رئيس التحرير
عصام كامل

رئيس هيئة الكتاب: لا أخشى على مستقبل صناعة النشر.. ولا إنسان بلا ثقافة.. ومشروع مكتبة الأسرة لم يتوقف (حوار)

رئيس هيئة الكتاب
رئيس هيئة الكتاب خلال حواره مع فيتو

3.3 مليون زائر باليوم قبل الأخير لمعرض الكتاب بدورته الـ 54 
 

صلاح جاهين أول شاعر عامية يتم اختياره شخصية معرض القاهرة للكتاب 
 

شعار المعرض استكمل ترسيخ الهوية والمعرض لم يكن لبيع الكتب فقط
لأول مرة.. لم يعد لدينا قوائم انتظار.. وانتهى زمن المشاركة بـ«توكيل» لدعم الناشرين
 

500 فعالية ثقافية وفنية شهدها المعرض واستضفنا كتابا ومفكرين من دول مختلفة
 

لأول مرة مؤتمر للملكية الفكرية تحت شعار «حماية الإبداع فى الجمهورية الجديدة»
 

احتفينا بالمشروعات العلمية لجابر عاصفور وأحمد مرسى وشاكر عبد الحميد
 

قدمنا خصومات كبيرة على الكتب رغم الظروف الاقتصادية العالمية ووفرنا إصدارات مكتبة الأسرة رقميا ومجانا للجمهور
 

أطلقنا سلسلة «وعى» للأفكار الوسطية ومحاربة التطرف بالتعاون مع دار الإفتاء

 


ساعات وتختتم فعاليات الدورة الـ54 من معرض القاهرة الدولى للكتاب العرس السنوى الذى انتظره عشاق القراءة وصناع الفكر والثقافة والإبداع.. وفى حوار لـ “فيتو” يكشف لنا الدكتور أحمد بهى الدين العساسى، رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب، عن حصاد الدورة الحالية وما حملته من مفاجآت للجمهور وصناعة النشر، وإلى نص الحوار:

 

*قبل يوم واحد من انتهاء الدورة الـ 54 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، ماذا كان الحصاد؟


ساحات وقاعات المعرض شهدت الأحد 5 فبراير 2023، "الحادي عشر من أيام المعرض"، موعد كتابة هذه السطور، إقبالًا جماهيريًا كثيفًا، حيث تخطى عدد الزائرين اليوم  أكثر من 400 ألف زائر، ليصل إجمالي عدد زائري المعرض، حتى الآن، نحو  3,289,715  زائرا، وفى اليوم العاشر السابق له لمعرض القاهرة الدُولي للكتاب في ‏دورته 54 السبت 4 فبراير، حقق حضورًا جماهيريًا كبيرًا، وصل عدد زائريه إلى أكثر من 481 ‏ألف زائر، ليصل إجمالي عدد الزائرين ‏ حتى الآن إلى ‏‏2,878,475 مواطن.


وحرص المواطنون على زيارة ‏المعرض وفعالياته، إلى جانب اقتناء الكتب، وخاصة من ‏أجنحة الهيئة، والتي شهدت إقبالًا كبيرًا، ووصلت عدد النُسخ ‏التي تم بيعها أكثر من 103 آلاف نُسخة خلال الأيام الماضية.‏

*"على اسم مصر.. معا نقرأ.. نفكر.. نبدع" كان شعار الدورة 54 من معرض القاهرة الدولى للكتاب.. كيف تم اختيار شعار المعرض؟


اللجنة العليا لمعرض القاهرة الدولى للكتاب عندما فكرت فى شخصية المعرض «صلاح جاهين» كان اختيارا استثنائيا وغير نمطى، فهو أول شاعر عامية يتم اختياره ضيف شرف، وبالتالى كانت الفكرة أن ننطلق مع «هوية مصر الثقافية وسؤال المستقبل» شعار الدورة الماضية، فلابد من الاعتماد على الجذور والهوية مرة أخرى.


