلا حلقة ضمن محاولات خلخلة المجتمع التى تبدأ بالأسرة التى تعنى للمجتمع الإسلامى الكثير فهى أساس البنيان الاجتماعى ودونها لا يبقى هذا المجتمع.
*معنى حديثك أن كل أفكار الغرب لا تتفق مع أسس الحياة الإسلامية؟
نعم، أفكار الغرب التى لا تتفق مع الإسلام، ولا يجب أن تطبق فى بلاده، ودعنى أقول لك إن الطعن على عدم دستورية القانون المزمع إصدارة سيكون سهلا للغاية.
*لماذا؟
لأن التشريع من اختصاص الأزهر فقط الذى لم يلتفتوا للأسف إلى مشروعه للأحوال الشخصية، وهنا لا أتحدث عن كهنوت نرغب فيه كما يحلو لبعض العلمانيين الخوض فيه، بل عن الاختصاص.
*ولكن هناك أزمات كثيرة فى الواقع يعانى منها الرجل والمرأة.. ألا تحتاج إلى تحديث وفكر مغاير من خلال "حوار مجتمعي" يشمل الجميع؟
حوار مجتمعى مع من؟ القانون بالأساس تشريع إسلامى، ولا يوجد حوار مجتمعى فى «قال الله وقال الرسول»، فالدولة والمجتمع يخضعان للشريعة وليس العكس، وهذا ما ينص عليه الدستور، فالدين الإسلامى دين الدولة، ولا يصح أن نطبق فى هذه الأمور ما يطلبه المستمعون، التوعية مطلوبة لكن الثوابت لا تمس.
*كيف ترى إذن مطالب المساواة بين الرجال والسيدات ومنع التعدد إلا بضوابط مشددة كما هو مقترح من جهات عدة؟
كلها مقترحات لا تليق، لأننا حتى نطبقها علينا تعطيل آيات القرآن، وهذا يعنى محاربة الله والرسول.
*إذن فى ماذا يكون الحوار المجتمعى من وجهة نظر الدكتور كريمة؟
التنمية المحلية أو ما شابه، وليس فى نصوص شرعية وإجماع، وما سمعنا بهذا من قبل.
*كيف ترى المشكلات المتعلقة بحق الرؤية للطفل كأحد ألغام قانون الأحوال الشخصية الجديد؟
الله وضع الحل، والمشكلات الدائرة ليست مشكلة الإسلام بل مسلمين اليوم، وعلى المستوى الشرعى الإسلام لم يُحدد الرؤية الشرعية للأطفال مرة أو مرتين فقط كما يحدث الآن بعيدا عن التشريع الإسلامى، فالأب من حقه تماما بعد الانفصال عن الأم أن يرى ابنه المحضون كل يوم إذا أراد وفى منزله وليس فى قسم شرطة أو ناد رياضى، مع أخذ الضوابط الشرعية للإسلام.
*إذا من أين استقى التشريع ضوابط الرؤية الحالية طالما تخالف الإسلام؟
من بعض الفقهاء المتأخرين فى الفقه الحنفى، وبعض الأهواء الخاصة، وكلام ما أنزل الله به من سلطان، ولا علاقة لأئمة الفقه المعتبرين بهذا، وبالمنطق، عندما يرى الطفل والده داخل قسم شرطة أو مكان عام والأجواء محاطه بالخوف والهلع سيكون أسيرًا للخوف والهلع.
*منذ أي وقت بدأ التشريع ينحرف إلى ما نحن عليه الآن حسب رؤيتك؟
منذ سبعينيات القرن الماضى، حدثت تغيرات انحرفت بالأسرة عن العدل الربانى؛ مما انتهى بالمجتمع إلى التعقيدات التى نراها فى الوقت الحالى.
*وماذا عن الخلع، هل يخالف ضوابط الإسلام أيضًا؟
نعم، وأنا أسميه «الخلع المصرى» وليس الإسلامى، فالخلع موجود بالفعل فى كتاب الله: «فلا جناح عليهما فيما افتدت به» وموجود أيضًا فى سنة النبى محمد صلى الله عليه وسلم، لكن الفقهاء وضعوا ضوابط لذلك، إذ يجب أن يكون قرار الخلع فى يد الزوج، لأنه هو الذى يصدر صيغة الطلاق حسب قول النبى محمد: "اقبل الحديقة وطلقها تطليقة"، فالنبى محمد أوكل الطلاق إلى الزوج، لكن ما يحدث فى الخلع المصرى، أن الطلاق أصبح بيد القاضى وليس للزوج، مع أن القاضى ولايته فى الطلاق محددة فى ثلاثة أمور فقط، وهى "الغيبة، والضرر، والإعسار بالنفقة " وليس من بينها الخلع إطلاقا.
