عبد الناصر قاطع والسادات منع الذبح، هكذا تعامل رؤساء مصر مع ارتفاع أسعار اللحوم
ارتفاع أسعار اللحوم، قضية تشعل الغضب في الشارع المصري منذ عقود طويلة، وعرف المصريون تداعيات مختلفة ومتغيرة دائما لها، منذ اندلاع ثورة 23 يوليو 1952، وحتى الآن.
ارتفاع أسعار اللحوم، أصعب مشكلات الشارع المصري
ورغم اتساع التحديات والأزمات المختلفة، التي عانت منها البلاد خلال هذه الحقب المختلفة، لكن تظل قضية ارتفاع أسعار السلع بشكل عام، واللحوم بصفة خاصة، الإشكالية الأكثر صعوبة لرؤساء مصر، لاسيما أن ارتفاع أسعارها كانت ولازالت تشكل مشكلة كبيرة للحياة المصرية، وتجعل المواطن يتطلع لتدخل أعلى مستويات السلطة، لإحداث انفراجة تهون عليه الأزمة وتعيد الأسعار لمسارها الصحيح.
وخلال هذه العقود الطويلة، كانت الميول الفكرية والسياسية ورؤى واتجاهات الحكم وراء تتباين طريقة الحل في مصر، بداية من الرئيس جمال عبد الناصر، أشهر زعماء المنطقة، وصاحب الرؤية الاشتراكية والعدالة الاجتماعية، مرورا بالسادات صاحب مشروع الانفتاح والاقتصاد الحر ورأسمالية الدولة، نهاية بحسني مبارك، الذي لم يعتمد على رؤى فكرية أو فلسفات اقتصادية بعينها، بقدر ما اعتمد دائما على «حس الشارع وغضبه» والتهاب الأسعار وانعكاساتها على حياة المواطن البسيط، وهنا كان يتدخل لإعادتها للطريق الصحيح مرة أخرى.
عبد الناصر، الصحافة والميول الاشتراكية للسلطة تهزم أسعار اللحوم
خلال عهد الرئيس جمال عبد الناصر، ورغم الإصلاحات التاريخية، والتوسع في الإنتاج والتصنيع، وتوزيع الأراضي على صغار الفلاحيين، لم يسلم المصريين من ارتفاع أسعار اللحوم، وكانت الضربة الكبرى بعد هزيمة 1967، إذ مع قدوم عيد الأضحى في هذا العام اشتعلت أسعار اللحوم، ووصل سعر الكيلو الواحد لـ 75 قرشا.
انقلبت البلاد رأسا على عقب، وتبنى حملة مقاطعة اللحوم جريدة الأخبار، وتزعم الحملة الكاتب الصحفي علي أمين، وخلال النشر الدوري للحملة عن الأزمة، كان على أمين يرصد كيف ارتفعت أسعار اللحوم من أوائل الحمسينات لنهاية الستينات «25 قرشا».
ركز علي أمين في حملته على جميع شرائح الأسرة المصرية واستهدف ربات البيوت، وطالبهن بالتوقف عن شراء اللحوم، وتفاعل الشارع المصري مع الحملة، من أقل مستوياته، للرئيس عبد الناصر، الذي منع اللحوم من الدحول إلى منزله.
نجحت حملة الصحافة المصرية في المقاطعة ـ كانت في عز مجدها أنذاك ـ ولها تأثير ضخم على الشارع، كما كان لها صوت نافذ عند أعلى مستويات الدولة، بخلاف أن القرار السياسي ممثلا في الرئيس عبد الناصرونظامه، كان ينحاز إلى رؤى اجتماعية وفلسفية ترفض التلاعب بالأسواق وتنحاز بشكل صارخ للفقراء، لهذا انخفضت أسعار اللحوم مرة آخرى لـ 65 قرشا فقط، ولم تزد في حوالي 20 عاما أكثر من 15 قرشا، وليس اكثر.
السادات، الانفتاح لايعني إشعال السوق
مع تولى الرئيس الراحل أنور السادات الحكم في بداية السبعينات، والانتهاء من معركة استرداد الأرض، تقرب للرؤية الأمريكية في السياسة والاقتصاد، وتبنى سياسات الانفتاح والاقتصاد الحر، وكانت أول ضحايا الحقبة الجديدة «اللحوم».