فأخذنا أول مطلع قصيدة صلاح جاهين «على اسم مصر»، ولكن نتحدث هنا باسم الضمير الجمعى المصرى والإنسانى معا جميعا نقرأ فنفكر فنبدع، وهذه كانت فلسفة اختيار شعار المعرض الذى لابد أن يرتبط بالثقافة والفكر والإبداع وهى واحدة من الركائز الأساسية للشخصية المصرية، وربطناها بكل مقومات الحضارة والثقافة المصرية حتى فى بوستر معرض الكتاب.

*احتوى بوستر الدورة الحالية لمعرض الكتاب على شكل هرم فماذا كانت دلالة ذلك؟ وهل يعد استكمالا لمشروع الهوية؟


بالفعل هذا استمرار لترسيخ الهوية، وبوستر معرض الكتاب فى الدورة المنتهية تضمن بردية خلفيتها الهرم بداخله كتب، أي يحوى معرفة، ورسم: «معا نقرأ نفكر نبدع» على الخرطوش المصرى القديم وهو رمز للمعرفة، بالإضافة إلى تزيين البوستر بالخط العربى واعتماد الخط المكتوب به اسم معرض القاهرة الدولى للكتاب وهو للفنان محمد أباظة، وجميعها مفردات وعناصر للهوية البصرية.

*ولماذا دائمًا نعود إلى الحضارة المصرية؟


الحضارة المصرية هى واحدة من الحضارات الإنسانية التى ما زالت مستمرة حتى يومنا هذا، قد تأخذ شكلا جديدا ولكنها أصيلة وتمارس حتى الوقت الراهن، هناك حضارات قديمة انتهت وانقطعت الصلة بها، ونحن أبناء تلك الحضارة، ومعرض القاهرة للكتاب ليس معرضا لبيع الكتب وشرائها بقدر ما هو حالة من حالات الوعى والروح الثقافية.


وهذا ينقلنا للسؤال الدائم هل ما زال أحدا يقرأ؟ فيفاجئنا الجمهور المصرى بالاحتشاد فى المعرض، ونفاجئ بالجمهور يأتى للمعرض بحقائب السفر لحمل الكتب، أيضًا نرصد أرقام مبيعات مرتفعة جدا، فعدد زوار المعرض وصل إلى 4 ملايين زائر، وهذا رقم أكبر من تعداد دول.


فالمعرض يوفر كل أنماط الكتب، ويتمتع بقيمة ومكانه دولية، فهو أكبر معرض جماهيرى على مستوى العالم، ثانى أكبر معرض على مستوى العالم، والأول إقليميا، من خلال عدد الدول والناشرين المشاركين فيه، وعدد الفعاليات الثقافية التى تعقد فيه طوال عمر المعرض، هذا بالإضافة إلى برنامج مهنى قوى تحت عنوان: «برديات».

*ما أبرز سمات الدورة المنتهية؟


رأينا زيادة فى عدد دور النشر على الرغم من الظروف الحالية، زيادة عدد الدول المشاركة، أيضًا رأينا فعاليات ثقافية وبرنامج فنى له رؤية تتصل مع الهوية المصرية والواقع الثقافى واستشراف المستقبل، ففى البرنامج الثقافى رأينا محتوى عن صناع المحتوى "اليوتيوبرز" وتفاعلوا مع الجمهور بشكل واقعى بدلا من التفاعل الافتراضى، أيضًا تم عقد البرنامج المهنى مؤتمر الملكية الفكرية للمرة الأولى، وهو ترسيخ لحماية مصر للملكية الفكرية والإبداع وصناعة النشر وعقد على مدار يوم واحد، وجاء تحت شعار «حماية الإبداع فى الجمهورية الجديدة».

*خرج البرنامج المهنى العام الماضى بعدة توصيات، فما الذى تم تحقيقه منها؟


تم العمل على توصيات الملكية الفكرية ودعم النشر، أيضًا اشتغلنا على الترجمة من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى، وتم زيادة عدد الكتب المترجمة سواء بالتعاون مع وزارة الأوقاف من خلال سلسلة رؤية والتى أطلقناها الدورة الماضية، وأصدرنا منها مجموعة من العناوين بلغات عدة منها الألمانية والإنجليزية والفرنسية والإسبانية، وجار العمل على اللغة الصينية.


