توابع الزلزال القاتل في سوريا وتركيا.. العرب ينحازون لـ«سوريا».. والغرب يخفف قبضة العقوبات
لا حديث فى العالم إلا عن الزلزال المدمر فى تركيا وسوريا لزلزال مدمر، الكارثة الأسوأ فى التاريخ الحديث منذ ثلاثينيات القرن الماضى، كما وصفه الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، الذى أسفر عن سقوط آلاف الضحايا، ناهيك عن الخسائر المادية التى تقدر بالمليارات.
وتسبب الزلزال فى خسائر مادية كبيرة حتى الآن، حيث تكبدت تركيا وحدها تكلفة خسائر تتراوح ما بين 35 و50 مليار دولار بينما بلغ العجز التجارى المحلى والخارجى لتركيا 110 مليارات دولار.
وأشار تقرير اقتصادى إلى أن تكلفة وفاة شخص واحد بسبب الزلزال تبلغ مليون و250 ألف دولار ولسوء الحظ، سيؤدى ذلك إلى تراجع التنمية فى تركيا.
ولكن على الرغم من حجم الكارثة الإنسانية، إلا أنها أظهرت معالم تغير سياسى كبير، ينم عن تقارب سياسى بين دول المنطقة، حيث أدرك الجميع أهمية العلاقات الطيبة مع دول الجوار.
تضامن عربى مع سوريا
من ناحية أخرى، أظهرت كارثة زلزال تركيا وسوريا أهمية تضامن ووحدة دول المنطقة، وعدم الاعتماد على شعارات دول الغرب، الذين تخلوا عن الشعب السورى، ولم يجد يد عون تمد له سوى اليد العربية بحجة قانون العقوبات قيصر الذى فرضته أمريكا على دمشق.
ولم يكن هناك مفر من تولى البلدان العربية الأمر، وإرسال مساعدات عاجلة إلى سوريا، وعلى رأس الدول التى أرسلت مساعدات عاجلة إلى سوريا، مصر وتونس والجزائر والأردن والإمارات العربية المتحدة.
وعلى ما يبدو، أثبت الحدث أن هناك تغير فى مواقف بعض الدول العربية إزاء إعادة علاقتها مع سوريا إلى سابق عهدها، وهو ما أعلن عنه الرئيس التونسى عن عزم بلاده زيادة تمثيلها الدبلوماسى فى سوريا.
وقال قيس السعيد فى تصريحاته: «إن قضية سوريا شأن داخلى يهم السوريين بمفردهم والسفير يُعتمد لدى الدولة وليس لدى النظام».
جاء الموقف التونسى بعد وقت قليل من الاتصال التاريخى بين الرئيس عبد الفتاح السيسى، ونظيره السورى، بشار الأسد، والذى يعتبر هو الأول بين الجانبين، الأمر الذى قد يمهد لعودة سوريا إلى الأحضان العربية.
وأشار الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى توجيهاته بتقديم كافة أوجه العون والمساعدة الإغاثية الممكنة إلى سوريا.
كما صرح المستشار أحمد فهمى المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية أن الرئيس أعرب خلال الاتصال الهاتفى عن خالص التعازى فى ضحايا الزلزال المدمر الذى وقع بالأمس 6 فبراير، والتمنيات بالشفاء العاجل للجرحى والمصابين.
كما أكد الرئيس تضامن مصر مع سوريا وشعبها الشقيق فى هذا المُصاب الأليم، مشيرًا إلى توجيهات بتقديم كافة أوجه العون والمساعدة الإغاثية الممكنة فى هذا الصدد إلى سوريا.
ومن جانبه؛ أعرب الرئيس السورى عن امتنانه لهذه اللفتة الكريمة من الرئيس، مؤكدًا اعتزاز سوريا بالعلاقات التاريخية والأخوية التى تربط البلدين وشعبيها الشقيقين.
وفى هذا السياق قال السفير جمال بيومى، مساعد وزير الخارجية الأسبق، على الرغم من إرسال دول المنطقة مساعدات إلى تركيا وسوريا، إلا أن ذلك لن يغير شيء، سواء على خط عودة دمشق إلى أحضان جامعة الدول العربية، أو على العلاقات السورية التركية، مشيرا إلى أن أنقرة لديها أطماع فى شمال سوريا، وتسعى إلى السيطرة على تلك المنطقة، وهو أمر لن يتغير.
