روسيا تستدرج أمريكا لـ«حرب عالمية ثالثة».. والكرملين يلوح بتأسيس تحالف عسكري
تلعب روسيا على التصعيد ضد الولايات المتحدة الأمريكية ليس من خلال استنزاف الاقتصاد فقط، بل عبر التلويح بالتصعيد العسكري وتأسيس تحالفات جديدة يمكنها كسر الهيمنة الأمريكية، ما يفتح الباب على مصراعيه لتوقع كل السيناريوهات التي قد تشهدها العلاقات بين أمريكا وروسيا وعدد من الدول الأخرى خلال الفترة المقبلة.
الغضب الروسي
ويعود الغضب الروسي والتلويح بمعاداة أمريكية لدعم واشنطن المستمر لأوكرانيا خاصة بعد أن أعلنت أمريكا عن عزمها إمداد كييف بدبابات إبرامز، وكذلك ألمانيا دبابات ليوبارد، الأمر الذى دفع روسيا لإشعال فتيل التهديدات مجددًا والتلويح بأن الحرب يمكن أن تصل إلى أمريكا فى نهاية المطاف، ولن تبق بعيدة عنها.
ويرجع الحديث عن تلك الخطوات المستقبلية بعد أن حذر نائب رئيس مجلس الأمن الروسى ديميترى ميدفيديف الأسبوع الماضى من إمكانية ظهور تحالف عسكرى جديد مناهض للولايات المتحدة فى ظل تصاعد التوترات بشأن غزو أوكرانيا.
وأشار ميدفيديف إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية لديها ما يكفى من الأسلحة لإرسالها إلى أوكرانيا لمحاولة استنزاف روسيا، أو بالأحرى تدميرها، مؤكدا أن استمرار الصراع لفترة طويلة قد يؤدى إلى نتائج عكسية وتشكيل هذا التحالف المتوقع.
وعلى الرغم من التهديدات التى أعلن عنها ميدفيديف، إلا أنه لم يُقدم أى تفاصيل محددة بشأن التحالف المفترض، والدول التى يُحتمل انضمامها إليه وأهدافه بخلاف معارضة الولايات المتحدة، إلا أن الشواهد تؤكد أن بعض الدول اتخذت جانب روسيا خلال الغزو، وتعتبر الولايات المتحدة عدوًا لها مثل الصين.
تحالف عسكري
كما تعتمد روسيا على السوابق التاريخية فى إنشاء تحالفات عسكرية مناهضة للغرب، مثل حلف «وارسو»، الذى تأسس ردًّا على تأسيس حلف شمال الأطلسى «ناتو»، وكان يضم الاتحاد السوفييتى ودولا أخرى فى أوروبا الشرقية، لكن تم حله فى عام 1991، ومنذ ذلك الحين، انضم بعض الحلفاء السابقين فى «وارسو» إلى الناتو، مثل المجر وبولندا.
وردًّا على تحذيرات ميدفيديف وإمكانية تنفيذ روسيا تهديداتها بتأسيس ذلك التحالف، وكذلك الدول المحتمل أن تتحالف معها روسيا لمواجهة أمريكا، وإمكانية تنفيذ مخططها تجاه الهيمنة الأمريكية فى السياسة العالمية، قال الدكتور مهدى عفيفى، عضو الحزب الديمقراطى الأمريكى، إنه توجد تحذيرات روسية كثيرة صدرت عن الرئيس بوتين نفسه، وعن جهات عسكرية روسية بشأن تكوين التحالفات، موضحا أن الواقع يقول غير ذلك.
إذ توجد بالفعل بعض الدول الداعمة لروسيا ولكنها لا يمكن أن تدخل فى حرب ضد الغرب والولايات المتحدة الأمريكية، مردفا: حتى الصين لن يمكنها دعم روسيا بشكل مباشر، موضحا أنها مستفيدة من الغاز والنفط الذى تبيعه موسكو بثلث ثمنه، لذلك احتمالية تكوين حلف مشابه لشمال الأطلسى أو على غرار حلف وارسو القديم مستبعد بشكل كبير.
وتابع: «أعتقد أنه حتى الدول المناهضة للولايات المتحدة الأمريكية مثل بعض دول أمريكا الجنوبية وبعض الدول التى كانت جزء من الاتحاد السوفييتى القديم لن يمكنها الآن الانخراط مع روسيا فى حرب ضد الغرب والولايات المتحدة الأمريكية على الإطلاق».
