رئيس التحرير
عصام كامل

تفاصيل مؤتمر المركز المصرى للدراسات الاقتصادية وبنك cib

مؤتمر cib، فيتو
مؤتمر cib، فيتو

نظم  المركز المصرى للدراسات الاقتصادية، بالتعاون مع البنك التجارى الدولى CIB، اليوم الثلاثاء، مؤتمرا موسعا "نحو COP27 وما بعده"، لتقييم ما حدث فى قمة المناخ التى انعقدت فى شرم الشيخ بنوفمبر الماضى وماذا تم بعد القمة فى مصر ودول العالم. وذلك استمرارا للتعاون بين المركز والبنك التجارى فى موضوع المناخ ، والذى بدأ منذ يونيو من العام الماضى بعقد سلسلة من اللقاءات المثمرة حول الموضوع.

واستعرضت الجلسة الافتتاحية أهم الفعاليات التحضيرية لمؤتمر المناخ التى عقدها المركز بالتعاون مع البنك منذ يونيو الماضى، والتى ناقشت عددا كبيرا من قضايا المناخ خاصة فى القارة الأفريقية، وكيف يمكن أن يكون المؤتمر صوت أفريقيا، وشاركت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة شئون البيئة من خلال فيديو مسجل حيث اعتذرت عن الحضور لوجودها خارج مصر.


واستعرضت الوزيرة فى كلمتها أهم جهود مصر فى التحضير لقمة COP27 والتحديات التى واجهتها وأهم المكاسب الناتجة عنها، مشيرة إلى أن أهم نتائج القمة تتمثل فى إنشاء التمويلات والصناديق الخاصة وإيجاد تمويل للمشاريع بما يثبت مصداقيتنا، وأن تكون مصر ممثلة لصوت أفريقيا وهو ليس فقط شرف وإنما مسئولية – على حد وصفها – بالإضافة إلى إقامة العديد من المؤتمرات والفعاليات تحت رعاية الرئيس وإجراء العديد من النقاشات الخاصة بالتحول الأخضر ورفع الوعى بالقضية، مشيرة إلى أن أول توصيات المؤتمر التى سيتم تنفيذها هو مشروع إدارة المخلفات 2040 بين وزارة البيئة المصرية و10 دول أفريقية.

وأكدت فؤاد أن أنشطة المجتمع المدنى من أهم الجوانب المكملة للمؤتمر، مشيرة إلى أن إقامة بعض المشروعات الخضراء بمشاركة القطاع الخاص والمجتمع المدنى يعد تنفيذا رائعا لتوصيات قمة COP27، مؤكدة أن القطاع الخاص سيضيف قيمة مضافة للأنشطة الاستثمارية والأنشطة الخاصة بالتنوع البيئى، وأشارت إلى أن تقديم حلول مستدامة من خلال المؤتمر كان أحد أهم إنجازات المؤتمر أيضا، مشددة على أن دور مصر لم ينتهى بانتهاء القمة الأخيرة، وإنما بداية للتعاون المشترك حيث من المقرر القيام بالعديد من الفعاليات والنقاشات مع المنظمات الإقليمية للتأكد من تنفيذ توصيات COP27لتحقيق التطور والنجاح والحفاظ على الكوكب.

من جانبه أشاد السفير وائل أبو المجد الممثل الخاص المعين لرئيس الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ، بالدور الذى لعبه المركز المصرى للدراسات الاقتصادية فى الجلسات التحضيرية قبل انعقاد المؤتمر وما بعده أيضا وهى مناقشات ثرية وعميقة أسهمت فى فهم أبعاد القضية.

وأكد أبو المجد أن COP27 جزء من سلسلة من المؤتمرات الحكومية لكنه جزء من كل، وليس من الصحيح تقييم كل مؤتمر بمفرده أنه ناجح أو فاشل، وعلق على وجود انفصال بين المسار الحكومى والمسار الآخر للمجتمع المدنى، مؤكدا أن طبيعة المؤتمر منذ بدايته هو تفاوض حكومات، ومع مرور السنوات أصبح الغالبية العظمى من الحضور هم من أصحاب المصلحة من المجتمع المدنى والقطاع الخاص والممولين والمتأثرين بقضية المناخ، ولكن ستظل عملية التفاوض قاصرة على الحكومات وتحقق الدمج بين المسارين.

