رئيس التحرير
عصام كامل

الكاتب الأردني جلال برجس: الجوائز الثقافية ليست مفسدة للأدب.. وكدت أفقد حياتي بسبب تقمصي لأبطال رواياتي (حوار)

الكاتب الأردني جلال
الكاتب الأردني جلال جرجس - فيتو

قريبًا ستصدر سيرتى الذاتية بعنوان «نشيج الدودوك»
 

جميع رواياتى كتبت فى 3 ساعات
 

نسبة قراء رواياتى ارتفعت بفضل حصولى على جائزة البوكر

 

«جلال برجس».. اسم ثقافى أردنى من طراز رفيع، فهو شاعر وروائي من مواليد السبعينيات، يعمل فى قطاع هندسة الطيران بجانب إنتاجه الأدبى الغزيز، كتب الشعر والقصة وأدب المكان قبل أن يتجه إلى كتابة الأعمال الرواية، وترأس عددا من الهيئات الثقافية، وهو الآن رئيس مختبر السرديات الأردنى.


وفى مايو 2021 أعلنت الجائزة العالمية للرواية العربية، عن فوز روايته "دفاتر الورّاق" بالدورة الرابعة عشرة.


«فيتو» التقت بالكاتب الكبير خلال زيارته بمعرض القاهرة الدولى للكتاب الأخير فى دورته الـ54، والتى حلت بها المملكة الأردنية الهامشية كضيف شرف لعام 2023، وتحدثت معه عن كواليس الكتابة والطيران، وإلى نص الحوار:

 

*بداية.. تعليقك على اختيار المملكة الأردنية الهاشمية ضيف شرف لمعرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته الـ54؟


بكل تأكيد فى غاية السعادة لوجودى بمصر أولًا، لأنه يجمعنى بهذا البلد وأهله إرث ثقافى وعلاقة من نوع خاص مهما شرحت لن أوفى حقها، وكنت سعيدا لاختيار الأردن ضيف شرف القاهرة الدولى للكتاب، ذلك الصرح العلمى والأدبى الفريد، فدائمًا بين مصر والأردن روابط خاصة جدا، فلا يمر يومًا أو ساعة إلا وتجد هناك ندوة ثقافية فى الأردن بمشاركة مصريين أو فعالية ثقافية بالأردن إلا وستجد مصر جزء أصيل، والعكس كذلك، فأدباء الأردن والإصدارات الأردنية منتشرة بكثرة فى أم الدنيا، ومشاركة الأردن فى أحدث دورات معرض الكتاب تأتي برؤى وأفكار جديدة مشرفة لكل أردنى.


ومن جانبى قدمت ملفا حول السرد الثقافى لمعرض الكتاب، وكان لى بمصر بجانب ندوتى بمعرض الكتاب سلسلة ندوات ثقافية، ثم كان لى عدد من اللقاءات مع قرائى لتوقيع رواياتى ولمناقشتهم ومعرفة آرائهم حول إنتاجى الأدبى بشكل مفصل.

*رجوعًا لأعمالك الأدبية، قدمت قرابة الـ10 أعمال وكدت تفقد حياتك بسبب رواية.. اطلعنا على كواليس رحلتك الأدبية وسر التحول من هندسة الطيران للأدب؟


عند تخرجى عملت بهندسة الطيران المدنى والحربى، والأخير هو الأصعب، وعملت فى سلاح الجو الملكى الأردنى حتى عام 2007، ثم عملت بأكثر من شركة للطيران المدنى إلى أن عُينت بالمركز الأردنى للتصميم والتطوير.


وحقيقة أنا أعشق تلك المهنة، وطول سنوات عملى بها لم يكن لدى سوى ثلاث ساعات فقط، فبين عملى الشاق الممتد والمناسبات والتجمعات العائلية حسبت ذات يوم ماذا يتبقى لنفسى ولروحى فوجد 3 ساعات ليس أكثر، فخلال تلك الساعات كانت قراءتى وكتابتى ومعرفتى بعلوم وصنوف الأدب، فكتبت رواياتى التى حصدت أعلى الجوائز خلال تلك الثلاث ساعات.


وبدأت بعملية النشر أواخر التسعينيات فى الدوريات والملاحق الثقافية الأردنية والعربية، وكما كانت قراءاتى متنوعة كانت كتاباتى متنوعة ما بين الدواوين الشعرية والقصة القصيرة والمقالات النقدية والأدبية، ونصوص المكان حتى وصلت لكتابة الرواية والتى أجدها الأصعب فى تكويناتها.


