نواب عن سياسات التقشف: ترشيد الإنفاق الحل السحري للسيطرة على الأزمة الاقتصادية
تعيش مصر واحدة من أصعب الأزمات الاقتصادية الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها على العالم، إضافة إلى ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه حيث بات الدولار الواحد يلامس 30 جنيها، ما أدى إلى ارتفاع متزايد فى الأسعار، وهو الأمر الذى بات يعانى منه المواطن بشكل كبير.
وفى الوقت الذى أعلنت فيه حكومة الدكتور مصطفى مدبولى عن إجراءات للتقشف وترشيد النفقات الحكومية باعتبار ذلك «الدواء المر» وأحد الحلول لمواجهة الأزمة الحالية، تصاعدت انتقادات من خبراء اقتصاديين، رفضا لسياسات الحكومة وإجراءاتها الاقتصادية الأخيرة ومن بينها استمرار الاستدانة من الخارج، مطالبين الحكومة بخطة واضحة للتقشف وعدم الاستمرار فى سياسة جلب القروض والسيطرة على الأسعار.
«فيتو» تفتح فى السطور التالية ملف التقشف الحكومى ومدى تطبيقه على أرض الواقع والحلول المقترحة لمواجهة الأزمة الراهنة، وكيف نصل لنقطة ضوء فى نهاية النفق الحالى.
لجنة الخطة والموازنة
في هذا السياق، تضمن تقرير لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، والذى أقره البرلمان بخصوص التقرير العام عن مشروع الموازنة العامة للدولة وخطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للسنة المالية 2022 /2023، العديد من التوصيات التى من شأنها ترشيد الإنفاق، وتحقيق التقشف الحكومة، للحفاظ على موارد الدولة.
وتصدر ملف الحد الأقصى للأجور هذه التوصيات باعتباره أحد أبواب زيادة الإنفاق، حيث تم التأكيد على ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لحوكمة نظام الحد الأقصى لدخول العاملين بأجر لدى الدولة.
وأوضح التقرير الذى وافق عليه مجلس النواب، أنه تبين خروج العديد من جهات الدولة من عباءة القانون رقم 63 لسنة 2014 بشأن الحد الأقصى لدخول العاملين بأجر لدى الدولة، نتيجة وجود ثغرات فى صياغة المادة الأولى منه وهو ما أدى إلى عدم تحقيق القانون للأهداف الدستورية التى صدر من أجلها.
وجاء من بين التوصيات أيضًا عادة النظر فى نظام الاستعانة بالمستشارين والخبراء بالجهات الداخلة فى الموازنة العامة، وأن تكون فى أضيق الحدود فى ظل تزايد المخصصات المقدرة لهم بما يضمن تطبيق معايير الكفاءة والجدارة والخبرة عند الاستعانة بهم.
هذه الملفات وغيرها، تتعارض تماما مع أوجه التقشف الذى تسعى إليه الحكومة، لذلك كان البرلمان حريصا فى وضع هذه الملفات أمام أعين الحكومة لاتخاذ ما يلزم لتحقيق ترشيد حقيقى للإنفاق بما يسهم فى سد العجز للموازنة وزيادة الموارد.
وتنفيذا لهذه التوصيات، أعلنت الحكومة قبل أيام عدة ضوابط لترشيد الإنفاق العام بالجهات الداخلة فى الموازنة العامة للدولة والهيئات العامة الاقتصادية فى ظل الأزمة الاقتصادية الحالية، حيث تضمن قرار رئيس مجلس الوزراء، تأجيل تنفيذ أية مشروعات جديدة لم يتم البدء فى تنفيذها ولها مكون دولارى واضح، وكذلك تأجيل الصرف على أية احتياجات لا تحمل طابع الضرورة القصوى، وترشيد كافة أعمال السفر خارج البلاد إلا للضرورة وبعد موافقة رئيس مجلس الوزراء.
تضمن قرار مجلس الوزراء كذلك الالتزام بالحصول على موافقة وزارة المالية بالترخيص بالصرف بالمكون الأجنبى على أى من أوجه الصرف، بعد التنسيق مع البنك المركزى والجهات المعنية وذات الاختصاص فى هذا الشأن.
وتسرى أحكام القرار على كافة موازنات الجهات الداخلة فى الموازنة العامة للدولة مثل الجهاز الإدارى والإدارة المحلية والهيئات العامة الخدمية، بالإضافة إلى الهيئات العامة الاقتصادية وحتى نهاية العام المالى 2022 - 2023.
قرار متاخر
من جانبه أكد عبد المنعم إمام، أمين سر لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، رئيس حزب العدل، أن قرار الحكومة جاء متأخرا، حيث إنه مر ما يزيد على نصف عام من السنة المالية الحالية والتى تنتهى فى يونيو المقبل.