*تتحدث كثيرا عن أن القانون المرتقب يظلم الرجل ويميع الإسلام.. ماذا تقصد بذلك؟
لأنه يبيح للمرأة كل شيء وينكر حقوق الرجل، فى اعتداء واضح على نصوص الشريعة الإسلامية، فالرجل رجل والمرأة مرأة، وهذه القيم الإسلامية الضاربة فى جذور المجتمع المصرى هى التى أنجبت عظماؤه، الإمام محمد عبده والرؤساء جمال عبد الناصر والسادات نهاية بالرئيس عبد الفتاح السيسى، وعلى كل من يريد تمييع الدين قراءة كتب التفسير أولا.
*الكثيرون يرون أن مسألة ضرب المرأة المنصوص عليها فقهيا تنافى حقوق المرأة فى العصر الحديث.. كيف ترى ذلك؟
حقوق المرأة الإسلامية تختلف عن العلمانية، الأخيرة مرفوضة عندنا، وأنا أرصد ملف عولمة المرأة منذ عام 1920 فى مصر، وعندى مذكرة وبحث فقهى عن نتاج مؤتمرات السكان التى تصدى لها الإمام الراحل شيخ الأزهر جاد الحق، على جاد الحق.
وللكل أن يعرف أنه ليس من حق الزوج صفع أو ركل زوجته فى الإسلام، وهذا منهى عنه، لكن إذا خرجت الزوجة عن طوع زوجها مثلا فالعقاب بالضرب يكون مرحلة أخيرة يسبقه عدة مراحل، والضرب المقصود مجرد وخز وليس صفعها أو ركلها كما يقول الحق عز وجل فى كتابه الكريم: «وَاللَّاتِى تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِى الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ».
*ولكن هناك من يتعسف فى استخدام حق الضرب كما نرى ذلك.. كيف تقتص الشريعة من الرجل؟
بالقصاص منه، إذ عليها إذا أسال دمها أو كسر لها ضلعًا أن ترفع أمره للقاضى، ويقتص منه عمدا، كما لطمها يلطم، وكما جرحها يجرح، وإذ كسر لها ضلع يكسر له، «ولكم فى القصاص حياة يا أولى الألباب»، وهذا حق تشريعى منصوص عليه، فالعين بالعين والسن بالسن، وإذا لم ترضَ بالقصاص يكون لها دية، كما أنها من حقها أيضًا طلب الطلاق للضرر من القاضى ولكن وفق المنطق الإسلامى.
*وماذا يعنى طلاق الضرر فى المنطق الإسلامى؟
يكون حاسما وناجزا وعادلا، فلها النفقة كاملة، ومن صلاحيات القاضى فى التشريع الإسلامى إجبار الزوج على دفع التزاماته، والتحفظ على مصادر كسبه.
*وماذا عن ظاهرة الزواج الثانى للرجل.. المرأة تتضرر من ذلك ولا تتعايش معه حاليا؟
الشرع وضع لها ضوابط لذلك، ومن حقها أن تشترط ذلك فى العقد، وإذا لم يلتزم بها الزوج ولم ينفذها ورفعت الأمر للقضاء، من حقها الطلاق للضرر وتأخذ حقوقها كاملة، لكن ليس من حق أحد.
*قد يفهم من حديثك أنك تؤيد التعدد رغم الحملات الضارية ضده فى المجتمع؟
التعدد مباح فى الشريعة الإسلامية، ولكن هناك ضوابط.
*مثل ماذا؟
العدل شرط أساسى للتعدد، فالله يقول: «فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً»، وحديثى لا يعنى التشجيع على التعدد، لكنى لا أنفى مشروعيته، فالتحريم بيد الله سبحانه وتعالى، وليس من سلطتنا لى عنق النصوص لانتزاع حكم يوافق الهوى، ودعنى أقول لكم أننا انتقلنا من الفاشية الدينية وحكم المرشد إلى العلمانية الشرسة التى تخدعنا بالحديث عن الدولة المدنية التى لاوجود لها فى الإسلام، وأنا لا أجامل على حساب دينى أو الشريعة.