في منتصف السبعينات، تحرك السعر «3 قروش» مرة واحدة، وأصبح الكيلو يباع بسعر 68 قرشا، وقفز مرة آخرى ليصل إلى جنيه. لم يستوعب الشارع المصري الصدمة وخاصة بعد أن تشرب ثقافة الاشتراكية والناصرية نحو 20 عاما، فخرجت المظاهرات الأشهر في حقبة السبعينات، وهتفت ضد السادات ومعه سيد مرعي رئيس مجلس الشعب الذي أقر الزيادة، وابتكر المتظاهرون الهتاف الشهير: «سيد بيه، يا سيد بيه، كيلو اللحمة بقى بجنيه».
لم يصمت السادات وهو الرئيس القادم أيضا من خلفية اشتراكية، ورفض قفزة الأسعار المفاجئة، وعلى الفور أصدر قرارات غير مسبوقة، وحظر الذبح وبيع اللحوم بكل أشكالها، سواء كانت حمراء أو بيضاء أو أسماك لمدة شهر، مع التشديد على عدم ذبح أنثى البتلو، وبدا واضحا ان السادات يظهر العين الحمراء للتجار، ويرغب بالوقت نفسه في زيادة وتعزيز الثروة الحيوانية بطرق مبتكرة وإلزامية.
بقدر صدامية القرار، إلا انه كان له مفعول السحر على الأسواق، وخلال شهر واحد فقط، انخفض سعر كيلوا اللحم في السوق إلى 80 قرشا، بعد أن زاد المعروض، بخلاف نجاح سياسات توفير الأعلاف الخضراء، وتشجيع المربين على تربية الماشية والتأمين عليها وتسليمهم الأعلاف المدعمة، إلى جانب مشروع تنمية البتلو المؤمن عليه من قبل المؤسسات التابعة لوزارة الزراعة، وبذلك لم ترفع فلسفة السادات لتوطين الرأسمالية والسوق الحر الأسعار بطريقة منفلته، بل على العكس، تخلصت من التضخم بطريقة مبتكرة، ودون العودة للسياسات الاشتراكية مرة آخرى التي كان يراها السادات تشكل عبء شديد على مستقبل الدولة.
مبارك، بداية عهد انفلات الأسعار
بعد تولى الرئيس الأسبق حسني مبارك الحكم، استمر على نفس سياسات الرئيس الراحل أنور السادات في دعم الأعلاف الخضراء، ومشروع تأمين العجول والبتلو، ومع ذلك لم يستطع السيطرة على الأسعار، إذ عرفت البلاد في عهده قفزات ضخمة في سعر كيلو اللحم.
في منتصف التسعينات، وصلت تسعيرة كيلوم لحم الضأن لـ 10 جنيهات، و25 جنيها للمشفى والأحجام، ثم ارتفعت الأسعار تدريجيا مرة آخرى، وتأثرت بعدة أزمات عالمية مثل مرض الحمى القلاعية، بجانب القفزة الكبيرة في أسعار الأعلاف والذرة وغيرها من البقوليات الخاصة بالماشية.
بلغت أسعار اللحوم في آخر عيد أضحى للرئيس الأسبق حسني مبارك بالحكم 65 جنيها، وكان مبلغ في هذا فوق قدرة الأسر الفقيرة، خاصة مع رفض مبارك تحديد حد أدنى للأجور طالبت به القوى السياسية المعارضة أنذاك وحددته بـ 1200 جنيه.
كان المبغ يمثل حد الكفاية والكرامة حسب خبراء اقتصاد أنذاك، ولكن الغالبية العظمى من المواطنين كانت تحصل على أقل من ذلك بكثير، وتخوف مبارك الذي انتهج سياسات الخصصة غضبة القطاع الخاص، لتنتهي الأوضاع الضاغطة على المواطن باندلاع ثورة يناير 2011، ومعها تبدأ الأسعار سلسلة لاتنتهي من الارتفاعات الجنونية، سواء بسبب ماحدث عبر 3 سنوات وانعكاسات ذلك على الاقتصاد، أو لأن فاتورة إصلاح مشكلات الـ 30 عاما ـ مدة حكم مبارك ـ كانت عواقبها أكثر مما ينبغي، أو لأن عجلة الإصلاح في العهد الحالي، أسرع من قدرة المصريين على التحمل.
نقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصد مستمر علي مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعاراليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، ويقوم فريقنا بمتابعة حصريةلجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوريأبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.