معقل الثروة الداجنة بالقليوبية فى خطر.. غلق البورصة وتسريح الموظفين يلقى بظلاله على أصحاب المزارع
تعرف محافظة القليوبية تاريخيا أنها إحدى أكبر المحافظات المنتجة للثروة الداجنة بمصر، وبها قرى أصبحت من العلامات الراسخة فى الصناعة، على رأسها الرملة ونقباس وميت العطار والأخيرة وحدها تتضمن قرابة الألف مزرعة، لكن المحافظة العفية فى الثروة الداجنة ضربها بشدة طوفان الارتفاع الكبير فى الأسعار، وعدم استقرار أوضاع الثروة الداجنة التى تزداد سوءا.
وبدا فجأة أن القليوبية تدفع فاتورة قرارات خاطئة منذ سنوات، إذ لم تستطع بعض الجهات المعنية استغلال الإنتاج الجيد للمحافظة لحل أزماتها ومنها مشكلة بورصة الدواجن التى أصبحت خاوية على عروشها وأغلقت نهائيا ونقل موظفيها للعمل بديوان عام المحافظة وترك مقرها الذى يمتد على مساحة 4 أفدنة على طريق القاهرة الإسكندرية الزراعى بلا استغلال حتى الآن!
شعبة الدواجن
أحد مسئولى الغرفة التجارية بالقليوبية قال لـ«فيتو» إن شعبة الدواجن غير مفعلة حاليا، بعد غلق البورصة، إذ لم تعد هناك تسعيره رسمية لافتا إلى أن ملف البورصة ما زال معلقا رغم تعاقب 5 محافظين، وعلى رأسهم المحافظ الحالى اللواء عبد الحميد الهدان، دون اتخاذ قرار فاعل فى الأزمة.
من ناحيته، يرى جورج كامل، أحد الخبراء المتخصصين فى مجال الثروة الداجنة بالقليوبية، أن مراحل الدواجن عبارة عن جدود وأمهات، تسمين وبياض، مردفا: الجدود الأساس وتنتج الأمهات فراخ تسمين أو بياض، مشيرًا إلى أن ما نعانيه حاليا هى تبعيات مرحلة إعدام الكتاكيت التى قام بها أصحاب المزارع، وشاهد الجميع صورها فى المصارف والترع والطرقات بسبب ارتفاع سعر العلف مما اخل بدورة الدواجن، فأصبح السوق فقير جدا.
وأضاف أن مصانع الأعلاف التى تعتمد على الاستيراد من الخارج فى فترة الأزمة الدولارية، أصبحت خسائرها بالملايين، موضحا أن أحد المصانع بالمحافظة خسر بمفرده 85 مليون جنيه، مردفا: سوق الداجن فقد ما يزيد على 70% من طاقته، مؤكدا أن من يعمل بالسوق حاليا مجبر أن يعمل بـ«الأجل» -التقسيط- فى شراء أعلاف التسمين، ولكن هذا لا يعفيه من تراكم الديون عليه، إذ يعمل على أمل انتعاش السوق بما يمكنه من تحصيل ديونه، أما من لدية رأس مال ثابت فاضطر أن يغلق بسبب الخسارات المتتالية.
وتوقع كامل انخفاض الأسعار بعد 6 أشهر، وهى فترة حضانة الأمهات التى تنتج الفراخ البياضة والتسمين مع مراعاة انخفاض أسعار الأعلاف حاليا.
بورصة الدواجن
وأوضح أن البورصة كانت تعمل حتى عام 2019 على تحصيل رسوم «كارتة» السيارات التى تحمل الدواجن ما بين محافظات الدلتا بـ٥٠ جنيها للسيارات الكبيرة، و٢٠ جنيها للصغيرة، الأمر الذى كان يحافظ -نوعا ما- على سعر السوق المحلي.
ولفت كامل إلى أن دخل البورصة كان يكفى رواتب الموظفين، بالإضافة إلى تحصيل فائض ربع مليون جنيه، بالرغم من أنها كانت لا تعمل بكامل طاقتها، موضحا أنه على مدار 5 محافظين وملف البورصة لا يجد راع له لإحيائه مرة أخرى، مردفا: حاليا تم نقل موظفيها إلى ديوان عام المحافظة ولا يوجد بها سوى فردى أمن فقط.
وأضاف أن الأزمة الحالية ليست بفعل غلق البورصة فقط، وإنما لضياع دور الريف فى تربية الدواجن منذ أزمة إنفلونزا الطيور، إذ كانت المنازل تحقق اكتفاء ذاتيا من البيض والدواجن ونفس الأمر بالمناطق الشعبية، مؤكدا أن الحل يكمن فى العودة للتربية المنزلية مرة أخرى، لافتا إلى أن سعر الدواجن الحالى 80 جنيها، ومع ذلك ليس عادلا للتاجر والمربى، إذ تبلغ التكلفة الحالية للدواجن 50 جنيها، والـ 30 جنيها هى مصاريف النقل والتاجر والبائع.
