رئيس التحرير
عصام كامل

الحمائم والصقور


يقوم أحد الأشخاص بدور الشخص حاد الطباع (الشخصية الصقر)، بينما يكون على الشخص الثاني التحلي بالهدوء والوداعة، ومن ثم يجد الطرف الآخر نفسه منساقًا للتعامل مع العضو اللين وإجابة مطالبه، تجنبًا للاحتكاك بالشخص الصارم حاد المزاج.

ومن أشكال استخدام أسلوب الحمائم والصقور، هو أنه عند قيام لجنة بالتفاوض فإن بعض أفراد الفريق يمثل دور الصقور بتقمص شخصيات عدوانية وعصبية لها طلبات مغال فيها، بينما يمثل البعض الآخر دور الحمائم الذي يتصرف بطيبة.. ويتأسف للشخصية الصقر ويتوسل إليها لتقديم بعض التنازلات للطرف الآخر.

إنها تمثيلية محبكة الأدوار، لتحقيق فائدة متفق عليها تقوم أساسًا على أسلوب إرخاء الحبل وجذبه أو التهديد والترغيب.

ألست معي في أننا.. أقصد طبعًا الشعب المصري، وقعنا في هذا الفخ أثناء انتخابات الرئاسة حيث ظهرت شخصيات إخوانية لها أشكال متعددة، البعض منها يمثل الشخصية (الصقر) والبعض الآخر يمثل الشخصية (الحمامة).

ألست معي في أنهما وجهان لعملة واحدة، ولكن ما الهدف من تمثيل كل هذه الأدوار، ألم يكن الهدف هو تطبيق استراتيجية "أنا أكسب وأنت تخسر ""Win…Lose" وهي إحدى نتائج التفاوض المعروفة والتي تعتمد على المساومة بهدف تحقيق أكبر قدر ممكن من المنافع لأحد الطرفين على حساب الطرف الآخر، أقول لك إن التفاوض بهذه الطريقة يمكن أن يؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها لأن معظم الناس لا يعملون بنوايا خالصة عندما يكونون في مواقف خسارة.

أليست ثورة ثورة 30 يونيو 2013 هي رد الفعل الطبيعي لسياسة "Win…Lose" وهي "أنا أكسب.. وأنت تخسر"؟

وحتى يؤتي التفاوض الثمار المرجوة منه، فإنه لابد من تحقيق منافع مشتركة لكل الأطراف في المدى الطويل وهو الذي يسعى إلى تطبيق استراتيجية "أنا أكسب وأنت تكسب"."Win..Win".

عزيزي القارئ
يجب أن ينظر إلى التفاوض على أنه ليس حربا بين طرفين... لابد من فوز أحدهما وهزيمة الطرف الآخر بل على العكس من ذلك فإن التفاوض يتضمن فوز كلا الطرفين ولكن ليس بالضرورة تتساوي الأنصبة.

أزمة غير مفاجئة
حصل بواب أحد الفنادق الكبرى لتوه على ترقية كرئيس لطاقم البوابين بالفندق، لقد زاد راتبه مائة دولار على ترقيته لكن خسر أكثر من 300 دولار من البقشيش التي كان يحصل عليها كبواب، أصبح لهذا البواب بحكم موقعه الجديد سلطة تحديد مواقع البوابين وهو ما يعني بالتالي تحديد البقشيش الذي يتناوله كل منهم لأنه يتغير طبقًا للباب الذي يعمل عليه، المسألة لا تحتاج لكثير من الشرح لتعريف كيف استطاع رئيس البوابين في منصبه الجديد أن يعوض الخسارة الناجمة عن ترقيته، فقد أصبح يتقاضى مبلغا من المال من كل بواب مقدمًا قبل تحديد موقعه وهو ما يعني أنه كلما زاد هذا المبلغ زادت حساسية الموقع الذي يختاره له، الآن هل يهمك أن تتعرف إلى مدير الفندق الذي لم يكن يهمه ما إذا كان رئيس البوابين يتقاضى رشوة من زملائه أم لا؟ فكل ما كان يعنيه في هذا الأمر هو أن يجد بوابًا على كل باب يؤدي وظيفته، لقد تغاضى مدير الفندق عن ثقافة الرشوة التي ينشرها رئيس البوابين العاملين ولم يهتم سوى بالوظائف ولذا لم يفهم أي شيء عندما انتشرت الأزمة وعثروا على جثة رئيس البوابين وساءت سمعة الفندق وأفلس بعد أشهر قليلة.

عزيزي القارئ
لعلك أدركت المعنى من سرد هذه الحكاية.. ألست معي في أن حاميها حراميها وأنه تم تسليم القط مفتاح القرار .
ولكن أقولها بفرح الفخ انكسر ونحن قد انفلتنا..
الجريدة الرسمية