صناع المحتوى في معرض الكتاب.. جماهيرية وأعمال تفرض نفسها.. و"المصري": ظاهرة تحتاج دراسة
على مدار الأعوام السابقة وتحديدا فى الثلاث دورات الأخيرة لمعرض القاهرة الدولى للكتاب، شارك العديد من صناع المحتوى على منصات السوشيال ميديا فى معرض الكتاب الأكبر على مستوى الشرق الأوسط والمحفل الثقافى المصرى الأبرز خلال العام.
وجاء ذلك من خلال روايات وكتب قاموا بطرحها تزامنا مع إقامة المعرض، كما أقاموا العديد من حفلات التوقيع التى شهدت إقبالا جماهيريا غير مسبوق وصل إلى اصطفاف المئات فى طوابير للحصول على توقيع أو التقاط صورة مع صانعى المحتوى أثناء تواجدهم فى معرض الكتاب.
بات ذلك بمنزلة ظاهرة جديدة طرأت على معرض القاهرة للكتاب وأثارت العديد من الجدل فى الأوساط الثقافية حول أسبابها وتداعياتها المتوقعة على المعرض وعلى الحالة الأدبية المصرية بعد ذلك، كذلك إمكانية استمرار صانعى المحتوى بالتواجد بشكل سنوى فى الحدث الثقافى الكبير، وعن طبيعة ونمط جمهورهم وعلاقته بالكتاب وغيرها من التساؤلات.
ظاهرة تحتاج دراسة
الدكتور سعيد المصرى، أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة القاهرة وأمين المجلس الأعلى للثقافة السابق، يؤكد أن تلك الظاهرة تحتاج للدراسة والبحث، ليس فقط فى كونها ظاهرة حول جماهيرية شخص يقدم محتوى عبر مواقع التواصل الاجتماعى قرر الانتقال للمحتوى المكتوب، ولكن دراسة تأثير ذلك المحتوى على المشهد الثقافى والأدبى فى حد ذاته.
وأضاف سعيد المصرى أن حالة انتقال شخص أو محتوى جماهيرى من وسيط أو قالب إلى نمط آخر موجودة فى كل دول العالم، مشيرا إلى أنه فى عدد من الدول الأوروبية تنتقل الكتابات والقصص الشعبية من على المنصات والمواقع الإلكترونية إلى النشر فى كتب وأعمال أدبية أو نقلها لعالم السينما والدراما كما حدث مع سلسلة هارى بوتر.
وأوضح أستاذ علم الاجتماع أن هناك العديد من الاحتمالات والتوقعات حول انتقال يوتيوبر أو صانع المحتوى من السوشيال ميديا إلى عالم الكتابة والثقافة، فمن الممكن أن يتبلور ذلك حول رغبة صانع المحتوى هذا فى خلق جمهور جديد له فى مجال مختلف، وأنه نظرا لجماهيريته على منصات التواصل الاجتماعى فور دخوله مجال جديد يكتسب عدد من الجمهور لا بأس به، من ذلك المجال وهذا الاحتمال يخدم صانع المحتوى نفسه من خلال زيادة التسويق له وزيادة جماهيريته من خلال لفت الانتباه فى مقر معرض الكتاب.
فى السياق ذاته أكد الدكتور سعيد المصرى أن هناك حاجة حقيقية لتقييم الكتاب أو الرواية أو العمل الأدبى الذى يقدمه صانع المحتوى للجمهور، وهل ما يتضمنه من كتابات فى مصلحة الثقافة والأدب المصرى أم أنه ابتذال للعمل الثقافى، ولا ينتمى للكتابة الأدبية السليمة.
احتمالية أخرى تحدث عنها أستاذ علم الاجتماع قائلا: «من الممكن أن يكون ذلك الإقبال الجماهيرى على صناع المحتوى فى معرض القاهرة للكتاب والتفاف الجمهور حولهم يأتى فى إطار حالة هذا الجمهور بكونه متابعا لصانع المحتوى على المنصات المختلفة وفى هذه الحالة سنجد ما يسمى بالطلب الوهمى، وهو أن الناس والمتابعين أتوا ليروا اليوتيوبر على أرض الواقع بعد ما كانوا يرونه من خلال فيديوهاته فقط».
وتابع: «هنا سنجد أن اليوتيوبر يعامل فى هذه الحالة وفى ذلك الموقف كونه شخصا مشهورا له متابعون أيا كان عددهم جاءوا لرؤيته والتقاط الصور معه ومشاركتها عبر حساباتهم على السوشيال ميديا وغيرها ولا يشغل بالهم كتابه أو ما طرحه من عمل فى معرض الكتاب حتى أنك من الممكن أن تجد وسط متابعيه وجمهوره من لا يعرف اسم كتابه بالأساس ولكنه جاء لرؤيته والتقاط صور معه».
جانب إيجابى لهذه الظاهرة تحدث عنه الدكتور سعيد المصرى أيضًا قائلا: «من الممكن أن نرى جانبا إيجابيا لدخول صناع المحتوى واليوتيوبر لعالم الكتابة يتمثل فى نقل جمهور لا علاقة له بالثقافة، والكتب ولا يذهب لمعرض القاهرة للكتاب أو يحرص على اقتناء كتب لذلك العالم من خلال حضوره للمعرض لملاقاة من يتابعه عبر السوشيال ميديا، وهنا سنكون قد كسبنا جمهورا جديدا من الشباب والفئات العمرية الصغيرة لعالم المعرفة والقراءة وهو أمر إيجابى بكل تأكيد».
وتابع: «مينفعش آخد الموقف السلبى وخلاص دون الدراسة والبحث حول المحتوى ذاته أو الظاهرة نفسها.. هناك بالفعل كتاب وشعراء ومفكرين ونقاد يعتبرون صناع المحتوى دخلاء على عالم الثقافة والأدب ولكن من وجهة نظرى لا تؤخذ الأمور بهذا الشكل، لكن نحكم على الظاهرة بعد تحليل كافة جوانبها ومناقشة تأثيراتها مناقشة وافية سليمة بدون تحيز أو تحامل».
نقلًا عن العدد الورقي…،