العقارات الخشبية ذات الشرفات شاهقة الارتفاع.. تراث أجنبي يروي تاريخ المدينة الباسلة
بورسعيد تعتبر هى المحافظة المصرية التي تهضم كل الثقافات والحضارات المختلفة على أرضها، هكذا تعتبر الباسلة والتي عاش عليها أجانب من معظم دول العالم وذلك قبل تأميم قناة السويس، مما جعلها المحافظة المصرية الوحيدة في الجمهورية ذات تراث معماري أوروبي مختلف، وهو المنازل الخشبية
والمنازل الخشبية "ذات الدورين" ببورسعيد هى منازل تراثية ذات شرفات شاهقة الارتفاع، وبذلك التصميم الفريد لا يوجد في محافظة إلا في بورسعيد.
وترصد "فيتو" خلال هذا التقرير تاريخ تلك العقارات الخشبية والتي تقع في حي الشرق ببورسعيد حاليا.
تاريخ المنازل الخشبية
ويبلغ عدد العقارات الخشبية ببورسعيد 644 عقارا، ويعود عهد تلك العقارات إلى فترة حكم الفرنسيين لقناة السويس، وتعتبر تلك العقارات ذات معمار تراثي مميز ينتمى إلى فترة نهاية القرن التاسع عشر حتى الخمسينيات من القرن الماضى.
الموقع وسبب الإنشاء
وكانت قد شيدت تلك العقارات الخشبية في حي "الإفرنج" قديما أو حي الشرق الآن، وقد أطلق عليه ذلك الاسم في السابق لأنه كان مخصص لمنازل الأجانب في فترة حكمهم لقناة السويس ببورسعيد قبل التأميم، وكانت تلك المنطقة أقرب نقطة للممر الملاحي لقناة السويس وممنوع على المصريين التجول بها، حيث كان مخصص للمصريين فقط منطقة حي العرب، وحال اقترابهم من الحي الإفرنجي دون سبب يتم القبض عليهم.
السبب وراء البناء
وكان السبب وراء بناء تلك العقارات لأكثر من دور، أن بورسعيد مساحتها صغيرة ومن الصعب التوسع العمراني فيها بسبب أن المياه تحيطها من كل جانب.
لذلك لجأ المهندسون لبناء عقارات خشبية أكثر من دور لكي تستوعب أعداد العمال الأجانب في هيئة قناة السويس في ذلك الوقت، أي أن البناء توجه للتوسع الرأسى وليس الأفقى.
وبالفعل تم بناء تلك البنايات الأثرية فى أعرق شوارع بورسعيد بشارع الجمهورية وبالممشى السياحى «ديليسبس» على المدخل الشمالى لقناة السويس، حيث عاش عدد كبير من الجاليات اليونانية والفرنسية والأرمنية وخليط من الجنسيات فترة كبير فى مدينة بورسعيد تمركزوا فى الحى «الإفرنجي»
الطراز الفرنسي
وحرص المهندسون في تشييدها لعقارات العمال الأجانب بقناة السويس على بنائها على الطراز الفرنسي، وهو يعتمد على زيادة ارتفاع الفراغ، واتساع الشرفات، وذلك للتغلب علي اختلاف المناخ بين فرنسا وبورسعيد، إضافة اتساع الفرندات، كونهم كانوا يعتقدون أنهم سوف يعيشون في بورسعيد طيلة عمرهم ولن يتركوا قناة السويس أبدا.
وتعد بورسعيد من ضمن عدة مدن مميزة بذلك الطراز ولكن تميزت بورسعيد دون غيرها بكثرة عدد الأدوار ومن هذه المدن "الهند، جزر الكريبي، جنوب أفريقيا"، كما تميزت المباني ببورسعيد بالواجهات الخشبية ذات الطراز الأوروبى "الفرنسى والإيطالي".
اغتصاب التراث
وفى السنوات الأخيرة للأسف ، قام بعض المنتفعين وأصحاب المصالح بمحاولة طمس وتشويه معالم المدينة من خلال هدم المبانى ذات الطراز المعمارى الأوروبي، ونجحوا فى هدم قرابة 100 عقار وأكثر، لبناء الأبراج الحديثة بدلا منها لجني ملايين الجنيهات.
وبالرغم من أن مبانى حي الإفرنج "حي الشرق حاليا" ببورسعيد والمقامة على الطراز الأوروبى كانت تشكل بانوراما رائعة للناظرين، إلا أن الأبراج المرتفعة الحديثة التي أقيمت بدلا منها شوهت جمال المدينة وقضت على الكثير من المبانى الأثرية التى اعتبرتها هيئة اليونيسكو من ضمن التراث العالمى للمبانى الخشبية القديمة.
كما تم بناء بعض العقارات الجديدة عمدا بجانب المباني التراثية ذات الطراز الفرنسي مما تسبب في حدوث حالات من التصدع والهبوط فى البنية الأساسية فأصبحت هذه الأبنية آيلة للسقوط.
وقفات احتجاجية
واستنكر أهالي بورسعيد أكثر من مرة هدم تلك العقارات الأثرية وحاولوا التصدي لمافيا الاستيلاء عليها لهدمها وبناء أبراج سكنية بديلة ، ومنها الوقفة التي نظمتها الحملة الاهلية لحماية تراث بورسعيد ومجموعة تنمية بورسعيد 2020 ورابطة متطوعى بورسعيد وجمعية أدباء وفنانى بورسعيد وحركة نحن هنا الأدبية ووعدد من الأهالى والمثقفين المهتمين بالحفاظ على التراث المعمارى لبورسعيد فى فبراير 2014.
وبالفعل نجحت الوقفة السالف ذكرها فى التصدى لهدم العقار رقم 19 بشارع صفية زغلول والجيش هو أحد المبانى المدرجة بكشوف حصر المبانى ذات الطابع المعمارى المميز تحت رقم 323 فئة ب.