*وما هى شكل الدولة التى تريدها؟
دولة وطنية، فالدولة المدنية التى يريدها العلمانيون تهمش الدين تماما، ولكن الدولة الوطنية تعظم فيها شعائر الإسلام، ويحترم فيها حقوق أهل الكتاب، هذا ما تنص عليه السياسة الشرعية.
*ولكن أليس ما تقوله خلط للدين بالسياسة؟
ومن قال لكم إنه لا يوجد سياسة فى الدين، هناك بالطبع سياسة شرعية، فالإسلام كامل ويتضمن نظاما سياسيا، ولدينا فى الأزهر قسم كامل اسمه السياسة الشرعية، وهنا يجب الإشارة إلى أننا نتحدث عن السياسة وفق ضوابط الإسلام لا منهج الإخوان أو الشيعة أو غيرهم.
*نعود للأحوال الشخصية.. كيف ترى الخلاف الدائرة حول مسألة الذمة المالية للزوجة؟
أولا المرأة لها ذمة مالية منفصلة بالطبع، والنص القرآنى يقول: «لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ»، وهذا النص وغيره من النصوص يدل على استقلالية المرأة فى التشريع الإسلامى من الناحية المالية.
كما أن الزوج مكلف بنفقة المنزل «كاملة»، كما أن للمرأة لها أن تبيع وتشترى وتتصرف فى حدود الأحكام الشريعة، ولا دخل للرجل سواء كان زوجا أو أبا أو أخا فى ذمتها المالية، خاصة إن لم يشترط عليها عند كتابة عقد الزواج بترك العمل والتفرغ للمنزل، كما أن الشهامة المصرية والعربية تجعل الرجل يرفض أن تصرف عليه زوجته، لكن أن شاركت الزوجة من باب التراحم والبر كان فضلا منها وليس إلزاما عليها.
*لكن البعض يستند إلى القوامة فى تحديد كيفية إدارة المنزل.. هل يتدخل ذلك فى الأمور المالية؟
خطا طبعا وللأسف الغالبية لا يعرفون ماذا تعنى القوامة أصلا، ولهذا مفهوم القوامة من أكثر المفاهيم التى يُدار حولها لغط كبير، والبعض من الرجال يعتبرونه ذريعة لقهر المرأة وإذلالها والبعض الآخر يعتبره دليلًا على أن الرجل يأتى فى المرتبة الأولى ثم تأتي بعده المرأة، إلا أنها تفسيرات خاطئة ولا علاقة لها بصحيح الدين الحنيف.
الله يقول «الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أنفقوا مِنْ أموالهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ».
ورأى أن ذلك يعنى أن الرجال يديرون شئون الأسرة إنفاقًا وتوجيهًا وتعليمًا وإشرافا ولاية ومسئولية كاملة وليس معناه الأفضلية، فضلًا عن أنه فى بعض الحالات يمكن أن تنتقل فيها القوامة للمرأة كأن يكون الزوج مريضًا غير قادر على العمل والإدارة أو فاقد لعقله.
*قائمة المنقولات من القضايات التى تسبب أزمة كبرى فى المجتمع.. ما هى ضوابط حقوق كل من الرجل والمرأة وفقا للتشريع الإسلامى عند الانفصال؟
نعود لما أقوله لك باستمرار، ما يحدث الآن فى علاقات الزواج والطلاق عرف فاسد، فالأصل فى التعاون فى تأسيس منزل الزوجية والعدل، لكن الآن هناك أسر تكتب مطالب مبالغ فيها بشكل غريب مثل وضع أرقام غير حقيقية ولا أصل لها فى الواقع كما تخالف الشرع، فالله يقول: «وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ»
فالحياة أصبحت مادية وبها عدم ثقة بين الزوج وزوجته ما يجب قلق وتوتر وكراهية، فكل ما يكتب خارج المعقول لا ينبغى الموافقة عليه، بل إن الرجل الذى يوافق على مثل هذه الشروط الجزافية يعتبر سفيها ويجب أن يحجر عليه.
المغالاة فى شروط الزواج عوار وضد بناء الأسرة، فالتهوين والظلم خطر فى البداية والنهاية كما نشهد فى معارك الطلاق والحقوق، وتهمة مثل تبديد المنقولات جريمة مخلة بالشرف فى القانون مع أن الضوابط التى تحكمها غريبة وتخالف العقل والمنطق.
