أسامة داود يكشف: إهدار 60 مليون جنيه تبرعات فى مناقصة تطوير مستشفى 57357
أسوق مثالا واحدًا من عشرات الأمثلة الموثقة بالميزانيات ومحاضر مجلس الأمناء وقرارات اللجنة التنفيذية، ومع قراءتها مرات أكتشف فى كل مرة فخًّا يتبدد من خلاله الملايين من الجنيهات.
أرقام تثير الدهشة والتعامل فيها يتم بعيدًا عن أى سلطة رقابية باستثناء سلطة واحدة تحولت إلى واحد من أهل البيت، وهى إدارة الجمعيات التابعة لوزارة التضامن التى تحول بعض موظفيها للعمل فى 57357.
وهنا أتحدث عن قصة مشروع من المشروعات التى تبنتها إدارة 57357 والتى ربما لا نسمع عنها إلا عند وضع أساسها وسط كثير من الضجيج، وباسمها يتم جمع المال ثم لا يتم إنجازها، وكان المشروع المعنى هو توسعة وتطوير المستشفى فى فبراير 2016 بما يتضمنه من الأساسات والمبانى الخرسانية لمبنى العيادات الخارجية ومبنى آخر يطلق عليه «المبنى الذكى».
حيث تم إجراء مناقصة محدودة، وهو الإجراء الأكثر تنفيذا بالنسبة لإدارة المستشفى، وتقدمت 4 شركات بعروضها ليتم استبعاد واحدة منها، وهى شركة «تكنت» للهندسة والإنشاءات، بينما كانت الشركات الثلاث الأخرى مقبولة فنيا وهي: العربية للإنشاءات وشركة أوراسكوم للإنشاءات والشركة الصينية.
وفى 9 مايو 2016 تسلمت لجنة مكونة من 5 قيادات بالمستشفى على رأسها مدير المشروعات عادل يوسف المظاريف، والتى فتحتها فى نفس التاريخ وجاء فيها ما ذكرناه.
لكن المهم فى الأمر أن العروض المالية كانت قد تم فتحها حسب ما جاء فى نص محضر لجنة البت فى اليوم السابق له 8 فبراير.. ليعلنوا أن العرض الصينى هو الأقل والذى لا يتجاوز 455 مليون جنيه مقابل عرض شركة الإنشاءات العربية بقيمة 545 مليونا و440 ألف جنيه، بينما عرض أوراسكوم حوالى 708 ملايين جنيه.
لكن، وعبر مبررات، تم اختيار عرض الشركة العربية للإنشاءات، والذى يزيد على عرض الشركة الصينية بحوالى 90 مليون جنيه.
والسبب كما برره الاستشارى التابع لمستشفى 57357 هو لكون الشركة سوف تلتزم بتثبيت السعر مهما حدث من تغيرات فى أسعار مواد البناء أو الوقود أو سعر صرف الجنية أمام الدولار.
الاستشارى التابع لإدارة 57357 طالب الإدارة بالموافقة، معتبرا أنها فرصة، خاصة أن صلاحية العرض سوف تنتهى فى 8 مايو 2016، أى بعد ثلاثة أيام فقط، وهو ما كان له دلالة، حيث يتم الاحتفاظ بالعرض دون البت فيه ثلاثة شهور كاملة دون عرضه واختيار العرض قبل 3 ثلاث أيام من انتهاء المهلة المقررة، وهو ما يستوجب سرعة اتخاذ القرار.
وإمعانا فى إغراء إدارة 57357 فى ترسية العملية على شركة الإنشاءات العربية وبزيادة عن الأخرى بـ90 مليون جنيه، أعلنت اللجنة المشكلة لاختيار العرض الأنسب أنه تم التفاوض مع الشركة، وأنها قبلت بالنزول بالسعر 15 مليون جنيه ليصبح الفارق بينها وبين الأقل منها 75 مليون جنيه فقط.
عملية إغراء طرحتها لجنة البت ودفعت بكل جهدها لصالح عرض الشركة العربية للإنشاءات، وقالت إن الشركة عرضت تقديم مقترحات فنية أثناء العمل يرجح أن تؤدى إلى تخفيض تكلفة الأعمال مع المحافظة على مواصفات يقبلها الاستشارى المختص بها.
وبعد مرور ما يزيد على عام ونصف، وتحديدا فى 5 ديسمبر 2017، حدث أن الشركة العربية للإنشاءات والتى سبق أن تعهدت بتثبيت قيمة عرضها، والذى يزيد على العروض الأخرى بـ75 مليون جنيه لإنشاء توسعات مستشفى 57357 قد عادت وطلبت تعويضا ماليا عن ارتفاع سعر الدولار والوقود نتيجة لتعويم الجنيه.. وبقيمة تقديرية للتعويض المطلوب 135 مليون جنيه.
وبدلا من أن ترفض إدارة مستشفى 57357 وتلزم الشركة العربية بتنفيذ الاتفاق، خاصة أنها منحتها 75 مليون جنيه زيادة إذا ما قورنت بالعرض الصينى، رفضت مواجهة الشركة العربية لتقرر التفاوض معها ودفعت لها 60 مليون جنيه من أموال التبرعات لترتفع بعرضها بقيمة تزيد على العرض التالى له بـ135 مليون جنيه، وكلها من أموال التبرعات، ومنحها حق زيادة الأسعار، علما بأن قبول عرضها فى توسعات المستشفى والذى يرتفع عن باقى العروض كان بشرط تثبيت الأسعار.
نقلًا عن العدد الورقي…،