أيضًا لدنيا 8 عناوين مترجمة إلى الإيطالية والصربية خلال هذا العام، وأتحدث هنا عن إصدارات الهيئة المصرية العامة للكتاب، أيضًا زيادة عدد الدول ودور النشر المشاركة فى برنامج «القاهرة تنادى Cairo Calling» بواقع 18 دولة منها 25 دار نشر، بالإضافة إلى الورش النوعية التى تهتم ببناء قدرات الناشرين، وأيضا حلقات العصف الذهنى لمناقشة آليات صناعة النشر بكافة أدواتها ومشاركة خلال هذه الدورة الحالية.

*دائمًا يحمل البرنامج الثقافى والفنى لمعرض القاهرة الدولى للكتاب أسماء لكبار المثقفين والمفكرين، فما أبرز الشخصيات التى شاركت خلال الدورة 54؟


لن أذكر اسم شخصية بعينها، فالبرنامج احتوى على 500 فعالية ثقافية بها كتاب ومفكرين من داخل مصر وخارجها وجميع المشاركين كانوا على قدم واحدة من المعرض، وبالفعل المعرض استضاف شخصيات من عدة دول وهى سلطنة عمان، السعودية، الإمارات، الجزائر، تونس، المغرب هؤلاء من المنطقة العربية، ومن خارجها من أفريقيا، الأرجنتين، المجر، كولومبيا، روسيا وفرنسا، وتم استضافتهم فى القاعة الدولية «ضيف الشرف» وشارك كتاب البيست سيلر وكتاب للأطفال، وروائيون ومفكرون حاصلون على جوائز كبرى، أيضًا مشاركة كاتبات فى الأدب النسوى أيضًا كان هناك البرنامج الثقافى "كاتب ومشروع".

وهو مشروع نهض به رائد فى مجاله، أيضًا هذه الدورة احتفت بالمشروعات العلمية لمن فقدناهم فى الوسط الثقافى والفكرى مؤخرا كالدكتور جابر عصفور، صلاح فضل، محمد العنانى، أحمد مرسى، من خلال مناقشة مشروعهم العلمى وليس حفلات تأبين لهم، وذلك بهدف تقديمهم للأجيال القادمة من أجل استكمال مشروعهم العلمى.

- شهدت الدورة المنتهية هذا العام مشاركة دول لأول مرة كالأرجنتين والمجر والدومنيكان، كيف تم التواصل معهم وماذا كانت صيغة مشاركتهم؟


لابد أن نتعرف على ثقافة كل من حولنا فى الأرض وليس دول الجوار فقط، ومن هذا المنطلق تم التواصل مع سفارات هذه الدول التى قام مسئولوها بترشيح الشخصيات ودرست اللجنة العليا لمعرض القاهرة الدولى للكتاب هذه الأسماء وتم الاختيار بحيث نتعرف على أدب وثقافة وفن هذه البلدان بشكل أقرب، والمشاركات تكون من خلال اللقاءات الفكرية والثقافية ومناقشة الأعمال المطبوعة، فمصر طوال الوقت فى تفاعل حضارى مع الثقافة الإنسانية.

*شهد المعرض عددا من من المبادرات منها جناح مخصص للكتاب بسعر 20 جنيها، ومبادرة الثقافة والفن للجميع، ومبادرة ثقافتك كتابك.. في ماذا اختلفت كل مبادرة عن الأخرى أم كلهم واحد؟


كانت هناك أكثر من مبادرة شهدها معرض القاهرة للكتاب للجمهور، فمبادرة «الثقافة والفن للجميع» أدمجت فيها مبادرة «ثقافتك كتابك» لأنها أشمل، بالإضافة إلى خصومات قدمت فى جناح الهيئة العامة للكتاب وهيئة قصور الثقافة والمركز القومى للترجمة، بالإضافة إلى الخصومات الكبيرة التى قدمها الناشرون العرب، كما أعلن عنها محمد رشاد رئيس اتحاد الناشرين العرب، وخصومات اتحاد الناشرين المصريين ليس فقط لجمهور المعرض العادى وأيضا لـ«قادرون باختلاف».