من ناحيته، قال شهاب عبد الرحيم، أحد رائدى صناعة الدواجن بالقليوبية، أن الصناعة قائمة على الاستيراد، فالأساس هو الأعلاف التى تجلب من الخارج والتى تأثرت كثيرا بالأزمة العالمية ومشكلة العملة الصعبة، وإن كان هناك انفراجة ترتبت على إفراج الحكومة عن بعض الشحنات فى الموانئ.
وأضاف أن أزمة رأس المال أصبحت عبئا كبيرا، والصناعة كلها تقوم على المجازفة العالية، إذ كانت تتكلف تربية 4 آلاف فرخة 150 ألف، الآن أصبحت تجتاج لـ 500 ألف جنيه، وإذا حدث مرض لا قدر الله، فكل رأس المال مهدد، واستطرد: فى التشغيل كان المليون جنيه يكفى لـ10 مزارع، لكن الآن يتكفل بمزرعتين فقط.
من ناحيتها، توقعت الدكتورة أمل العسيلى، وكيل مديرية الطب البيطرى بالقليوبية، والمشرفة على مشروع الـ30 مليون بيضة بالخانكة انفراجة فى سعر الدواجن قريبا، مشيرة أن المشروع بدأ ينتج ثماره وأنعش السوق المحلى عبر 3 محطات تنتج 30 مليون بيضة فى العام.
وأضافت أن المنتج عالى الجودة فى البروتين والقيمة الغذائية، إذ يتم الإشراف على التغذية واللقاحات والأدوية، مشيرة إلى أن الإنتاج يتم توزيعه عبر منفذ بيع بالمشروع بالإضافة إلى التجار ومنافذ البيع الحكومية بأسعار التكلفة وتقل عن الأسعار المحلية.
وأكملت أن مشروع الـ30 مليون بيضة من أهم مشروعات الأمن الغذائى فى توفير الدواجن الأمهات والبيض بأسعار مناسبة للحفاظ على استقرار الأسعار فى السوق، حيث يشهد المشروع اهتماما من المحافظة التى قامت مؤخرا بتعيين مجلس إدارة جديد للمشروع بجانب وضع خطة طموحة بالتعاون مع عدة جهات تابعة للمحافظة وأساتذة الزراعة والطب البيطرى فى جامعة بنها.
من ناحيته، أوضح اللواء عبد الحميد الهجان محافظ القليوبية أن المحافظة تولى المشروع اهتماما خاصا لأهميته فى توفير الأمن الغذائى، مشيرا إلى تعزيز مشروع الـ30 مليون بيضة بمركز الخانكة بهدف العمل على تحقيق استثمارات وأرباح من المشروع بعد أن كان يحقق خسائر خلال الأعوام السابقة.
أوضح المحافظ أنه قرر تغيير مجلس الإدارة القديم، وتعيين مجلس جديد برئاسة الدكتورة أمل العسيلى وكيل الوزارة للطب البيطرى بالقليوبية لتنفيذ تكليفات النهوض بالمشروع من خلال وضع دراسة استغلال الأراضى الخالية لإنشاء صوب زراعية وزراعة النخيل مع رفع كفاءة العنابر وزيادة عنابر الإنتاج وعنابر التربية الحالية بهدف ترشيد النفقات من خلال تصنيع الأعلاف بمصنع المشروع.
وأضاف: جار الآن تحديد خريطة لفتح منافذ بيع جديدة لمنتجات المشروع، حيث يسهم فى بيع وتوفير دواجن الأمهات بسعر مناسب للمواطنين.
فيما قالت الدكتورة أمل العسيلى وكيل الوزارة للطب البيطرى بالقليوبية ورئيس مجلس الإدارة، أن مكونات مشروع الـ30 مليون بيضة عبارة عن مصنعين للأعلاف بطاقة 5 آلاف طن سنويا لهما وعنبرين تربية للدواجن الأمهات، وينتج كل منهما 25 ألف كتكوت 6عنبر إنتاج بيض بطاقة 22.5 ألف طائر للعنبر الواحد ومبنى إدارى.
أضافت وكيل الوزارة للطب البيطرى أنه يجرى رفع كفاءة لزيادة الإنتاجية وإضافة أنشطة أخرى واستغلال الأراضى الموجودة فى إطار زيادة الموارد الذاتية للمحافظات واستغلال الأراضى غير المستغلة فى إقامة أنشطة صناعية وتجارية توفر فرص عمل للمواطنين وتحقق الاكتفاء الذاتى من المنتجات الغذائية عبر إحداث توازن فى الأسواق مع القطاع الخاص.
نقلًا عن العدد الورقي…،