واستعرض أبو المجد مسار المؤتمر والذى شهد العديد من الفعاليات والنقاشات ومنها فعاليات رئاسية، مشيرا إلى أن أهم مخرجات المؤتمر أنه عقد على أرض مصرية أفريقية وحرص على وجود مخرجات تخدم الصالح الأفريقي لأول مرة، وتم إطلاق العديد من المبادرات والأفكار والتبرعات بالتمويل للتكيف فى أفريقيا، ومنها الاتفاق على إنشاء مركز للتدريب فى القاهرة على علوم التكيف للأفارقة بالمجان وسيتم إتاحته لأعداد كبيرة، وأيضا الاتفاق على مشروع "نوفى" الذى عرضته وزارة التعاون الدولى وهى مبادرة وطنية حظيت بتمويل جيد جدا خلال المؤتمر.

وأشار أبو المجد إلى أن المؤتمر عقد فى ظروف اقتصادية وجيوسياسية عالمية بالغة التعقيد وهو ما صعب رفع سقف الطموحات، لافتا إلى عرض مقترح رفع سقف الطموحات قوبل من الدول الكبرى برفض شديد كان يهدد الوثيقة النهائية للمؤتمر.

وأكد أبو المجد أن الخلاف بين الدول المتقدمة والنامية سيظل قائما ولابد من توحيد الموقف للدول النامية، مشيرا إلى عدد من التحديات التى ستواجه الدول النامية خلال المرحلة المقبلة والتى تتطلب الاستعداد الجيد، ومنها بدء تخصيص الدول المتقدمة لحوافز ودعم كبير للصناعات البازعة مثل الهيدروجين الأخضر، وهو ما يخرج دولا أقل قدرة مثل مصر من هذا الاستثمار إذا لم نتنبه لذلك، بالإضافة إلى أهمية الاستفادة من أسواق الكربون بشكل جيد.

ودعا أبو المجد لضرورة الاستعداد للمرحلة المقبلة بشكل جيد من خلال تطوير المنظومة التشريعية ووضع حوفز للتحول نحو الاستدامة، والتعرف على فرص الاستثمار فى الدول تى توفر مزايا، وإعادة النظر فى منظومة الاستثمار فى مصر لتكون جاذبة من خلال الحوافز.

من جانبها قالت داليا عبد القادر رئيس قطاع التمويل المستدام بالبنك التجارى الدولى، أن مؤتمر COP27 من أهم المؤتمرات التى استضافتها مصر، مؤكدة أننا نحتاج التكيف مع التحديات، ونحن لم نصل إلى هذه المرحلة بعد ومازالت الدول النامية خاصة فى أفريقيا تعانى كثيرا من التغيرات المناخية، وبعد سنوات طويلة من المشكلات استطاع مؤتمر COP27 التطرق إلى هذه المشكلات.

وأشارت عبد القادر إلى أن التمويل المناخى أمر مهم ويتم إدارته من خلال التمويل العام، ولكن من خلال COP27 تم إنشاء مسار موازى للطرق التقليدية، ولم يقتصر الأمر على المفاوضات الحكومية ولكنه أتاح الفرصة للقطاع الخاص والأكاديميين والمجتمع المدنى للعب دور أكبر، مؤكدا أن البنوك والمؤسسات التمويلية يمكنها لعب دور فعال فى مجال الطاقة الجديدة والمتجددة، وهو ما يقوم به البنك التجارى الدولى بالفعل.

وشهدت الجلسة الأولى مناقشة العلاقة بين الشمال والجنوب فى دول حوض المتوسط، والفرص والتحديات فى هذا الإطار، وشارك بها كل من الدكتور زياد بهاء الدين نائب رئيس الوزراء الأسبق، والسفير ناصر كامل الأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط، ومحمد قاسم رئيس جمعية المصدرين، وأدارها علاء هاشم الشريك المؤسس والشريك التنفيذي لشركة ترانسينديام، وأكدت محدودية التكامل بين دول الشمال والجنوب بسبب العديد من التحديات التى فسرها السفير ناصر كامل، منها ضعف علاقات التبادل التجارى والعوامل الديموغرافية، وغياب سوق حرة أورومتوسطية بقوعد منشأ أورومتوسطية ملقيا اللوم فى ذلك على دول الجنوب حيث لم يتم ضم تجارة الخدمات فى اتفاقيات تحرير التجارة رغم تجاوزه فى حجمه ومساهماته الإنتاج الصناعى.

وطرح محمد قاسم أن تقوم أوروبا بعمل صندوق "تخضير الصناعة" بحيث تستفيد الدول الأقرب جغرافيا من خروج المصانع من أوروبا إلى دول أخرى وبدأ التوجه نحو الدول الأقرب خاصة بعد جائحة كورونا وحرب الروسية الأوكرانية التى تسببت فى إعادة هيكلة سلاسل الإمداد العالمية، وهو ما يخلق فرص لجذب استثمارات فى مصر استغلالا لهذا القرب يجب اقتناصها.