ووصف النائب قرارات الحكومة التقشفية بالـ»متأخرة «، إلا أنه تابع: «أن تأتى متأخرا خير من ألا تأتي»، مشددا على ضرورة العمل على التطبيق الحقيقى لهذه القرارات على أرض الواقع، وفى أسرع وقت ممكن.
وقال عضو مجلس النواب: حسنا فعلت الحكومة بأن بدأت بنفسها فى ترشيد النفقات، فى الوقت الذى الذى تطالب المواطنين بالتقشف، مشيرا إلى أهمية وقف عدد من المشروعات ذات المكون الدولارى، لمنع الضغط على الطلب على العملة الصعبة.
ولفت النائب، إلى بنود أخرى مهمة فى عمليات التقشف لتقليل النفقات، مثل مصروفات الحفلات والاستقبالات وبدل الجلسات، موضحا أن القرار يستهدف أى مشروع لم يبدأ العمل به وفيه مكون دولارى واضح، يتم وقفه أو تأجيله، إلا أنه يتثنى من ذلك المشروعات العامة مثل المتعلقة بالأغذية أو العلاج، لاسيما إن كان لا يوجد بديل عن استيرادها.
وأوضح أمين سر لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان، أن مثل هذه القرارات تسهم فى الحد من عجز الموازنة الذى وصل إلى 560 مليار جنيه، وسط توقعات بأن يزيد بسبب تغير أسعار الصرف.
وحول موعد ظهور نتائج قرارات الحكومة التقشفية، أشار عضو مجلس النواب، إلى أنه من المتوقع أن تظهر فى الربع الثالث من العام المالى الحالى 2022/2023.
من جانبه أشار محمد زين الدين، عضو مجلس النواب، إلى أنه فى التقرير العام للموازنة العامة للدولة العام المالى الحالى 2022/2023 الذى وافق عليه مجلس النواب تضمن العديد من التوصيات فى هذا الشأن لتخفيض الإنفاق، قائلا: ما نحتاجه الوقت هو تنفيذ هذه التوصيات على وجه السرعة لمواجهة عجز الموازنة العامة للدولة.
وتوافق النائب على ما أعلنته الحكومة من إجراءات لترشيد النفقات، قائلا: الظروف الاقتصادية الراهنة تتطلب وضع خطة إجراءات تقشفية للحد من الاستهلاك، مضيفًا: ولكن ما نتمناه فعليا هو تقشف حقيقى وليس مجرد إعلان واستهلاك إعلامى فقط.
وأبدى النائب توافقه مع ما جاء فى قرار رئيس مجلس الوزراء بشأن وقف المشروعات التى لم يتم البدء فيها وتعتمد على المكون الدولارى، قائلا: هذه الأزمة توجب علينا الإسراع فى العمل حقيقة على زيادة المكون المحلى فى جميع الصناعات والأعمال.
أجور المستشارين
وطالب زين الدين، بضرورة العمل على تنفيذ توصيات مجلس النواب فى شأن تقليل الاعتماد على المستشارين فى الوزارات والجهات الحكومية المختلفة وكذلك متابعة عمليات استهلاك المرافق المختلفة، فضلا عن مراجعة ما تم فى شأن ملف الحد الأقصى للأجور وما به من تجاوزات.
وقال الدكتور محمد على عبد الحميد، وكيل لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب: قرار مجلس الوزراء بترشيد آليات الإنفاق يسهم بصورة حقيقية فى الحفاظ على الدولار، بما يمكن الدولة فى مواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية الحالية.
وشدد النائب على أهمية متابعة تنفيذ القرار، لا سيما أن مجلس النواب، قدم عدة توصيات سابقة فى هذا الشأن، بما يحافظ على معدلات آمنة لعجز الموازنة العامة للدولة.
وقالت أميرة أبو شقة، عضو مجلس النواب: هذه الإجراءات على الرغم من أنها متأخرة، إلا أنها مهمة فى تجاوز الأزمة الاقتصادية الحالية الناتجة عن تأثير الحرب الروسية الأوكرانية، وقبلها تداعيات جائحة فيروس كورونا.
وأوضحت النائبة، أن هذه القرارات سوف تسهم بشكل كبير فى امتصاص التداعيات السلبية للأزمة الحالية خصوصا على المواطنين، فى تخفيف الأعباء الناتجة عن زيادة الأسعار من ناحية، وارتفاع معدل التضخم من ناحية أخرى.
وشددت النائبة على أهمية أن ترفع الحكومة الحالية شعار التقشف، لتحقيق الانضباط المالى، والإنفاق فى أضيق الحدود، لاسيما فى المشروعات التى تتعامل بالدولار، مؤكدة فى الوقت نفسه أهمية ألا يمس القرار ما يتعلق بالإنفاق على برامج الحماية الاجتماعية، والملفات ذات الاستحقاق الدستورى مثل الصحة والتعليم.
نقلًا عن العدد الورقي…،