وللجميع أن يعرف أن قائمة المنقولات فى الفقه الإسلامى عبارة عن ضمان حقوق لا أكثر ولا أقل، ولكن لا تأخذ صفة جريمة مخلة بالشرف كما يحدث من البعض الذى يأخذ على الزوج إيصال الأمانة وهو تصرف فى أمور الزواج والطلاق مخالف للشريعة الإسلامية.
*ماذا عن الطلاق الشفوى، القضية مثارة أيضًا وضمن المواد المقترحة فى قانون الأحوال الشخصية الجديد؟
الأزهر لا يعترض على التوثيق، لكن الطلاق الشفوى يقع بالطبع، حسب فقه المعاملات فى الإسلام، فالرسول محمد عندما طلق السيدة حفصة لم يأت بشهود، وإذا قال الرجل لزوجته أنت طالق، وهو يعزم فالطلاق وقع، وبالتالى عدم التوثيق لا يلغى الصيغة القولية، لأنها فى كل زمان ومكان معتبرة شرعا وقانونا.
ولايجرؤ أي فقيه أو قيادة دينية على إلغاء تطبيقات كانت موجودة على أيام النبى محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يأت فى القرآن أيضًا ما يتضمن ضرورة توثيق الطلاق مع أنه كانت هناك كتابة آنذاك، وإلا كيف كتب القرآن والسنة، وعلى من يريد إلغاء الطلاق الشفوى تحقيق العدالة الاجتماعية فى المجتمع أولا، ورفع الوعى بالحقوق وثوابت الدين.
*ترتيب الأب متأخر للغاية فى حضانة الطفل والمادة ضمن ألغام القانون الجديد.. كيف ترى ذلك؟
الفقه الإسلامى وضع مصلحة المحضون فى المأكل والمشرب والنظافة بالمقام الأول، لهذا وضع العنصر النسائى فى المقدمة.
*معنى ذلك أنك ترفض طرح وضع الرجل فى المرتبة الثانية بعد المرأة؟
نعم، هذا الترتيب ضد مصلحة المحضون، فالرجل ليس الأقدر فى خدمة الطفل وفق ضوابط الفقه الإسلامى، لكنى أرفض فى الوقت نفسه نزع ولاية الرجل التعليمية والتربية دون تدخل من المرأة، وأرفض أيضًا ضوابط الرؤية الحالية، فالرجل من حقه رؤية طفله متى شاء وفى منزله وليس فى أي مكان آخر، هنا لن يكون هناك أزمة فى ترتب الحضانة للطفل.
*ولكنك تتحدث من أرضية تسامحية أصبح لا وجود لها على الأرض، وما يحدث أن الجميع يستغل الثغرات القانونية فى الانتقام.. كيف يمكن معالجة ذلك؟
هذا يحدث لأن الإيمانيات لا تأخذ مكانها بالأعلى فى نفوس الناس، كما يجب أن تعلى الرقائق والعدل والحساب، وهذا ما لا يحدث، فالمجتمع وقع فريسة تهميش التدين الصحى من العلمانية الشرسة، وتفريغ الدين من مضمونة بواسطة التيارات السلفية التى جعلت فروع الفروع الدين.
*وكيف نواجه ذلك؟
بدورات إلزامية تعرف المقبلين على الزواج أمور دينهم وحقوقهم وواجباتهم ويتم اختبارهم فى ذلك.
*يتحدث علماء الأزهر كثيرا عن الدولة المدنية والعلمانية وغيرها من المصطلحات التى تنتمى إلى فروع أخرى من العلم.. من أين يستقى الأزهرى معرفته بهذه المصطلحات خاصة أن التفسيرات الأزهرية مرفوضة من أنصار العلمانية والمدنية؟
الأزهر يملك مخصصين فى تفسير هذه الأمور، الأول هو تخصص السياسة الشرعية بكلية الشريعة، وهناك أيضًا قسم الفلسفة فى كلية أصول الدين، وهناك مقرر اسمه تيارات فكرية معاصرة يتناول الأفكار والاتجاهات والمذاهب والأفكار السياسية فى مختلف بلدان العالم من مصادرها ويقدم تفسيرا وشرحا وافيا لها.
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"