واقترح الدكتور زياد بهاء الدين إنشاء تحالف لدعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة فى مجال البيئة، فى مبادرة تجمع البنوك ومؤسسات التمويل والقطاع الخاص والمجتمع المدنى حتى لا تتجه الاستثمارات فى هذا المجال بشكل حتمى إلى المشروعات الأكبر، وضرورة تفعيل قانون تنمية المشروعات الصغيرة الذى يعد فرصة ضائعة لم يتم الاستفادة منها بعد.

وناقشت الجلسة الثانية موضوع تمويل المناخ من منظور المجتمع الدولى بمشاركة نخبة من الخبراء الدوليين عبر الإنترنت، هم ماري روبنسون الرئيس السابق لجمهورية ايرلندا، والبروفيسور تيتسوشي سونوب العميد والرئيس التنفيذي لمعهد بنك التنمية الآسيوي، وانطونيو فيلافرانكا مدير الدراسات بالمعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية ISPI والرئيس المشارك لمركز الحوكمة الأوروبية والعالمية، والسفير راجى الإتربى مساعد وزير الخارجية للشئون الاقتصادية متعددة الأطراف الدولية والإقليمية والممثل الشخصى للرئيس المصرى فى مجموعة العشرين، وأدارها الدكتور أحمد جلال وزير المالية الأسبق، ودعت المناقشات إلى إصلاح نظم التمويل وتعزيز تمويل التحول إلى الطاقة النظيفة والاقتصاد الأخضر خاصة فى الدول الأضعف، وتحرير هذه الدول من الديون التى تكبلها حتى يمكنها تمويل التكيف مع التغيرات المناخية.

أما الجلسة الثالثة فقد ناقشت العلاقة بين المناخ والفقر واتخاذ خطوات واقعية نحو التحول للأخضر بالقارة الأفريقية، وشارك فيها عبر الإنترنت كل من الدكتور سيدي ولد طه المدير العام للمصرف العربي للتنمية الاقتصادية في إفريقيا، ومامادو بايتي السكرتير التنفيذي لمؤسسة بناء القدرات الأفريقية، ودينا شريف المديرة التنفيذية مركز ليجاتوم للتنمية وريادة الأعمال فى معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وأدارها السفير رؤوف سعد مساعد وزير الخارجية الأسبق ومستشار وزير البيئة، والتى ناقشت علاقة قضية الفقر بالمناخ خاصة فى الدول الأفريقية، مطالبة بصوت أعلى لدول القارة لتمويل مشروعات المناخ والحصول على مكاسب أكبر لمواجهة التغيرات المناخية والفقر فى القارة.

وفى ختام المؤتمر دعت داليا عبد القادر رئيس قطاع التمويل المستدام بالبنك التجارى الدولى، إلى تحالف الأكاديميين والممولين لتشكيل قوة ضاغطة فى قمة المناخ المقبلة، مؤكدة أن مشكلة مفاوضات المناخ أنها مسيسة أكثر من اللازم ولا يمثل البحث العلمى والأكاديميين المساهمة الأكبر رغم أنه يمكن أن يكونوا عنصرا يغير معادلة المناخ.

من جانبها أكدت الدكتورة عبلة عبد اللطيف المدير التنفيذى ومدير البحوث بالمركز المصرى للدراسات الاقتصادية، أهمية الربط بين المؤسسات البحثية والتمويل، مشيرة إلى أن تعاون المركز مع البنك التجارى الدولى له طبيعة خاصة نابعة من قناعة البنك ووعي القائمين عليه بقضية المناخ حيث قام بالمساهمة فى تمويل مشروعات فى هذا السياق.

وأعربت عبد اللطيف عن أملها فى الوصول لتصور لنظام عالمى جديد يراعى اختلاف توازن القوى العالمية، لافتة إلى أنه فيم يتعلق بتقييم النتائج فإن مصر قامت بدورها فى المؤتمر، ولكن الأمر يتعلق بمصالح الدول المتقدمة صاحبة الانبعاثات الأكبر، والمشكلة الحقيقية تتمثل فى ضعف صوت الدول النامية والأكثر تضررا وهو ما يتطلب توحيد الموقف وإعلاء صوت هذه الدول، مشددة على ضرورة التحول نحو الاقتصاد الأخضر لصالحنا

الجريدة الرسمية