التقشف .. الدواء المر.. وخبراء: المواطن أيضًا مطالب بعدم التبذير وضغط احتياجاته
تعيش مصر واحدة من أصعب الأزمات الاقتصادية الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها على العالم، إضافة إلى ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه حيث بات الدولار الواحد يلامس 30 جنيها، ما أدى إلى ارتفاع متزايد فى الأسعار، وهو الأمر الذى بات يعانى منه المواطن بشكل كبير.
وفى الوقت الذى أعلنت فيه حكومة الدكتور مصطفى مدبولى عن إجراءات للتقشف وترشيد النفقات الحكومية باعتبار ذلك «الدواء المر» وأحد الحلول لمواجهة الأزمة الحالية، تصاعدت انتقادات من خبراء اقتصاديين، رفضا لسياسات الحكومة وإجراءاتها الاقتصادية الأخيرة ومن بينها استمرار الاستدانة من الخارج، مطالبين الحكومة بخطة واضحة للتقشف وعدم الاستمرار فى سياسة جلب القروض والسيطرة على الأسعار.
«فيتو» تفتح فى السطور التالية ملف التقشف الحكومى ومدى تطبيقه على أرض الواقع والحلول المقترحة لمواجهة الأزمة الراهنة، وكيف نصل لنقطة ضوء فى نهاية النفق الحالى.
الديون الخارجية
في البداية يقول وليد جاب الله الخبير الاقتصادى، لا توجد قاعدة متعلقة بالسقف المطلوب لعدم تجاوزه بشأن الديون، حيث إن الولايات المتحدة الأمريكية على أعتاب إقرار سقف جديد بنحو 35 تريليون دولار، والعالم بالكامل يعانى من الديون ولا توجد قاعدة ثابتة، ولكن العبرة فى مجال الديون هى القدرة على السداد، والتى تختلف من دولة إلى أخرى والأهم أن يكون هناك هذه القدرة على السداد دون أن يتحمل المواطنين أعباء كبيرة.
وأضاف الخبير الاقتصادى فى تصريح خاص لـ»فيتو»، أن الدولة المصرية تتعامل مع ملف الديون عن طريق الاتجاه نحو خفضها كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى، ونجحت بالفعل فى ذلك من خلال برنامج الإصلاح الاقتصادى، ولكن مع بداية تداعيات كورونا عادل معدل الدين للارتفاع ثم تزايد وتيرة الارتفاع ارتباطا بتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.
وأشار إلى أن الحكومة فى طريقها إلى العودة لمعدلات الدين الطبيعية والاتجاه للمسار التنازلى من خلال برنامج إصلاح اقتصادى تتعاون به مع صندوق النقد الدولى وتقوم بإجراءات متعددة للسيطرة على ملف الدين، مضيفا أن: هناك إجراءات تتم حاليا لإطالة أمد معدل الدين والعودة إلى المسار التنازلى للحفاظ على فائض أولى مستدام بنسبة 2% من الناتج المحلى الإجمالى.
خطة التقشف
وعن إجراءات الحكومة لوضع خطة التقشف فى ظل وجود فجوة تمويلية بقيمة 5 مليار دولار حتى آخر يونيو، قال جاب الله أن ترشيد الإنفاق الحكومى هو أمر بدأته الحكومة منذ إعداد موازنة العام المالى الجارى، حيث قامت بترشيد الإنفاق الاستهلاكى للحكومة فى الكثير من العناصر مع الحفاظ على الإنفاق فى مجال الاستثمارات العامة لتحفيز النمو، وما تقوم به الحكومة الآن هو التأكيد على بعض العناصر ولن يختلف كثيرا عما هو كان مقررا عن إعداد الموازنة العامة.
وأكد أن العبرة الآن فى التوازن بين إدارة ملف التمويل الخارجى بمحاوره المتعددة سواء بالقروض أو جذب استثمارات خارجية بأنواعها المتعددة، أو بزيادة الصادرات وغيرها من المحاور، وبين الحفاظ على الموازنة وعدم الانجرار إلى مخاطر تمويل مرتفعة التكلفة.
وأكد أن الحكومة قامت بالعديد من الإجراءات ضمنها وضع قيود لسفر الموظفين وخفض التكاليف المتعلقة بالاحتفالات وخفض المخصصات المتعلقة بعدد من المعارض وهذه الإجراءات مكررة فى الموازنة الحالية وما يتم الآن هو الإعلان والتأكيد فقط لبعض العناصر والتوسع الطفيف فى ترشيد بعض الأمور الأخرى، وخلق مجالات إنفاق سليمة تواكب السيولة المتوفرة فى السوق.
واستطرد: الإنفاق الحكومى ليس هو الحل سواء بترشيده أو زيادته، حيث يتواجد سيولة كبيرة فى الأسواق، والمطلوب خلق أفق لكى تدخل فى دوائر الاقتصاد بأقل نسبة من المكون الأجنبى لتقليل الضغط على الدولار.
ترشيد الإنفاق
ومن جانبه أثنى أيمن قرة، رئيس شعبة الزيوت باتحاد الصناعات، على قرار الحكومة بالترشيد، مشيرًا إلى أنه يجب فى كل مناحى الحياة، إذ العالم الآن للترشيد بعد الأزمات المتلاحقة من جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية وهو ما أحدث العديد من المشكلات فى الطاقة وغيرها من المواد الخام.
وأضاف قرة فى تصريح خاص لـ«فيتو»، أن الإسراف وعدم استغلال الموارد بالشكل الأمثل ليس جيدا، مشيرًا إلى أنه يوجد فائدة مقابلها تكلفة ومن الطبيعى نرى أن الفائدة تكلفتها أعلى بكثير من التكلفة، ولكن عندما تكون أكثر من الفائدة سيكون الأمر به خطأ، وهنا يجب النظر إلى المصلحة العامة ولا نلتفت إلى مشكلة تفصيلية صغيرة، لأن المصلحة العامة تجب المصالح المحدودة أو الخاصة.
نقلًا عن العدد الورقي…،