*تحدثت من قبل عن تدشين مشروع مكتبة الأسرة الرقمى.. فهل تم إتاحة إصداراتها مجانا للجمهور بأسعار رمزية؟


الخطوة الأولى لهذا المشروع هو أننا أتحنا جزءا من إصدارات مكتبة الأسرة مجانا للجمهور، ثم إتاحة الباقى بتكلفة سيعلن عنها فيما بعد.

*على ذكر مكتبة الأسرة، ما حقيقة توقف مشروع النشر فيها وعدم طبع أعمال جديدة؟


غير صحيح، فمشروع مكتبة الأسرة، ربما لم يكن بنفس الزخم الكمى فى السابق نظرا لعوامل كثيرة، من أهمها المواد الخام وتوفيرها ولكنه مستمر، ومكتبة الأسرة طول الوقت لم تكن تنشر أعمالا جديدة، بل تنشر بجانبها أعمالا طُبعت قبل ذلك سواء أعمال تراثية أو غيره، لأنها تستهدف فكرة الإمداد الثقافى والمعرفى.

*ماذا كانت أبرز مفاجآت هيئة الكتاب لجمهور معرض الكتاب من إصدارات خلال الدورة المنتهية؟


أتحنا إصدارات مكتبة الأسرة بشكل رقمى، وتم طباعة دواوين مختارة لشخصية المعرض الشاعر صلاح جاهين مع طباعة الأعمال الكاملة أيضًا، أيضًا طبعنا أعمال كامل كيلانى شخصية معرض الطفل، أيضًا فى سلسلة جديدة وبالتعاون مع دار الإفتاء تم إطلاقها فى المعرض تحت عنوان «وعى» وهى السلسلة المرجعية للأفكار الوسطية ومحاربة التطرف، بالإضافة إلى احتفالنا مع وزارة الأوقاف بـ150 إصدارا من سلسلة «رؤية».

*أخيرا وفى ظل ما تشهده مصر والعالم من تحديات اقتصادية.. كيف استطاعت هيئة الكتاب تحقيق التوازن بين تلك التحديات وصناعة النشر خصوصا بعد تخفيض الإيجارات للناشرين؟


الأزمة الاقتصادية هى أزمة عالمية أدت إلى ارتفاع أسعار المواد الخام من ورق وأحبار فى كل أنحاء العالم، ولكن فى النهاية نحن نمتلك الريادة الثقافية التى مكنتنا من إقامة معرض فى ظل كورونا عندما كان العالم مغلقا على نفسه، فبالتأكيد هذا هو دور مصر الثقافى الحقيقى بإقامة المعرض بكل هذه التحديات فيتم استقبال ناشرين من مختلف دول العالم، فهناك كتلة عربية كبيرة بالإضافة للناشرين المصريين، حيث تم استيعاب كل الناشرين حتى الناشئة.


واليوم لم يعد لدينا قوائم انتظار، وذلك لإعطاء هذه الدور فرصة المشاركة الفعلية فى المعرض، وليس بتوكيل وهى عملية تحفيز للاستمرار فى مشروع النشر، وأعتقد أن جمهور المعرض نجح بهذه الدورة أن يحفزهم، وعموما لا اخشى على مستقبل صناعة النشر الذى قد يسبب رهاب للعاملين فيها وذلك لأن الإنسان نشأ على المعرفة وإنتاج الثقافة وهذا الإنتاج لا بد أن يبلور فى منتج يمكن أن يكون تعليميا، رقميا، ورقيا، إلى آخره، وبالتالى هذه المعرفة لا بد وأن تنتقل إلى الناس، وبالتالى نحن نتحدث عن ضرورة فى حياة الإنسان فالكتاب ضرورة والإنسان بلا ثقافة ليس إنسانا.

 

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ “فيتو”

الجريدة الرسمية