أضاف: روسيا أخطأت منذ البداية فى حساباتها، والآن بعد أن قاربت حربها على العام بعد أن كانت تقول إنها ستنتهى فى أيام تحاول حرق الأراضى الأوكرانية دون تحقيق مكاسب حقيقة أو استسلام، وقد رأينا دعم الغرب لأوكرانيا والذى من المحتمل استمراره بشكل كبير.
وأكد عفيفى أنه حال تكون تحالف ضد أمريكا وأنصارها، ستندلع حرب عالمية ثالثة، وهو خيار مستبعد لأن أغلب دول حلف وارسو انضمت الآن لحلف الناتو تحت مظلة الولايات المتحدة بدورها قالت الخبيرة فى الشئون السياسية الصينية والآسيوية، وأستاذ العلوم السياسية جامعة بنى سويف نادية حلمى إن هناك تعزيزا قائما ومشتركا للتعاون العسكرى بين الجانبين الصينى والروسى، من خلال تأكيد الرئيس الروسى بوتين لنظيره الصينى شى جين بينج على أهمية التعاون الجيواستراتيجى والتعاون الفنى العسكرى بين البلدين.
مناورات مشتركة
وأضافت: جرى إعادة التأكيد فى أعقاب مناورات «التفاعل المشترك» فى عام ٢٠٢٢ بين البلدين، فى بحر الصين الشرقى فى ديسمبر ٢٠٢٢، مع تأكيد قائد القوات الروسية المشاركة فى المناورات العسكرية المشتركة مع الصين، بأنها تأتى كرد فعل على التزايد العنيف فى أعداد القوات الأمريكية الموجودة فى منطقة الإندو-باسيفيك بالمفهوم الأمريكى أو آسيا-المحيط الهادئ بالمفهوم الصينى والروسى.
وهو ما يعنى أن روسيا تبدى استعدادها للتعاون الوثيق مع بكين، ردًّا على المساعى الأمريكية لتطويق الصين من خلال تأسيس أحلاف عسكرية وتكنولوجية أمريكية لمواجهة الصين كتحالف «كواد» الرباعى الأمريكى مع الهند واليابان وأستراليا، أو عبر تحالف «أوكوس» الدفاعى النووى الأمريكى مع أستراليا وبريطانيا، أو من خلال دعم واشنطن لتايوان عسكريا فى مواجهة بكين وزيادة مبيعات الأسلحة والمعدات العسكرية الأمريكية للجانب التايوانى، مما يثير حفيظة الصين.
تابعت جميع القمم الأخيرة التى تمت بين بكين وموسكو، جاء تركيزها فى مجملها على التعاون العسكرى الروسى مع بكين، فضلًا عن اجتماع الطرفين على تعزيز شراكاتهما الاستراتيجية فى مواجهة التهديدات الغربية، وعلى نيتهم ورغبتهم فى إقامة نظام دولى متعدد الأقطاب، بما يعنيه ذلك من نهاية النظام العالمى المهيمن عليه أمريكا، وهو ما تسعى واشنطن للرد عليه من خلال دفع حلف الناتو العسكرى لتبنى سياسات لمحاصرة الدولتين الصينية والروسية.
وأشارت حلمى إلى أن رسالة بوتين لنظيره الصينى جاءت بالتعبير عن رغبة روسيا فى تقارب الدولتين عسكريا لمواجهة ما أسماه بالضغوط الغربية غير المسبوقة، مع تأكيد الرئيس بوتين بأحقية الدولتين فى الحفاظ على مواقفهما، ومبادئهما، وطموحاتهما لبناء نظام دولى عادل، فى إشارة روسية إلى النظام متعدد الأقطاب، والذى سوف يمثل نهاية للأحادية القطبية الأمريكية، بتأكيد الجانب الروسى لنظيره الصينى، بأن التعاون العسكرى بين الجانبين الصينى والروسى سيدعم السلم والأمن الدوليين.
واستكملت: يجب الوضع فى الاعتبار أن الرئيس الصينى لم يرد بشكل مباشر على الرغبة الروسية فى التعاون العسكرى المشترك، ولكنه اكتفى بالإشارة لاستعداد بكين لزيادة التعاون الاستراتيجى مع روسيا، وهناك فى الوقت ذاته تأكيدات أمريكية بعدم رصد واشنطن لأى مؤشرات على وجود دعم صينى لروسيا فى حربها ضد أوكرانيا، وذلك على عكس الحال مع كوريا الشمالية وإيران، واللتين اتهمتهما واشنطن بإمداد موسكو لهما بالذخيرة والطائرات المسيرة.
نقلًا عن العدد الورقي…،