وأكد جمال بيومى، أن اتصال الرئيس السيسى مع الرئيس السورى بشار الأسد، هى خطوة تدعو إلى التفاؤل بشأن عودة دمشق إلى جامعة الدول العربية، وذلك على الرغم من صعوبة الخطوة فى الوقت الراهن نظرا لاعتراض بعض الدول العربية على عودة سوريا، بالإضافة إلى الانقسام فى الداخل السورى ناهيك عن الوجود الإيرانى والإسرائيلى هناك.
وأضاف: أن هذه الأسباب كانت خلف عدم الاتفاق أو مناقشة القضية فى القمة العربية التى عقدت بالجزائر العام الماضى، متوقعا تكرارًا نفس السيناريو فى القمة العربية القادمة بالرياض.
وأوضح جمال بيومى أن المساعدات التى قدمتها الدول العربية إلى سوريا وتركيا، جاءت من مبدأ حسن الجوار ومراعاة الحالات الإنسانية.
وحول فكرة إنشاء صندوق عربى لمواجهة الكوارث، وذلك لتقديم المساعدات للدول العربية التى تتعرض لأزمات مفاجأة كما حدث فى سوريا، أكد جمال بيومى أنه لا يتوقع إنشاء مثل ذلك الصندوق، موضحا أن سبب ذلك هو وجود دول عربية غنية ترفض مثل هذه الفكرة.
توابع سياسية كبيرة لزلزال تركيا وسوريا
وعلى الجانب الآخر، قال الدكتور طارق فهمى أستاذ العلاقات الدولية، أن هناك توابع سياسية مهمة تسبب فيها الزلزال العنيف الذى ضرب تركيا وسوريا.
وأكد طارق فهمى، أن سوريا هى المستفيد الأكبر من هذه التغيرات، خاصة فيما يتعلق بالعقوبات المفروضة عليها، موضحا أن هناك اتجاهًا من قبل دول الغرب وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا لتخفيف العقوبات عن دمشق من أجل تسهيل إرسال المساعدات الإنسانية إلى سوريا.
ونوه طارق فهمى إلى أنه من الممكن أن يحدث مقاربة بين سوريا ودول الغرب حال حدوث تهدئة، تسمح برفع جزئى للعقوبات يعطى أملا لإعادة إعمار البلاد التى مزقتها الحروب.
الوجود العسكرى التركى فى سوريا
وأوضح فهمى، أن أمريكا رفعت العقوبات مؤقتا بهدف ضخ المساعدات لدمشق دون إعاقة، مشيرا إلى أن مسألة دخول المساعدات لدمشق معقدة، نظرا لوجود عدم توافق بين القوى الدولية على هذا الشأن.
وأشار فهمى إلى أن سبب تعليق المساعدات التى تدخل سوريا عبر الأراضى التركية، ليست أنقرة، إنما هى روسيا التى تخشى تسلل عناصر تنظيم داعش الإرهابى إلى المناطق التى يسيطر عليها الجيش السورى.
وأضاف أستاذ العلاقات الدولية، أن سوريا تلقت دعما عربيا كبيرا جدا، خاصة من قبل مصر والجزائر والإمارات والسعودية والأردن.
وتوقع طارق فهمى أن التقارب العربى مع سوريا خلال تلك الفترة، سيكون له تأثير كبير على ملف عودة دمشق إلى جامعة الدول العربية، مؤكدا أن سوريا ستعود للجامعة العربية خلال فترة قريبة.
وتابع: «أنه يتوقع مناقشة الدعوة التى قدمتها مصر والأردن والإمارات والجزائر فى القمة العربية الماضية لإعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية، قبيل القمة المقبلة فى الرياض».
وشدد فهمى على أن عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية يحتاج جهد من الأمين العام، لإقناع الدول الأعضاء بالموافقة على ذلك.
وفيما يتعلق بتأثير الزلزال على التواجد العسكرى التركى فى شمال سوريا، أوضح فهمى أنه من المحتمل أن يكون هناك تأثير بالفعل، ولكن لم يتضح حجمه بعد.
نقلًا عن العدد الورقي…،