وكان أول إصدار لى يحمل اسم «رذاذ على زجاج الذاكرة.. حكايات مكانية»، تلاه كتاب «شبابيك مادبا تحرس القدس»، وتم الاحتفاء به، وتُرجم لسبع روايات مما شجعنى على الاستمرار، وتلاه الكثير من الأعمال الأدبية.


وبالفعل كدت أفقد حياتى بسبب تقمصى لشخصية أبطال رواياتى، وحدث ذلك لأننى كنت أتقمص شخصية الرواية وأعيش بوعيها وهذه إحدى طرائقى لإتقان الكتابة من وجهة نظرى


إذ كنت أعبر الشارع بوعى «إبراهيم الوراق» بطل رواية البوكر «دفاتر الوراق» ذلك الرجل المصاب بفصام الشخصية، هذا الأمر منعنى من العبور الآمن للشارع، فدهستنى سيارة، هذه الحادثة فتحت لى آفاقا واسعة وجديدة قلبت مسار الرواية رأسا على عقب.. ودائمًا ما أتعرض لأشياء غريبة وعجيبة بسبب تلك العلة التى توجد بى تقمص شخصيات الرواية وزوجتى تتحملنى كثيرًا وأريد أن اشكرها على سماحة طبعها فى تحملى.

*تروى «دفاتر الوراق» قصة قارئ مصاب بالفصام وقاتل متسلسل حدثنا عن تفاصيل هذا العمل الأدبى العملاق قناص الجوائز؟


تقع أحداث رواية «دفاتر الوراق» بين الأردن وموسكو خلال الفترة بين 1947 و2019، وتروى الرواية قصة (إبراهيم) بائع الكتب والقارئ النهم الذى يفقد كشكه ويجد نفسه وسط حالة من التشرد وبعد إصابته بالفصام، يستدعى إبراهيم أبطال الروايات التى كان يحبها ليتخفى وراء أقنعتهم وهو يقوم بعمل سلسلة من عمليات السطو والسرقة والقتل.


كما أنه يحاول الانتحار لكن العناية الإلهية تتدخل وتتغير مجرى الأحداث، كما ذكرت كتبت رواية دفاتر الوراق خلال وقت فراغى فى الـ3 ساعات، وتقمصت شخصية إبراهيم مما يتطلب جهدا نفسيا لا يستهان به للوصول إلى درجة عالية من الصدق فى الكتابة، وهو ما وجدته فى أعين القراء ولجان تحكيم جائزة الرواية العربية البوكر.

*تُعرف بأنك أديب الجوائز نظرًا لفوزك بكتارا والبوكر.. ما رأيك فى قيمة الجوائز؟ وما رأيك في قول البعض إن الجوائز الثقافية هى مفسدة للأدب العربى؟


مردود الجوائز العربية التى تُمنح للرواية أو الأعمال الأدبية بشتى صنوفها كمن يلقى حجرا فى المياه الراكدة، فقد ارتفعت نسبة قراء رواياتى بفضل حصولى على الجوائز الثقافية، ولا سيما البوكر، وكذلك شهدت الساحة الثقافية العربية نشاطا على صعيد الكتابة الروائية بفضل الجوائز وما يجنيه الكاتب من حُب واحترام وقيمة مادية تشجعه على تقديم المزيد والمزيد.. فلا شك أن الجوائز مهمة جدا للكاتب.


فالقراءة فى العالم العربى ازدادت بشكل لافت خلال الفترة الأخيرة بفضل الجوائز الأدبية، إضافة إلى نوادى القراءة ومبادرات القراءة والفعاليات الثقافية التى تشجع على هذا الشأن، صحيح أن نسبة القراءة فى العالم العربى ليست كما هى فى الغرب، لكنها فى تزايد مبشر والجوائز جزء أصيل فى هذا الازدياد، ومن يقول إن الجوائز الثقافية مفسده للأدب العربى عليه أن يُراجع نفسه كثيرًا.

*حدثنا عن روايتك أو الأعمال التى تُقدم على كتابتها مستقبلًا؟


أعمل على كتابة رواية من نوع خاص، فقريبًا ستصدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر سيرتى الذاتية وستكون معنونه بــ«نشيج الدودوك».. وفى هذا الكتاب أروى سيرتى من خلال زيارتى ثلاث مدن فى العالم منها مصر، إضافة إلى سيرة تلك الأمكنة، وقد جاء هذا الكتاب نتيجة تساؤل شخصى حول لماذا أقرأ، وأكتب.. وانطلاقا من هذا التساؤل كتبت السرة الذاتية التى سترى النور خلال الأشهر القليلة المقبلة.

 

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو" 

الجريدة الرسمية